بسم الله الرحمن الرحيم
تحريف نص رسالة بطرس الأولى 4:1
لإثبات عقيدة الفداء
مقدمة:
يؤمن المسيحي بعقيدة الفداء الذي كان ليصل العلاقة التي قطعت بين الله والبشر بسبب خطية ادم أو ما يسمى بالخطية الأصلية ، وكان للفادي الذي سوف يعيد هذه العلاقة شروطا عديدة ذكرها العديد من رجال الدين المسيحي في كتبهم إلا أن الكتاب المقدس نفسه بصفحاته التي تتعدى الألف صفحة لم يعط إشارة واحدة لهذا الشروط ، وعلى كل حال فقد كانت هذه الشروط هي:
أن يكون الفادي بشرا لأنه سيقدم نفسه عن البشر
أن يقدم نفسه طواعية فداءا للبشرية
أن يكفي ككفارة للجنس البشري بأكمله
أن يكون بلا خطية ، و إلا كيف يفدي البشرية وهو خاطئ
إلى غير ذلك من هذه الشروط التي لم تتوافر في البشر ، لذا قرر الله عز وجل أن يقوم هو بدور الفادي فتجسد في شخص يسوع المسيح وعاش وصلب ومات وقبر وقام في اليوم الثالث حاملا خطايا البشرية ، وهكذا عادت وتصالحت البشرية من جديد مع الله عز وجل وصارت خليقة جديدة.
فكل المسيحيين يؤمنون بان المسيح قد تعذب وتألم ومات لأجلهم
لأجلهم
لأجلهم
وهذه الكلمة بالذات هي محور مقالتنا هذه ، لأنه سوف نرى زيادة هذه الكلمة على احد نصوص العهد الجديد من الكتاب المقدس ، بالدليل من داخل المخطوطات ومن خلال ترجمات الكتاب المقدس الحالية، لنضيف إلى ما عندنا جديدا من ما فعله كتبة الكتاب المقدس من اجل تدعيم أفكارهم بلا أي وازع من ضمير.
النص من ترجمة الفانديك:
فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد، تسلحوا أنتم أيضا بهذه النية. فإن من تألم في الجسد كف عن الخطي
النص اليوناني المقابل (النص المستلم)
1894 Scrivener Textus Receptus
1Pe 4:1χριστου ουν παθοντος υπερ ημων σαρκι και υμεις την αυτην εννοιαν οπλισασθε οτι ο παθων εν σαρκι πεπαυται αμαρτιας
مقطع υπερ ημων يعني لأجلنا وإذا حذف هذا المقطع من النص سيكون هناك لا إشارة لعقيدة الفداء والكفارة
لأن النص بحالته هذه يدعم عقيدة الفداء إذ يقر بان المسيح قد تألم لأجل البشر ومن هنا يتضح لنا أهمية هذا المقطع في النص. وقد ورد النص متضمنا هذا المقطع الهام في العديد من المخطوطات كالمخطوطة السينائية والسكندرية..
صورة النص من المخطوطة السينائية (א) (منتصف القرن الرابع الميلادي)
شكل (1)
شكل (2)
نلاحظ وجود المقطع مظلل باللون الأصفر في الشكل (1) وقد كان في الاصل ὑπὲρ ὑμῶν ثم استبدل حرف (υ) إلى (η) في كلمة (ὑμῶν) ليتغير المعنى من ὑπὲρ ὑμῶν الى υπερ ημων أي من لأجلك إلى لأجلنا والحقيقة أن هناك من اعتمد هذه القراءة قبل التصحيح في السينائية السابق الاشارة اليه:
نص الاغلبية
Greek New Testament (Majority Text)
This Greek New Testament is the 1904 "Patriarchal" edition of the Greek Orthodox Church.
1Pe 4:1Χριστοῦ οὖν παθόντος ὑπὲρ ὑμῶν σαρκὶ καὶ ὑμεῖς τὴν αὐτὴν ἔννοιαν ὁπλίσασθε, ὅτι ὁ παθὼν σαρκὶ πέπαυται ἁμαρτίας,
ترجمة جيمس ميردوك للبشيطة السيريانية للعهد الجديد
A translation of the Peshito Syriac New Testament into English by James Murdock, 1851.
