-
اسرار القران (163)
(163)
قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ماتشكرون
( الملك:23)
بقلم الدكتور: زغـلول النجـار
الآية الكريمة جاءت في بداية الثلث الأخير من سورة الملك, وهي سورة مكية, وآياتها ثلاثون(30) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بالشهادة لله( تعالي) بأنه هو الذي بيده الملك وهو علي كل شيء قدير, ومن أسماء هذه السورة أيضا( المانعة) و(المنجية) لأنها تمنع قارئها من عذاب القبر, وتنجيه منه, وذلك لقول رسول الله( صلي الله عليه وسلم) فيها:هي المانعة, وهي المنجية, تنجي من عذاب القبر( أخرجه الإمام الترمذي).
ويدور المحور الرئيسي لسورة الملك حول قضية العقيدة الإسلامية, وتبدأ بقول ربنا( سبحانه وتعالي):
تبارك الذي بيده الملك وهو علي كل شيء قدير*الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور*( الملك:2,1).
وفي هذا الاستهلال تعظيم لله الخالق( سبحانه وتعالي), لأن من معاني( تبارك): تعالي وتعاظم, وكثر خيره, ودام إحسانه وفضله, وثبت إنعامه وكرمه علي عباده وسائر خلقه ثبوتا لايزول ولايحول أبدا, ومن معاني هذا التعظيم لله الخالق تنزيهه عن جميع صفات خلقه, وعن كل وصف لايليق بجلاله...!!
وفي هذا الاستهلال أيضا تأكيد لتفرد الخالق(سبحانه وتعالي) بالألوهية,والربوبية, والوحدانية, لأن من معاني الملك السلطان والقدرة ونفاذ الأمر, والذي له كل ذلك لايشبهه أحد من خلقه, ولاينازعه أحد في ملكه, ولايشاركه أحد في سلطانه, وليس في حاجة إلي الصاحبة أو الولد, لأن هذه كلها من صفات المخلوقين, والخالق منزه عن جميع صفات خلقه, وعن كل وصف لايليق بجلاله.
وانطلاقا من تفرده( سبحانه وتعالي) بالملك المطلق, وبالقدرة علي كل شيء, كان إثبات ألوهيته, وربوبيته, ووحدانيته المطلقة فوق جميع خلقه, بغير شريك, ولاشبيه, ولامنازع, ولاصاحبة, ولا ولد, وانطلاقا من خلقه الموت والحياة ليبلو الناس أيهم أحسن عملا كانت الشهادة لجلاله بأنه هو العزيز الغفور, أي الغالب الذي لايقهر, والذي لايعجزه شيء, ومع ذلك كله فهو( سبحانه وتعالي) العفو عن تقصير عباده, الغافر لذنوبهم.
ومن دواعي تفرده( سبحانه وتعالي) بكل ذلك ألا يعبد غيره, ولايقصد سواه بدعاء أو رجاء أو طلب, ولايشرك في عبادته أحد, وأن ينزه فوق كل وصف لايليق بجلاله.
ويشهد لله الخالق بالربوبية والألوهية والوحدانية المطلقة فوق جميع المخلوقين خلقه سبع سماوات طباقا( أي متطابقة حول مركز واحد هو كوكبنا الأرض, ويغلف الخارج منها الداخل) دون أدني خلل, أو نقصان, أو اضطراب, وإلا ما استقام وجود الكون. ولولا هذا البيان الإلهي الذي تكرر في القرآن الكريم عشرات المرات, ماكان أمام الإنسان من سبيل لإدراك هذه الحقيقة الكونية, وذلك لأن كل مايراه علماء الفلك في زمن العلم والتقنية الذي نعيشه لايتعدي جزءا يسيرا من السماء الدنيا, وبما أن الكون دائم الاتساع فإن هذا الجزء المرئي من السماء الدنيا دائم التباعد عنا بسرعات لايستطيع التطور العلمي والتقني المعاصر اللحاق به وعلي الرغم من ذلك فإن الإنسان يستطيع بحسه المحدود, وقدراته الشخصية المحدودة, وتقنياته المتطورة أن يدرك شيئا من دقة بناء السماء, وتكورها علي ذاتها, وإحكام خلق كل صغيرة وكبيرة فيها دون أدني خلل, ولذلك تطالب الآيات كل ذي بصيرة بتكرار النظر في السماء حتي يتحقق من بديع صنع الله فيها, مؤكدة أنه مهما نظر فلن يستطيع العثور علي خلل واحد.
