السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مهما قرأت من كتب السيرة . مهما طالعت . و اطلعت على ما كتب عن الرسول
لم أجد أبدا كتاب جعلني اذرف من دموعي كما فعل كتاب محمد رسول الحرية للكاتب المبدع . عبد الرحمن الشرقاوي
الكثير ممن يدخل للإسلام جديدا , يريد التعرف عن الرسول
كبشر أولا و كنبي ثانيا .
لذا خصص هذا الكتاب للعالم الغربي أللذي لم يعرف الرسول
. و لمن دخل للإسلام حديثا . هاربا من الأمور الغير منطقية و متوجها لطريق يريح بهي قلبه . ليجد أشياء يستطيع أن يؤمن بها إيمانا مطلقا .
قد ينتقد الكثير الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي بسبب كتابه هذا . لأنه يصور الجانب البشري للرسول و يوجه كل طاقته ليظهره أكثر من جانبه كنبي يوحى إليه .
الكثير من الكتب تفعل هذا لكن من يدخل للإسلام حديثا يريد أن يعرف شخصية الرسول أولا . و من ثم يتعرف عن معجزاته .
لهذا قام الكاتب بتأليف هذا الكتاب . حيث يقول الكاتب في بداية كتابه
«ولكني أردت أن أصور قصة إنسان اتسع قلبه لآلام البشر ومشكلاتهم وأحلامهم، وكونت تعاليمه حضارة زاهرة خصبة، أغنت وجدان العالم كله لقرون طوال، ودفعت سلالات من الأحياء في طريق التقدم، واكتشفت آفاقا من طبيعة الحياة والناس».
و أريد أن انقل لكم بعض ما قال الدكتور محمد حبش .
إنها تماماً إرادة مباشرة للرجل الذي ألقي على كاهله إعادة رسم خريطة العالم أن يقول للناس أنا بشر مثلكم
إنها قراءة قرأها إقبال من قبل, ونظمتها على شكل سؤال يطرحه حيران بن الأضعف:
ما النبوات التي كانت لكم غير أشواق وأذواق ونور
رقرقت شوقاً على أسماعكم وجرت أنغامها فوق السطور
فلماذا ختمت أنوارها رغم ما يشهده العالم هذا
ولماذا طويت أسرارها ولماذا و لماذا ولماذا??
وعلى عادة إقبال في شكوى وجواب شكوى,كان في جوابه:
مجدكم في الأرض لا ترسمه أنفس تسكن في جوف المقابر
فخذوا أقداركم وانتبهوا واصعدوا أنتم على تلك المنابر
إن مصباحي الذي أوقدته نورك الباقي على مر العصور
إنما زيتك من يسرجه ليس زيتي وأنا ابن القبور
إنها قراءة أخرى لنور النبوة لا تشبه في شيء تلك القراءة الأسطورية التي تختصر كفاح النبي الكريم وجهاده وجراحه في سلسلة من العجائب التي جادت بها قرائح المحبين, كان فيها يركب الهواء ويمشي على وجه الماء, ويسارع ربه في هواه, وتأتي لدعوته الأشجار ساجدة تمشي إليه على ساق بلا قدم, ويفوق جوده الدنيا وضرتها, وتشتمل علومه على علم اللوح والقلم.
بإمكانك أن تقرأ السيرة النبوية الكريمة كما سطرها أئمة كبار في تاريخ الإسلام الأول كأبان بن عثمان بن عفان و مغازي عروة بن الزبير و الواقدي وابن سعد والبخاري ومسلم, وغيرهم من المحدثين والرواة حتى تصل إلى ما حرره ابن حجر في المواهب أللدنية ثم النبهاني في الأنوار المحمدية, وهو تراث عارم فيه الغث والسمين وفيه الأصيل والدخيل, ولكن ذلك كله لن يكون وافياً لأولئك الذين يريدون في حباته رمز كفاح إنساني تقتدي بهي الأمم.
أيها السادة: أنا أرحب بكل ما أنجزوه في السيرة النبوية, ولكن أدعوكم لقراءة السيرة الكريمة مرة أخرى على منهج محمد عبده ومحمد إقبال وعبد الرحمن الشرقاوي وحسين هيكل وعباس محمود العقاد وروجيه غارودي ومراد هوفمان ومالك بن نبي ووحيد الدين خان وجودت سعيد.
إنه بكلمة واحدة: النبي الذي نقل العالم من ضباب الخوارق إلى ضياء السنن.
و الآن أحب أن انقل لكم مقتطف صغير من الكتاب يصور الرسول عندما ذهب للطائف ليدعوهم للإسلام .
علموا قبل أن يأتي إليهم يحرم الربا , و يستنكر الخمر , و يحض الناس على كراهية لحم الخنزير , و كانت أموالهم تتكدس من الربا . و خير تجارة يكسبون منها هي الخنزير أللذي يملأ مراعي الطائف و الخمر أللذي تنتجه الكروم هنالك . أدركوا إن وجوده بينهم سيغري الضعفاء و الفقراء بأن يطالبوا بما يسميه هو حقهم المعلوم في أموال الأغنياء .... فنبذوه و أغروا بهي العبيد و الصنائع يلاحقوه في كل طريق و يسدون آذانهم إذا هم أن يتكلم و يقذفوه بالحجارة المسنونة .
و سال دمه و ضل يسيل . و أعلن بأنه سيعود لمكة . فليكف عنه السادة كلاب الصيد . و استدار راجعا لمكة و هو يناشدهم أن يكتموا عليه ما كان منهم حتى لا يهزئ بهي أعدائه من قريش و يغرون بإيذائه من جديد .لكن ثقيفا أصحاب الطائف أبو أن يكتموا أمره . و اقسم وان يشهروا بهي .
و جر قدميه الداميتين و من ورائه زيد بن حارثة . يغال دمعه . ...
و جلس رسول الله و فتاه تحت ضل جدار . يعالج جرحه . و يستريح و يريح فتاه . كانت نظراته أللتي غام عليها الدمع تقتحم التيه الممتد أمامه بصفرة الرمال كالضياع .
و في أعماقه يتردد صدى بعيد من كلمات عمه أبي طالب أللتي أوصى بها سادة قريش و هو على فراش الموت ( أوصيكم بمحمد خيرا فأنه الأمين في قريش و الصديق في العرب ... و كأني انظر إلى صعاليك العرب و أهل البر في الأطراف و المستضعفين من الناس قد جابوا دعوته و عظموا أمره . فخاض بهم غمرات الموت فصار رؤساء قريش و صناديدها أذنابا و ضعافها أربابا . و قد أعطت له العرب قيادتها .... دونكم يا معشر قريش ابن أبيكم . كونوا له حماة .
لكن أبو طالب مات . و لم يسمع احد من معشر قريش نصيحته . و أهل البر . و المنضعفون و الصعاليك في الطائف . يرفضونه و يؤذونه و يطردونه و يمنعون عنه الطعام ... و الماء ... و يقسمون بأنهم سيبلغون سفهاء قريش بكل ما كان ليبتدره السفهاء في وطنه في الأذى مرة أخرى .
ماذا تحمل له الحياة في مكة غدا ؟ .
لقد مات عمه أللذي منع عنه الكثير من الأذى و ماتت زوجته خديجة أللتي حملت عنه الكثير من الضنى .
ليس لعمه العباس مثل هيبة عمه أبو طالب , و مالزوجته الجديدة سودة بالتي تستطيع أن تعوضه عن خديجة شيئا .
و أصحابه العائدون من الحبشة يلقون من التعذيب ما لا قبل لهم بهي . ... و حكومة قريش بكل أجهزتها و سلطانها تنطلق الآن كوحش مسعور تبطش بمن اتبعه في مكة و بمن يحاول أن يتصل بهي من الغرباء .
غير عابئة بحمزة و لا بعمر .
و ماذا يستطيع حمزة أو عمر أو عدة عشرات أن يصنعوا في مواجهة الآلاف يلهبهم الخوف في مصالحهم و الإحساس الجنوني بالانهيار .
و لم يكد محمد و فتاه يستريحان تحت ضل الجدار و قد توقف انصباب الدم من قديميه . حتى عاوده مطاردوه و انقضوا عليه . و جذبوه و دفعوا بهي قسرا فمشى . و هم يرجمونه و يتضاحكون .
. الدم ينزف من جديد حتى خرج من الطائف كلها . و استلقى وحيدا أمام أسوارها المنيعة البيضاء . تتصاعد الزفرات من حبة قلبه و يهمهم يدعو ربه و يقول .
( إلى من تكلني . إلى بعيد يتهجمني ؟ أم إلى عدو ملكته أمري ؟ . إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي )
الآن أقدم لكم رابط التحميل لرائعة عبد الرحمن الشرقاوي
محمد رسول الحرية
المفضلات