-
الرد على دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى
بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى(*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المغالطين أن الإسلام دين يعادي الملل والعقائد الأخرى، ويدعو إلى التعصب، والانتقام من مخالفيه، ويستدلون على هذا بتصنيف الناس إلى مسلمين وكفار، في إشارة إلى رفض الآخر ورفض التعايش معه وإهانته، ويرون أن الإسلام قد عامل الذميين بقسوة واضطهاد، وسلب حريتهم وأرهقهم بضرائب[1] كبيرة يسميها المسلمون الجزية[2].
وجوه إبطال الشبهة:
الإسلام دين الرحمة والتسامح والهداية والسلام ولا يحض على الكراهية والعداء، بل هو دين المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وسائر المعاملات، والقرآن والحديث ومواقف الصدر الأول من الصحابة خير دليل على ذلك.
الحرب في الإسلام لها ضوابط وأخلاق تنأى بها عن الاعتداء والجور، فلا يلجأ الإسلام إلى الحرب إلا في الضرورة القصوى التي تستدعي الدفاع عن النفس أو الجهاد في سبيل الله.
المزايا التي يتمتع بها غير المسلمين في ظل الدولة الإسلامية، تجعلهم من أسعد الناس في كنف الدولة الإسلامية.
تسمية غير المسلمين كفارا لا يعني إهانتهم أو ظلمهم أو الاعتداء عليهم، والإسلام لم ينفرد بهذه التسمية، بل كل ذي دين يطلق مثل هذا على مخالفيه.
الجزية مبلغ زهيد مقابل الحماية واستخدام مرافق الدولة، وتؤخذ من الرجل القادر على العمل فقط، ويعفي منها الشيوخ والنساء والأطفال والفقراء.
شهادات المنصفين من غير المسلمين على سماحة الإسلام في تعامله مع مخالفيه، تؤكد كذب هذا الادعاء، والتاريخ نفسه أكبر شاهد على ذلك.
التفصيل:
أولا. تسامح الإسلام ودعوته:
يقف الإسلام من غير المسلمين - في حال السلم - موقف الأمان، بل إنه لم ينه عن البر بهم ماداموا لم يقاتلوا المسلمين، وإنما نهى عن بر الذين قاتلوا المسلمين في دينهم، وأخرجوهم من ديارهم، أو ظاهروا على إخراجهم، فقال جل شأنه: )لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8) إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (9)( (الممتحنة).
ونهى القرآن الكريم عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، فقال الله سبحانه وتعالى: )ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون (46)( (العنكبوت)، وقال سبحانه وتعالى: )قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون (64)( (آل عمران)، بل أمر الإسلام بالوفاء بالعهد حتى مع المشركين، قال تعالى: )إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين (4)( (التوبة)، بل لو طلب المشرك من المسلم أن يجيره فعليه أن يجيره، بل ويبلغه مأمنه، كما قال الحق سبحانه وتعالى: )وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون (6)( (التوبة).
ومن رعاية الإسلام لحقوق غير المسلمين رعايته لمعابدهم وكنائسهم، ومن محافظته عليها ما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما حان وقت الصلاة وهو في كنيسة القيامة، فطلب البطريرك من عمر أن يصلي بها، وهم أن يفعل ثم اعتذر، ووضح أنه خشي أن يصلي بالكنيسة فيأتي المسلمون بعد ذلك ويأخذونها من النصارى على زعم أنها مسجد لهم، ويقولون: هنا صلى عمر، ولم تتوقف معاملة المسلمين عند حد المحافظة على أموالهم وحقوقهم، بل حرص الإسلام عبر عصوره على القيام بما يحتاج إليه أهل الكتاب وبخاصة الفقراء منهم.
إن مثل هذه المعاملة من المسلمين لغير المسلمين تطلع العالم أجمع على أن الإسلام ربى أتباعه على التسامح، وعلى رعاية حقوق الناس، وعلى الرحمة بجميع البشر مهما اختلفت عقائدهم وأجناسهم، وقد حفظت أجيال المسلمين قيمة هذه الرعاية الإسلامية لحقوق غيرهم؛ لأنهم ما طبقوها إلا استجابة لتعاليم القرآن الكريم، وتوجيهات الرسول العظيم عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد طبقها في حياته فوعاها المسلمون جيلا فجيلا، وطبقها الخلف عن السلف، والأبناء عن الآباء.
المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وسائر المعاملات:
أقام الإسلام المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وفي سائر المعاملات، وقد سجل التاريخ نماذج رائدة لهذه المعاملات التي تعتبر قمة ما وصلت إليه المعاملات الإنسانية العادلة في تاريخ البشرية جمعاء، فعندما شكا رجل من اليهود علي بن أبي طالب للخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال عمر لعلى: قم يا أبا الحسن فاجلس بجوار خصمك، فقام علي وجلس بجواره، ولكن بدت على وجهه علامة التأثر، فبعد أن انتهى الفصل في القضية قال له عمر: أكرهت يا علي أن نسوي بينك وبين خصمك في مجلس القضاء؟ قال: لا، ولكني تألمت لأنك ناديتني بكنيتي فلم تسو بيننا، ففي الكنية تعظيم، فخشيت أن يظن اليهود أن العدل ضاع بين المسلمين".
وتتابعت وصايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأهل الذمة والمعاهدين حيث قال صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما» [3]، ومعنى «لم يرح رائحة الجنة»: لم يشمها، وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة» [4].
ومما يدل على المساواة بين المسلمين وغيرهم في القضاء، وعلى انتشار الإسلام بسماحته وحسن معاملة المسلمين لغيرهم: هذه الواقعة التي حدثت بين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين رجل من أهل الكتاب، وذلك عندما فقد الإمام علي - رضي الله عنه - درعه، ثم وجدها عند هذا الرجل الكتابي، فجاء به إلى القاضي شريح قائلا: «إنها درعي ولم أبع ولم أهب، فسأل القاضي شريح الرجل الكتابي قائلا: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فقال الرجل: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، فالتفت القاضي شريح إلى الإمام علي - رضي الله عنه - يسأله: يا أمير المؤمنين هل من بينة[5]؟ فضحك علي وقال: أصاب شريح، ما لي بينة، فقضى بالدرع للرجل، وأخذها ومشى وأمير المؤمنين ينظر إليه، إلا أن الرجل لم يخط خطوات حتى عاد يقول: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء.. أمير المؤمنين يدينني إلى قاضيه فيقضي عليه؟ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين، اتبعت الجيش وأنت منطلق إلى صفين، فخرجت من بعيرك الأورق، فقال الإمام علي رضي الله عنه: أما إذ أسلمت فهي لك»[6].
