الحمد لله من خلق الموت و الحياه و خلق كل شىء بقدر و سجد له النجم و الشجر و من إذا عُصى غفر و إذا أُطيع شكر و اصطفى لنا سيد البشر و شق له القمر و الصلاة و السلام على سيد البشر صلوات بعدد ورق الشجر و عدد قطر المطر فهو نبى صادق أمين أرسله رب العالمين و لم يكن يخلف وعد ، ثم أما بعد....
فهناك أناسٌ حيارى ألا و إنهم النصارى ، نسبوا أنفسهم للمسيح ، و قالوا أن الرب يستريح ، فقد سبوا رب العالمين فى سفرى الخروج و التكوين ، فكانت عقولهم خاويه ، و إليكم النصوص الاتيه :-
(و فرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل * و بارك الله اليوم السابع و قدسه لانه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا) ( التكوين 2:2و3 )
(لان في ستة ايام صنع الرب السماء و الارض و البحر و كل ما فيها و استراح في اليوم السابع لذلك بارك الرب يوم السبت و قدسه) ( الخروج 20: 11)
(هو بيني و بين بني اسرائيل علامة الى الابد لانه في ستة ايام صنع الرب السماء و الارض و في اليوم السابع استراح و تنفس) ( الخروج 31: 17)
و لكن وجدنا شىء عجيب فعله عباد الصليب ، فوجدنا منهم التأويل ، و لم نجد معهم دليل ، و من هؤلاء لبيب ميخائيل ، و هو معه فى اللاهوت دكتوراه ، و لنقرأ معا ما افتراه : (
وقد استعملت كلمة استراح في الكتاب المقدس في أكثر من آية ، والآيات التي ذُكرت فيها لا تعنى الراحة بعد الشغل والتعب ، بل تعنى راحة الرضى والسرور .. نقرأ في 2 أخبار الأيام 14: 1 عن الملك آسا " في أيامه استراحت الأرض عشر سنين " ، ونقرأ في رسالة فليمون 1: 7 كلمات بولس الرسول إلى فليمون " لأن أحشاء القديسين قد استراحت بك أيها الأخ " .. فقولك يا دكتور مصطفى إن إله التوراة " يدركه التعب إذا اشتغل .. فيحتاج للراحة " .. قول يخرج تماما عن نطاق قواعد التفسير الصحيح للكلمة المقدسة )
و كان يرد على الدكتور مصطفى محمود حينما ذكر التوراه و تجاوزها لكل الحدود ، فأراد القس التوضيح لمعنى كلمة يستريح ، و استدل فى كلامه بعبارتين و سنستدل مثله بنصين :
1-
(ستة ايام تلتقطونه و اما اليوم السابع ففيه سبت لا يوجد فيه * و حدث في اليوم السابع ان بعض الشعب خرجوا ليلتقطوا فلم يجدوا * فقال الرب لموسى الى متى تأبون ان تحفظوا وصاياي و شرائعي * انظروا ان الرب اعطاكم السبت لذلك هو يعطيكم في اليوم السادس خبز يومين اجلسوا كل واحد في مكانه لا يخرج احد من مكانه في اليوم السابع * فاستراح الشعب في اليوم السابع ) ( الخروج 16: 26 الى 30 )
2-
(ستة ايام تعمل عملك و اما اليوم السابع ففيه تستريح لكي يستريح ثورك و حمارك ) ( الخروج 23: 12 )
و من هنا الحق يظهر ، و نقول الله أكبر ، و نريد أن نسأل عن معنى الاستراحه ، و نريد جوابنا بكل صراحه ، و لكن قد يأتى بعد المرضى ليقولوا أن المعنى يرضى ، فما رأى إذن الأسفار فى استراحة الحمار؟!
