ماذا يحدث لو أن الآب استجاب
لضراعة يسوع وأجاز عنه الكأس ؟ ؟
ربى يسوع : تحكى الأناجيل عنك فى جثسيمانى فتقول :
" وابتدأ يحزن ويكتئب . فقال لهم نفسى حزينة جدا حتى الموت...وخرّ على وجهه وكان يصلى قائلا يا أبتاه إن أمكن فلتعْبُر عنى هذه الكأس ... فمضى ثانية وصلى قائلا يا أبتاه إن لم يمكن أن تعبر عنى هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك ... ومضى أيضا وصلى ثالثة قائلا ذلك الكلام بعينه " مت 26/39 – 44 ، " وابتدأ يدهش (1) ويكتئب ، فقال لهم نفسى حزينة جدا حتى الموت ثم تقدم قليلا وخر على الأرض وكان يصلى لكى تعْبُرَ عنه الساعةُ إن أمكن ، وقال يا أبا الآب كل شىء مستطاع لك . فَأَجِزْ عنى هذه الكأس ... ومضى أيضا وصلى قائلا ذلك الكلام بعينه " مر 14/35-39 ، " الآن نفسى قد اضطربتْ . وماذا أقول . أيها الآب نجنى من هذه الساعة " يو 12/27 ، " وجثا على ركبتيه وصلى قائلا يا أبتاه إن شئتَ أن تجيز عنى هذه الكأس ...
وظهر له ملاك من السماء يُُقوّيه . وإذْ كان فى جهاد كان يصلى بأشد لجاجة ، وصار عرقُه كقطراتِ دمٍ نازلةٍ على الأرض " لو 22/41-44 .
والآن ، وقد أفرط فى العويل ، وبعد أن وَلْوَلَ ربى وإلهى ، الإله المتجسد ، معبود النصارى ، ما الذى كان يمكن أن يحدث لو أن الآب استجاب لضراعته وصرخاته وأجاز عنه الكأس ، وعبَرتْ عنه الساعة ؟ ؟ لا أستطيع تَصَوّر السناريوهات المحتملة ، أجبنى يا يسوع !!!
ربى وإلهى : لقد همَمْتَ بالهرب " قوموا ننطلق ، هو ذا الذى يسلمنى قد اقترب " متى 26/ 46 ، " قوموا لنذهب . هو ذا الذى يسلمنى قد اقترب " مر 14/42 ، لولا أن فاجأك جنود كهنة الهيكل وأحاطوا بك . لقد كنتَ عازفا عن الفداء ، معرضا عن التضحية ، فارا من الكفارة ، هاربا من الخلاص ، حـريـصـا على الحـيـاة ، فـَزِعـا من المـوت .
أطفال الحجارة يواجهون الموت من دبابات العدو ومصفحاته ورصاصه دون خوف أو فزع .
أيكما أثبتُ قلبا وأكثرُ شجاعة وأصلبُ إيمانا ؟ أفصحْ ولا تتلعثمْ ، يا كلمة الله ، ويا نطق الله ، ويا حكمة الله .
وهل حقا يضحى الإله بنفسه من أجل خطأِ واحدٍ من خليقته ؟ إنها تراجيديا مؤلمة ، ولكنها فى نفس الوقت كوميديا مضحكة .
" إن إلها تتطلب عدالتُه معاوضةً لكل سقطةٍ وخطيئة من الإنسان ، ليس بأفضلَ من شيلوك .
ربى وإلهى : يروى لوقا أنك قلت لبطرس : " أتظن أنى لا أستطيع الآن أن أطلبَ إلى أبى فيقدمَ لى أكثرَ من اثنى عشر جيشا من الملائكة ... " متى 26/53 .
لقد استرحمتَ أباك فلم يرحمْك ، خررتَ على وجهك فى ضراعة ، وصليتَ بأشد لجاجة فلم يستجبْ لك ، وصار عرقك كقطراتِ دمٍ نازلةٍ على الأرض ، ولم تشفقْ عينُه ، وكنتَ تدهش وتكتئب وتضطرب ، وتعترف " نفسى حزينة جدا حتى الموت " ، ولم يرِقَّ لك قلبه ، لقد كنتَ ابنا بارا بأبيك السماوى ، ولكنه كأنما قُدَّ قلبُه من صخر ، فهل جنَحَ بك الخيالُ أن يرسلَ إليك أبوك أكثرَ من اثنىْ عشرَ جيشا من الملائكة ؟ ؟ إنه عشمُ إبليسَ فى الجَنّة .
كيف يكون منظر أكثر من اثنى عشر جيشا فى البستان أيها الواهم ؟ ؟ مع مراعاة القوة المعجزية للملائكة ؟ لقد قتل ملاك واحد 185 ألفا فى ليلة واحدة (2) .
زعم يوحنا أنك قلت َ : " الكأس التى أعطانى أبى ، ألا أشربها ؟ " يو 18/11 . هل حقا قلتَ ذلك ؟ تُكَذّبها استغاثاتك التى رفعتها للآب إلهك لإعفائك من هذه الكأس .
ربى وإلهى : لماذا تسترحم الآب ، تستغيث به ، تضرع إليه ، وتصلى بأشد لجاجة ؟
إنكما متساويان فى الجوهر والمجد والكرامة والقدرة ، لا يزيد عنك خردلة ، فلِمَ كل هذا الخضوع والتذلل ؟ بل أنت كلمة الله ونطقه وحكمته ، لولاك لكان الآبُ أخرسَ أخرقَ ، ولولاك ما خُلقتْ الأشياءُ كلها ، " كل شىء به كان ، وبغيره لم يكن شىء مما كان " يو 1/3 .
وهل للآب إرادة غير إرادتك ؟ ؟ وهل إرادته هى العليا ؟ ؟
ما لك يَغـلِبُ عليـك العِـىّ فلا تجـيب يا إلهـى ؟
ربى وإلهى : يقول قانون الإيمان النيقاوى : " وتجسد من روح القدس ومن مريم العذراء ، الذى من أجلنا نحن البشر ، ومن أجل خلاصنا ، نزل من السماء ، وتأنس ، وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطى ، وتألم ، وقُبِرَ ، وقام من الأموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب " .
لقد أوشكت أن تفسد كل شىء : فداءنا ، وخلاصنا ، وإخراج الذين فى الهاوية ، والذين فى المطهر ، وتقييد الشيطان .... الخ .
باختصار ، كيف كنت ستتعامل مع كل القضايا التى حققها موتك على أعواد الصليب ؟
لو امتدتْ بك الحياةُ لملأتَ الأرض فسادا : فأنت لم تعاقبْ الزانية (3) ، وكنت تكيل الضربات للأسرة وبالتالى للولاء للمجتمع والوطن (4) ، وتجولتَ فى القرى والنجوع ليلا ونهارا مع الرجال والنسوة اللاتى ينفقن عليك من أموالهن (5) ، ولم تكن النموذجَ الأخلاقى المثالى لأتباعك (6) ، وحاربتَ تكوين الثروات والعمل (7) وهما أساس نمو المجتمع ، ولم تنادِ بتغييرٍ اجتماعى ، ولم تعمل على تحرير الرقيق والعبيد ، ولم تعط أىَّ توجيهٍ محددٍ فى حقل الأخلاقيات ، ولم تتعاملْ إلا مع أبسط المواقف فلم تتكفل ببيان كيف يتعاملُ الناسُ – الذين يجب عليهم أن لا يقاوموا – عندما يصبح عليهم فقط أن يتلقوا الضربات (8) ، وكنت إلها عنصريا (9) ، يتلذذ بأن يرى الناس فى ذلة ومهانة ، ولا يتردد فى التدخل لإنقاذ يهودية عاهرة من حجارة الرجم ... الخ .
وحـقـا المسـيحـيـة لا عـقـل لهـا .
المراجع :
1. يدهش : أى يتحير ويتوقف تفكيره .
2. " وكان فى تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مائة ألف وخمسة وثمانين ألفا . ولما بكروا صباحا إذا هم جميعا جثث ميتة " 2 مل 19/35 ، إش 37/36 ، 1 مك 7/41 ، 2 مك 15/22 .
3. " اذهبى ولا تخطئى أيضا " يو 8/11 .
4. " إن كان أحد يأتى إلى ولا يُبغِض أباه وأمه ، وامرأته وأولاده ، وإخوته وأخواته ، حتى نفسه أيضا ، فلا يقدر أن يكون لى تلميذا " لو 14/26 ، " وأعداء الإنسان أهل بيته " مت 10/36 ، " اتبعنى ودع الموتى يدفنون موتاهم " مت 8/22 ، " ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات ، من استطاع أن يَقبَل فليقبل " مت 19/12 ، " مَن أمى وإخوتى ... ها أمى وإخوتى ، لأن من يصنع مشيئة الله هو أخى وأختى وأمى " مر 3/33 –35 ، " ومن يبغض نفسه فى هذا العالم يحفظها إلى حياة أبدية " يو 12/25 .
5. " وأخر كثيرات كنّ ينفقن عليه من أموالهن " لو 8/3 .
6. " وابتدأت تبل قدميه بدموعها ، وكانت تمسحهما بشعر رأسها ، وتقبل قدميه ، وتدهنهما بالطيب " لو 8/38 ، " ومسحت رجليه بشعرها " يو 11/2 ، " وخلع ثيابه وأخذ منشفة واتزر بها ... وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التى كان متزرا بها " يو 12/4-5 ، " وكان متكئا فى حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يحبه ... فاتكأ ذاك على صدر يسوع ... " يو 13/23 –25 .
7. " لا يقدر أحد أن يخدم سيدين ... لا تقدروا أن تخدموا الله والمال " مت 6/24 ، " لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض " من 6/19 ، " بع كل أملاكك ... وتعال اتبعنى " مت 19/21 ، " من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى لا يقدر أن يكون لى تلميذا " لو 14/27 .
8. " لا تقاوموا الشر . بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا . ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا . ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين " مت 5/ 39-41 .
9. " ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب " مر 7/27 ، " لا تعطوا القدس للكلاب ، ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير " مت 7/6 – والكلاب والخنازير هم غير الإسرائيليين .
المفضلات