وهكذا نرى كيف وصلت سماحة الإسلام إلى هذا المدى الذي يقف فيه أمير المؤمنين نفسه أمام القاضي، مع رجل من أهل الكتاب، ومع أن أمير المؤمنين على حق، فإن القاضي طالبه بالبينة، وهذا أمر جعل أمير المؤمنين يضحك؛ إذ هو على حق وليس معه بينة، وواضح أنه المدعي، والبينة على المدعي، واليمين على من أنكر، ثم تكون النهاية أن يحكم القاضى للرجل بالظاهر؛ حيث لم تظهر البينة.. إن هذه المعاملة السمحة التي لا يفرق فيها بين أمير وواحد من الرعية من أهل الكتاب، جعلت الرجل يفكر في هذا الدين ويتملكه الإعجاب به، فلم يملك إلا أن يقول: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
إنها صورة من صور القضاء في قمة عدالته؛ حيث يسوي بين هذا الرجل وبين أمير المؤمنين، وصورة من سماحة الإسلام في ذروتها؛ حيث كان الحكم بالظاهر وعلى أمير المؤمنين لا له، إن مثل هذه المعاملة السمحة مع غير المسلمين هي التي قربت الإسلام إلى الناس، وجعلتهم يدخلون في دين الله أفواجا.
عدالة الإسلام مع غير المسلمين:
وقد عنى الإسلام برعاية أهل الكتاب، فقرر سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لهم عطاء من بيت مال المسلمين، فقد روى أنه مر بباب جماعة، فوجد سائلا يسأل - وهو شيخ كبير ضرير - فسأله قائلا: من أي أهل الكتاب أنت؟ فقال: يهودي، فسأله: ما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده إلى منزله، وأعطاه، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال له: انظر هذا وأضرابه، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شيبته ثم نخذله عند الهرم!!
وما حدث في تاريخ سلفنا إهانة أحد من أهل الذمة، بل إن حدث أي تجاوز كان يعالجه الإسلام في الحال، فعندما شكا إلى عمر أحد الأقباط أن ابن والي مصر "عمرو بن العاص رضي الله عنه" لطم ابنه عندما غلبه في السباق، وقال: أنا ابن الأكرمين، أسرع عمر - رضي الله عنه - بإحضار عمرو وابنه إلى مكة في موسم الحج، وأعطى عمر الدرة[7] لابن القبطي، وأمره أن يقتص من ابن الأكرمين، ثم قال لعمرو كلمته المأثورة: "متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"؟!
وقد أقام الإسلام العدل بين عنصري الأمة من المسلمين وغير المسلمين، ومن رسالة سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى قاضي القضاة أبي موسى الأشعري قال له: "آس[8] بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك[9]، ولا ييأس ضعيف من عدلك". فلا يصح التفرقة بين المتخاصمين حتى لو كان أحدهما غير مسلم. وهكذا نرى كيف عامل سلفنا أهل الكتاب، وكيف أظهروا سماحة هذا الدين الذي لا يقر العصبية، ولا يرضى الظلم حتى لغير المسلمين، بل يدعو إلى التسامح والعدل معهم، وهذا المنهاج المتسامح للإسلام مع أهل الأديان الأخرى هو سر عظمة الإسلام، وسر ذيوعه وانتشاره في ربوع المعمورة.
ثانيا. ضوابط الحرب في الإسلام وأنها بمعزل عن التعدي والهمجية:
فمن المعلوم أن الإسلام هو دين السلام، لا يأمر بالحرب إلا في الضرورة القصوى التي تستدعي الدفاع والجهاد في سبيل الله، ومع مشروعية الجهاد في سبيل الله - دفاعا عن الدين والعقيدة والأرض والعرض - فإن الحرب في الإسلام لها حدود وضوابط، وللمسلمين أخلاقهم التي يتخلقون بها حتى في حربهم مع من يحاربهم من غير المسلمين، فأمر الإسلام بالحفاظ على أموال الغير، وبترك الرهبان في صوامعهم دون التعرض لهم، ونهى عن الخيانة والغدر والغلول، كما نهى عن التمثيل بالقتلى، وعن قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وعن حرق النخيل والزروع، وقطع الأشجار المثمرة.
وأوصى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أسامة بن زيد عندما وجهه إلى الشام بالوفاء بالعهد وعدم الغدر أو التمثيل، وعاهد خالد بن الوليد - رضي الله عنه - أهل الحيرة ألا يهدم لهم بيعة ولا كنيسة ولا قصرا، ولا يمنعهم من أن يدقوا نواقيسهم أو أن يخرجوا صلبانهم في أيام أعيادهم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه رحيما بغير المسلمين من أهل الكتاب، وكان ينصح سعد بن أبي وقاص - عندما أرسله في حرب الفرس - أن يكون في حربه بعيدا عن أهل الذمة، وأوصاه ألا يأخذ منهم شيئا لأن لهم ذمة وعهدا، كما أعطى عمر - رضي الله عنه - أهل إيلياء أمانا على أموالهم وكنائسهم وصلبانهم وحذر من هدم كنائسهم.
وأمر الإسلام بحسن معاملة الأسرى وإطعامهم، قال عز وجل: )ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (8)( (الإنسان)، بينما يعامل غير المسلمين أسرى المسلمين معاملة سيئة، فقد يقتلونهم وقد يسترقونهم أو يكلفونهم أشق الأعباء والأعمال، فإن أسرى غزوة بدر الكبرى عاملهم النبي - صلى الله عليه وسلم - خير معاملة، فأوصى الصحابة أن يحسنوا إليهم، فكانوا يؤثرونهم على أنفسهم في الطعام وفي الغذاء، ولما استشار أصحابه في شأن أسرى بدر، وأشار بعضهم بقتلهم وأشار الآخرون بالفداء، وافق على الفداء، وجعل فداء الذين يكتبون منهم أن يعلم كل واحد منهم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة، وكان هذا أول إجراء لمحو الأمية.
ولم يقبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يمثل بأحد من أعدائه في الحروب مهما كان أمره، ولما أشير عليه أن يمثل بسهيل بن عمرو - الذي كان يحرص على حرب المسلمين وعلى قتالهم - بأن ينزع ثنيتيه[10] السفليين؛ حتى لا يستطيع الخطابة بعد ذلك، لم يوافق النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، بل رفض قائلا: «لا أمثل به[11] فيمثل الله بى»[12].