وتستشهد سورة الملك بعدد آخر من آيات الله في الكون علي صدق ما جاء بها من أمور الغيب, ومن ركائز العقيدة الإسلامية منها النجوم التي جعلها الله( تعالي) زينة للسماء الدنيا وسماها بالمصابيح, وهي تسمية في غاية الدقة العلمية, لأن النجوم هي أفران نووية كونية عملاقة وقودها هو نوي ذرات الإيدروجين التي تتضاغط في قلب النجم فتتحد مع بعضها البعض منتجة نوي ذرات الهيليوم, ثم الليثيوم, ثم البريلليوم لتكون نوي ذرات أثقل باستمرار مطلقة كميات هائلة من الطاقة التي يقوم عليها نظام الكون, وتستقيم الحياة علي الأرض. ولما كانت النجوم في دورة حياتها ينتهي بها المطاف إلي أجسام باردة كالكواكب التي تنفجر فينزل بعضها علي الأرض شهبا ونيازك قال ربنا( تبارك وتعالي):
ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير*( الملك:5)
ثم انتقلت الآيات بعد ذلك إلي وصف جانب من عذاب الكفار في يوم القيامة, وإلي شيء من الحوار الذي سوف يدور بينهم وبين خزنة جهنم وفي ذلك تقول
وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير* إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور*تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير* قالوا بلي قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا مانزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير* وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ماكنا في أصحاب السعير* فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير*( الملك:6 ــ11)
وهنا قد يتبادر إلي الذهن سؤال فحواه أن الآخرة لم تحن بعد, وأن أهل الجنة لم يدخلوها بعد, وكذلك أهل النار لم يساقوا إليها بعد, ولم تلق أفواجهم في جحيمها بعد, فكيف أوردت الآيات هذا الوصف الدقيق لأفواج الكفار تلقي في نار جهنم, ولحوار خزنة جهنم مع الكفار, وردود الكفار عليهم؟ وللإجابة علي ذلك أقول ان الله( تعالي) هو خالق كل شيء, ومن مخلوقاته كل من الزمان والمكان, والخالق يملك مخلوقاته, ويحدها, ويحكمها بعلمه وحكمته وقدرته, والمخلوق لايحكم خالقه أبدا, وعلي ذلك فإن الله( سبحانه وتعالي) يحوي بعلمه وحكمته وقدرته كل الأماكن وكل الأزمنة, فلا يخرج عن علمه من ذلك شيء أبدا, ولايخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء أبدا, وعلي ذلك فإن الماضي والحاضر والمستقبل في علم الله( تعالي) كله حاضر, لايخفي عليه منه شيء ومن هنا جاء وصف المستقبل في الآخرة كأنه أمر قائم, حاضر, ظاهر, لايخفي علي الله( تعالي) منه شيء.
وبالمقابل تصف الآية الثانية عشرة من هذه السورة المباركة جانبا من فضل الله( تعالي) علي الذين يخشونه بالغيب فيجتنبون معاصيه, ويقبلون علي طاعاته فتقول:
إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير*( الملك:12)
ثم تخاطب الآيات في سورة الملك الناس جميعا مؤكدة أن الله( تعالي) يعلم السر والجهر, ويعلم ماتخفي كل نفس, حتي تقيم من الإنسان علي نفسه رقيبا حسيبا, يراجعها في كل خطأ حتي تتوب, ويشجعها علي كل خير فتستزيد ويعبد الله تعالي كأنه يراه ويحيي روح مراقبة الله له في قلبه حتي يستيقظ لهذه الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون:أن الله تعالي عليم بذات الصدور, وحتي يتجرد لله تعالي وحده في الأعمال والنيات, ويتقي هواجس النفس, ونفثات الشياطين لإيمانه بأن الله تعالي يسمعه ويراه, وفي ذلك تقول الآيات:
وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور*ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير*( الملك:14,13)
وبعد ذلك تستمر الآيات في استعراض عدد من نعم الله علي عباده, وفي التذكير بحتمية الموت والبعث والرجوع الي الله( تعالي) فتقول:
هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور*
(الملك:15)
أي أن الله( تعالي) هو الذي خلق الأرض وجعلها مهيأة لحياة الإنسان عليها في سهولة ويسر, ولفظة( ذلولا) تعني سهلة, مسخرة, مذللة لكم يابني آدم, من( الذل) وهو اللين وسهولة الانقياد, و(مناكب) الأرض هي جوانبها, وفجاجها وأطرافها, وهو من قبيل الحض علي الاجتهاد في عمارة الأرض وإقامة عدل الله فيها, وهي من واجبات الاستخلاف, والحث علي كسب الرزق الذي قدره الله( تعالي) لكل حي في الوجود فقال(تعالي):وكلوا من رزقه لأن السعي في طلب الرزق واجب علي كل مخلوق, وهذا السعي لا يتنافي أبدا مع حقيقة أن الرزق مقسوم سلفا, ولايتنافي أبدا مع ضرورة التوكل علي الله وهو الرزاق ذو القوة المتين..
وختمت هذه الآية الكريمة بالاشارة إلي حقيقة البعث, وحتمية الرجوع إلي الله( سبحانه وتعالي).
وتعاود الآيات التهديد بعذاب الله( تعالي) للكفار والمشركين والعاصين من عباده في الدنيا قبل الآخرة فتقول:
أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور* أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير* ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير*( الملك:16 ــ18).
وخسف الأرض من الظواهر المصاحبة لتصدع غلافها الصخري, وتمور أجزاء منه علي هيئة مايعرف بالأغوار أو الأودية الخسيفة, وذلك من مثل حوض البحر الأحمر بخليجيه العقبة والسويس وغور وادي الأردن, كما قد يصحب تكون الأغوار هزات أرضية(زلزالية) أو ثورات بركانية مرعبة, وهذه وغيرها من الظواهر الطبيعية هي من جند الله التي يسخرها عقابا للعاصين, وابتلاء للصالحين,وعبرة للناجين, وإذا لم تؤخذ بهذا الإطار والمنظور والمفهوم فلن يتعلم الإنسان أبدا.
و(المور): الحركة جيئة وذهابا في اضطراب وتموج شديدين, و(المور) و(الخسف) من أوصاف مايتعرض له الغلاف الصخري للأرض في أثناء الهزات الأرضية التي تعتبر من أعنف الكوارث التي يبتلي بها الله( تعالي) عباده الصالحين, أو يعاقب الكفار والمشركين والعاصين منهم كما عاقب قارون وقومه من قبل.
و(الحاصب) هي الريح الشديدة التي من عنف شدتها فإنها تثير الحصباء( الحصي), أو هي الحجارة المنزلة من السماء علي وجه من أوجه العقاب الإلهي للكفار والمشركين وللعصاة المذنبين, وهو إنذار شديد بعذاب من الله( تعالي) لجماعة من أهل الأرض كما حدث لكل من أصحاب الفيل, وقوم لوط, وسوف يعلم المنذرون شيئا عن صدق وعيد الله( تعالي) لهم حين يقع عليهم العذاب الذي أنذروا به. ولذلك حذرت الآية الثامنة عشرة من سورة الملك كل الناس مما وقع للأمم السابقة من العذاب فتقول:
ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير*
(الملك:18)
والإشارة هنا إلي الأمم السابقة علي كفار ومشركي جزيرة العرب, الذين كذبوا رسل ربهم, وعصوا أوامره, فأنكر الله( سبحانه وتعالي) ذلك عليهم, وأنزل عقابه الشديد الأليم بهم وترك آثار خرابهم ودمارهم عبرة لكل معتبر.
