--
احتمال ولع هذا النمط من الرجال بالنساء الأكبر سنا أكثر بكثير من الرجال الذين شبعوا من
عطف امهاتهم في طفولتهم. في تلك الحالة، يرى الرجل في زوجته المسنّة أمّه،
ويبحث لديها عمّا افتقده في أمّه.
محمد فقد أمّه وهو في السادسة، وحتى في طفولته المبكرة لم يرضع منها، بل من
امرأة غريبة كانت تدعى حليمة السعديّة.
هل تعرف، يا حضرة الطبيب المتطاول على علم يجهله، بأن الرضاعة هي أقوى عامل
يساهم في تقوية الرباط بين الطفل وأمّه!
افتقر محمد الذي عاش يتيما فقيرا منبوذا في بيت عمه أبي طالب حنان الأم،
وربّما تطلّع إلى ذلك الحنان في زواجه من خديجة. يكفي كي أبرهن على سوء أوضاع
محمّد في بيت عمّه أنه ظلّ أميّا في بيت اشتهر بعلومه ولغته.
--
إذا فأمريكا اختيار علمي موفق يا دكتورة!! هنيئا لك
معلوم أن حيز اللاوعي عند الأمريكي عريض
ولا غرو إذا أن تكون أمريكا هي وجهتك وأنت الأم في مثل هذه السن وأمريكا الرجال الذين حرموا من الرضاع بالملاييين والذين لا أمهات لهم
فأرضعي إذا سيدتي ولا تستحي هذه الأجيال من أفكارك العلمية المتفجرة.
الحمد لله أنها ما زالت تعترف بأميته مما يثبت أن الإعجاز البلاغي للقرآن هو من قبل الله لا من عند نفسه
ولم تلهمها قريحتها بابتكار علمي آخر في هذه النقطة
أما سوء أوضاع تربيته في بيت عمه .. فقد بقي أن تجتر هذه السلطانية مسلسلات وأفلام مصرية لتقول إن عمه وأولاده كانوا وكانوا
لتنسج وتستكمل سيناريو فيلم جديد .. لكنه علمي هذه المرة
--
عندما تزوج خديجة وجد لديها، لا أشكّ في ذلك، حضنا دافئا وقلبا رحيما. لم لا،
وقد استمتعت بشاب في عمر أولادها؟
--
هذه هي المفردات التي اخترنا أن نتمثلها في الرد عليها عزيز القارئ
افتقد .. فتطلع..
استمتعت بشاب في عمر أولادها..
هل رأيتم تأثير الثقافة الأمريكية ومصطلحاتها؟!
علميا .. كمائن النفس ومكنون اللاشعور تخرج في التعبيرات وفلتات اللسان والتصور
فكلمات ..كاستمتعت بشاب .. يتوقف القارئ عندها
والحكم على الشيئ فرع عن تصوره .. فهذا ما تتصوره وفاء سلطان .. ولا يمكنها تصور غيره .. إذا لا تملك من الأدوات ما يعينها على ذلك
وكل ما يمر عبر هذه الأدوات .. يخرج بمثل هذا الفهم الموجه والتصور الملوث
معلوم أن إحصائيات الأبناء غير الشرعيين في المجتمع الأميركي بل والغرب كله تشير إلى معدلات عالية جدا وغير مسبوقة
وجميعهم حرم من الأم الأصلية ولبنها وحنانها ..
لكننا في المقابل لم نسمع عن توجه عام يمثل ظاهرة موازية أو مقاربة لنفس المعدلات تشير إلى انصراف هؤلاء الشباب إلى الإناث الأكبر سنا من هؤلاء الأشخاص
ألم أقل لكم .. أن هناك من انتسب للعلم من السلم الخلفي .. سلم الخدامين!! ..
فحتى العلم قد ادعاه النصابون
هل كل من أحب وتاقت روحه إلى العقل والحكمة في المرأة ولم يجد ذلك إلا في امرأة تكبره بسنين أصبح يهفو لمثل أمه؟
وهل من اختار الله له وقدر زوجة تكبره لعلمه سبحانه بحاجته لعقلها وحكمتها فيما سيجد عليه من شئون ثقال وهموم عظام يكون متهما
لا عيب في ذلك أصلا
صحيح .. الأعشى ضحية نظارته .. فهو لا يرى إلا ما تريه
فوفاء سلطان ملتهبة الأحشاء لا ترى في أية علاقة نظيفة إلا الاستمتاع .. لأن نظارتها الحمراء ملتهبة .. مما يغيبها عن الحقائق .. وعن الوعي أحيانا أخرى
فلو كان الأمر مجرد استمتاع .. لكان غيره أولى
وهي التي كان يخطب ودها القاصي والداني .. لكنها كانت ترفض وتستقصي
ونحن نتفهم رفض عقلية وفاء سلطان أن تستوعب أو حتى تفهم ..
أن امرأة كالسيدة خديجة بعقلها وحكمتها كانت تراقب وتتابع وتستقصي حتى تتيقن من سمو أخلاق وأمانة ممن تختاره زوجا لها
فلم ترى في الأمر إلا .. افتقد .. فتطلع
واستمتعت بشاب في عمر أولادها..
أوجه هذه الجملة لمن أرسل إلي يستنكر ردودي ذات الإيحاءات
--
وبغضّ النظر عن كون ذلك الزواج كنسيّا نصرانيّا، لا اعتقد أنّ محمّد امتلك من
القوة بحضورها ما يمكّنه من اقتناء زوجة اخرى، فهو لا يستطيع أن يفوز بمالها
ويتخذ زوجة سواها في آن واحد!
يفوز بمالها..
أي مال فازت به وفاء سلطان حين باعت وانقلبت .. وحتى اصطبغت رؤاها للحياة كلها بالمال وبهذا الفوز..
قد كان مال خديجة تحت يديه في التجارة وما أسهل الدعاوى ليفوز بمالها من غير زواج إن أراد .. لكنه الأمين .. أمين الأرض والسماء ..
فهل ترينه يرى المال فوزا أو هو له مطلب؟!! ... ما أبله هذا الفهم!!
قد كان مال الناس الذين هم يعادونه غير المؤمنين به عنده قبل أن يهاجر ..
وما أكثر الدعاوى لو أراد الفوز به .. لكنه خلف ابن عمه بعده وعرضه للموت ليرد أمانات الناس وأموالهم
فهل ترينه يرى المال فوزا أو هو له مطلب؟!! ... ما أبله هذا الفهم!!
يفوز بمالها
هذه من فلتات اللسان التي تلقي الضوء عن كوامن اللاشعور ومبادئ آلياتها التحليلية ..
وهو من أبله السقطات العلمية .. إن كانت تستحق هذه النسبة
ولو كان يدعي ليبلغ مبلغا أكبر من ذلك
فها هي ذي وبعد أن مر عليه زمن قد اجتمعت تحت يديه كنوز الأرض كلها بعد ذلك .. فلو كان توقه للمال ويراه فوزا كما تغرق هذه نفسها في وهم دوارها الأحمر
لأسرف في بذخه ونهم المال .. وهو الذي كان يبيت على الحصير حتى أثر في جنبه صلى الله عليه وسلم.. ولو أراد لنام على مثل سرير قيصر .. فقد اجتمعت تحته أموال الحضر والبوادي
وكان يقسمها في الفقراء والمساكين وعلى الدعوة والجهاد
ويمر عليه الهلال والهلال والهلال ولا يوقد في بيته نار لطعام .. ولو أراد لأكل من أطيب ملذات الدنيا..
وكانت بين يديه أموال العرب .. وكان يدفعها راضيا مطمئنا للفقراء والمساكين .. بل من الآثار الصحيحة ما ورد أنه كان يخاف من بياتها في بيته إن هي قدمت إليه
وكان يقول: " مالي وللدنيا .. إنما أنا غريب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها "
وكان يدعوه ربه .." اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا"
ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة ليهودي بطعام أخذه
وكان أتباعه من بعده مثله في الزهد والتقشف .. ومنهم من خط في وجه السواد من شدة زهده وأكله للزيت
فاي مال أيتها المتكسبة بعهرها العلمي هذا الذي كان يتوق للفوز به .. ؟!!
ليس لمثلك أن يتصور قصد الحق المطلق بلا ثمن أو مال إلا ما يكون من قبل ربه؟
--
تسألني، هل من الممكن أن يتحول رجل بعد الخمسين من عمره إلى زير نساء؟ دعني
أشرح لك الأمر من خلال معلوماتي العلميّة حول هذا الموضوع.
كان محمّد يدعيّ بأنه يمرّ في الليلة الواحدة على زوجاته التسع ويفرّغ في كل
بيت نفس الحمولة! طبعا، ادّعاؤه هذا خرافة كبيرة.
معروف علميّا إنّ أكثر الرجال تبجّحا بقدراتهم الجنسيّة أقلّهم قدرة على
ممارسة الجنس. قد يكون هوس محمّد بالجنس محاولة لتغطية عجزه، وعدم إنجاب محمد
للأولاد من زيجاته اللاحقة يرجّح هذا الإحتمال.
عندما يعاني الإنسان من مشكلة ما تسبب له ألما شديدا في حيّز وعيه، يتدخل
اللاوعي عندئذ ويدفعه إلى سلوك ما يخفف عنه حدّة ذلك الألم.
أضرب مثلا: شخص ما يعاني من ألم شديد سببته له مشكلة ما، يلجأ، ودون وعيه،
الى التهريج والتنكيت كمحاولة لإخفاء هذا الألم.
-- هذا من جهة ومن جهة أخرى، وطالما تدّعي بأنّك تعلم علم الأولين والآخرين في
الطب النفسي والبيولوجيا، لماذا لا تتساءل في الوقت نفسه كيف يستطيع رجل في
منتصف الخمسينات من عمره أن ينام مع طفلة في التاسعة من عمرها؟ هل تطوره
البيولوجي والنفسي ـ على حدّ تعبيرك ـ يتوافق مع تطورها البيولوجي والنفسي؟!!
--
لا أدري إن كانت هذه المقطوعة من تأثير غرل مانهاتن أم هي من إضافات غرل بروكلين المحنكين بأنحاء المنتهكة وفاء سلطان.. لقد كتبته في طور الشبك الآنف الذكر فعز علينا التمييز.
ورغم أن التاريخ والأحاديث والروايات قد تولت الإجابة بما يحرق أحشائها ..
إلا أنها لا تعتمد إلا الإجابات الساخنة الحمراء التي ترد من تحت علم نفسها الصارخة الملتهبة
فهل توافق تطورهما البيولوجي والنفسي وهي تروي الأحاديث الطوال في حبها للرسول صلى الله عليه وسلم وحزنها البالغ حين يصيبه أدنى ألم .. أم لا؟
أو هل توافق وهما يتلاطفان أرق ملاطفة من زوج لزوجته .. وهي التي تروي هذه الأحاديث بنفسها أم لا؟؟
أو هل يمكن أن يتوافق .. وقد كانت عائشة نفسها مخطوبة قبل زواجها من الرسول صلى الله عليه وسلم .. أم لا؟
أو هل يمكن أن يتوافق وقد كانت السيدة مريم -على ما ذكر في كتب النصارى- ليوسف النجار وبينهما أكثر من سبعين عاما؟
أو هل يمكن أن يتوافق والشأن كان في مجتمعهم على مثل هذا ألا يعاب على هذه الزيجات .. أم لا؟
يعز علينا سيدتي أن نراك في مثل هذه السقطات العلمية المتتالية .. فتقيسين ظروف زمن ومجتمع وعادات بمقاييس زمن ومجتمع وعادات أخرى بعيدة كل البعد
وحتى المنتسبين للعلم من الباب الخلفي وسلم الخدامين لا يسقطون مثل هذه السقطة .. فحيرتنا الآن .. لمن ننسبك؟
سيدتي: رغم احترامنا لعلم نفسك إلا أنك لم تنهجي نهج العقلاء المدققين بالنظر بآلات علوم النقل لتتثبتي مما تقولينه كشأن الباحث الحقيقي لا المتسللين من سلم الخدامين.
فأما رواية "قوة أربعين رجلا" فلم يصح أن قاله صلى الله عليه وسلم .. فكل هذه الروايات إما باطلة أو موضوعة
وأما حكاية طوافه على نسائه جميعا فهو صحيح.. مما رواه عنه غيره ولم يقله هو .. وهو في نفسه يحتمل تأويلات ومعان كثيرة ..
ولا يحق لنا أن نصرف كلمة "طواف" لمعنى بعينه دون غيره وإن ترجح إلا أنه لا يجزم به.
على كل حال .. ولما كان هذا من رواية غيره لا من كلامه هو عن نفسه صلى الله عليه وسلم ..
فتكونين أنتي حينئذ الأولى أن ينطبق عليكي هذا الحكم حين تبالغين في ترديد أهليتك العلمية وتعزفين قصائد مدح الأخلاق الأمريكية ...
إذ أنها آلية دفاع لجأ إليها حيّز اللاوعي عندك بغية التخفيف من حدة القلق الذي تشعرين به حيال العار اللاحق بك..
كلاما ساقطا يضاف لما سبق من سقوطك العلمي المذل
لأنه لم يقل هو ذلك عن نفسه..
ثم ما يضرك أن يكون هذا حقيقة .. وقد رواه غيره .. ومن أحد رواته السيدة عائشة نفسها .. فما يضرك
ألم نقل أن كثرة معاشرتك للمرضى .. أذهب عنك مجرد تصور الأصحاء!!
فأطلقت هرائك العلمي المزعوم .. زفرات أسى وندم وانتقام على ما فاتك
ولم يرى الطبيب النفسي كل الناس مرضى .. حتى الأمثلة في أعلى درجات القداسة يسقط عليه أمراضه؟؟!!
الإجابة: لإن علم النفس لا يدرس إلا أمراض النفوس ولا يبحث في الأصحاء أو المثل أو النماذج الكاملة
فلا عجب أن يتطور الأمر بالطبيب النفسي بما لا يمكنه أن يفرق بين الأسوياء والمرضى. بل بين النماذج والمثل العليا وأفكار وفاء سلطان.
--------------------------------------
..
إن الدودة التي اعتادت الحرير وذاقت مسه ..
نضجت وشقت الشرنقة ..
فاستحالت حينئذ فراشة وطارت .. ظنا للفردوس البعيد ..
فإذاها وقد تخطت المحيط الشاسع الواسع المهيب تسقط دودة من جديد
فلا غدت فراشة تحترق في اللهب الحبيب..
ولا بقي لها الحرير الأثير ذو المس المثير.
فماذا تفعل الدكتورة وفاء سلطان حينئذ؟
ولمن تلجأ؟
لم تجد أمامها إلا أن تسلم .. فأسلمت..
أسلمت مختارة قاصدة.
أسلمت ... لفحول مانهاتن الغرل الممتعين فارهي الطول والإمتاع العلمي المكين..
والذي يبدو أنهم قد لمسوا فيها الوتر الأمتع .. ونقطة الحس العالي المكثف .. فزادوا وأعادو.. وعزفوا وأجادوا.
ومن المعلوم أن المرأة في هذه اللحظة العلمية جدا -خاصة إن كانت عالية الحس كالدك. وفاء- تصرخ وتأن من فرط النشوة أثناء هذا الامتزاج الفكري الأثيم اللذة في نظر المحرومين علميا .
فتصرخ بمثل ما كتبت الدك. عن محمد ودينه وربه ... وتأن بمثل ما تنقله عنها الفضائيات.
-------------------
بمثل هذا ...
تنسحق وفاء سلطان وتتهشم ..
كخنفساء مقلوبة .. دهستها بحذاء صلب قاس غليظ
فانفجرت سوائلها تنجس وجه الزمان والمكان
نجسا خلقيا وعارا ..
لا تكفي لتطهيره كل مياه المحيطات المالحة أو ثلوج القطبين والتلال ..
أو كل الأحماض المذيبة وإن صهرت الجلد وفحمت العظام
إلا أن تقطع قلوبهم
نعم وقبل أن أنسى..
موضوع تأكيدها على معنى كلمة النكاح وأنه معنى قبيح قذر قد ورد ذكره في القرآن ورفضها لكل تعاريف القواميس بأن المقصود به هو الزواج
نقول للمنكوحة وفاء سلطان .. ونقصد بذلك السيدة المتزوجة وفاء سلطان .. وإن فهمت هي غير ذلك فهذا شأنها
إن سذاجة سخريتك من أن الطبيب حين يستطلع بيانات المريضة مثلا يسألها هل أنتي عزباء أم متزوجة .. فهل له أن يسألها هل أنت عزباء أم منكوحة؟
نقول - ويا لخزي أن نحتاج لمثل هذا الشرح لمن يفترض أنها دكتورة- بأن المعنى الاصطلاحي الآني قد طغى على الاستخدام اللغوي الفصيح بما لم يدع للعوام أي فهم لهذه اللفظة في إطار اللغة
اليومية الدارجة إلا بما قصدته أنت .. أما إن كان الحديث في إطار لغة عربية رصينة فسيفهم المعنى الأصلي المراد بأنه الزواج
ورد في القرآن الذي أشك أنها قرأته " .. أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " هل تظنين أن المعنى هنا الذي بيده عقدة الزواج أم عقدة أفكارك الخاصة؟؟
نترك لك الإجابة
ثم وتقريبا لحكاية المعنى الاصطلاحي المغير للمعنى الأصلي النظيف الذي لم يشفع لك كونك دكتورة في أن تفهميه
نقول وعلى طريقتك
إذا قمت بمدح ذوق امرأة مصرية -في مجتمع عام حفلة مثلا أو تجمع نسائي اجتماعي ما- فذكرتي لها تلك العبارة على سبيل المدح
"أيه ده ... لباسك الأحمر ده يجنن .. رائع!!!"
فهل تظنين حينئذ أنها ستفهم المعنى الأصلي للفظة "اللباس" والتي تعني ما يلبسه الإنسان؟؟
نترك الإجابة على هذا السؤال للحفرة التي ستحدثها هذه المرأة برأسك وسحبك وجرك ومرمغتك لتمسح بكرامتك أبعاد الزمان والمكان والثالث والرابع
على طريقة المرأة المصرية في الثأر ممن تحاول النيل من كرامتها بالاستهزاء أمام الناس.
لتدركي بعد هذه العلقة المتينة الساخنة مفهوم ما نقصده بالمعنى الاصطلاحي والذي لا أظن أن غير هذا التعامل سيجدي نفعا في توصيله لعقلك..
وأظن أنك بعدها ستظلين ترددين هذا المفهوم لكل من هب ودب بمناسبة وبغير مناسبة.
----------------------
فقرة أخيرة نتخلى فيها عن الأسلوب السلطاني مخصصة للمحايدين بالفعل .. لعل الله ينفع بها
طبيبة نفس!!
ومن المعلوم أن طبيب النفس يتعامل مع الواقع النفسي المرضي للإنسان فقط..
ويدرس المرض النفسي في حالته الواقعية ولا أبعد من ذلك.
أي أنه في الغالب لا يدرس إلا الإنسان في صورته المنحرفة المريضة
بما لا يمكنه من تصور المثالية والاعتدال .. أو الاستقامة والنموذج
فأن ذلك ليس من شأن علم النفس .. ولا هو من مباحثه.
فالمثال والنموذج والكمال الإنساني من مباحث الفلسفة لا علم النفس.
ولذلك يقع بعض دارسي علم النفس في هذا الخطأ المنهجي المتكرر ...
وهو خطأ تعميم نتائج أبحاث ودراسات المرضى على الأسوياء.
ثم في مرحلة ما .. تجده لا يكاد يفرق بين الإنسان في صورته السوية والمنحرفة ..
إذ أنه يفتقد المقياس بدعوى أنه ليس من مباحث علم النفس ولا اهتماماته.
فحينئذ يسرف في إطلاق مسميات الأمراض لأدنى عارض من شبهة .. فيعتمد بذلك مغالطات تركيبية فاحشة.
مما يركب أحكاما .. لا تخص الأسوياء .. ولا تنتمي لعالمهم
بل هي في الأغلب تمثل مرآة هذا الطبيب ونفسه وتنتمي لعالم أمراضه.
فإذا انضاف إلى هذا الخلل قناعات فكرية مسبقة تتكلف دفع النتائج العلمية في اتجاهها دفعا معيبا.
فاعلم حينئذ أنه قد اجتمعت وتوفرت عناصر الجريمة الكاملة.
وبالطبع ليس كل الأطباء يقعون في هذا الخلل المنهجي الفاحش
ولا كلهم يتكلفون ذلك لأنه ليس كل الأطباء لديهم هذه القناعات المسبقة
-----------------------
تحليل أسس الموضوعية العلمية المزعومة
يقول الكاتب الإنجليزي سومرست موم:
" إن أوربا قد نبذت اليوم إلهها، وآمنت بإله جديد هو العلم، ولكن العلم كائن متقلب، فهو يثبت اليوم ما نفاه بالأمس، وهو ينفي غداً ما يثبته اليوم،
لذلك تجد عبّاده في قلق دائم، لا يستقرون "!
كيف لا وقد انقادوا للمشرط والتليسكوب وزجاجات الاختبار ..
وانسابوا في دهاليز وأغوار وسراديب وأدغال شديدة الإظلام ..
لا رجعة منها ولا يقين فيها أو قرار.
كالعابثين في هندسة الوراثة .. أو تراكيب الكيمياء السحرية
أو سراديب النفس واللاشعور
أوغيرهم ..
ممن صبغوا العلم النافع .. بالسواد والشرور.
فالعلم عندهم إله ..
والمعمل معبده ..
والباحثون أنبيائه ..
والمشرط والتليسكوب وزجاجات الاختبار وأدوات البحث .. وحيه وإلهامه.
والحقائق والنظريات والفروض والأبحاث .. كتبه وآياته..
والسدنة .. يعدون العبيد بجنة اليقين في الأرض ..
فيتنبئون لهم .. ويلبون أحلامهم .. ويشفون مرضاهم .. ويأتون بالمعجزات ..
لتنساق القطعان .. فيحصدوا أموالهم.
ويلقون المخالفين في جحيم الإدانة والتسفيه والاتهام والتجهيل
والعذاب الأليم
لكن ..
وحتى هذا الإله المزعوم.. عبده مدعون.
وانتسب لدينه .. منافقون ..
نمثل لذلك بطبيبة نفس تسللت من الأبواب الخلفية فيما يبدو عبر سلم الخدامين لتقتات الفضلات.
وقد تقلبت عبر أسواقه متطفلة تتكسب بعهر فاضح.
--------------
الكل يعود خطوات للخلف ليندفع انطلاقه للأمام بقوة مناسبة
ففي عصر النهضة استحيا الأوروبي تراثه اليوناني والروماني بكل ضلالاته وأساطيره وخلطهما بما استمده من الأندلس والشرق من نور العلوم والحضارة المبهرة.
ولم يستح من ذلك ولم ينقلب على تراثه رغم ضلالاته وأساطيره .. إلا إنه عمد إليها فحولها لحقائق يستبق لنفسه منها امتدادا متميزا ذو شخصية حضارية مباينة.
وكذا فعل الياباني حين انطلق ناهضا آخذا بأسباب العلوم والحضارة الحديثة ..
استنهض تفرده ولونه الحضاري المتميز .. فبعث ما توارث من عقائده وأفكاره وأساطيره رغم تناقضها الظاهر مع الواقع العلمي والحضاري لنهضته .. إلا أنه رآها من لوازم التباين الحضاري ومن أسس
ودعائم قوته.
ولم يكن الصيني مختلفا عن الأخذ بمثل ذلك ..
ولا الهندي
ولا الروسي
ولا اليهودي
ولا كل أجناس الأرض وحضاراتها ...
إلا طائفة سلطان .. فقد اختارت طريقا أسهل ..
طريق الانسلاخ والتعري .. والكفر والتجني .. وعبور المحيط والسجود لأرض الفرص.
رغم الحقيقة الماثلة التي تأصل لنفسها بجلاء بالغ .. والتي لا يجحدها إلا كل مدع متطفل على روح العلم والفكر والحضارة
المتمثلة في انسجام روح الإسلام مع أسس العلوم والحضارات ..
بل وتأسيسه لانطلاق العلوم الحديثة على قاعدة ما أسسه وأصله
ليس هذا كلاما عاطفيا يساق في معرض الدفاع والهجوم . لكنها حقائق يغفل عنها مدمني العري والانسلاخ.
لن نسرد القائمة الطويلة من علماء الإسلام وفضلهم على العلم والحضارة لضيق المقام عن إحصاء ذلك .. لا
بل سنؤصل لحقيقة واحدة أراها كافية لإظهار مدى علمية هذا الدين واتساقه وتأسيسه للحضارة الحديثة بكل إنجازاتها ..
المنهج التجريبي الذي قامت عليه كل العلوم الحديثة والمادة والذي ينسب لروجر بيكون وفرنسيس بيكون الإنجليزيين لنقرأ شهادة العلماء عنه وننظر
يقول بريفولت في كتابه: "بناء الإنسانية" (Making of Humanity)
"إن روجر بيكون درس اللغة العربية ، والعلم العربي ، والعلوم العربية في مدرسة أكسفورد ، على خلفاء معلميه العرب في الأندلس ، وليس لروجر بيكون ولا لسميه الذي جاء بعده الحق في أن ينسب
إليهما الفضل في ابتكار المنهج التجريبي. فلم يكن روجر بيكون إلا رسولا من رسل العلم والمنهج الإسلاميين إلى أوربا المسيحية. وهو لم يمل قط من التصريح بأن تعلم معاصريه للغة العربية وعلوم
العرب، هو الطريق الوحيد للمعرفة الحقة. والمناقشات التي دارت حول واضعي المنهج التجريبي، هي طرف من التحريف الهائل لأصول الحضارة الأوربية، وقد كان منهج العرب التجريبي في عصر
بيكون قد انتشر انتشارا واسعا، وانكب الناس ، في لهف ، على تحصيله في ربوع أوربا (ص 202)
"لقد كان العلم أهم ما جادت به الحضارة العربية على العالم الحديث، ولكن ثماره كانت بطيئة النضج.. إن العبقرية التي ولدتها ثقافة العرب في أسبانيا، لم تنهض في عنفوانها إلا بعد مضي وقت طويل
على اختفاء تلك الحضارة وراء سحب الظلام. ولم يكن العلم وحده هو الذي أعاد إلى أوربا الحياة ، بل إن مؤثرات أخرى كثيرة من مؤثرت الحضارة الإسلامية بعثت باكروة أشعتها إلى الحياة الأوربية
"
" إنه على الرغم من أنه ليس ثمة ناحية واحدة من نواحي الازدهار الأوربي إلا ويمكن إرجاع أصلها إلى مؤثرات الثقافة الإسلامية بصورة قاطعة، فإن هذه المؤثرات توجد أوضح ما تكون وأهم ما تكون
في نشأة تلك الطاقة التي تكون ما للعالم الحديث من قوة متمايزة ثابتة ، وفي المصدر القوي لازدهاره ، أي في العلوم الطبيعية ، وفي روح البحث العلمي (ص 190)
"إن ما يدين به علمنا للعرب ليس فيما قدموه إلينا من كشوف مدهشة لنظريات مبتكرة . بل يدين لها بوجوده نفسه. فالعالم القديم -كما رأينا- لم يكن للعلم فيه وجود. وعلم النجوم عند اليونان
ورياضياتهم كانت علوما أجنبية .... لكن أساليب البحث في دأب وأناة وجمع المعلومات الإيجابية وتركيزها، والمناهج التفصيلية للعلم ، والملاحظة الدقيقة المستمرة، والبحث التجريبي، كل كل ذلك
كان غريبا تماما على المزاج اليوناني...... بطرق التجربة والمقايييس وتطور الرياضيات إلى صورة لم يعرفها اليونان. وهذه الروح وتلك المناهج أوصلها العرب إلى العالم الأوربي" (ص 109)
نكتفي بهذه الفقرات حتى لا ننقل الكتاب كله
ويقول دوهرنج:
"إن آراء روجر بيكون في العلوم أصدق وأوضح من آراء سميه المشهور (فرنسيس بيكون) .. ومن أين استقى روجر بيكون ما حصله في العلوم؟ من الجامعات الإسلامية في الأندلس ، والقسم الخامس
من كتابه: Opus Majus الذي خصصه للبحث في البصريات، هو في حقيقة الأمر نسخة من كتاب المناظير لابن الهيثم وكتاب بيكون في جملته شاهد ناطق على تأثره بابن حزم.
والآن..
- إن متسول أعمى في شوارع باريس يمارس العزف على قيثارته ويضع على الأرض ورقة تحكي عن حاله .. ليجمع الفرنكات
- وشاعر يكتب للخليفة .. يبث مشاعره بمجاز كاذب "ليت الذي بيني وبينك عامر...." .. لينال الدراهم
- وطبيبة تعرت من الزمان والمكان والجغرافيا والتاريخ ..
وتفاخر بكشف عورتها العلمية فاحشة القبح ..
لتتبذل في استرضاء محتكريها بمعاداة كل مقدس شريف..
لتنال الدولارات
خلاف العملة..... ما الفرق بينهم ؟
إن الفارق الوحيد بينهم هو فقط في الأدوات
فأداة المتسول قيثارته
وأداة الشاعر قصائده
وأداة هذه السلطانية هو علم النفس
إذا ..
فلندع أصحاب الشأن يتحدثون عن علم النفس وحدوده وإمكاناته ..
حتى لا نخدع من محترفي الابتذال والرقاعة العلمية.
-----------------------------------------------
علم نفس وفاء سلطان
لننظر الآن في ثوب علم نفس وفاء سلطان ومدى تقدمه وجدارته للحكم على كل مقدس معلوم
يقول ألكسيس كاريل في كتابه "الإنسان ذلك المجهول"
تعريب شفيق أسعد فريد، منشورات مكتبة المعارف ببيروت
وهو عالم ومثقف أتيحت له كما يقول في مقدمة هذا الكتاب فرص نادرة للبحث والاطلاع في شتى فنون المعرفة،
من طب وطبيعة وكيمياء، وعلم وظائف الأعضاء وعلم الحياة، والآداب والفنون
"في الحق لقد بذل الجنس البشري مجهودا جبارا لكي يعرف نفسه.. ولكن بالرغم من أننا نملك كنزا من الملاحظة التي كدسها العلماء والفلاسفة والشعراء وكبار العلماء الروحانيين في جميع الأزمان ،
فإننا استطعنا أن نفهم جوانب معينة فقط من أنفسنا .. إننا لا نفهم الإنسان ككل .. إننا نعرفه على أنه مكون من أجزاء مختلفة . وحتى هذه الأجزاء ابتدعتها وسائلنا . فكل واحد منا مكون من موكب من
الأشباح تسير في وسطها حقيقة مجهولة..
"وواقع الأمر أن جهلنا مطبق. فأغلب الأسئلة التي يلقيها على أنفسهم أولئك الذين يدرسون الجنس البشري تظل بلا جواب، لأن هناك مناطق غير محدودة في دنيانا الباطنية ما زالت غير معروفة.
"إن الحضارة العصرية تجد نفسها في موقف صعب، لأنها لا تلائمنا. لقد أنشئت دون أية معرفة بطبيعتنا الحقيقية، إذ انها تولدت من خيالات الاكتشافات العلمية، وشهوات الناس ، وأوهامهم ،
ونظرياتهم ورغباتهم. وعلى الرغم من أنها أنشئت بمجهوداتنا، إلا أنها غير صالحة بالنسبة لحجمنا وشكلنا.
"يجب أن يكون الإنسان مقياسا لكل شيء. ولكن الواقع هو عكس ذلك فهو غريب في العالم الذي ابتدعه. إنه لم يستطع أن ينظم دنياه بنفسه لأنه لا يملك معرفة علمية بطبيعته.. ومن ثم فإن التقدم
الهائل الذي أحرزته علوم الجماد على علوم الحياة هو إحدى الكوارث التي عانت منها الإنسانية.. إننا قوم تعساء، لأننا ننحط أخلاقيا وعقليا.."
هكذا العلماء الحقيقيون .. يتواضعون..
ولا يستنكفون عن الاعتراف بقصور الآلات .. وضحالة النتائج .. وتواضع القدرات.. إذا قورنت بالغايات.
وليس ذلك عن تنازل منهم .. ولكن بضغظ العلم المحايد والحقائق المثبتة.
إذ تلجأهم النتائج العلمية لهذا الاعتراف العلمي المتيقن.
وفي صورة حقيقة علمية مطلقة.
لا يقين عندهم .. ولا حسم تام .. ولا أحكام نافذة
ولا يوجد مثل هذا إلا عند المتاجرين بالعلم من طائفة سلطان.
يقول آخر .. مراحل العلم ثلاثة .. وبينها درجات وألوان
يبدأ طالب العلم الحقيقي حياة البحث بشغف وطموح وإخلاص بالغ.
فإذا وصل لربوة قريبة وبدأت العلوم تستجيب لأبحاثه فتوصل بها لنتائج علمية ما ..
تراه حينها كأنما ادعى الألوهية ..
فيطلق رسله وأنبيائه في صورة نظريات مطلقة جازمة يجعلها مقياسا للحياة والأحياء .. والماضي والحاضر .. ويحاكم بها الحضارات والأعراف .. في تعال مضحك .. وسذاجة سمجة
ومع الاستمرار في البحث والتعلم .. إذ بالحقائق تلدغه .. وترغمه على تنكيس رأسه في خشوع .. والتخلي عن كثير مما ادعاه
ليرجع لتواضعه الأول .. موقنا بجهله.. أو على الأقل بضحالة ما تعلمه وما توصل إليه
فحينئذ يحيد نفسه بصدق ..وينظر فيم عند غيره بموضوعية.
وحينئذ فقط يدخل في دائرة العلم الحقيقي.. ويسمى عالما.
هذه شهادة العلماء ..
فهل يمكننا -بعد هذه الشهادة العلمية- باسم أي علم .. أن نطلق أحكاما مطلقة .. نحاكم بها التاريخ والعقائد ..
ونسفه بها الموروث والمثل العليا؟!
وماذا يمكننا أن نسمي من يفعل أو تفعل هذا؟ ..
وأي وصف علمي يستحقه؟
أظن أن الوصف العلمي الذي تستحقه هو أنها ...
وفاء سلطان
-------------------------------------
معرفة النفس الإنسانية في حقيقتها تساعد في إنشاء نظم وأفكار وسلوك ومشاعر تتفق مع هذه الحقيقة
بما لا يصادمها ولا تتعارض معها أو مع ميولها ونزعاتها .. فتربي الأجيال وتوجه بمقتضى الحقيقة التي خلق عليها الإنسان السوي المتكامل.
من غير إطلاق سائب أو كبت مرهق .. إو إنشاء لنظم ومناهج متوترة لا تتوافق مع طبيعته الأصلية..
مما يتسبب في إنشاء انحرافات سلوكية ونفسية واجتماعية متشعبة في شتى مناحي الحياة.
فأي المناهج العلمية يمكنه أن يتولى هذه المهمة؟
علم النفس التجريبي يستخلص معلوماته عن طريق المعمل..
ولا يتحصل على أكثر من قطع من النفس البشرية .. لا تصل لحقيقة شاملة
وعلم النفس التحليلي قد يقرب الصورة وهو وحده لا يؤدي لحقيقة شاملة.
لأنه يفتت ويحلل .. ويصعد ويهبط .. فتفوته كثير من آفاق النفس العليا.. وحركتها المتكاملة.
ولعل المنهج التكاملي هو الأقرب لفهم النفس البشرية
ولكن رغم ذلك تبقى كل المناهج قاصرة حتى الآن عن وضع مثال وتصور شامل للنفس الإنسانية في مجموعها وشمولها
لأن علم النفس ليس هو وحده المعني بالنفس ..
وليس حديثه هو أصدق الحديث..
إنما الفن والأدب والاجتماع والتاريخ .. والعقائد والفكر .. والحياة الواقعية بأكملها هي الحديث الصادق عن النفس
لأنها وببساطة تتحدث عنها في بيئتها الطبيعية .. بيئة الحياة المتحركة.. ولا تنشئ لها بيئة مصطنعة كحيوانات المعمل.
فالأسئلة من نوع
ما الإنسان؟
وما وظيفته ودوره في الحياة ؟
ما طاقاته؟
وما حدود هذه الطاقات؟
أسئلة ينبغي أن نعرف جوابها قبل أن نبدأ في البحث في النفس الإنسانية
حتى نتأكد أننا لا نشطح بعيدا عن الحدود التي يحددها وجوده وطبيعته.
وقد تحاشت الدراسات النفسية هذه الأسئلة وأمثالها بدعوى أنها من مباحث الفلسفة لا من مباحث علم النفس
فعلم النفس معني ببحث الواقع النفسي الذي يجده .. ولا هدف له خارج نطاق هذا البحث.
فأدى ذلك لعيبين منهجيين:
الأول:
أنه جعل هذه الدراسات على غير وعي بالإنسان المتكامل الواقعي الذي يعيش بحقيقته المتكاملة في دنيا الواقع.
فانحرف معظمها إلى دراسة أجزاء متفرقة من الإنسان على أنها هي الإنسان
وأدت تلك الصور الجزئية إلى إعطاء تصور خاطئ ومشوه عن الإنسان
وترتب عليها كذلك انتشار كثير من المفاهيم الخاطئة في الاقتصاد والاجتماع والآداب والفنون.. والتعامل الفردي والجماعي .. الخ.
والثاني:
أنه جعل هذه الدراسات لا تميز كثيرا بين الحالات السوية والحالات المنحرفة .. لأنها فقدت المقياس الذي ترجع إليه لمعرفة الاستواء والانحراف.
وعاملت كل شيئ على أنه هو الواقع النفسي الذي تستخلص منه النظريات والتطبيقات.
ومن ثم صار الواقع النفسي للناس في الغرب هو المقياس الذي تقاس به النفس الإنسانية وتصاغ النظريات على أساسه.
فأدى ذلك إلى عالم لا يطابق حاجات الإنسان كما يقول ألكسيس كاريل:
"إن الحضارة العصرية تجد نفسها في موقف صعب، لأنها لا تلائمنا. لقد أنشئت دون أية معرفة بطبيعتنا الحقيقية، إذ انها تولدت من خيالات الاكتشافات العلمية، وشهوات الناس ، وأوهامهم ،
ونظرياتهم ورغباتهم. وعلى الرغم من أنها أنشئت بمجهوداتنا، إلا أنها غير صالحة بالنسبة لحجمنا وشكلنا.
فإننا استطعنا أن نفهم جوانب معينة فقط من أنفسنا .. إننا لا نفهم الإنسان ككل .. إننا نعرفه على أنه مكون من أجزاء مختلفة . وحتى هذه الأجزاء ابتدعتها وسائلنا . فكل واحد منا مكون من موكب من
الأشباح تسير في وسطها حقيقة مجهولة..
"حتى ليبدو أن الذين يدرسون الحياة قد ضلوا طريقهم في غاب متشابك الأشجار . أو أنهم في قلب دغل سحري، لا تكف أشجاره التي لا عداد لها عن تغيير أماكنها وأحجامها."
هذه شهادة عالم حقيقي .. درس النفس الإنسانية .. وخرج بهذه الحقيقة
------------------------------
وأخيرا..
أذكر حديثا سمعته في الإذاعة المصرية لطبيب أمراض نفسية يتحدث فيه عن سيكولوجية الطفل في الأسر الكبيرة
وأن هذه الأسر أحيانا كثيرة ما تمثل بيئة خصبة تحتضن الكثير من بذور الأمراض النفسية المستعصية المعلومة وغير المعلومة..
وليس هذا قاعدة بالطبع لكنه يحدث كثيرا
فقد تتشكل روح التطرف في هذا السن المبكرة بتعمد المشاكسة والمبالغة في الخروج على المألوف للمبالغة في إظهار الذات ولفت أهتمام الأبوين
لأجل الحصول على إشباع نفسي يناسب ويحفز رغبته في إظهار تفرده وتميزه..
وكيف أن هذه النزعة تتأصل لتستمر بعد ذلك كجدول ينساب تحت سطح يبدو منظبطا هادئا..
فإذا انضمت لهذه النزعة بعض المحفزات والسمات الشخصية الأخرى فإنه سيقدر لهذه النزعة أن تصل لأقصى مداها واستمرارها كطابع نفسي ثابت متقولب
مما يؤهلها للانطلاق بأقصى صورها المرضية ضراوة وفي أية مرحلة عمرية..
فصاحب أو صاحبة هذه الروح المريضة كالقنبلة الموقوتة لا يعلم متى ستنفجر وكيف.. لكن المؤكد هو شدة تدميره لنفسه ومن يتصادف وجوده في إطار مجاله المؤثر.
ومؤثرات حدة الانطلاق الضاري أو الضمور الذاتي لهذه النزعة .. هو درجة قسوة ما يتعرض له كيانه النفسي من محفزات وتحديات.
وقد تتلبس هذه النزعة بأشكال غير مألوفة أثناء محاولاتها اللاواعية في التعبير والانطلاق .. فليس شرطا أن تظهر في صورة سلاح في يد غاضب عنيف..
بل هو في الأغلب يعتمد على الأدوات التي يملكها هذا الكيان النفسي المريض .. وصفاته الشخصية من درجة الحدة أو الهدوء والجرأة أو الانكماش والمثابرة أو التعجل وغيرها
والثابت أن العملية التعليمية ولأقصى مراحلها لا تعالج هذه الروح المريضة .. بل هي فقط تعيد توجيه مجال انطلاقها
بما قد يزيد من مرضها وخطورة تأثيرها المدمر
(ولعل أخطر حالات التخفي الواعي أو غير الواعي هو ما يكون في صورة طبيب أو طبيبة نفسية تكون أبعد منالا عن تصور اكتشاف كيانها المريض ..
حيث أنها في مأمن من اتهامها بأي مرض .. فتستغل هذا المكمن في توجيه طاقة التدمير للمألوفات مستغلا طاقته العلمية في إلصاق تهمة المرض بغيره )
فإذا انضم إلى هذه النزعة المريضة في الخروج على المألوف وقلب الحقائق كاستجابة مرضية لا واعية لمحفز ما عارض أو ثابت ..
إذا انضم إليها بعض رواسب تربوية سلبية كعنف أحد الأبوين .. أو تجربة عنف جنسي ما .. فالانطلاق المرضي محتم التدمير وأشده ما يكون في صورته المتلبسة بالفكر والعلم.
انتهى...
علميا .. إن كل من يتعرض لتجربة قاسية من البديهي أن يندفع لأقصى اتجاه مضاد .. في محاولة الوصول لتوازن وأمان نفسي منشود.
وينسى في سعار اندفاعه أن أقصى الاتجاه المضاد هو في نفسه انحرافا جديدا يحتاج لتوازن محايد .. ولن يصل به لنقطة الأمان مهما اجتهد في إلباسه ثوب العلم المعبود.
فهو لا يملك أن يحايد أثناء وقوعه في أسر هذا السعار النفسي ..
ولا يملك إلزام نفسه بالبحث عما إذا كانت نسبة هذا السلوك لهذا الفكر المفترى عليه سليمة أو مبتورة مدعاة.
لأن من انطلق صراخه من لظى الإدانة النفسية ينطلق بغير ترو ولا تقص .. لأقصى اتجاه مضاد يمكنه الوصول إليه.
وإن عبر به سعار الاندفاع المحيط الشاسع زحفا على بطنه .. أو سيرا على رجلين .. أو ركضا على أربع.. وقد يركب في طريقه ما يتيسر له من أشكال وهيئات علمية.
نتفهم ذلك ونفسره وإنا كنا لا نبرره.
لا أدري لم ذكرت هذا الحديث بتفاصيله عندما ذكرت الدكتورة وفاء سلطان نشأتها في أسرة مكونة من خمسة عشر فردا ..
وقصة ضرب أبوها لأخيها في قاعة المحكمة
والإشارات التي وردت في حديث وفاء سلطان عن تجربتها الشخصية وعدم رغبتها في ذكرها الآن..
وذكرها لمرارة إحساسها بالطفلة التي تغتصب في الكيان الشرقي ولا يرد لها أي ذكر أو تأثير ما .. على عكس ما يكون في المجتمع الأمريكي
وتلميحاتها للمارسات الطبية غير الأخلاقية من الأطباء الرجال في مجتمعها القديم .. وتلميحها لتجربتها الشخصية في ذلك.
ثم في تعريها العلمي من التاريخ والجغرافيا ومن الزمان والمكان لتهيم سائبة عبر المحيط ..
وانحيازها المذل للنموذج الأمريكي رغم عدم امتزاجها الظاهر مع روحه الحضارية.
ثم في نشوتها إثر وصف المحاور له بأنها غدت أمريكية أكثر منهم
ثم في رؤيتها المرضية لقصة زواج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة ..
ومدى حرارة ومرارة الألفاظ الجارحة المستخدمة التي تخرج بحدتها البالغة عن الدرجة العلمية السوية.
والذي لا يمكن تبريره أو تفسيره بأية براعة منطقية يملكها كيان سوي .. أو حتى مريض
لقد صدقت فيها الحكمة القائلة بأن
جحيم المنحرف .. مثال شريف يحتذى .. ولو من التاريخ
----------
وإليك أخي الكريم تحليل نفسي أروع وأمتع لسيرتها الذاتية وأفكارها المسببة في هذا الرابط للعزيز ابن الفاروق
وهو مقال رائع عنها وعن سيرتها الذاتية وإن كنت قرأته قبل أن أكتب لما كتبت حرفا واحدا .. فجزاه الله خيرا
https://www.ebnmaryam.com/vb/t14036.html
المفضلات