سقف قيصرية وأحد أعضاء مجمع نيقية الذي انعقد سنة 325م . وترجع أهمية كتاباته لكونه أقدم المؤرخين المسيحيين ،
وهو نفسه يعتبر حجة في تاريخ الكنيسة في عصورها الأولى وكان واسع الإطلاع في كتب الآباء والتي كان لديه منها الكثير جداً واستقى معلوماته منها ، ولذا فقد جمع في كُتبه أهم ما كتبه آباء الكنيسة من نهاية القرن الأول إلى بداية القرن الثالث . وقد نقل لنا الكثير من أقوال الآباء في الأناجيل وبقية أسفار العهد الجديد. ويكتب لنا عن وحي وقانونية الأناجيل الأربعة كما يلي :
" أولئك الرجال العظام ، اللاهوتيون حقاً ، أقصد رسل المسيح ، تطهرت حياتهم وتزينوا بكل فضيلة في نفوسهم ، ولكنهم لم يكونوا فصيحاء اللسان . وكانوا واثقين كل الثقة في السلطان الإلهي الذي منحه لهم المخلص ، ولكنهم لم يعرفوا – ولم يحاولوا أن يعرفوا – كيف يذيعون تعاليم معلمهم بلغة فنية فصحى، بل استخدموا فقط إعلانات روح الله العامل معهم وسلطان المسيح الصانع العجائب الذي كان يظهر فيهم ، وبذلك أذاعوا معرفة ملكوت السموات في كل العالم ، غير مفكرين كثيراً في تدوين الكتب .
وهذا ما فعلوه لأنهم وجدوا معونة في خدمتهم ممن هو أعظم من الإنسان . فبولس مثلاً الذي فاقهم جميعاً في قوة التعبير وغزارة التفكير ، لم يكتب إلا أقصر الرسائل رغم انه كانت لديه أسرار غامضة لا تحصى يريد نقلها للكنيسة ، لأنه قد وصل إلى مناظر السماء الثالثة ، ونقل إلى فردوس الله وحسب مستحقاً أن يسمع هناك كلمات لا ينطق بها 000 لأن متى الذي كرز أولاً للعبرانيين كتب إنجيله بلغته الوطنية ، إذ كان على وشك الذهاب إلى شعوب أخرى وبذلك عوض من كان مضطراً لمغادرتهم عن الخسارة التي كانت مزمعة أن تحل بهم بسبب مغادرته إياهم "(33).
" أضاء جلال التقوى عقول سامعي بطرس لدرجة أنهم لم يكتفوا بأن يسمعوا مرة واحدة فقط ولم يكونوا قانعين بالتعليم غير المكتوب للإنجيل الإلهي ، بل توسلوا بكل أنواع التوسلات إلى مرقس أحد تابعي بطرس ، والذي لا يزال إنجيله بين أيدينا ، لكي يترك لهم أثراً مكتوباً عن التعاليم التي سبق أن وصلتهم شفوياً . ولم يتوقفوا حتى تغلبوا على الرجل ، وهكذا سنحت له الفرصة لكتابة الإنجيل الذي يحمل اسم مرقس "(34).
" أما لوقا فهو نفسه في بداية إنجيله يبين السبب الذي دعاه إلى كتابته 000 ودون في إنجيله وصفاً دقيقاً لتلك الأحداث التي تلقى عنها المعلومات الكاملة ، يساعد على هذا صداقته الوثيقة لبولس وإقامته معه ، ومعرفته لسائر الرسل "(35).
" وبعدما نشر مرقس ولوقا إنجيلهما يقولون أن يوحنا الذي صرف كل وقته في نشر الإنجيل شفوياً ، بدأ أخيراً يكتب للسبب التالي : أن الأناجيل الثلاثة السابق ذكرها إذ وصلت إلى أيدي الجميع ، وإلى يديه أيضاً ، يقولون أنه قبلها وشهد لصحتها ، ولكن كان ينقصها وصف أعمال المسيح في بداية خدمته "(36).
المفضلات