ثم تنتقل سورة الملك إلي استعراض آية أخري من الآيات الدالة علي طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الخلق والتي تتلخص في إعطاء الطيور القدرة علي ارتقاء الهواء, والسبح فيه بكفاءة عالية فتقول:
أو لم يروا إلي الطير فوقهم صافات ويقبضن مايمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير*( الملك:19)
وفي التأكيد علي أن الله( تعالي) هو الناصر, المعطي, الوهاب, الرزاق, ذو القوة المتين, تعتب الآيات علي المشركين الذين عبدوا مع الله سبحانه وتعالي غيره من المخلوقات أو المخلوقين, مبتغين منهم النصر أو راجين عندهم الرزق فتقول:
أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور* أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور* أفمن يمشي مكبا علي وجهه أهدي أمن يمشي سويا علي صراط مستقيم*( الملك:20 ــ22)
وتشبه الآية الأخيرة المؤمن بالذي يمشي سويا علي صراط مستقيم أي علي طريق واضح المعالم, بين النهاية في كل من الدنيا والآخرة حتي ينتهي به إلي جنات النعيم, بينما الكافر يمشي مكبا علي وجهه, تائها, ضالا, حائرا لايدري أين يسلك, ولاكيف يسير, ولايعرف لطريقه نهاية حتي يكبه في نار الجحيم, وتسأل الاية الكريمة كل مستمع لها أيهما أهدي سبيلا؟
وتأمر الآيات خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم) أن يخبر الناس جميعا بأن الله( تعالي) يمن عليهم بإنشائهم من العدم, ومنحهم من الحواس والملكات مايعينهم علي الاستمتاع بوجودهم, ومن قبيل الشكر علي هذه النعم استخدامها في طريق الخير إلي أقصي مدي لها, وحمد الله( تعالي) والثناء عليه في كل مرة تستخدم فيها حاسة من تلك الحواس, أو ملكة من تلك الملكات. وبأن الله( تعالي) يمن عليهم كذلك بنشر الجنس البشري في مختلف أرجاء الأرض مما يتبعه اختلاف الألوان والألسنة والعادات, ثم يجمعهم من هذا الشتات ليوم لاريب فيه, يتشكك فيه أهل الكفر, ويتساءلون عن موعده, وتأمر الآيات خاتم الأنبياء والمرسلين(صلي الله عليه وسلم) أن يجيب بأن علم هذا اليوم عند الله ولايعلمه سواه, وأنه( عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم) بعث ــ كما بعث غيره من أنبياء الله ورسله ــ للإنذار بوقوع هذا اليوم علي بينة من رب العالمين, وفي ذلك تقول الآيات:
قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون* قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون* ويقولون متي هذا الوعد إن كنتم صادقين* قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين*
(الملك:23 ـــ26)
ثم تنتقل بنا الآية السابعة والعشرون عبر حجز الغيب, وكأن الساعة قد قامت, والكافرون مايوعدون به من العذاب رأي العين, فسيئت وجوههم وسمعوا من التقريع والتوبيخ ما دهاهم, وزاد فجيعتهم, وفي ذلك تقول الآية الكريمة:
فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون*( الملك:27)
و(زلفة) حال من مفعول رأوه, وهو اسم مصدر لـ(أزلف)( إزلافا) بمعني قرب قربا, وقيل إن استعمال( الزلفة) في منزلة العذاب كاستعمال البشارة ونحوها من الألفاظ للتهكم,( وسيئت) بمعني عمها السوء من الغم والحزن, و(تدعون) أي تطلبون في الدنيا وتستعجلون, إنكارا واستهزاء, من( الدعاء) بمعني الطلب.
وهنا نؤكد مرة أخري أن كلا من الزمان والمكان من خلق الله( تعالي), وهو( سبحانه) قادر علي طيهما أو إلغائهما تماما وعلي ذلك فإن كلا من الماضي والحاضر والمستقبل هو عندالله( تعالي) حاضر لايحجبه عن علم الله حاجب, وهو( سبحانه وتعالي) قادر علي أن يطوي كلا من الزمان والمكان لمن يشاء من عباده.