وعندما حقق الله - عز وجل - لرسوله صلى الله عليه وسلم أمنيته بفتح مكة المكرمة، ودخلها فاتحا منتصرا ظافرا قال لقريش: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن»[13].
ومن توجيهات الإسلام للمسلمين في الحرب:
أن يكون القتال في سبيل الله.
أن يكون القتال لمن يقاتلون المسلمين.
عدم الاعتداء، قال تعالى: )وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (190)( (البقرة)، فالذين يعتدون على المسلمين ويقاتلونهم أمر المسلمون أن يقاتلوهم، ولكنه قتال عادل لا مثلة فيه ولا تعذيب، حيث قال الله تعالى: )الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين (194)( (البقرة).
وهذا فيمن يقاتلون المسلمين أما الذين لا يقاتلون من غير المسلمين فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن قتالهم: فعن بريدة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اغزو باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقاتلون وليدا»[14]، وفي رواية: «أنكر رسول - صلى الله عليه وسلم - قتل النساء والصبيان»[15].
كما كان ينهى - صلى الله عليه وسلم - عن التعرض للرهبان وأصحاب الصوامع، وعن التمثيل والغلول، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث جيوشه قال: «اخرجوا باسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع»[16].
ثالثا. دستور العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين:
وضع القرآن قاعدة تعد الدستور الأساسي في معاملة المسلمين لغيرهم من الناس فقال: )لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8) إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (9)( (الممتحنة)، فالآية واضحة تماما في تقرير العلاقة بين المسلمين وغيرهم، إنها علاقة قائمة على أمر أعظم من العدل - الذي هو إعطاء كل ذي حق حقه - وإنما ترتقي هذه العلاقة إلى مرحلة الإحسان - وهو الزيادة على الحق فضلا - ولقد قدمت الآية لفظ البر على لفظ القسط - وهو العدل - وهي إشارة رائعة إلى كيفية معاملة غير المسلمين، إنها علاقة قائمة على البر والإحسان.
والشىء اللافت أن الإسلام سمى غير المسلمين داخل مجتمعه (أهل الذمة)؛ أي: أهل العهد والضمان والأمان؛ لأن لهم عهد الله وضمان رسوله وأمان جماعة المسلمين، على أن يعيشوا في حماية الإسلام وتحت راية المجتمع الإسلامي آمنين مطمئنين.
ولكن العجب من البعض أنهم يعتبرون هذه التسمية تسمية فيها شىء من الدونية، وهذا كلام مرفوض، فمن يفهم كلمة العربي حين يقول: (أنت في ذمتى) يعي تماما ما معنى أهل الذمة، أي: أنت في حمايتي ورعايتي وكنفي، لا أوذيك ولا أسمح لأحد بأذيتك. ويمكن استبدال هذه الكلمة - حاليا - فيما يسمى بالعرف السياسي باسم (حاملي الجنسية الإسلامية) فهؤلاء في الحقيقة مواطنون كبقية أفراد المجتمع المسلم.
وقد وضع فقهاء الشريعة الإسلامية قاعدة لتوضيح العلاقة بين المسلمين وغيرهم داخل المجتمع، وهذه القاعدة قائمة على المعاملة بالمثل، وقد قيل قديما: من عاملك كنفسه لم يظلمك، وهذه القاعدة هي "لهم مالنا، وعليهم ما علينا" وتفسيرها ليس على إطلاقها، وإنما، لهم ما لنا من الحقوق والحريات، وعليهم بعض الذي علينا من الواجبات، وقد فسرت هذه القاعدة من خلال النقاط التالية:
تأمين الحماية من العدوان الخارجى:
حيث يوجب المجتمع الإسلامي أن تؤمن كل ضوابط الحماية لكل من رضى العيش بداخله، وهذا ما صرح به الفقهاء في إرشاداتهم، يقول ابن حزم الأندلسى: (إن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع[17] والسلاح ونموت دون ذلك؛ صونا لمن هو في ذمة الله - عز وجل - وذمة رسوله، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة، ولعل أروع الأمثلة على ذلك في التاريخ موقف القائد أبي عبييدة بن الجراح من أهل حمص وغيرهم، حينما رد عليهم أموالهم التي دفعوها مقابل حمايتهم من الاعتداء الخارجى؛ بسبب عجزهم عن ذلك، فقالوا: ردكم الله إلينا، ولعن الله الذين كانوا يملكوننا من الروم، ولكن والله لو كانوا هم ما ردوا إلينا بل غصبونا.
وهذا ابن تيمية يقف بعنف في وجه التتار عندما أرادوا إطلاق سراح أسرى المسلمين فقط، وإبقاء النصارى بالأسر فقال: إنا لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسرى من المسلمين وغيرهم، لأنهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيرا لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة.
تأمين الحماية الداخلية:
وتشتمل هذه الحماية على ما يلى:
حماية الدماء والأبدان، فقد تضافرت الأحاديث النبوية وسلوك الصحابة على تحريم إلحاق أي أذى أو ظلم بأي إنسان، مواطن أو زائر غير مسلم هو في ذمة المسلمين وعهدهم، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة»[18]. وكان علماء المسلمين يوصون الأمراء والخلفاء بحسن معاملة غير المسلمين والإحسان إليهم، فهذا القاضي أبو يوسف يكتب إلى الرشيد قائلا: "... وقد ينبغي يا أمير المؤمنين - أيدك الله - أن تتقدم في الرفق بأهل ذمة نبيك؛ حتى لا يظلموا ولا يؤذوا ولا يكلفوا فوق طاقتهم"، ومن أمثلة التاريخ أيضا وقوف الإمام الأوزاعي في وجه الوالي العباسي صالح بن على عندما أساء إلى بعض أهل الذمة. كل ذلك شاهد لحماية غير المسلمين في المجتمع الإسلامي.
حماية الأعراض، فلا يجوز في الإسلام إلحاق أي أذى بالمسلم، أو غير المسلم، من شتم أو قذف أو تجريح أو حتى غيبة، يقول فقهاء الحنفية: ويجب كف الأذى عنه (أي: الذمي) وتحرم غيبته كالمسلم. ويقول فقهاء المالكية: (إن عقد الذمة يوجب حقوقا علينا لهم... فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء، أو غيبة في عرض أحدهم، أو نوع من أنواع الأذية، أو أعان على ذلك فقد ضيع ذمة الله).
حماية الأموال، وهي مشابهة لحماية الدماء والأعراض، وكان من ضمن المعاهدة التي وقعها النبي مع نصارى نجران قوله: "ولنجران وحاشيتها جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله على أموالهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير".