و نكمل الرد على القس لبيب ، ليرى معنا عباد الصليب عجز كتابهم المقدس فى قوله استراح و تنفس ، فيبدو أن القس مجادلاً فقد نطق قائلاً (
كلمة " استراح وتنفس" التي ذكرتها في مقالك تعني الرضا عن ما عمل) أى أنه بعدما الخلق اكتمل رضى الله بما عمل ، و إذا سلمنا بهذا التفسير سنرى من الغرابه الكثير ، فاليوم السابع فى الكتاب المقدس فيه الرب استراح ، و لذلك ذلك اليوم تقدس و أُقيم فيه الأفراح ، فلو كان استراح بمعنى رضى بعدما العمل انقضى ، فسنرى أن الرضا لا يكون سببا للتقديس ، و أن ما قاله القس هو من عمل إبليس ، فالتقديس يكون للأشياء الجديده ، و قد رضى الرب مرات عديده:
فى اليوم الأول:-
(و قال الله ليكن نور فكان نور* و راى الله النور انه حسن و فصل الله بين النور و الظلمة) ( التكوين 1: 3 و 4 )
فى اليوم الثالث:-
(و دعا الله اليابسة ارضا و مجتمع المياه دعاه بحارا و راى الله ذلك انه حسن) ( التكوين 1 :10 )
فى نفس اليوم:-
(فاخرجت الارض عشبا و بقلا يبزر بزرا كجنسه و شجرا يعمل ثمرا بزره فيه كجنسه و راى الله ذلك انه حسن) ( التكوين 1 :12)
فى اليوم الرابع:-
(و لتحكم على النهار و الليل و لتفصل بين النور و الظلمة و راى الله ذلك انه حسن) ( التكوين 1: 18)
فى اليوم الخامس:-
(فخلق الله التنانين العظام و كل ذوات الانفس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كاجناسها و كل طائر ذي جناح كجنسه و راى الله ذلك انه حسن ) ( التكوين 1: 21)
فى اليوم السادس:-
(فعمل الله وحوش الارض كاجناسها و البهائم كاجناسها و جميع دبابات الارض كاجناسها و راى الله ذلك انه حسن) ( التكوين 1: 25)
فى نفس اليوم :-
(و راى الله كل ما عمله فاذا هو حسن جدا و كان مساء و كان صباح يوما سادسا) (التكوين 1: 31)
فلماذا لم يقدس اليوم الأول أو الثالث أو الرابع ، و انتظر تلك الايام كى يقدس فى اليوم السابع؟!
و لكن قد يأتى معترض ليتناقش و يفترض أن الرضا فى السابع اختلف ، و ليس كما قد سلف ، لأن الرضا بعد انتهاء العمل ليس كالرضا قبل أن يكون اكتمل ، فأقول بهذا يكون الانتهاء هو سبب التقديس ، و أستطيع أن أقول كلامى هذا فى كل كنيسه أو كنيس.
هكذا كان التفسير الغريب الذى قاله القس لبيب ، فلو كان هناك سبباً للتقديس لكان ما قاله القس منيس(
كلمة «استراح» معناها أنه أكمل عمل الخلق وانتهى منه) أى أن الاستراحه بمعنى الكف و الانتهاء و لا تعنى أبدا الإعياء هكذا كان كلام القس و سنطبق كلامه على هذا النص:-
(و فرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل) (التكوين 2: 2)
و حتى يكون الكل متابع كان ذلك فى اليوم السابع حيث كان الصباح ، و سنستبدل انتهى باستراح:-
(
و فرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل
فانتهى في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل)
هكذا نرى فى هذا العدد جملة و فرغ فانتهى ، فالمعنى عن الحق ابتعد و أثبتت العباره عجزها ، فلكى تستقيم العباره فليس لدى النصارى إلا أن يقولوا أن الرب كل فليس لديهم إلا هذا الحل ، فهذا هو التفسير الوحيد الذى لا ينقص فى العبارة أو يزيد و إن كان عن الحق يحيد ، فيا نصارى انزعوا من قلوبكم السرور ، فقد ضل صاحبكم منيس عبد النور.