Murdock: If then the Messiah hath suffered for you in the flesh, do ye also arm yourselves with the same mind: for every one that is dead in his body, hath ceased from all sins,
ملاحظة على المخطوطة السينائية :
كلمة παθοντος والتي بمعنى كما تألم في اصل المخطوطة قبل التصحيح كانت ἀποθανόντος بمعنى كما مات ، وقد اعتبر أن قراءة παθοντοςهي الاصح والماخوذ بها (( مثال على عدم قدسية المخطوطة ضد الخطأ فواضح التصحيح في الكلمة بشطب الحروف))
النص بحسب المخطوطة السكندرية (A) (منتصف القرن الخامس)
شكل (3)
نلاحظ وجود المقطع في المخطوطة السكندرية (υπερ ημων) مظلل باللون الأخضر .
ولكن هذا ليس كل شئ فان هناك شهادات لاختفاء هذا المقطع من وثائق هامة وقديمة واعتبار ان وجود هذا المقطع في المخطوطات هو اضافة ليست من اصل النص ، فقد اختفى هذا المقطع على سبيل المثال من البردية رقم (72) اخر القرن الثالث ومن المخطوطة الفاتيكانية (B) منتصف القرن الرابع وكذلك من المخطوطة الافرامية السريانية (C) من منتصف القرن الخامس ومخطوطة اثتوس (Ψ) من أواخر القرن العاشر وغيرهم، مما يؤكد على ان هذا المقطع كان اضافة غير اصلية في المخطوطات التي ظهر بها ..
النص بحسب بردية 72 (Ì72) اخر القرن الثالث (( المقطع غير موجود))
شكل (4)
الجزء المظلل باللون الاصفر هو: Χριστοῦ οὖν παθόντος σαρκὶ ونلاحظ عدم وجود المقطع υπερ ημων بين كلمة παθόντος و كلمة σαρκὶ كما هو الحال في المخطوطة السينائية والسكندرية ..
فالمقطع غير موجود في البردية رقم 72 والتي أرخت لسنة 300 ميلادية
النص بحسب المخطوطة الفاتيكانية (B) منتصف القرن الرابع الميلادي ((المقطع غير موجود))
شكل (5)
شكل (6)
نلاحظ بداية النص في الشكل (5) وانتهاءه بكلمة παθόντος والتي من المفروض أن يليها المقطع محل البحث υπερ ημων ولكن بالنظر الى بقية النص في الشكل (6) نجد كلمة σαρκὶ مباشرة ، فان المقطع ليس له وجود في المخطوطة الفاتيكانية أيضا .
وكما رأينا فان هذا المقطع غير موجود في البردية 72 ولا في المخطوطة الفاتيكانية و انهما لشهادتين لهما من الأهمية والمكانة ما يجعلنا نتعجب من ظهور هذا المقطع في المخطوطات الأخرى ، وكما ذكرنا أن ليس هاتين الشهادتين فقط بل هذا المقطع قد غاب من مخطوطات أخرى يصفها بروس متزجر في كتابه تعليقات نصية على العهد الجديد بأنها أفضل شهادات النص السكندري والغربي
no adequate reason can account for the absence of the prepositional phrase from the best representatives of both
the Alexandrian and the Western types of text.
ليس هناك سببا مقبول يمكن أن يعتد به ليفسر غياب هذا المقطع من أفضل الشهادات الممثلة
لكلا من النص السكندري والغربي.
ترجمات للكتاب المقدس تتخلى عن المقطع لعدم أصالته
ترجمات عربية:
ترجمة الأخبار السارة
(GNA)وإذا كان المسيح تألم في الجسد، فتسلحوا أنتم بهذه العبرة، وهي أن من تألم في الجسد امتنع عن الخطيئة
الترجمة اليسوعية:
(JAB)أما وقد تألم المسيح في جسده، فتسلحوا أنتم بهذه العبرة، وهي أن من تألم في جسده كف عن الخطيئة
ترجمات إنجليزية :
1-American Standard Version
ASV: Forasmuch then as Christ suffered in the flesh, arm ye yourselves also with the same mind; for he that hath suffered in the flesh hath ceased from sin;
2-1949/1964 Bible In Basic English
BBE: So that as Jesus was put to death in the flesh, do you yourselves be of the same mind; for the death of the flesh puts an end to sin;
3-Contemporary English Version © 1995 by American Bible Society.
CEV: Christ suffered here on earth. Now you must be ready to suffer as he did, because suffering shows that you have stopped sinning.
4-The Holy Bible, English Standard Version ©2001 Crossway Bibles, a publishing ministry of Good News Publishers
ESV: Since therefore Christ suffered in the flesh, arm yourselves with the same way of thinking, for whoever has suffered in the flesh has ceased from sin,
5-the Good News Bible – Second Edition © 1992 by American Bible Society
GNB: Since Christ suffered physically, you too must strengthen yourselves with the same way of thinking that he had; because whoever suffers physically is no longer involved with sin.
6-GOD'S WORD
GW: Since Christ has suffered physically, take the same attitude that he had. (A person who has suffered physically no longer sins.
7-International Standard Version v1.2.2
ISV: Therefore, since Christ suffered in the sphere of the flesh, you, too, must arm yourselves with the same determination. For the person who has suffered in the sphere of the flesh has stopped sinning,
8-1885 Revised Version
RV: Forasmuch then as Christ suffered in the flesh, arm ye yourselves also with the same mind; for he that hath suffered in the flesh hath ceased from sin;
9-NEW TESTAMENT IN MODERN SPEECH by Richard F. Weymouth
WNT: Since, then, Christ has suffered in the flesh, you also must arm yourselves with a determination to do the same--because he who has suffered in the flesh has done with sin--
من النسخ اليونانية التي لم تعتمد المقطع
نص نسخة نستل الاند اليونانية للعهد الجديد
Nestle-Aland 26th/27th edition Greek New Testament
1Pe 4:1Χριστοῦ οὖν παθόντος σαρκὶ καὶ ὑμεῖς τὴν αὐτὴν ἔννοιαν ὁπλίσασθε, ὅτι ὁ παθὼν σαρκὶ πέπαυται ἁμαρτίας,
نص نسخة العالمان ويستكوت وهورت للعهد الجديد
THE GREEK NEW TESTAMENT:
WESTTCOTT-HORT
1Pe 4:1χριστου5547 N-GSM ουν3767 CONJ παθοντος3958 V-2AAP-GSM σαρκι4561 N-DSF και2532 CONJ υμεις4771 P-2NP την3588 T-ASF αυτην846 P-ASF εννοιαν1771 N-ASF οπλισασθε3695 V-AMM-2P οτι3754 CONJ ο3588 T-NSM παθων3958 V-2AAP-NSM σαρκι4561 N-DSF πεπαυται3973 V-RPI-3S | αμαρτιαις266 N-DPF | αμαρτιας266 N-GSF |
وها هي حلقة جديدة من سلسلة التحريفات التي تمت في الكتاب المقدس من اجل تدعيم أفكار لاهوتية، ولا اعلم من أين تأتي الوقاحة التي يتسم بها رجال الكنيسة حين يرددون بان الكتاب المقدس لم يحرف بل يصل بهم الحال لحياكة الكتب التي تتغنى باستحالة تحريف الكتاب المقدس ، وأول ما يستدلوا به هو الوثائق القديمة من مخطوطات وبرديات ويكذبون على أتباعهم بان هذه المخطوطات تؤكد صحة الكتاب المقدس وهي في الحقيقة دليلا عليه لا له ، وكما رأينا في هذا المقال المتواضع جدا ، وكما نرى كل يوم بان الوثائق القديمة قد أثبتت لكل من له أعين ليبصر بهما وقوع التحريف الفعلي للكتاب المقدس ، بل وأوضحت التحريف في النصوص التي ترتبط بالعقائد كما هو الحال في نص رسالة يوحنا 5:7 وكما هو الحال في النص الحالي محل البحث الذي زيد إليه مقطع لأجلنا من اجل تدعيم فكرة لاهوتية مرتبطة بعقيدة الفداء والكفارة،
والحقيقة أن هذا من فضل الله على عباده ورحمته بهم أن سخر شهداء للحق مما يؤمن أهل الباطل ، فالحمد لله رب العالمين.
قال تعالى:
(يَا أَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مّن رّبّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مّبِيناً *
فَأَمّا الّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مّسْتَقِيماً)
[سورة: النساء - الآية 174: 175]
نسأل الله العلي الكبير أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى وان يتقبل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم
وان يهدينا ويهدي بنا اللهم آمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المفضلات