والواقع التطبيقي لأحكام الشريعة يظهر بوضوح هذه الحماية لكل ممتلكات غير المسلمين، فلهم الحق في دخول كل المعاملات الاقتصادية وممارسة كل الصفقات وما سوى ذلك من مظاهر الحرية الاقتصادية، والتملك.
كفالة بيت المال، فالمجتمع الإسلامي يكفل للمسلم وغيره كل الاحتياجات، وبخاصة عند العجز عن الكسب والعمل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع.... وكلكم مسئول عن رعيته»[19].
والأمثلة على ذلك كثيرة، فأهل الذمة هم من أولى الناس مع المسلمين بالبر والصلة، وكانت ضمانات المجتمع المسلم واضحة ضد الفقر والعجز والشيخوخة لكل فئات المجتمع، لا تفريق بين مسلم وغيره، فهذا صلح خالد بن الوليد - رضي الله عنه - مع أهل الحيرة جاء فيه: "وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيا فافتقر، وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله، ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام".
وقد أقر الخليفة الصديق - رضي الله عنه - خالدا - رضي الله عنه - على ذلك، وقد قيل: إن مساعدة الذمي من بيت مال المسلمين - حال عجزه - أمر قد أجمعت عليه الأمة.
الحريات العامة:
وتشتمل هذه الحريات على ما يلى:
حرية المعتقد وممارسة الشعائر وصون أماكن العبادة، وقد أقر الإسلام - بوضوح تام - حرية الاعتقاد لكل الناس، فلا إكراه لأحد على دخول الإسلام وإن كان يدعوهم إليه، والدعوة إلى دخول الإسلام والإجبار عليه أمران متضادان: الأول جائز مشروع، والثاني حرام ممنوع بقوله عز وجل: )ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين (125)( (النحل) وقوله: )لا إكراه في الدين( (البقرة: 256) والقاعدة في ذلك هي قول الإمام على كرم الله وجهه: "نتركهم وما يدينون".
والشواهد التاريخية على هذا كثيرة، من زمن النبي إلى عصرنا الحاضر؛ فقد جاء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يهود المدينة "... لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم". وفي عهده - أيضا - لأهل نجران "... ولا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، وليس عليه دنية"[20].
وقد حفظ الإسلام رجال الدين المسيحيين واليهود من سطوة الحروب، فقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم«لا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع» [21]، وفي خطبة الصديق إلى جيوشه لتحرير العراق والشام جاء قوله: "وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له".
وجاء في عهد الفاروق - رضي الله عنه - إلى أهل القدس ضمانة واضحة لحريتهم الدينية وحرمة معابدهم وشعائرهم ما نصه: "هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، سقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شىء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم".
ومن أبلغ الأمثلة على تسامح الإسلام الرفيع سماح النبي صلى الله عليه وسلم لوفد نصارى نجران - وكانوا ستين شخصا [22].
والحق الذي يجب الصدع به أن أعظم الشواهد الواقعية على حرية المعتقد في الإسلام، هو ما يرى الآن، وبعد فترة حكم دامت أربعة عشر قرنا، من أماكن العبادة: فالكنائس والمعابد والأديرة منتشرة في كل مكان من بقاع العالم الإسلامي شرقا وغربا، وهي شواهد تنطق بحرية المعتقد التي جاء بها الإسلام، فلو أن المسلمين كانوا كغيرهم من أتباع الملل والنحل، لما شوهد برج كنيسة واحد ولما سمع صوت ناقوس، على حين أن الآخرين كانوا يستأصلون شأفة[23] المسلمين في ديارهم فما الأندلس منا ببعيد، وما البوسنة والهرسك عنا بغائبة.
حرية الفكر والتعلم، فعندما أرسى الإسلام قواعد المجتمع الإسلامي كان من بين ما أسسه نشر العلم بين كل فئات ذلك المجتمع، وأبلغ دليل على ذلك هو كثرة الإنتاج العلمي الذي ظهر على أيدي غير المسلمين في شتى المجالات العلمية، واشتهرت أسماء علماء كثيرين من اليهود والنصارى وغيرهم؛ فليس في أحكام الإسلام ما يمنع غير المسلمين من حرية الفكر والتعلم، ولهم تعليم أبنائهم وتنشئتهم وفق مبادئ دينهم، ولهم إنشاء المدارس الخاصة بهم.
وكانت أول مظاهر هذه الحرية قد ظهرت في تطبيقات الرسول العملية؛ إذ كان من ضمن الغنائم التي آلت إلى المسلمين بعد فتح خيبر مجموعة كبيرة من نسخ التوراة، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بردها مباشرة إلى أصحابها اليهود.
ولقد كانت الجامعات والمعاهد الإسلامية - عبر التاريخ - مفتوحة على مصاريعها لأهل الذمة، حتى تتلمذوا على أيدي علماء المسلمين وفقهائهم، فدرس حنين بن إسحق على يد الخليل الفراهيدي وسيبويه حتى أصبح حجة في اللغة العربية، وتتلمذ يحيى بن عدي على يد الفارابي، ودرس ثابت بن قرة على يد محمد بن موسى[24].
حرية التنقل، فلغير المسلمين من أهل الديانات الأخرى حرية التنقل والحركة، والسفر والترحال من بلد لآخر، في أي وقت شاءوا، ولأي اتجاه ساروا، فقد جاء في العهد الذي أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل أيلة النصارى قرب العقبة: "بسم الله الرحمن الرحيم هذه أمنة من الله، ومحمد النبي رسول الله إلى يوحنا بن رؤبة، وأهل أيلة سفنهم وسياراتهم في البر والبحر: لهم ذمة الله، وذمة محمد النبي، ومن كان معهم من أهل الشام واليمن.. وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يريدونه من بر وبحر".
حرية العمل والكسب وتولى مناصب الدولة:
إن أبواب العمل مفتوحة للمسلمين ولغيرهم لممارسة أي عمل أو مهنة، وهذا ما دفع غير المسلمين داخل المجتمع الإسلامي بكل ثقة وطمأنينة أن يتوجهوا إلى الأعمال التي تدر أكبر قدر من الأرباح، فقد كانوا صيارفة وصياغا وتجارا وأطباء.
وكذلك الأمر بالنسبة لتولي وظائف الدولة، فلهم مطلق الحرية في ذلك باستثناء الوظائف التي لها السمة الدينية الاعتقادية البحتة كالإمامة العامة والقضاء.
ولعل في شهادة السير توماس أرنولد صاحب كتاب (تاريخ الدعوة إلى الإسلام) أبلغ دليل على ما سبق عرضه، فقد بين أنه كانت لأهل الذمة فترات طويلة تعتبر العهود الزاهرة في تاريخهم، لما لقيه هؤلاء من تسامح في ممارسة شعائرهم الدينية، وفي بناء الكنائس والأديرة، وفي مساواتهم بالمسلمين في الوظائف فكانت طوائف الموظفين الرسميين تضم مئات من المسيحيين، وقد بلغ عدد الذين رقوا منهم إلى مناصب الدولة العليا من الكثرة لدرجة أثارت شكوك المسلمين.
الحرية الاجتماعية:
والمقصود بها حرية ممارسة كل النشاطات الاجتماعية، كالمهرجانات والأعياد والزيارات، وكانت سمة المجتمع الإسلامي هي التعايش السلمي بين كل طوائفه وملله، وقد سبق الحديث عن الآية التي حثت على البر وحسن الصلة لغير المسلمين، وكان النبي يعود مرضى غير المسلمين، ويزور جيرانه منهم، ويتفقد أحوالهم، فيحسن إلى محتاجهم، ويتجاوز عن مسيئهم، ويدعوهم للإسلام بكل رفق ولين.
ولقد كان احتفال غير المسلمين بأعيادهم ومناسباتهم من الأمور المألوفة لدى المجتمع الإسلامي في جو من الحرية والتسامح.
موقف الإسلام من غير المسلمين خارج المجتمع الإسلامى:
غير المسلمين خارج المجتمع الإسلامي هم على ثلاث فئات: المحايدون، والمعاهدون، والمحاربون، وهذا عرض موجز عن علاقة المسلمين بهم:
المحايدون:
وهم ممن ليسوا في حالة حرب مع المسلمين، ولا تربطهم بالمسلمين معاهدات ولا علاقات، وليس بينهم وبين المسلمين حالة حرب أو عداء معلن، فهؤلاء لهم السلام، وعدم الاعتداء ماداموا على حالة من الحياد، مع استعداد المسلمين لقبول أي بادرة لإنشاء علاقات صداقة وتعاون؛ وذلك أن الأصل في علاقة المسلم مع الخارج غير المسلم في غير دار المسلم هو السلام والتعاون والبر.
وهذا كله مستمد من قوله عز وجل: )لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8)( (الممتحنة).
وهناك حالة أخرى للحياد، حيث يكون المسلمون في حالة حرب مع عدو معين، وهناك قوم آخرون لم يدخلوا هذه الحرب، وتربطهم بالمحاربين المسلمين علاقات، ولكنهم تجنبوا الدخول في الحرب ضد المسلمين، فهؤلاء يجري عليهم حكم الحياد من المسالمة، يقول عز وجل: )إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (90)( (النساء).
المعاهدون:
وهم من يرتبطون من خارج بلاد المسلمين بمعاهدات واتفاقيات ومواثيق مع المسلمين[25]، فهؤلاء لهم الوفاء الكامل، والتعاون على مبدأ العدالة، والاحترام المتبادل، ويجب على المسلمين الوفاء لهم بعهودهم وعدم الإخلال بها، ماداموا أوفياء من جانبهم؛ لأن الوفاء بالعهود والمواثيق من أعظم الواجبات الإسلامية يقول تعالى: )إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم( (التوبة: 4)، فإذا نقض هؤلاء المعاهدون عهودهم وجب معاملتهم بالمثل، حتى لو وصل الأمر إلى إعلان حالة الحرب معهم.
المحاربون:
وهم الذين في حالة حرب مع المسلمين؛ بسبب اعتدائهم وظلمهم وأذيتهم للإنسان مسلما أو غير مسلم، وبسبب منعهم لانتشار دعوة الله تعالى، والوقوف بوجهها بالقوة والعنف، فهؤلاء تنطبق عليهم قوانين الحروب.
رابعا. تسمية المخالفين "كفارا" لا يعني الاعتداء عليهم، والإسلام ليس بدعا في هذا:
إن لفظ "الكفر" في اللغة إنما يعني الستر والتغطية؛ ولأن غير المسلمين ستروا الإيمان الموجود في أصل نفوسهم، والمركوز في فطرتهم التي فطرهم الله عليها، بجحودهم وإنكارهم، فلذلك سموا "كفارا"، فالتسمية - أساسا - تسمية لغوية، وهي فقط لتمييز من دخل في الإسلام ممن لم يدخل فيه، ولا تعني أبدا بأي حال من الأحوال، ظلم الآخر، أو الاعتداء عليه بدون مبرر أو سبب، بل إن نصوص الشريعة تنهى عن الاعتداء والجور على الآخرين كما سبق أن وضحنا، ولم يحدث في تاريخ الإسلام والمسلمين أنهم اعتدوا على أحد لمجرد أنه كافر فقط.
إن وصف الكفر يطلقه كل ذي دين على من يخالفه، حتى إن كفار قريش كانوا يكفرون من يدخل في الإسلام، ويقولون: لقد صبأ فلان، أي: رجع عن دين آبائه، بل إن طوائف الدين الواحد قد يكفر بعضها بعضا.
ثم إننا نوجه سؤالا مهما لأصحاب هذا الادعاء ونقول لهم: ماذا يسمى غير المسلمين المسلمين؟ هل يسمونهم مؤمنين مثلهم؟ لا شك أن موقف الإسلام في مثل هذا هو كموقف غيره من الأديان والعقائد. ويا ليت الأمر اقتصر على أن يسمى أتباع الديانات الأخرى مخالفيهم في العقيدة "كفارا" فهذا لفظ للتمييز وليس فيه من التحقير والامتهان ما يطلقه اليهود على غيرهم، حيث يسمون غيرهم "أميين" ويستبيحون بذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم، بل الأعظم من ذلك جرما لفط "الجوييم" الذي يطلقونه على مخالفيهم في العقيدة، وهذا اللفظ يعنى: النجس والقذر.
ويبقى جانب آخر، هو أن ذلك مسلك يشبه أن ينتهي إلى نوع تسوية بين من آمن ومن لم يؤمن، وهذه نتيجة طبيعية متى أصبح "الشرك" و"الكفر" من جملة السباب الذي يجب على المسلمين أن ينزهوا عنه تنزها يفضي إلى نفيه وإثبات ضده من الإيمان الصحيح، وذلك - بلا شك - ليس توفيقا بين العقائد، بل هو تمييع لها جميعا. وإلغاء للفروق الكبرى بين التصورات الدينية المختلفة في أصولها وخطوطها العريضة.
خامسا. حقيقة الجزية والغاية من فرضها:
إن أدنى نظرة أو تصفح لتشريعات الإسلام في هذا الشأن لتؤكد أن الجزية مبلغ زهيد من المال، مقابل الحماية واستخدام مرافق الدولة، وتؤخذ من القادرين فقط، ويعفي منها الشيوخ والصبيان والنساء والفقراء.
إن أهل الكتاب في ظل الدولة الإسلامية ينتفعون بالمرافق العامة للدولة، كالقضاء والشرطة، وما سوى ذلك كالطرق والجسور ومشاريع الري، وهذا كله يحتاج إلى أموال يدفع المسلمون قسطها الأكبر، ويسهم أهل الكتاب بالجزية فيها، ولا يدفع الجزية منهم إلا قطاع ضئيل جدا هم الشباب القادرون على العمل، بل إن هذا القطاع يعفي منه الفقير والمريض وغير القادر على العمل، ويضم إلى ذلك القطاع الأكبر وهم الشيوخ والصبيان والنساء، وهؤلاء جميعا لا يعفون من دفع الجزية فقط، بل يسهم لكثير منهم من بيت مال المسلمين ما يسد حاجتهم.
وعلى هذا فإننا إذا قمنا بمقارنة بين ما تحصله الدولة المسلمة من أهل الكتاب في مقابل ما تنفقه عليهم "في صورة إعانات، أو مرافق يستخدمونها، أو إعفاء من القتال" سوف نجد أن ما تنفقه الدولة أكثر بكثير مما تحصله منهم.
فهل في هذا اضطهاد، وسلب للحريات، وإرهاق بضرائب، أم إنها رحمة الإسلام الواسعة التي تشمل العالمين: )وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (107)( (الأنبياء).
سادسا. شهادات غير المسلمين على سماحة الإسلام مع مخالفيه:
إن التاريخ يشهد أن اليهود وغيرهم لم يذوقوا طعم الأمن والحرية إلا في ظل الدولة الإسلامية، وذلك ما شهد به المنصفون من دارسي الحضارة الإسلامية الغربيين، والشهادات حول هذا الموضوع كثيرة؛ بحيث يضيق المقام عن ذكرها، لذا سنكتفي بذكر نزر يسير منها، وما أحوج الغربيين اليوم إلى تذكر هذا الذي شهد به المنصفون منهم:
فهذا غوستاف لوبون يؤكد: أن أهم ما تميز به المسلمون الفاتحون هو دماثة خلقهم وتسامحهم الذي فاق كل الحدود، وكان لذلك كبير الأثر على البلاد التي فتوحها، فيقول: "إن أظهر ما يتصف به الشرقيون - المسلمون - هو أدبهم الجم، وحلمهم الكبير وتسامحهم، ووقارهم في جميع الأحوال، وقد أورثهم إيمانهم طمأنينة روحية، في حين تورثنا أمانينا واحتياجاتنا المصنوعة قلقا دائما يبعدنا عن تلك السعادة"[26].
أما روبرتسون فيرى أن المسلمين تفردوا دون غيرهم؛ بحرصهم الكبير على دينهم، وتوصيله لكل من يحيا على ظهر الأرض، في إطار من السماحة والمشروعية، يقول: "إن المسلمين وحدهم هم الذين جمعوا بين الغيرة على دينهم، وروح التسامح نحو أتباع الديانات الأخرى، وإنهم مع امتشاق الحسام تركوا لمن لا يرغب حرية التمسك بدينه".
كما شهد البطريق عيشوبايه بأن "العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون: "إنهم ليسوا أعداء النصرانية، بل يمتدحون ملتنا، ويوقرون قديسينا وقسسينا، ويمدون يد المعونة إلى كنائسنا وأديرتنا"[27].
ويقرر الإنجليزي السير توماس أرنولد في كتابه القيم "الدعوة إلى الإسلام" أن النصارى الذين اعتنقوا الإسلام إنما اعتنقوه عن رغبة جامحة لا عن إرغام وإكراه فيقول: "لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة، وأن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين هم الشاهد على هذا التسامح"[28].
ثم يبرهن على ذلك بقوله: "لم نسمع عن أية محاولة مدبرة لإرغام الطوائف من غير المسلمين على قبول الإسلام، أو عن اضطهاد وظلم قصد منه استئصال الدين المسيحي، ولو اختار الخلفاء تنفيذ إحدى الخطتين لاكتسحوا المسيحية بتلك السهولة التي أقصى بها فرديناند دين الإسلام من إسبانيا، أو التي جعل بها لويس الرابع عشر المذهب البروتستانتى[29] مذهبا يعاقب عليه متبعوه في فرنسا، أو بتلك السهولة التي ظل اليهود بها مبعدين عن إنجلترا مدة خمسين وثلاثمائة سنة".
ومن وجهة نظره الخاصة يرى توماس أرنولد أن بقاء دور العبادة المسيحية دليل واضح على ما يقوله: "ولهذا فإن مجرد بقاء الكنائس - حتى الآن - ليحمل في طياته الدليل القوي على ما أقدمت عليه سياسة المسلمين في الدول الإسلامية - بوجه عام - من تسامح"[30].
أما زيغريد هونكه فقد نقلت في كتابها "شمس العرب تسطع على الغرب" مقولة لأحد ملوك الفرس الذين بهرتهم سماحة هذا الدين، ويسمى كيروس يقول: "إن هؤلاء المنتصرين لا يأتون مخربين يدمرون البلاد ويقتلون العباد وينشرون الفساد".
ويرى القس[31] ميشو أن القرآن له الأثر الكبير في أهله، فقد أمرهم بالجهاد وفي نفس الوقت أوجب عليهم التسامح في كل الأحوال، كما يرى أنه من العار على الشعوب المسيحية ألا تتعلم السماحة من المسلمين فيقول: "إن القرآن الذي أمر بالجهاد متسامح نحو أتباع الأديان الأخرى، وقد أعفى الرهبان والبطارقة وخدمهم من دفع الجزية، وحرم قتلهم لعكوفهم على العبادة".
ثم يواصل قائلا: ".. ومن المؤسف ألا تقتبس النصرانية من المسلمين التسامح الذي هو آية الإحسان بين الأمم واحترام عقائد الآخرين، وعدم فرض أي معتقد عليهم إكراها"[32].
وقد قارن ميشو في كتابه "سماحة دينية في الشرق" بين الفتح الإسلامي للقدس في عهد عمر، والاستيلاء المسيحي على القدس، وقد عاب على المسيحيين أنفسهم عدم تحليهم بروح التسامح فقال: "لما استولى عمر على مدينة أورشليم، لم يفعل بالمسيحيين ضررا مطلقا، ولكن لما استولى المسيحيون قتلوا المسلمين ولم يشفقوا، وأحرقوا اليهود حرقا، ولقد أيقنت من تتبعي للتاريخ أن معاملة المسلمين للمسيحيين تدل على ترفع في المعاشرة عن الغلظة، وحسن مسايرة ولطف ومجاملة، وهو إحساس لم يشاهد في غير المسلمين إذ ذاك، خصوصا أن الشفقة والرحمة والحنان كانت أمارات ضعف عند الأوربيين، وهذه حقيقة لا أرى وجها للطعن فيها".
وكان للتسامح الإسلامي في البلدان المفتوحة أثر كبير في انطباعات الشعوب المجاورة لهذه البلاد، حتى إن أغلبها تمنت الفتح الإسلامي، ووجدت فيه الملجأ والملاذ، يقول ترومان بينزا: "لما فتح العثمانيون القسطنطينية كان أكثر الشعب المسيحي في عشية الكارثة ينفرون من أي اتفاق مع كنيسة روما الكاثوليكية[33] أشد من نفورهم من الاتفاق مع المسلمين، وما زال الناس يرددون الكلمة المشهورة التي نطق بها رئيس ديني في بيزنطية في ذلك الحين، وهى: "إنه لخير لنا أن نرى العمامة التركية في مدينتنا من أن نرى فيها تاج البابوية".
وقد شهدت أوربا نفسها صورا مشرقة من تسامح المسلمين فتعامل المسلمون - كدأبهم - مع أهل الأندلس معاملة طيبة وكفلوا لهم حرية العقيدة، بل قلدوهم الوظائف الرفيعة والمناصب العليا.
يقول الكونت هنري دي كاستري: في كتابه "الإسلام خواطر وسوانح": "وإذا انتقلنا من الفتح الأول للإسلام إلى استقرار حكومته استقرارا منظما رأيناه أكثر حسنا، وأنعم ملمسا، فما عارض العرب قط شعائر الدين المسيحى".
ثم ينقل عن دوزي قوله: "لقد أبقى المسلمون سكان الأندلس على دينهم وشرعهم وقضائهم وقلدوهم بعض الوظائف، حتى كان منهم موظفون في خدمة الخلفاء وكثير منهم تولى قيادة الجيوش، وتولد عن هذه السياسة الرحيمة انحياز عقلاء الأمة الأندلسية إلى المسلمين، وحصل بينهم زواج كثير، وكم من أندلسي بقي على دينه، ولكن أعجبته حلاوة التمدن العربي، فتعلم اللغة وآدابها، وصار القسس يلومونهم على ترك ألحان الكنيسة والتعلق بأشعار الظافرين، وكانت حرية الأديان بالغة منتهاها؛ لذلك لما اضطهدت أوربا اليهود، لجئوا إلى خلفاء الأندلس في قرطبة؛ لكن لما دخل الملك كارلوس سرقسطة أمر جنوده بهدم جميع معابد اليهود ومساجد المسلمين، ونحن نعلم أن المسيحيين أيام الحروب الصليبية ما دخلوا بلادا إلا أعملوا السيف في يهودها ومسلميها، وذلك يؤيد أن اليهود إنما وجدوا مجبرا وملجأ في الإسلام، فإن كانت لهم باقية حتى الآن فالفضل فيها راجع لسماحة المسلمين"[34].
يقول ميخائيل الأكبر بطريرك أنطاكية بعد أن استعرض سلسلة الاضطهادات التي وقعت على أيدي هرقل ورجاله: "وهذا هو السبب في أن إله الانتقام الذي تفرد بالقوة والجبروت، والذي يديل دوله البشر كما يشاء - فيؤتيها من يشاء، ويرفع الوضيع - لما رأى شرور الروم الذين لجئوا إلى القوة فنهبوا كنائسنا وسلبوا أديارنا في كافة ممتلكاتهم، وأنزلوا بنا العقاب في غير رحمة ولا شفقة، أرسل أبناء إسماعيل (المسلمين) من بلاد الجنوب؛ ليخلصنا على أيديهم من قبضة الروم، ولما أسلمت المدن للعرب خصص هؤلاء لكل طائفة الكنائس التي وجدت في حوزتها، ومع ذلك لم يكن كسبا هينا أن نتخلص من قسوة الروم، وأن نجد أنفسنا في أمن وسلام".
يقول أدوالدويلي أحد رهبان القديس دييس القسيس الخاص بلويس السابع في الحرب الصليبية الثانية 1148م - يقول عن إسلام ثلاثة آلاف صليبي وانضمامهم إلى جيوش المسلمين: "لقد جفوا إخوانهم في الدين، كانوا قساة عليهم، ووجدوا الأمان بين الكفار (يعني المسلمين) الذين كانوا رحماء عليهم، ولقد بلغنا أن ما يربو على ثلاثة آلاف قد انضموا - بعد أن تقهقروا - إلى صفوف الأتراك.. آه.. إنها لرحمة أقسى من الغدر، لقد منحوهم الخبز، ولكنهم سلبوهم عقيدتهم، ولو أن من المؤكد أنهم لم يكرهوا أحدا من بينهم على نبذ دينه، وإنما اكتفوا بما قدموه لهم من خدمات".
أما شهادة د. فيليب حتى فهي شهادة من نوع خاص لسببين أولهما: أنه مسيحي، وثانيهما: أنه عربي تجري في عروقه دماء العروبة، فهو يمتدح الإسلام، ويرى جدارته باستيعاب كل من يعيش تحت سمائه، في إطار من العدل والتسامح، فيعرف الإسلام بأنه "حضارة عامة شاملة تنظم كل من يعيش تحت سمائها في حرية وصفاء، ويعيش غير المسلمين والمسلمون على قدم المساواة تربطهم روابط المحبة والأخوة".
وبعد، فهذا نزر يسير من شهادات غير المسلمين من الذين وقفوا على حقيقة هذا الدين السمح بعظمته التي لا تضاهيها عظمة، وبإنسانيته التي ليس لها حدود، فلم يستطع هؤلاء أن يكتموا شهادتهم، أو أن يسلبوه حقه، فأنطقهم الله الذي أنطق كل شىء.
الخلاصة:
إن أدنى تأمل في عقيدة الإسلام وتشريعاته الخالدة يوضح أن الإسلام دين الرحمة والتسامح، وإفشاء السلام وهداية الناس إلى الخير والصلاح، وليس فيه ما يحض على الكراهية والعداء؛ مصداقــا لقولـه تعالــى: )ومــا أرسلنــاك إلا رحمــة للعالميــن (107)( (الأنبياء).
حتى الحرب في الإسلام لها ضوابط وأخلاق، فهي حرب شريفة بعيدة عن الاعتداء والجور، وليس في تاريخ المسلمين حروب جائرة، والعالم يشهد بنزاهة حروب المسلمين وأخلاقياتها.
لقد أثبت التاريخ أن غير المسلمين في كنف الدولة الإسلامية هم أسعد الناس، وذلك بما كفله لهم الإسلام من حقوق، جذبت كثيرين منهم إليه، طوعا لا قسرا.
تسمية الغير "كفارا" لا يعني ظلمهم أو الاعتداء عليهم؛ فهي للتمييز فقط بين من دخل في الدين ومن لم يدخل، والإسلام لم يأت بجديد في هذا؛ فكل ذي دين يطلق على مخالفيه "كفارا".
الجزية مبلغ زهيد من المال مقابل الحماية واستخدام مرافق الدولة، ولا تؤخذ إلا من الرجال القادرين على العمل، أما النساء والأطفال والشيوخ فيعفون منها، بل يسهم لكثير منهم بما يكفي حاجاته ويغنيه عن سؤال الناس.
شهادات المنصفين من غير المسلمين على سماحة الإسلام في تعامله مع الآخر الثابتة تؤكد كذب هذا الادعاء وتفضح زيف مدعيه.
(*) الإسلام في قفص الاتهام، د. شوقي أبو خليل، دار الفكر، دمشق، ط6، 1425هـ/ 2004م. قرآن أمريكي ملفق "الفرقان الحق"، د. إبراهيم عوض، زهراء الشرق، القاهرة، 1425هـ/ 2004م. قصة الحضارة، ول ديورانت، ترجمة: محمد بدران، دار الجيل، بيروت، 1418هـ/ 1998م.
[1]. الضرائب: جمع الضريبة، وهي ما يفرض على الملك والعمل والدخل للدولة.
[2]. الجزية: ما يؤخذ من أهل الذمة نظير حمايتهم.
[3]. أخرجه البخاري في صحيحه، أبواب الجزية والموادعه، باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم (2995)، وفي موضع آخر.
[4]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الخراج، باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات (3054)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجزية، باب لا يأخذ المسلمــون من ثمــار أهــل الذمــة (18511)، وصححــه الألبانـي في صحيــح الجامــع (2655).
[5]. البينة: الحجة الواضحة، البرهان، الدليل.
[6]. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب آداب القاضي، باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه والاستماع منهما (20252).
[7]. الدرة: لؤلؤة عظيمة كبيرة.
[8]. آس: سو أو اعدل.
[9]. الحيف: الظلم والجور.
[10]. الثنية: هي الأسنان الأربع في مقدم الفم.
[11]. مثل به: عذبه ونكل به بجدع أنفه أو قطع أذنه أو غيرهما.
[12]. أخرجــه ابـن أبـي شيبــة في مصنفــه، كتــاب المغـازي، بــاب غـزوة بـدر الكبـرى (36739).
[13]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة (4722).
[14]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث (4619).
[15]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب قتل الصبيان في الحرب (2851)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تحريم قتل النساء والصبيان (4645).
[16]. حسن: أخرجه أحمد في مسنده، من مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (2728)، وأبو يعلى في مسنده (4/ 422) برقم (2549)، وحسنه الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[17]. الكراع: الخيل.
[18]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الخراج، باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات (3054)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجزية، باب لا يأخذ المسلمون من ثمــار أهــل الذمــة (18511)، وصححــه الألبانـي في صحيـح الجامــع (2655).
[19]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب المرأة راعية في بيت زوجها (4904)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر (4828).
[20]. الدنية: الدنيئة، النقيصة.
[21]. حسن: أخرجه أحمد في مسنده، من مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (2728)، وأبو يعلى في مسنده (4/ 422) برقم (2549)، وحسنه الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[22]. السيرة النبوية، ابن هشام، دار المعرفة، بيروت، 1403هـ/ 1983م، ج1، ص574 بتصرف.
[23]. استأصل شأفته: قضى عليه وأنهى وجوده تماما.
[24]. مواطنون لا ذميون، فهمي هويدي، دار الشروق، القاهرة، ط4، 1426هـ/ 2005م، ص71.
[25]. آثار الحرب في الفقه الإسلامي، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، 1998م، ص177.
[26]. مجلة منار الإسلام، الإمارات، جمادي الأولى 1418هـ، ص117 وما بعدها.
[27]. التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام، محمد الغزالي، نهضة مصر، القاهرة، 2003م، ص41 بتصرف.
[28]. سماحة الإسلام، د. أحمد الحوفي، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1997م، ص83.
[29]. المذهب البروتستاني: مذهب ديني مسيحي، نشأ عن حركة الإصلاح الديني التي قادها مارتن لوثر، وتدعو إلى تحرر الفرد من سلطان الكنيسة وتجعله مسئولا أمام الله تعالى وحده، وتتبعه عدد من الكنائس؛ كالإنجيلية والمعمدانية وغيرهما، ويقابلها الكاثوليكية الرومانية والأرثوذكية الشرقية.
[30]. مجلة منار الإسلام، الإمارات، جمادي الأولى 1418هـ، شعبان 1428هـ، ص117.
[31]. القس أو القسيس: الكاهن، وهو من كان بين الأسقف والشماس.
[32]. مجلة منار الإسلام، الإمارات، جمادي الأولى 1418هـ ، ص117 وما بعدها.
[33]. الكاثوليكية: التي تتبع سلطة البابا في روما.
[34]. سماحة الإسلام، د. أحمد الحوفي، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1997م، ص83 وما بعدها.
التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب الثاقب. ; 24-01-2015 الساعة 09:10 PM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة الشهاب الثاقب. في المنتدى شبهات حول العقيدة الإسلامية
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 23-02-2018, 03:02 PM
-
بواسطة a91ch في المنتدى المرأة في النصرانية
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 05-07-2016, 03:11 PM
-
بواسطة هايدى السويدى في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 04-04-2014, 08:34 AM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-03-2010, 11:58 PM
-
بواسطة مـــحـــمـــود المــــصــــري في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 04-01-2006, 01:34 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات