المحرر الذي جعل حراً خالصاً، يقال: حررت العبد إذا خلصته عن الرق، وحررت الكتاب إذا أصلحته، وخلصته فلم تبق فيه شيئاً من وجوه الغلط، ورجل حر إذا كان خالصاً لنفسه ليس لأحد عليه تعلق، والطين الحر الخالص عن الرمل والحجارة والحمأة والعيوب أما التفسير فقيل مخلصاً للعبادة عن الشعبي، وقيل: خادماً للبيعة، وقيل: عتيقاً من أمر الدنيا لطاعة الله، وقيل: خادماً لمن يدرس الكتاب، ويعلم في البيع، والمعنى أنها نذرت أن تجعل ذلك الولد وقفاً على طاعة الله، قال الأصم: لم يكن لبني إسرائيل غنيمة ولا سبي، فكان تحريرهم جعلهم أولادهم على الصفة التي ذكرنا، وذلك لأنه كان الأمر في دينهم أن الولد إذا صار بحيث يمكن استخدامه كان يجب عليه خدمة الأبوين، فكانوا بالنذر يتركون ذلك النوع من الانتفاع، ويجعلونهم محررين لخدمة بيت الله وطاعة الله تعالى، وقيل: كان المحرر يجعل في الكنيسة يقوم بخدمتها حتى يبلغ الحلم، ثم يخير بين المقام والذهاب، فإن أبى المقام وأراد أن يذهب ذهب، وإن اختار المقام فليس له بعد ذلك خيار، ولم يكن نبي إلا ومن نسله محرر في بيت المقدس.
إن حنة نذرت مطلقاً إما لأنها بنت الأمر على التقدير، أو لأنها جعلت ذلك النذر وسيلة إلى طلب الذكر.
تثنية 2321
اذا نذرت نذرا للرب الهك فلا تؤخر وفاءه . لان الرب الهك يطلبه منك فتكون عليك خطية . 22 ولكن اذا امتنعت ان تنذر لا تكون عليك خطية 23 ما خرج من شفتيك احفظ واعمل كما نذرت للرب الهك تبرعا كما تكلم فمك
ولهذا اعلم أن هذا النوع من النذر كان في شرع بني إسرائيل وغير موجود في شرع الإسلام
ثم قال تعالى: { قَالَتْ رَبّ إِنّى وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ } واعلم أن الفائدة في هذا الكلام أنه تقدم منها النذر في تحرير ما في بطنها، وكان الغالب على ظنها أنه ذكر فلم تشترط ذلك في كلامها، وكانت العادة عندهم أن الذي يحرر ويفرغ لخدمة المسجد وطاعة الله هو الذكر دون الأنثى فقالت { رَبّ إِنّى وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ } خائفة أن نذرها لم يقع الموقع الذي يعتمد به ومعتذرة من إطلاقها النذر المتقدم فذكرت ذلك لا على سبيل الإعلام لله تعالى، تعالى الله عن أن يحتاج إلى إعلامها، بل ذكرت ذلك على سبيل الاعتذار.
ثم قال تعالى حكاية عنها { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى } : أن مرادها تفضيل الولد الذكر على الأنثى، وسبب هذا التفضيل من وجوه
أحدها: أن شرعهم أنه لا يجوز تحرير الذكور دون الإناث
والثاني: أن الذكر يصح أن يستمر على خدمة موضع العبادة، ولا يصح ذلك في الأنثى لمكان الحيض وسائر عوارض النسوان
والثالث: الذكر يصلح لقوته وشدته للخدمة دون الأنثى فإنها ضعيفة لا تقوى على الخدمة
والرابع: أن الذكر لا يلحقه عيب في الخدمة والاختلاط بالناس وليس كذلك الأنثى
والخامس: أن الذكر لا يلحقه من التهمة عند الاختلاط ما يلحق الأنثى فهذه الوجوه تقتضي فضل الذكر على الأنثى في هذا المعنى.
وقولها { وَإِنّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ } وفيه أبحاث:
أن ظاهر هذا الكلام يدل على ما حكينا من أن عمران كان قد مات في حال حمل حنة بمريم، فلذلك تولت الأم تسميتها، لأن العادة أن ذلك يتولاه الآباء.
{ وكفلها زكريا }..
أي جعل كفالتها له، وجعله أميناً عليها.. وكان زكريا رئيس الهيكل اليهودي. من ذرية هارون الذين صارت إليهم سدانة الهيكل.
ونشأت مباركة مجدودة. يهيىء لها الله من رزقه فيضاً من فيوضاته:
{ كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً. قال: يا مريم أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله. إن الله يرزق من يشاء بغير حساب }..
ولا نخوض نحن في صفة هذا الرزق كما خاضت الروايات الكثيرة. فيكفي أن نعرف أنها كانت مباركة يفيض من حولها الخير ويفيض الرزق من كل ما يسمى رزقاً. حتى ليعجب كافلها - وهو نبي - من فيض الرزق. فيسألها: كيف ومن أين هذا كله؟ فلا تزيد على أن تقول في خشوع المؤمن وتواضعه واعترافه بنعمة الله وفضله، وتفويض الأمر إليه كله:
{ هو من عند الله. إن الله يرزق من يشاء بغير حساب }..
وهي كلمة تصور حال المؤمن مع ربه، واحتفاظه بالسر الذي بينه وبينه. والتواضع في الحديث عن هذا السر، لا التنفج به والمباهاة! كما أن ذكر هذه الظاهرة غير المألوفة التي تثير عجب نبي الله زكريا. هي التمهيد للعجائب التي تليها في ميلاد يحيى وميلاد عيسى..
وقد يجهل النصارى ما بالجنة كما جاء بالكتاب المقدس وكأنهم يجهلوا دينهم ويتبعوا رجال الدين الذي يضللونهم بأن الجنة روحية لا جسدية ... لنرى
ماورد على لسان المسيح عليه السلام بشرب الخمر في ملكوت الله أي الجنة :
مرقس [ 14 : 25 ] : ((
الحق اقول لكم اني لا اشرب بعد من نتاج الكرمة الى ذلك اليوم حينما اشربه جديدا في ملكوت الله. ))
ما ورد في الانجيل على اشتمال الجنة على الأكل :
جاء في إنجيل لوقا [ 22 : 30 ] قول المسيح لتلاميذه : ((
وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتاً ، لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي ، ونجلسوا على كراسي تدينون أسباط إسرائيل الاثنى عشر ))
ان هذا الكلام من المسيح حجة على النصارى ، فقد قال المسيح : ((
ان إليعازر هذا في كفالة ابراهيم يتنعم ويتلذذ في الآخرة ))
رؤية الله في الآخرة بالجسد :
جاء في سفر أيوب : ((
أعلم أن إلهى حي ، وأنى سأقوم فى اليوم الأخير بجسدى وسأرى بعينى الله مخلّصى )) [أى 19: 25ـ27]
فهل بعد كل هذا سيستمر النصارى بدعوه أن جنتهم جنة روحيه فقط ??
اقتباس
(4) كان الشرع اليهودي يحرّم وجود امرأة داخل الهيكل، ولكنهم يقولون إن مريم كانت مقيمة بالهيكل، وهذا خطأ لا يقع فيه من كان على علم بحقائق الشريعة اليهودية.
قلنا هي نذرت والنذر في اليهودي كان مباح وله أحكام :
تثنية 2321
اذا نذرت نذرا للرب الهك فلا تؤخر وفاءه . لان الرب الهك يطلبه منك فتكون عليك خطية . 22 ولكن اذا امتنعت ان تنذر لا تكون عليك خطية 23 ما خرج من شفتيك احفظ واعمل كما نذرت للرب الهك تبرعا كما تكلم فمك
المفضلات