و الآن الصليب سيتنكس و بسبب اللفظ تنفس ، فقد افترى اليهود و عباد الثالوث على ذات الرب فى الناموس ، فقالوا انه استراح و تنفس و بالنسبه للفظ تنفس فهو تعبير لا يليق و للقس منيس هنا تعليق (
أما القول إن الله يتنفس فنفهمه من أن العبرانيين كغيرهم من الشعوب لهم كنايات واستعارات يُكسِبون بها لغتهم البلاغة وحلاوة التعبير، فليس المراد بها المعنى الحرفي لهذه الاستعارة الواردة هنا. ولكن معناها الحرفي يمكن أن يُترجم: «الله قد تنفس بارتياح» كما يتنفس الإنسان عندما يفرغ من عمل شاق) فكلام القس فى هذا التأويل أن التنفس فقط لفظ جميل تستخدمه اللغه العبريه بمفهوم غير العربيه ، و كلامه هذا غير معقول لذلك بفضل الله أقول أن ما أراه فى أن لغة التوراه تستخدم اللفظ المذكور على غير قول عبد النور ، فاللفظ للتعبير عن الإجهاد فيا حسرةً على العباد ، و كى لا تحسبوا أن هذا من ادعاءاتى فإليكم النص الآتى :-
(ستة ايام تعمل عملك و اما اليوم السابع ففيه تستريح لكي يستريح ثورك و حمارك و يتنفس ابن امتك و الغريب) ( الخروج 23: 12)
فتدبر يا بن الإنسان فالجواب يظهر من العنوان ، فبعد ذكر الأسفار استراحة الحمار ذكرت تنفس البنى آدميين فهذا هو التفسير على ما أظن فى لغة العبرانيين.
هكذا ذكر فى كتب الحيارى من يهودٍ أو نصارى أن الرب تعب بعد الانتهاء و لكن قيل فى إشعياء
(إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض لا يكل ولا يعيا) ( إشعياء 40: 28) فتلك نصوص متناقضه و ردود أهل الكتاب غامضه ، فنطلب منهم عدم التأويل إلا لو كان معهم دليل.
فهكذا يا نصارى كتابكم قال أن ربكم تعب بعد خلق الخلق و فى قرآننا يقول الحق:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ) (ق:38) فالله نفى عن نفسه التعب و لنزول هذه الآيه سبب ، فاقرأوا معى التفسير فيما قاله ابن كثير: (قَالَ قَتَادَة
قَالَتْ الْيَهُود - عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه - خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام ثُمَّ اِسْتَرَاحَ فِي الْيَوْم السَّابِع وَهُوَ يَوْم السَّبْت وَهُمْ يُسَمُّونَهُ يَوْم الرَّاحَة فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى تَكْذِيبهمْ فِيمَا قَالُوهُ وَتَأَوَّلُوهُ "
وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب " أَيْ مِنْ إِعْيَاء وَلَا تَعَب وَلَا نَصَب كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى "
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير " وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ "
لَخَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَكْبَرُ مِنْ خَلْق النَّاس " وَقَالَ تَعَالَى "
أَأَنْتُمْ أَشَدّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاء بَنَاهَا ") فالتعب ما فهمه حبيب الرحمن .. ففهم كما فهمنا دون زياده أو نقصان ، و لم يعترض على فهمه أحداً من اليهود ، فلم يستغلوا الفرصه ليحشدوا له الحشود ، فيقولوا أخطأت يا محمد لم يكن هذا المقصود ، فتخيل معى أيها النصرانى ذلك الموقف المشهود الذى يحضره أبو بكر و عمر و عبد الله بن مسعود فيروا ذلك النصر المبين الذى يحققه اليهود الذين أتوا برهبان النصارى ليكونوا على ذلك شهود.
و لكن أحداً لم يفعل و عن فهم الرسول لم يسأل ، ففهم الرسول
لم يكن عن الحق ابتعد لأن التفسير بكلمة تعب كان هو المعتمد ، و لكنكم غيرتموه عبر القرون ، فانتهوا أيها المحرفون.
إذا نظرنا للنصارى و فهمهم سنرى أن كلام رجال دينهم بينهم و بين الحق يحول ، و لم أكن لأقل هذا الكلام لولا إشفاقى على تلك العقول ، فقد قالوا أن الله كل و أختتم بقوله عز و جل :
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ( سورة الصافات )
المفضلات