المصريون عرب ثقافة وانتماء وحضارة
اللغة العربية رمز حضارة مصر ـ انا انزلناه قرانا عربيا
بقلم عباس سرحان
في عددها الصادر في الاول من يناير الماضي من العام الحالي نشرت مجلتنا مجلة ديوان العرب لقاءا صحفيا مع السيد بيومي قنديل أجراه معه مراسلنا في القاهرة السيد أشرف محمود حيث وصفه في اللقاء بأنه أشهر الدعاة لفكرة القومية المصرية والعقل المفكر للحزب الجديد " مصر الأم " ـ يا الطاف الله ـ وأحد أبرز الداعين لفكرة ان المصريين ليسوا عربا وان العرب احتلوا مصر لجمع الجزية من الناس .وهي نفس الأفكار التي بدأ يروج لها كاتب مصري اخر معروف هو سيد القمني الذي يدعي ان الاسلام اختراع قريش للهيمنة فيه على العرب ثم العالم .
النقاط التي طرحها بيومي قنديل جديرة بالنقاش . ورغم ان الكثير من الكتاب المصريين قد ردوا على اكاذيب الحزب الجديد وفندوها الا اننا نرى انه لا بد من توضيح أكاذيب وشعارات بيومي قنديل وصحبه لأن السكوت على هذه التفاهات والاكاذيب يساعد في نشرها بين الناس .
يدعي السيد بيومي قنديل ان المصريين كل المصريين ليسوا عربا ، لماذا ؟؟؟
هنا تكمن ضحالة فكر بيومي قنديل وحزبه الجديد عندما يقول انه عندما عاش في الخليج يعمل كمدرس في سبعينيات القرن الماضي اكتشف حضرته ـ لم يوضح لنا ان اكتشفها لوحده ام ساعده احد ـ ان عادات وتقاليد أهل الخليج تختلف عن عادات وثقافة المصريين فعاد الى مصر ليبحث في كتب التاريخ كما بحث نيوتن في الجاذبية حتى اكتشف بعد جهد جهيد ان المصريين ليسوا عربا ، وحتى ان الاسلام في مصر كما يدعي قنديل يختلف مفهومه عن اسلام الخليج لان الاول قائم على المحبة والتفاهم اما في الخليج فهو قائم على القسوة .
اظنكم اقتنعتم انه اكتشاف خطير طبعا لو سألنا السيد قنديل عن ظاهرة ابو حمزة المصري وأيمن الظواهري والمصريين الذين قتلوا السياح في مصر وعن الشيخ عمر عبد الرحمن وعن وعن ...فانه بالتاكيد سيقول لنا هؤلاء ليسوا مصريين هؤلاء عرب يعني من اصل عربي لهذا كانوا قساة اما حضرته ورئيس حزبه الجديد محسن لطفي الذي كان على رأس المدعويين والحاضرين لاحتفال نظمته الجامعة العبرية في اسرائيل فهم فقط المصريون المسالمون ودعاة السلام . نحن لا نتهم طبعا المصريين بانهم متطرفون لكنا نذكر القنديل انه في كل مجتمع عربي يوجد مسالمون ويوجد متطرفون .
نحن ندعو الحكومة المصرية ان تمنح السيد قنديل وحزبه الجديد وسام شرف على هذا الاكتشاف الذي غاب عن اذهان كل عباقرة المصريين ونسأل قنديل ان يقول لنا واين ذهب العرب الغزاة كما وصفهم حضرته الذي نجزم ان اصوله منهم وان لا علاقة له لا بالفراعنة ولا حتى باليونان الذين جاءوا لمصر منذ 1400 سنة هم وعائلاتهم ثم لحق بهم عشرات الالاف في عهد الدولة الاموية ؟؟ ومعروف عن العرب انهم يتكاثرون ومزواجون وبالتاكيد فانهم الان مع عائلاتهم واحفادهم يشكلون الأغلبية الساحقة من المصريين ، الا ان قنديل يعتقد انهم انقرضوا ولم يعد لهم وجود .واذا كانوا كذلك فلماذا اثروا في المصريين طيلة اكثر من الف سنة ولماذا نشروا الاسلام في مصر حتى غدا دين غالبية المصريين رضي القنديل ام لم يرض ولعل القنديل لم ير المساجد ايام الجمعة في مصر كيف تمتلئ عن بكرة ابيها بالمسلمين في حين يكون القنديل ورئيس حزبه الجديد وبعض الانصار وحدهم يفكرون في عظمة فرعون وحضارة الفراعنة التي مضت عليها الاف السنين وبادت مثل حضارات كثيرة منها حضارة بابل والفنيقيين والكلدانيين .. الخ .
لو كان ملايين المصريين الذين يصلون كل يوم جمعة في مصر يعتقدون ان الاسلام كان دين قريش لما صلى احد ولو كان المصريون يعتقدون ان العرب المسلمين كانوا غزاة لما بقوا على دينهم ولتخلوا عنه منذ سنين طويلة . المصريون يؤمنون ان العرب المسلمين لم يكونوا غزاة بل كانوا فاتحين نشروا افضل واكبر حضارة في التاريخ .
ان اقطاب الحزب الجديد وبيومي قنديل احدهم كانوا خلال لقاءاتهم بعيدا عن الصحافة ينكرون الدين الاسلامي ويعتبرونه نسخة عن اليهودية ويعتبرون المسلمين غزاة غزو مصر وسرقوا اموالها . فكيف يحق لهم بعد ذلك ان يدعوا سماحة الدين الاسلامي ؟؟؟
يعرف قنديل ويعرف غيره الملايين من المصريين ان اجدادهم العرب اندمجوا مع المصريين غير العرب واصبحوا شعبا واحدا تزاوجوا وتناسلوا وحلت اللغة العربية محل اللغات السابقة لان المصريين اختاروا عن رضا اللغة العربية والاسلام دينا واصبحوا بالتالي جزءا من الحضارة العربية الاسلامية .
فالعروبة لم تعد انتماءا عرقيا بل هي انتماء حضاري ثقافي مرتبط ارتباطا وثيقا بالاسلام باعتبار العرب هم من رفع راية الاسلام وساهم في نشره .
واذا لم يكن المصريون عربا ثقافة وحضارة وانتماءا فلماذا تخلوا عن لغاتهم القديمة ؟؟ هل أجبروا على ذلك ؟؟؟
ها هم الافغان والايرانيون والاكراد وغيرهم من المسلمين غير العرب حافظوا على لغتهم ولم يتخلوا عنها ولم يجبرهم العرب على تغييرها فلماذا لم يفعل المصريون نفس الشيئ ؟؟ لانهم عرب ومن لم يكن عربيا تعرب واصبح جزءا من الحضارة العربية .
لماذا يسمي الغالبية الساحقة من المصريين ابناءهم أسماء عربية مثل محمد و أشرف وحسن وأحمد وعمر وعبدالله وليلى و لمياء وسهام وسلوى وووو ... الخ لماذا لا يسمون اسماء ابنائهم خنفر ومنقرع وخوفو وفرعون وهامان ؟؟؟
يدعي قنديل ان اللهجة العامية المصرية هي لغة مصرية وليست لغة عربية؟؟ ولكنها تستخدم بعض المفردات العربية ـ يا سلام ـ ويجتهد قنديل طبعا في تحليل ذلك حيث يفسر لنا مثلا ان المصريين يقولون عن الذراع دراع مع انه يعلم ان شعوب كل الدول العربية يتحدثون بلهجات مختلفة ففي فلسطين نقول دراع لكنا عرب عرب عرب ولسنا مصريين بالمفهوم القنديلي .
لا اعتقد ان قنديلا يجهل ان في مصر لهجات عربية وليست لهجة واحدة فاهل النوبة يتحدثون بشكل مختلف تماما عن اهل القاهرة وهم اقرب للسودان وان اهل الصعيد يختلفون عن الاثنين وان اهل الاسكندرية يتحدثون لهجة اخرى ـ أيــــــــــــــــــــــوه ـ فهل يعتبر قنديل كل هذه لغات ام يعتبرها لهجات متفرعة عن اللغة المصرية التي اخترعها بنفسه تماما كما خرج علينا الشاعر المنهزم سعيد عقل قبل 3 عقود من الزمن واثناء الحرب الاهلية اللبنانية ليقول لنا ان اللبنانيين ليسوا عربا واجتهد في تفسير ذلك ووضع احرف للغة اللبنانية المزعومة يعني للهجة اللبنانية ودعمه اقطاب الاحزاب الانعزالية اللبنانية ، لكن فكرته مع هدوء الحرب ماتت ولم يبق منها سوى قصاصات ورق يحتفظ بها سعيد عقل في بيته . لعله يضيفها لمذكراته التي تعتبر نقطة سوداء في تاريخ الشعر العربي .
كل عربي يعلم ان في كل الدول العربية لهجات محلية تختلف عن اللغة الفصحى فهل اصبحت كل هذه اللهجات لغات مستقلة حسب راي قنديل حتى ان السعودية فيها لهجات لا نعرفها نحن اللذين نتحدث اللغة العربية الفصحى فهل اصبح السعوديون غير عرب ايضا رغم ان العربية جاءت من هناك ؟؟
حتى في الولايات المتحدة فان الامريكيين يتحدثون بلهجات مختلفة فسكان نيويورك لهجتهم تختلف عن الولايات الاخرى واهل الشمال يختلفون عن اهل الجنوب اما لهجة السود يصعب على الذين يعيشون في مناطق البيض فقط ان يفهموها بسرعة ومع ذلك لم يقل احد ان لهجة السود ليست لغة انكليزية .
ان الدعوة الى التخلي عن اللغة العربية كان بالتاكيد حلم اسرائيل وامريكا وكل الغرب التي يدعي قنديل زورا وبهتانا انهم يدعمون فكرة ان المصريين عرب .
واذا كان قنديل وحزبه التافه يعتقد انه سينجح في مسعاه بتخلي المصريين عن اللغة العربية فهو مخطئ تماما اذ حري به ان يعرف ان المصريين لن يتخلوا عن لغة القران الكريم ـ انا انزلناه قرانا عربيا ـ ولن تمحى العربية من المدارس المصرية ولا من اذهان المصريين ولن تكون الفرعونية ولا القبطية بديلا لها ولن تنجح كل محاولات قنديل وحزب مصر الام في الترويج لهذه الفكرة السخيفة وهي ان لقيت بعض المتعاطفين معها فهم بالتاكيد مجموعة من المثقفين المنتفعين الذين يبحثون عن موطئ قدم لهم في الحياة السياسية في ظل تعاظم التحديات على العرب مستفيدين من دعم الغرب واعداء العرب والمسلمين لهم لانهم بذلك يحققون اهداف الغرب بشعارات وأسماء جديدة .
بيومي قنديل ومن لف لفه يحاولون محاربة الاسلام بطريقة مهذبة متوهمين انهم سينجحون في اختراقه حينما يقول ان الاسلام دين سماحة وعدل ومساواة ثم يبدأ هجومه قائلا ان العالم أخطا حين وقف مع موسى ضد فرعون يقصد النبي موسى ضد ظلم فرعون الذا يعتبره القنديل بل العتمة بانه كان رمز حضارة عظيمة وكانه يريد من المسلمين ان يقفوا مع فرعون ضد نبي اتى يدعو لعدم القتل وعدم الكذب وعدم السرقة وعدم الزنا ... الخ فأي تناقض هذا الذي يضع قنديلا اقصد العتمة نفسه فيه ؟؟؟
وأي سماحة دينية يتحدث عنها ، وهو يطالبنا ان نعلن دعمنا لفرعون ضد نبي مرسل .
واذا كان لمصر حضارة عظيمة في عهد الفراعنة فلا يعني ذلك ان كل ما مارسه الفراعنة كان ايجابيا ويستحق الاعجاب . ففي عهد الفراعنة كان الفرعون يظلم العباد وكان يسخر العبيد في الاعمال الصعبة والشاقة وكان الفراعنة يتزوجون بناتهم واخواتهم كما فعل رمسيس الثاني الذي تزوج ابنته الكبرى ثم الصغرى فهل هذه هي الحضارة التي يريدنا القنديل ان نعتز بها .
ومن اجل ان يكسب العتمة وانصاره اقصد بيومي قنديل بعض التأييد فقد حاول اثناء اللقاء معه ان يهاجم اسرائيل وامريكا باعتبارهما اعداء لمصر ـ غريبة !!ـ رغم ان رئيسه كان على رأس المدعويين الى اسرائيل وعلى رأس الملبين للدعوة . فأين هذا من ذاك ؟؟؟
وأخيرا فان العرب لن يشرفهم ان يكون قنديل مهترئ احد ابنائهم لكنهم لن يسمحوا له ولا لغيره ان يتكلم باسم شعب مصر العظيم شعب مصر العربي .
عندما زرت مصر في العام الماضي لاحظت لاول مرة رغم اني زرتها قبل ذلك كثيرا ان الختم على جواز السفر الذي يختم به المصريون جوازات سفر السياح مكتوب عليه جمهورية مصر العربية . تنهدت قليلا وقلت في نفسي لا زال الخير في مصر وحكومة مصر .
منقول
المفضلات