وتختتم هذه السورة المباركة بخطاب موجه من الله( تعالي) إلي خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم) يأمره فيه بما يلي:
قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم* قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين* قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين*( الملك:28 ــ30)
وهذه الآيات الثلاث ترد علي كفار ومشركي قريش ــ وعلي كل كافر ومشرك إلي يوم القيامة ــ الذين كانوا يتمنون هلاك رسول الله( صلي الله عليه وسلم) وهلاك المسلمين الذين آمنوا به وبما أنزل إليه من ربه, تماما كما يتمناها أعداء اليوم حيث تخرج علينا إحدي القنوات الفضائية باسلوب يتطاولون فيه علي النبي صلي الله عليه وسلم. والآيات تقول لسيد الأنبياء والمرسلين قل لهؤلاء الكفار والمشركين بالله, الجاحدين لنعمه, الغامطين للحق الذي أنزله بعلمه: إن ما تتمنون لنا من الهلاك لن ينقذكم من عذاب الله ونكاله الواقع بكم لا محالة في الدنيا قبل الآخرة,أما نحن فقد آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم, وتوكلنا عليه, واعتصمنا بجنابه, وسوف تعلمون لمن تكون عاقبة الأمور في الدنيا قبل الآخرة: للمؤمنين بالله, الموحدين لجلاله, المنزهين لذاته العلية عن الشريك والشبيه والمنازع والصاحبة والولد أم للذين أشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا فغرقوا في وحل الشرك بالله العظيم, وانحرفوا طريق الضلال المبين؟
وتهديدا لهؤلاء الضالين تذكرهم الآية في ختام هذه السورة المباركة بنعمة الماء علي العباد, والذي بدونه لاتكون الحياة, فتقول يا أيها المشركون الضالون التائهون عن الحق, والضالعون في الشرك, الغارقون في ظلام الجهل إذا قدر الله(تعالي) أن يغور الماء في آباركم حتي لاتستطيعوا الوصول إليه, فمن غير الله القادر يمكنه أن يأتيكم بماء جار علي سطح الأرض؟
وكان ماء مكة المكرمة في هذا الوقت مستمدا من كل من بئر زمزم وبئر ميمون بن الحضرمي.
من ركائز العقيدة في سورة الملك
(1) الإيمان بالله(تعالي) ربا واحدا أحدا, فردا صمدا, بغير شريك, ولاشبيه, ولا منازع, ولاصاحبة ولاولد. وتنزيهه(سبحانه وتعالي) عن جميع صفات خلقه, وعن كل وصف لايليق بجلاله. والايمان بأن هذا الإله الواحد بيده ملك كل شيء من الأجل, والرزق, والنصر إلي كل ما في الوجود, وبأنه علي كل شيء قدير, وهو عليم بذات الصدور, وأن هذا الإله الواحد هو المستحق وحده بالخضوع لجلاله بالطاعة والعبادة والخشية والتوكل والإخلاص والتجرد والتقوي.
(2) اليقين بأن الله( تعالي) هو المهيمن هيمنة مطلقة علي كل شيء, وأنه( سبحانه) هو الذي خلق الموت والحياة ليبلو الناس أيهم أحسن عملا تمهيدا للبعث بعد الموت, والحشر والحساب, والجزاء بالخلود إما في الجنة أبدا أو في النار أبدا.
(3) التسليم بحقيقة الكمال والجمال والإتقان في جميع خلق الله.
(4) التصديق بكل ما وقع من عقاب بالمكذبين من أبناء الأمم السابقة, وبأن للذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير, وأن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير.
(5) الإيمان برسالة الإنسان في هذه الحياة: عبدا لله( تعالي) مستخلفا في الأرض لفترة محددة من الزمن, يعبد الله( سبحانه وتعالي) بما أمر, ويقوم بواجبات الاستخلاف ومنها عمارة الأرض وإقامة عدل الله فيها, والدعوة إلي دين الله الحق.
من الإشارات الكونية في سورة الملك
(1) الإشارة إلي مرجعية عليا للكون في خارجه( الله الذي بيده الملك) وهو ماتنادي به اليوم أحدث الدراسات الفلكية.
(2) وصف السماوات بأنها سبع طباق, وإلي إحكام بنائها بلا فراغات ولا أدني خلل أو اضطراب, والعلوم المكتسبة لاتتجاوز وصف ماتراه من السماء الدنيا بأكثر من أنه منحن, وذلك لعجز العلماء عن رؤية كل أبعاد السماء الدنيا, أو رؤية شيء مما حولها من سماوات.
(3) إثبات أن النجوم هي زينة السماء الدنيا, وأن منها رجوم للشياطين من الشهب والنيازك, والعلوم المكتسبة تشير إلي إمكانية تحول النجوم في نهاية دورة حياتها إلي أجرام صلبة يمكن أن تنفجر وتكون النيازك والشهب.
(4) وصف تسخير الأرض للإنسان بتذليلها أي جعلها متوافقة مع احتياجاته, متناسبة مع طبيعة حياته وهو ما أثبتته كل الدراسات الأرضية.
(5) الإشارة إلي العلاقة بين خسف الأرض ومورانها, وهي علاقة لم تدرك إلا بعد دراسة ميكانيكية حدوث الزلازل.
(6) وصف الرياح بالحاصب, وهي رياح ذات سرعات عالية تمكنها من حمل الحصي والرمال معها مما يضاعف من قدراتها التدميرية.
(7) وصف طرائق تحليق الطيور في السماء بدقة فائقة:( صافات ويقبضن).
(8) تأكيد حقيقة أن الله( تعالي) هو خالق كل شيء, وأنه( سبحانه وتعالي) قد توج خلقه بالإنسان الذي أنشأه من العدم, وجعل له السمع والأبصار والأفئدة, وتقديم خلق السمع علي الأبصار, والأبصار علي الأفئدة في هذه السورة المباركة, وفي غيرها من سور القرآن الكريم له من السند العلمي مايؤكد خلقها في جنين الإنسان بهذا الترتيب المعجز.
(9) الإشارة إلي إمكانية غور الماء في الابار, وهي ملاحظة علمية دقيقة.
وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلي معالجة خاصة بها, ولذلك فسوف أقصر حديثي هنا علي النقطة الثامنة من القائمة السابقة والتي تتحدث عن إنشاء الإنسان, وعن خلق كل من حواس السمع والأبصار والأفئدة.
من الدلالات العلمية للآية الكريمة
أولا: في قوله تعالي: قل هو الذي أنشأكم:
يقال:( أنشأه) الله بمعني خلقه, لأن( الإنشاء) هو إيجاد الشيء وتربيته, والاسم( النشأة) و( النشاءة). و(أنشأ) يفعل كذا يعني ابتدأ. و( نشأ) في بني فلان أي شب فيهم, ويقال:( نشيء)( تنشئة) وأنشيء بمعني تربي. و( ناشئة) الليل أول ساعاته, وقيل: ماينشأ فيه من الطاعات, ويقال:( نشأت) السحابة أي ارتفعت, و(أنشأها) الله, والمنشآت هي السفن التي رفع قلعها.
ونشأة الإنسان شغلت باله عبر قرون, وكان السبب في ذلك رغبة الإنسان في التهرب من الإيمان بالخالق( سبحانه وتعالي) وفي الوصول إلي صورة مغايرة لعملية الخلق التي أنزلها ربنا( تبارك وتعالي) في جميع الكتب السماوية التي أنزلها لهداية عباده, والتي أكملها وأتمها وحفظها في الرسالة الخاتمة التي بعث بها النبي الخاتم والرسول الخاتم( صلي الله عليه وسلم) ألا وهي القرآن الكريم وسنة خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين) وقضية الخلق بأبعادها الثلاثة: خلق الكون, خلق الحياة, وخلق الإنسان, هي قضية غيبية لم يشهدها أحد منا, ولذلك فإن الدخول إليها بغير الهداية الربانية كالدخول في نفق مظلم لانهاية له. والقرآن الكريم يقول لنا فيه ربنا( تبارك وتعالي):
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولاخلق أنفسهم وماكنت متخذ المضلين عضدا.( الكهف:51)
ولكن ـ علي الرغم من ذلك ـ فإن الله( تعالي) يأمرنا بالتفكر في عملية الخلق بقوله تعالي: قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق...*( العنكبوت:20) والجمع بين هاتين الآيتين الكريمتين وبين أمثالهما في القرآن الكريم يؤكد علي وجود آثار في الأرض يمكن أن تعين الإنسان ـ بحسه المحدود وقدراته المحدودة ـ علي الوصول إلي تصور ما عن قضية الخلق, ويبقي هذا التصور قاصرا إذا لم يستهد بالبيان الإلهي في كل من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة, وكلاهما يؤكد علي حقيقة الخلق, وعلي أن الله( تعالي) هو خالق كل شيء فيقول: ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو علي كل شيء وكيل*( الأنعام:102)
ويقول: الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين* ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين* ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ماتشكرون*( السجدة:7 ـ9)
وجاءت لفظة خلق بمشتقاتها في القرآن الكريم(252) مرة مؤكدة علي حقيقة الخلق وعلي أن الله( تعالي) هو خالق كل شيء.
وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي موسي الأشعري( رضي الله عنه) حديثا يرفعه إلي رسول الله( صلي الله عليه وسلم) قال فيه: إن الله تعالي خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم علي قدر الأرض: فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك, والسهل والحزن, والخبيث والطيب.
والحديث أخرجه كذلك كل من أبي داود والترمذي عن عوف الأعرابي, وكل من النسائي والبزار, وصححه ابن حبان, وأورده الحافظ في الفتح. وقال عنه الترمذي انه حديث حسن صحيح.
وعلي الرغم من افتتان الكثيرين بفكرة التطور العضوي إلا أن الدراسات المتقدمة في مجالات علوم الحياة الجزيئية, الخلية, والوراثة أكدت استحالة خلق خلية حية واحدة بمحض الصدفة, فالخلية الحية في جسم الإنسان والتي لايكاد قطرها يتعدي(3. و ـ مم) في المتوسط هي بناء غاية في الإحكام والتعقيد إلي درجة يعجز العقل البشري عن تصورها, وينفي نفيا قاطعا فكرة عشوائية الخلق الأول.
كذلك فإن تدرج عمارة الأرض بأنماط مختلفة من الخلق مع الزمن يؤكد علي الحكمة من هذا التدرج, وينفي عنه العشوائية والصدفة.
ثم إن التميز الواضح للإنسان عن غيره من المخلوقات في بناء جسده, وحجم كل من جمجمة رأسه ومخه, وفي انتصاب قامته, وسيره علي قدمين, وفي المهارات اليدوية المختلفة عنده, بالإضافة إلي الملكات العديدة التي وهبه إياها الله( تعالي) يقطع بخلقه خلقا خاصا لاعلاقة له بجميع المخلوقات السابقة علي خلقه. والايات القرآنية العديدة, والأحاديث النبوية الشريفة تقطع بذلك, ومنها حديث رسول الله( صلي الله عليه وسلم) الذي أخرجه كل من الأئمة البخاري ومسلم وأحمد عن أبي حاتم( رضي الله عنه) والذي يقول فيه: إذا قاتل أحدكم أخاه فليتجنب الوجه, فإن الله خلق آدم علي صورته.
كل ذلك يشير إلي ومضة من ومضات الإعجاز العلمي يقررها قول ربنا( تبارك وتعالي), قل هو الذي أنشأكم...* أي خلقكم, ونتائج العلم المكتسب باتت تؤكد ذلك وتدعمه.
ثانيا: في قوله تعالي:... وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون:
في أربع عشرة أية قرآنية جاء ذكر السمع قبل الأبصار:( يونس:31, هود:20, النحل:108,78, الإسراء:36, المؤمنون:78, السجدة:9, الملك:23, الأحقاف:26( مرتين), الأنعام:46, فصلت:30,22, البقرة:20,7) وذلك تأكيدا علي الأهمية الفائقة لنعمة السمع علي غيرها من الحواس مع إدراكنا لأهمية كل حاسة وهبها الله( تعالي) للإنسان, وتقريرا لحقيقة أن الجنين يسمع في بطن أمه قبل أن يبصر, وكذلك الوليد حديث الولادة فإنه يسمع قبل أن يبصر.
(1) تكون حاسة السمع في الإنسان:
من الثابت علميا أن الجنين يستطيع السمع في الشهر الرابع من عمره وهو لايزال في بطن أمه وسط ظلمات ثلاث. ويبدأ تكون الجهاز السمعي لجنين الإنسان بتكوين الأذن الداخلية من الطبقة الخارجية للعلقة في حدود اليوم الثاني والعشرين من عمر الجنين علي هيئة تخانة علي جانبي مؤخر المخ. وفي الأسبوع الرابع تتحول هذه التخانة إلي حفرة ثم إلي حويصلةـ تعرف بأسم حويصلة السمع التي يتكون منها عقدتا السمع والتوازن, وفي نفس الوقت يتكون غشاء طبلة الأذن وفي الأسبوع االخامس تنقسم هذه الحويصلة السمعية إلي قسمين: أمامي( ويشمل قناة قوقعة السمع وكيسا صغيرا), وخلفي( ويشمل عددا من القنوات الهلالية بالإضافة إلي قربة صغيرة), وهذان القسمان يكونان معا ما يعرف باسم التيه الغشائي الذي يحاط بعد ذلك بالعظام التي تعرف باسم التيه العظمي, وتملأ المسافة بينهما بالسائل الليمفاوي.
في الأسبوع السادس من عمر الجنين يتكون كل من صوان الأذن الخارجية وقناتها, كما تستطيل قناة قوقعة الأذن, وتبدأ في اللف علي ذاتها لدورتين ونصف الدورة, ويتكون بداخلها جهاز التوازن في الأسبوع السابع وتغذية عقدة التوازن, كما تتكون عظام الأذن الوسطي( المطرقة والسندان والركاب) في نفس الفترة.
في الأسبوع الثامن من عمر الجنين يتكون شريط داخل قناة القوقعة يقسمها إلي قسمين( جزء سمعي وجزء دهليزي), ويتصل كل من جهاز السمع الداخلي وجهاز التوازن بالعصب السمعي/ الدهليزي الذي ينطلق من مؤخرة المخ, ويتم تكوين كل من الأذن الداخلية والوسطي والخارجية في الشهرين التاليين, وبذلك يتمكن الجنين من السمع في الشهر الرابع من عمره.
(2) تكوين حاسة الإبصار في الإنسان:
تبدأ حوصلة الإبصار في التخلق في نهاية الأسبوع الثالث من عمر الجنين كامتداد صغير من مقدمة المخ, ثم تنفصل عنه في الأسبوع الرابع حين تظهر عدسة العين في أواخر الأسبوع الرابع وأوائل الخامس وفي الأسبوع الخامس تأخذ شكل المخروط وتتصل مباشرة بعصب الإبصار, والطبقة الخارجية تشمل كلا من قزحية العين والجسم الهدبي. وتفقد خلايا عدسة العين أنويتها لتصبح كاملة الشفافية, ويظهر كل من الصلبة والقرنية ومشيمة العين والجفون ورموش العين والملتحمة في الأسبوع السابع من عمر الجنين.. وتتكون الغدد الدمعية في الأسبوع التاسع كامتداد من الملتحمة تفتح عليها وتصب في القناة الدمعية بالأنف.
ولا تشق الجفون إلا في الشهر السابع من عمر الجنين. بينما تكون قد اكتملت والتصقت في الشهر الثالث, وتكون شبكية العين قد نمت الي أربع طبقات وتستكمل الي تسع بتمام الشهر السابع ويكون العصب البصري قد تصالب في مساره حتي يصل الي مؤخرة المخ.
(3) الفؤاد في الانسان:
كثيرا ما يعبر عن القلب بتعبير الفؤاد, والقلب عبارة عن عضلة في حجم قبضة اليد, مكانه في الجانب الايسر من القفص الصدري, يتلقي الدم الفاسد من كل أجزاء الجسم فيضخه إلي الرئتين لتتم أكسدته ثم يتلقي الدم النقي من الرئتين ليتم ضخه الي مختلف أجزاء الجسم وفي مقدمتها الخ.
وينظر الي الفـؤاد علي أنه علاقة غيبية بين المخ والقلب تهب الانسان قدرا من الإدراك الذي لا يقوي المخ وحده علي استيعابه, وفؤاد الانسان لا يتكون إلا بعد تمام تكون جميع أجهزة واعضاء جسمه ومختلف وسائل الحس فيه ولذلك يـأتي ترتيبه في القرآن الكريم دوما بعد كل من السمع والبصر.
من هذا الاستعراض يتضح ان التأكيد في هذه الآية الكريمة علي ان الله( تعالي) هو خالق الانسان وخالق كل شيء قد اصبح من الامور المسلمة في نطاق العلوم المكتسبة, وان تقديم السمع علي الإبصار في هذه الاية الكريمة وفي العديد غيرها من آيات القرآن الكريم هو سبق بقرون طويلة لما أثبته علم الأجنة ان الجنين البشري يسمع قبل ان يري بعدة شهور.
وتقديم كل من السمع والبصر علي الفؤاد يشير الي حقيقة ان الرابطة بين العقل والقلب لا تتم الا بعد اكتمال بناء كل اجهزة واعضاء الجسم حتي تقوم هذه العلاقة الغيبية اللطيفة بين العقل والقلب والتي يعبر عنها بالفؤاد.
وسبق القرآن الكريم بالاشارة الي هذه الحقائق يقطع بأنه لا يمكن ان يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم انبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم), وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية في نفس لغة وحيه( اللغة العربية) وبكل ما فيه من حق علي مدي الاربعة عشر قرنا الماضية والي أن يرث الله( تعالي) الارض ومن عليها حتي يبقي شاهدا علي الناس كافة إلي قيام الساعة.
فالحمد لله علي نعمة الاسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد الله علي بعثه سيد الأنام صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومع تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:11 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:10 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:08 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:07 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 20-12-2009, 10:48 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات