-
التبشير و الصراع بين الإسلام و الغرب
التبشير و الصراع بين الإسلام و الغرب
--------------------------------------------------------------------------------
نقلاً ـ بتصرف ـ عن كتاب (رحلتي من الكفر إلى الإيمان ـ قصة إسلام الكاتبة الأمريكية المهتدية "مريم جميلة")
------------------------------------------------------------------------------
الجذور العدائية
تنصير الطفولة المسلمة
الأخطبوط التنصيري
أساليب المبشرين
الإسلام يتحدى
أساليب تنصيرية أخرى
المرأة و أسلحة المنصرين
السلبية البغيضة
الجهود التنصيرية في باكستان
مواجهة النشاط التبشيري
ملاحظات عامة على المسيحية
--------------------------------------------------------------------------------
الجذور العدائية
المدخل الوحيد لفهم ظاهرة هجمة وكالات التبشير و مؤسساته على العالم الإسلامي هو عداء الغرب المسيحي للإسلام و المسلمين .. و لنبحث جذور و أسباب العداء استناداً إلى كتابات باحثين غربيين ، و ننقل عن أحدهم قوله إن وجود الإسلام في حد ذاته يثير عميق الانزعاج عند الغرب .. فالإسلام في نظر الغربيين خطر يزيد من حدته غموضه و عدم قابليته للوضع تحت منظار التنبؤ و القياس . و الغرب لم يكن في البداية يستطيع فهم الإسلام ، و لم يجد العون على ذلك من أي مصدر جديد أو قديم . و على الرغم من وجه الشبه الذي لاحظه الغربيون بين الإسلام و اليهودية ـ حسب رأي الباحث الغربي ـ إلا أن اليهودية بتخلفها و خضوعها للمسيحيين لا سيما في العصور الوسطى لم تكن مستعصية على الفهم و الإسقاط من الاعتبار كقوة مهزومة ضعيفة . أما الإسلام فكان حتى العهود الحديثة قوة ناهضة ناجحة متجددة مهما ضربتها المحن . و بالتالي لم يكن الغرب ليستطيع أن يتهكم على دين اعتنقه رجال يُكبرهم الغرب نفسه و لا يشك في حكمتهم كصلاح الدين الأيوبي و الفارابي و ابن سينا.
و يذهب كاتب غربي آخر إلى أن سبب عداء الغرب المسيحي للإسلام يكمن في توسع هذا الدين و مجابهته للنشاط التنصيري و قيامه بالدعوة لجلب الأتباع و المؤمنين . و يقول هذا الباحث و هو عضو في لجنة التبشيربكنيسة اسكتلندا أن الأديان الأخرى كاليهودية و الهندوكية لا تنشر نفسها ، بينما يطرح الإسلام نفسه كدين عالمي و ينافس المسيحية في هذه الدعوة . و يضيف : أن المسلمين الذين أسقطوا الصلبان في الشام و غيرها يتطلعون الآن إلى بناء مساجدهم في قلب انجلترا و إسقاط الصلبان حتى في الكنائس الريفية النائية بذلك البلد . و الإسلام كما يقول الباحث المبشر آخر دين كبير جاء بعد المسيحية ، و عقيدته نسخ هذا الدين و إنكار حقيقته .. و الإسلام هو الدين الوحيد الذي هزم المسيحية في فترات الصراع بينهما ، و هو الوحيد الذي يتصدى لها في أجزاء كثيرة من العالم .. و هو الذي يتحدى المسيحية بإنكار كل مبدأ من مبادئها الكبرى ، و يجعل من هذا الإنكار عقيدة راسخة عنده ، سواءً تعلق الأمر بأبوة الرب أو بنوة المسيح للرب و تجسده و صلبه أو قيامته .. و القرآن جاء ليصحح هذه المفاهيم ، و لا يوجد دين آخر يتخذ هذا الموقف من المسيحية .. و الإسلام فوق هذا و ذاك يحير المسيحية برفضه الاستسلام بعد هزائمه السياسية في العصر الحديث ، و ببساطة عقيدته في التوحيد و خلوها من مظاهر التعقد و الأسرار الكهنوتية .. و المسلمون هم وحدهم الذين يجابهون المسيحية بدين موثوق في أصله التاريخي و بكتاب يؤمنون بأنه وحي سماوي ، و لايستطيع خصومهم أن يشككوا في نسبته إلى الرسول أو في دخول التحريف عليه .
و هكذا نجد أن جذور العداء ضاربة ، و هي لا ترجع إلى طمع اقتصادي أو توسع استعماري بقدر ما تُفسَّر بالخوف أمام تحدي الإسلام الديني و الحضاري و السياسي .. و نرى أن الأطماع الاقتصادية الاستعمارية هي التي تُفسَّر بالعداء للإسلام .. فالغرب يطمع فيما عند المسلمين من موارد لأنه يكرههم و يبغض أن تكون بين أيديهم ، و يريد أن ينتزعها منهم لعلهم ينتكسون و يضيع معهم دينهم . و الغرب يتوسع في أراضيهم ليستأصلهم و يضيع عقيدتهم .. و من هنا نربط بين الاستعمار في العصر الحديث و بين العداء للإسلام و التمكين للنصرانية في بلاد المسلمين.
--------------------------------------------------------------------------------
تنصير الطفولة المسلمة
و نذكر في هذا الصدد كتاب "الطفولة في العالم الإسلامي" الذي ألفه المستشرق و المنصر صمويل زويمر عام 1915 .. و يهلل زويمر لظاهر الاحتلال الإنجليزي للعراق و الإيطالي لليبيا التي كانت تحدث في ذلك الوقت ، و يتنبأ بأنه مع امتداد السيطرة الاستعمارية على العالم الإسلامي من الهند و ما وراءها إلى المغرب ، فإن العادات و التقاليد و القيم و القوانين المسيحية الأوروبية ستنتقل إلى بلاد المسلمين و تهيئهم بعد ذلك لتقبل المسيحية نفسها بعد ضياع الإسلام .. و نستغرب عندما نجد هذا الكاتب ـ الذي يقول عنه تلاميذ المستشرقين عندنا أنه باحث ـ قد جاء ليصفق بيديه فرحاً لانتشار الملابس الغربية بين المسلمين ؛ لأن ارتداء الأحذية و الجوارب ـ كما يقول بالحرف ـ ستزيد من صعوبة الوضوء !!
و يزيد الاستغراب و التساؤل عندما يقول زويمر إن ضياع الاستقلال السياسي للبلدان الإسلامية يتواكب مع ما يسميه بحركة عصرية تدعو إلى تقليد الغرب و نقل نماذجه و مُثُله الفكرية و الاجتماعية .. و يركز على أهمية النظام التعليمي بالنسبة لجهود المبشرين ، حيث يرى أنه يعرف الناشئة و هم في سن الانطباع على حضارة الدين المسيحي .. و يمتدح الحكومات المقامة في البلاد الإسلامية و التي نشرت مثل هذا النظام على حساب التعليم الإسلامي .. و يلمح في هذا الوضع الجديد فرصة لم تتح من قبل منحها الرب ـ حسب قوله ـ لتنصير الطفولة المسلمة . و نتركه يتحدث :-
لقد فقد الإسلام قوته في كل مكان .. و بينما كانت غيرة الحكام المسلمين في السابق تمنع جهود التبشير بين المسلمين أو تعرقلها ، فإن سيف الإسلام الآن قد انكسر و ذلت قلوب المسلمين و خضعت في كل الأرجاء بسبب الكوارث التي قامت بهؤلاء الحكام .. و لا ريب أو وقوع البلدان الإسلامية تحت الحكم الأوروبي بما يعنيه من استقرار الإدارة و التعليم يعني حتمية انهيار المعارضة الإسلامية
.
التعديل الأخير تم بواسطة wela ; 10-08-2005 الساعة 01:41 AM
-
الأخطبوط التنصيري
نستخلص من هذه الأقوال و ما يشابهها سنة لا تتغير من سنن الهجوم الغربي على الإسلام .. فهناك التوسع العسكري و الاقتصادي و الثقافي للغرب ، و يتواكب مع تغريب البلاد الإسلامية بالكامل و ضياع أراضيها و استقلالها في هذه المجالات ، ثم إضاعة الإسلام بعقيدته و مظاهره و إحلال العقائد الغربية ـ و على رأسها النصرانية ـ محله .. و من المؤكد أن النجاح الذي حققته جهود التبشير في السنوات الأخيرة في إندونيسيا و باكستان لم يكن ليحدث إلا في ظل سيطرة غربية كاملة على حكومات هذه البلاد التي شجعت بالفعل النشاط التنصيري و دعمته لإرضاء مسانديها الغربيين ، محتجة بشعارات التسامح و الليبرالية و العلمانية ، و نضرب المثل على هذا الاتجاه بما وقع في إندونيسيا عقب الانقلاب العسكري الموالي للغرب الذي حدث هناك عام 1966 .. و نذكر هنا شهادة مجلة التايم الأمريكية في 16 يونيو 1967 :
إن هذه الأمة الإسلامية اليوم مسرح لنشاط تنصيري متصاعد أطلقت عليه جريدة مسيحية أمريكية وصف أكبر حركة باتجاه المسيحية في الفترات الحديثة ، إذ يقدر أن الكنائس الكاثوليكية و البروتستانتية قد اكتسبت حوالي ربع مليون متنصر خلال الأشهر العشرين التي أعقبت الثورة المضادة للشيوعية .. و قد اعتنق المسيحية في جاوة الشرقية و الوسطى في تلك الفترة خمسة و ستون ألف شخص ، بينما انضم ستة عشر ألفاً إلى الكنائس في سومطرة الشمالية ، و أقيمت ثلاثون كنيسة جديدة في إقليم واحد بغرب بورنيو تضم خمسة آلاف شخص .. و نظمت في العاصمة خمسون حلقة لدراسة الأناجيل التي نفذت طبعاتها لاشتداد الطلب عليها .. و قد خصص مجلس الكنائس الأمريكي حوالي ثلث مليون دولار لمساعدة الكنائس البروتستانتية بإندونيسيا على استيعاب الأعضاء الجدد .
و على الرغم من أن معظم المتنصرين إن لم يكن كلهم من القطاعات الوثنية أو المسلمة بالنسبة فقط ، إلا أن مجرد قيام هذا النشاط الوقح المدعم بالأموال الأمريكية في بلد تصفه المجلة الأمريكية ذاتها بأنه مسلم بنسبة 90% يدل على أمور خطيرة .
--------------------------------------------------------------------------------
أساليب المبشرين
نمضي في استعراض بعض أساليب المبشرين ، و ننتقي مثلاً من مخطط وضعه أحدهم لمنطقة غرب أفريقيا و نيجيريا في مواجهة الإسلام و مده . و من الغريب أن نجد المبشر يضع خطة و يعنونها "الجهد المنظم لمكافحة تقدم الإسلام في غرب أفريقيا" .. و نتساءل : هل المطلوب نشر النصرانية أم ضرب الإسلام أم أن الاثنين لا ينفصلان؟ .. و نتساءل عمن يمكِّن لهؤلاء أن يضعوا خططهم و ينفذوها ؟ هلى الحكومات الاستعمارية التي زالت رسمياً أم خلفاؤها الذين يتربعون على رءوس السلطة تحت اسم الحكام الوطنيين المستقلين؟ .. و نسير مع خطة المبشر لنجده يوصي بإصدار كتب باللغات العامية تتناول دحض ما يسميه الافتراءات المحمدية القائمة على الجهل ، و يقول : إن هناك مواداً كافية متاحة حول هذا الموضوع في مصر و الهند ، و المطلوب نقلها إلى غرب أفريقيا حتى تُستَخدم الأسلحة المصاغة على الحرب ضد الإسلام في كل مكان .
و الخطوة الثانية في مشروع المبشر أخطر من الأولى : يجب أن تدرس في مدارس البعثات التبشيرية كل أخطاء الإسلام ، و أن يحذر التلاميذ منها . و مدارس البعثات التبشيرية هذه هي القائمة بيننا بأسماء أجنبية معروفة و التي تتقاضى أعلى المصروفات . أما الخطوة الثالثة فتنادي بعقد اجتماعات خاصة للمحمديين كما يسميهم المبشر و البحث في الوسائل التي يمكن بها النفاذ إليهم و التأثير عليهم لترك دينهم و الإقبال على النصرانية . و الخطوة الرابعة لافتة للنظر : يجب احتلال المراكز (المدن) المحمدية الهامة حيث أن الدعوة الإسلامية تنتشر منها إلى المناطق الوثنية المجاورة .. و نتساءل عمن سيحتل هذه المراكز و كيف سيكون الاحتلال؟
و الخطوة الخامسة خطيرة و ذكية : يجب تعيين مبشرين أو دعاة متجولين للنصرانية على غرار الدعاة المسلمين المتنقلين .. و على كل منهم أن يمكث في القرية الواقعة ضمن نطاق عمله مدة تكفي للتأثير على الناس و إقامة مكان للعبادة ، و يجب الاعتناء باختيار هذه العناصر إذا كانت هناك قرى مسلمة يف المنطقة . و الخطوة السادسة ليست غريبة : يجب إقامة كلية مسيحية تضم الخبراء في الشئون الإسلامية في كل مكان يكون فيه المسلمون أغلبية .
--------------------------------------------------------------------------------
الإسلام يتحدى
و على الرغم من كل هذه الجهود يقف الإسلام الأعزل يتحدى المخططات . و يحاول الكاتب الأمريكي "ألان مروهيد" في كتابه "النيل الأبيض" الصادر علم 1960 تحليل التحدي الإسلامي تمهيداً للتغلب عليه .. و يحدد التحدي الإسلامي في بساطة العقيدة فكراً و ممارسة و غياب الكهنوت و سهولة العبادة دون وساطة .. و يرى مورهيد أن هذه السمات تلائم العقل الأفريقي الساذج و المتخلف الذي لا يستطيع أن يفهم أسرار و فلسفات المسيحية .. و ياله من اتجاه عنصري يسم الأفارقة بالبلاهة و هو يخطط لتنصيرهم !! غير أن الكاتب نفسه يعود ليكشف عن حقيقة غربة النصرانية عن أفريقيا و تناسب الإسلام معها و رسوخه في تربتها .. فيرى أن المسيحية جاءت إلى القارة السوداء بطراز معماري أوروبي للكنائس و بثياب أوروبية ضيقة لا تتفق و المناخ الحار . أما عمارة المسجد لمساحاته الممتدة تحت القباب المستديرة فيتواءم مع البيئة و نوعية الأرض كما يناسبها الجلباب العربي الفضفاض .
و تنصب جهود المبشرين الأجانب حتى وقتنا الراهن في محاولة استنباط شكل من الممارسة الكنسية يكون ملائماً لأفريقيا و آسيا و يمكِّن عقيدتهم من الوقوف في وجه الإسلام .. غير أن المؤسسة الكنسية هي نبت أوروبي سار مع مسار التاريخ الغربي و تطور مع تطورات الحضارة الأوروبية في وقت ضعفت فيه الكنائس الشرقية ، و لا ريب أن أي محاولة لتغطية الوجه الغربي الأوروبي للمسيحية العالمية هي محاولة مصطنعة فاشلة .
الرق :
نمر على قضية يثيرها المبشرون في أفريقيا لتشويه صورة الإسلام بربط التجار المسلمين بالرق ، و الوصول من ذلك إلى أن الإسلام يناصر الاستعباد .. و هنا نقف مرة أخرى لنسأل هل هم ينشرون المسيحية أم يحاربون الإسلام؟ .. و نذكر أن الكتب المقدسة للمسيحيين لا تقول شيئاً عن الرق إلا في رسائل القديس بولس ، حيث تأمر العبد بالطاعة و الاستسلام لسيده إلا أنها لا تتعرض لحاله على الأرض ، بينما يحث الإسلام على عتق الرقاب و يجعل ذلك كفارة عن بعض الذنوب و يسد ينابيع الاسترقاق و يفتح باب التحرير .. و تلاحظ مريم أن النصارى و المسلمين كان لهم دور في تجارة الرقيق بأفريقيا في القرن التاسع عشر غير أن قيام بعض المسلمين بذلك كان مخالفاً لتعاليم الإسلام . ثم إن نظام العبودية ظل قائماً في أمريكا المتحضرة حتى عام 1965 .
العنصرية :
مازالت آثار التفرقة العنصرية و التعصب ضد السود قائمة حتى الآن في الكنائس المنفصلة للبيض و السود .. و لا يغير تغرُّب الأسود و تقبله للنصرانية من الأمر شئ .. فمهما فعل يظل أقل مكانة من الأبيض .
و تتحدد نظرة كل من المسيحية و الإسلام إلى المسألة العنصرية أو الطبقية في قضية محدة العبادة . فمازالت كنائس البيض منفصلة عن كنائس السود حتى الآن في مناطق واسعة من أمريكا و في كل أنحاء جنوب أفريقيا . و عندما عقد مؤتمر كنسي في جنوب أفريقيا أواخر عام 1954 قسمت القائمة إلى نصفين خصص أحدهما للكهنة البيض و الآخر للسود ، جلسوا ليبحثوا مشكلة التفرقة العنصرية . و قد خطب في الجمع قس أسود فقال لهم : إنهم قسموا المسيح كما قسموا القاعة ، و سخروا منه و هم يقولون إنه ابن للأب ، فإلى أي فريق ينحاز الأب و إلى أي جماعة يذهب المسيح إذا عاد إلى الأرض .. و أدان قس آخر دفاع الكنيسة البروتستانتية في جنوب أفريقيا عن مبدأ التفرقة العنصرية مذكراً قادتها بأن الحب الذي يقولون إنه جوهر المسيحية لا يتحقق عندما يحرم طفل أفريقي من التمتع بجمال حديقة مقصورة على البيض أو يمنع عامل أسود من الجلوس مع مخدوميه البيض في كنيسة واحدة .
و على النقيض نجد صورة تعبر عن المساواة في العبادة عند المسلمين .. و هي صورة رسمها قلم كاتب إنجليزي زار القاهرة في مطلع القرن الحالي و دخل أحد المساجد خلسة ليفاجأ في صفوف المصلين بنماذج لكل طبقات و مستويات المجتمع المصري تقف متراصة متوحدة خاشعة لله في الصلاة بدون تفرقة أو تمييز . و يحدثنا الكاتب عن الفلاح الواقف بجانب التاجر الغني و العامل المكدود و الطالب لابس الثياب الأفرنجية و الشيخ بعباءته .. و تتعدد أشكال و ألوان الملابس داخل المسجد ، و لكن تتوحد القلوب و أركان الفريضة لتدل على أعظم إنجازات الإسلام كما وصفها المؤرخ البريطاني المشهور توينبي و هي إلغاء المشاعر العنصرية .
-
أساليب تنصيرية أخرى
و نعود لنلقي الأضواء على بعض أساليب المستشرقين ، و ننظر لنجد الاستغلال البشع ممثلاً في تلك الجماعة التبشيرية التي استقرت بالمغرب في أوائل القرن الحالي و احتمت بالاستعمار الفرنسي و الأسباني لتأخذ أيتام المسلمين في مدينة طنجة و تنصرهم لقاء الخبز و المأوى ، ثم ترسل بهم ليكونوا مرتزقة في خدمة الجيش الفرنسي الاستعماري في حروبه ضد الشعوب المسلمة و غير المسلمة .. و نلمح هنا التدني و الحقارة في قصة ذلك المبشر الذي أقنع أحد الأطفال الهنود المسلمين بأنه إذا صلى للمسيح و رسم علامة الصليب على صدره فإن فريقاً لكرة الكريكيت سينتصر على الخصوم بفضل الرب . ثم نرى كيف يضع المبشرون أساطيرهم حول مهارتهم في التنصير لنقرأ ما كتبه أحدهم عن شاب دمشقي من عائلة مسلمة كفر بالدين بعد اطلاعه على العلم الحديث ، لكنه عاد و آمن بالمسيحية عندما أخبره صديق نصراني أن المسيحية لا تحرم الموسيقى و الرسم كما يفعل الإسلام المتعصب .
--------------------------------------------------------------------------------
المرأة و أسلحة المنصرين
و نقف عند نشاط المبشرين في مجال العلاقات الاجتماعية في البلاد الإسلامية لتلاحظ أنهم يهتمون كثيراً بما يسمونه تحرير المرأة أو تنفيرها من الإسلام و تعويدها على العادات الغربية لهز الإيمان في نفسها و زعزعته أو وأده في أطفال المستقبل . و يركز المبشرون في العديد من المناطق على ضرورة تخلي المرأة المسلمة عن الزي المحتشم و تمردها على الأسرة و خروجها إلى المراقص و الملاهي حتى و إن لم يؤدِ ذلك في النهاية إلى اعتناق المسيحية . و يتضح من هذا الاتجاه أن للتغريب و التشكيك في الإسلام أهدافاً أصيلة في عمل المبشرين تفوق بالفعل اهتمامهم بالدعوة إلى النصرانية . و يبرز هنا كمثال قيام مبشرة هولندية بإنشاء مدرسة للبنات في مدينة البصرة عام 1909 لتربيتهن تربية أوروبية صرفة و تجهيزهن لإكمال التعليم في الغرب حين يبعدن عن الإسلام تماماً . و كانت هذه المبشرة تهتم بمتابعة أخبار طالباتها و تفرح عندما تسمع أنهن تخلين عن الزي العراقي التقليدي و اتبعن العادات الغربية في بيوتهن و مع أطفالهن .. و قد سجلت تجربتها هذه في كتاب صدر في أمريكا عام 1961 ، و تتحدث بابتهاج عن التغير الاجتماعي المواتي للغرب الذي يمكن للمعاهد العلمية التبشيرية و الغربية أن تحدثه .. و تجدر الإشارة هنا إلى الدور الذي تقوم به الجامعة الأمريكية في القاهرة و بيروت و كلية روبرتس في إسطنبول و غيرها .
--------------------------------------------------------------------------------
السلبية البغيضة
لكن الجانب الأخطر في كل هذه النشاطات التنصيرية يكمن في جهل المسلمين بها و سلبيتهم إزاءها و تواطؤ الحكومات في البلاد الإسلامية معها .. فالدعوة الإسلامية غائبة عن الأقليات غير المسلمة المقيمة في بلاد المسلمين .. و الحكام العلمانيون تخلوا عن واجب الحاكم في الإسلام الذي يحتم عليه رعاية القيم الدينية لمواطنيه و تشجيع الدعوة لنشر الإسلام . و يقف المسلمون في حالة من الغفوة المشينة إزاء المبشرين المسلحين بالأموال الطائلة و النفوذ السياسي ، و الذين يسخرون المؤسسات الاجتماعية الضرورية كالمكتبات و المدارس و الملاجئ و المستشفيات و دور الرعاية و مراكز الشباب لنشر دعوتهم حتى في داخل بلاد المسلمين أنفسهم . و المبشرون ينوعون أساليبهم ما بين الإقناع و الإرهاب و الإغراء و استغلال الجهل و الحاجة ، و هم يجتذبون الفقراء بالمال أو تزويد المسكن أو الإرشاد الزراعي أو الخبز أو فرص التعليم أو مناصرة قضايا المظلومين بالاستناد إلى الحماية الخارجية . و هكذا يتحول المبشرون إلى تيار اجتماعي سياسي قوي ينافس الدولة و يخيفها إن لم يسيطر عليها .. و بهذه الطريقة ضاعت الأغلبية المسلمة في كثير من الدول الأفريقية و اهتزت في بلاد إسلامية كبيرة كأندونيسيا و الباكستان .
و عندما قام حاكم مسلم مستنير كأحمد وبيلو ، و أبو بكر تيفاواباليوا في نيجيريا أسقط فوراً في انقلاب عسكري دموي دبرته الصليبية الدولية بالتحالف مع الصهيونية ، و كانت جريرته التي قتل بها في يناير عام 1966 أنه شجع الدعوة الإسلامية مما أدى إلى اعتناق الألوف المؤلفة من النصارى و الوثنيين للإسلام .. و قبلها بعامين تحالفت الصليبية مع الشيوعي السابق جوليوس نيريري و بعض الاتجاهات العسكرية الماركسية لقلب حكومة زنزبار المسلمة و تنحية الحاكم العربي الشرعي السلطان جمشيد و إحلال حكم مسيحي محله بعد ذبح أعداد لا حصر لها من المسلمين في هذه الجزيرة و تصفية سكانها من العرب .. و ببساطة شديدة انتهت زنزبار كمعقل إسلامي كبير و قديم في شرق أفريقيا .
--------------------------------------------------------------------------------
الجهود التنصيرية في باكستان
يمتد الأخطبوط التبشيري بتحالفاته السياسية الواسعة إلى قلب بلد كان يظن أنه بمنجى عن مخططات التنصير و التغريب و هو باكستان التي قامت على الإسلام لجمع شمل المسلمين ، فما هي الصورة في ذلك البلد ؟ و لنترك الأرقام تتحدث : ففي عام 1958 ذكر المسيحيون أن أعدادهم هناك تبلغ حوالي ثلاثمائة ألف ، و قالوا إن نسبة زيادة المسيحيين خلال عشر سنوات من عام 1941 إلى 1951 بلغت حوالي 30% و كانت الزيادة في منطقة البنغال الشرقية وحدها (بنجلاديش الآن) تصل إلى 45% ، و وصلت في منطقة لاهور بالجزء الغربي من البلاد إلى 50% بينما ارتفعت في مدينة كراتشي إلى مائة بالمائة .. أما في الفترة من عام 1951 ـ 1958 فقد زادت الأعداد بنسب أعلى لاسيما فيما يتصل بالمنضمين إلى المذهب الكاثوليكي .
و ترجع نشاطات التنصير إلى أواخر الأربعينات ، حيث استغلت الهيئات التبشيرية حالة الفوضى السائدة عقب التقسيم و ما تبعه من متاعب و نشوء تجمع لاجئين كبير في الانتشار بين الأوساط الإسلامية و التركيز عليها . و قد ذكرت جريدة "العالم الإسلامي" التي تتبع إحدى جهات التبشير الأمريكية أن المجتمع الإسلامي قد ساده الاضطراب عام 1947 مما أدى إلى أن يصبح المسلمون أكثر تقبلاً لصداقة المسيحيين المبشرين الذين قدموا المعونات و الهداية و الإرشاد من خلال تنظيمات مثل اللجنة المسيحية لإغاثة باكستان الغربية و مقرها لاهور . و قد دعمت حكومة باكستان هذه الأعمال التبشيرية و سهلت لها نشاطاتها من النواحي المادية و المعنوية فضلاً عن تدفق الأموال من أمريكا و بريطانيا و فرنسا و إيطاليا و السويد على أكثر من أربعين منظمة تبشيرية تنشط في باكستان من خلال المؤسسات التعليمية و غيرها .
و تركز جهات التنصير في باكستان على النواحي التعليمية بعد أن استقرت هناك باستغلال الاضطراب و العَوَز الناجمين عن التقسيم . و من المؤسسات التعليمية كلية فورمان المسيحية للشباب ، و كلية كينيرد للشابات ، و دير عيسى و مريم للأطفال .. و كلها تدرس بالإنجليزية و مقرها لاهور . و تعتمد الحكومة الباكستانية أساليب و أنظمة و مناهج و فلسفات التعليم في المدارس و المعاهد التبشيرية كنماذج و قدوة و مثل عليا تصاغ على أسسها سياسات التعليم في المدارس الحكومية باللغتين الأردية و البنغالية ؛ و لهذا السبب تتضاءل أهمية تدريس اللغة العربية و الفارسية في التعليم الحكومي و تهيمن الإنجليزية ليس كلغة فحسب ، بل و ثقافة أيضاً حيث يدرس الأطفال تاريخ إنجلترا على حساب تراثهم الوطني ، و لا يتعلمون أي شئ عن الإسلام أو تاريخه سواءً في الخارج أو في بلدهم الإسلامي نفسه . و تحاط دراسة المواضيع الإنجليزية بمغريات شتى تحبب التلاميذ فيها بينما تقدم مادة الإسلاميات في صورة منفرة غير متصلة بالواقع سواءً في مراحل التعليم الأولية أو الجامعية . أضف إلى ذلك أن الدراسات الإسلامية في الجامعات تقدم من وجهة نظر غربية استشراقية مما يعني أن الطلاب المسلمين يدرسون دينهم على يد أعدائه . و مما لا ينبغي إغفاله أن المدارس التبشيرية الخاصة في باكستان تعمد إلى صياغة سلوكيات الطلبة على الأنماط الغربية فتفرض عليهم الزي الأوروبي الكامل بما فيه رباط العنق الذي لا يتناسب مع حرارة الطقس ، كما تقدم لهم أصناف الطعام الإنجليزي .
-
مواجهة النشاط التبشيري
مواجهة النشاط التبشيري في البلاد الإسلامية يجب أن تبدأ بمنع هذه التحركات المستغلة للعَوَز و الحاجة ، كما لابد أن يقترن ذلك بدعوة إسلامية إيجابية و ذكية متحررة من قيود السلطة أو روتينية الوظيفة يقوم بها الأفراد و الجماعات . و من المؤكد أن الدعوة الإسلامية بين غير المسلمين لن يكتب لها النجاح عاى نطاق واسع إلا إذا قام مجتمع أو دولة إسلامية تكون بمثابة القدوة للطبيعة العملية و الممكنة للمنهج الإسلامي و تقدم البديل العملي الناجح و القائم في وجه المنهج الغربي الفاشل على تعدد أساليبه .. فمثل هذه الدولة الإسلامية الحقيقية هي الكفيلة بإنجاح جهود الدعوة كما كانت في المدينة المنورة في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام .
و إذا كان المبشرون يعتمدون على مجال الخدمات الاجتماعية و الاقتصادية للوصول إلى الجماهير المحرومة ، فلابد من دعم جهود التنمية و الوفاء بحاجات الناس الصحية و التعليمية من خلال مؤسسات إسلامية تابعة للحكومات أو الأفراد أو الهيئات ، و لابد كذلك من التعرف بعمق على الفكر و العقيدة المسيحية و أوجه القصور و الضعف فيها .
--------------------------------------------------------------------------------
ملاحظات عامة على المسيحية
نحاول هنا أن نطرح بعض الملاحظات على المسيحية الغربية التي تمثل مناطق عيب تقابلها أوجه قوة في الإسلام . أولى هذه الملاحظات تتعلق بغياب مفهوم الأمة الواحدة العامة في الممارسة المسيحية و غلبة المفاهيم العنصرية و القومية .. فالعنصرية تحكم المسيحية الغربية مع الشعوب الأخرى حتى لو اعتنقت المسيحية ، و القومية تهيمن على العالم المسيحي الغربي الذي يفصل بين الدين و الدولة مما أدى إلى ظهور شرور النازية و الفاشية و الشيوعية .. و في كل الأحوال فإن غياب مركزية التوجه و وحدته قد أصاب المسيحية الغربية بضعف شديد تحاول الآن التغلب عليه من خلال تحركات البابوية الرومية و مجلس الكنائس العالمي في ميدان السياسة .
و العيب الثاني الرئيسي في المسيحية هو تعقد عقائدها و غموضها المضطرب كعقيدة التثليث مثلاً ، و نجم عن ذلك تحول المسيحية إلى مجرد محاولة غير ناجحة لتحويل بعض الأفكار الفلسفية إلى دين لا تتقبله الفطرة الذهنية . كما نجم عنه أيضاً حركات الإصلاح المتتابعة منذ البرتستانتية و التي سعت كلها إلى جلاء غموض الفلسفات و المذهبيات المتداخلة في العقيدة المسيحية .. لكن هذه الخركات بدورها حولت الدين إلى كتلة باردة فاقدة لحرارة الإيمان و الإخلاص .. و انتهى الأمر إلى ضيق المفكرين و العامة من الأمر برمته و رواج الدعوة إلى فصل المسيحية عن تسيير الشئون السياسية و الاجتماعية إذا كانت عقائدها الأساسية على هذه الدرجة من التخبط ، و مع ذلك بقي دعاتها يؤكدون أن صعوبة عقائدها تعني أنها موجهة بالإساس للعقول المتحضرة و ليس للسذج في بلدان آسيا و أفريقيا ممن يقبلون على الإسلام لبساطته .
و العيب الثالث القاتل هو خلو المسيحية من فلسفة اجتماعية شاملة و فعالة ، فهي منذ بايتها لا تعلق على شئون الحياة و البشر و ليس لديها رأي في مسائل الدولة و القانون و الإنتاج ، و لا بديل أمامها إلا أن تعيش منفصلة عن الدولة أو أن تسعى إلى مناقضة نفسها بالعمل على السيطرة على الدولة التي توجد الكنيسة في دائرتها . و تعود نظريتها في هذا المجال إلى القرنين الأول و الثاني من تاريخها ، حيث ترعرعت إلى جانب الدولة الرومانية و تركت قضايا الحياة للقياصرة الأقوياء ، مكتفية بالحديث عن ملكوت الرب .. و كان من شأن هذه الثنائية و البعد عن الحياة أن تثور ردود فعل قوية ضد المسيحية في تاريخها الطويل في أوروبا لعل أشهرها كان تفشي المذهب الشيوعي في بلدان الغرب ليحاول ملء الفراغ الدنيوي الخالي من أي توجيه ديني ، و لا ريب أن محاولة فصل الدين عن الحياة تفشل لأن الحياة لا تقبل أن تنقسم و تحصر في أطر ضيقة .
و من العيوب الأخرى التي أصابت المسيحية اقتصارها على الشعوب الغربية و تطبعها بأفكارها و مذاهبها و عاداتها ، و لم تنتشر المسيحية خارج أوروبا إلا في بلدان العالم الجديد في أمريكا الشمالية و الجنوبية حيث واجهت وثنيات متخلفة ، لكنها حينما حاولت أن تتوسع في البلدان ذات الأديان المنظمة حتى و إن كانت وثنية كالهندوكية و البوذية فشلت و لم تحرز أي تقدم إلا في ظل سيطرة الاستعمار الغربي و بمساعدته و التحالف معه و استغلال أوضاع محلية معينة من الأزمات و الحروب و الفقر و الجهل و التفكك الاجتماعي و التدهور الثقافي و ضرب الحضارات الأصلية .
و نختتم جولتنا المطولة عبر أفكار و ممارسات المسيحية بتساؤل : ترى لو عاد المسيح عليه السلام فهل سيتعرف على أتباعه في الغاتيكان أم في مسلمي فلسطين و البلاد المجاورة الذين سيعرفون قدره كنبي و يرحبون به حتى و هم في حالة الاستضعاف؟ إن عيسى عليه السلام لن يسعى لمقابلة البابا ، لكنه سيحاول تحرير القدس كما حررها من قبل من الغارسيين و الكتبة و المنافقين ، و سيقود جيش المسلمين من فلاحي مصر و الشام و فلسطين ..
أخيرا أدعو الله للكاتبة الأمريكية بالخير و المغفرة
-
ويلا يغيب علينا ...ويرجع بتقله .
هو الكتاب جميل , وقد اثبتلى شئ هوان المسلم لا يترك دينه لخلل فيه .
جعل الله أعمالك خالصة لوجه الكريم .
-
أعتقد أن التنصير "بين المثقفين" تأثر كثيرا بعد إنطلاق "منتدى بن مريم"
وفق الله منتدانا مادام فيه أخوة مجتهدة مثلك أخي الكريم
"سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ"
-
صحيح يا أخي سعد
ولكن لإعطاء كل ذي حق حقه
فأول من استفدت بمقالاته هو الأخ نور الحق ( كالعادة لا يوجد اسماء حقيقية :) ) ثم ظهر الأخ شرقاوي ، ثم فضولي الذي جعلني ابحث في المرسل إليهم حتي عرفت عدد من المجموعات البريدية و المنتديات و منهم منتدي ابن مريم الجميل هذا
وفقكم الله و جزاكم خير بما تعملون
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 29-03-2010, 12:43 AM
-
بواسطة دفاع في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 10
آخر مشاركة: 09-08-2008, 03:49 PM
-
بواسطة kholio5 في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 20-11-2007, 12:40 AM
-
بواسطة مجاهد في الله في المنتدى منتدى الكتب
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 31-05-2006, 09:39 AM
-
بواسطة حازم حسن في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 04-04-2006, 04:46 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات