يجب إحترام الكاهن حتى لو أتى منه سلوك شخصى غير لائق!!!
بقراءة وتحليل كتاب “منهج اللاهوت الرعوي” للأنبا تادرس وذلك لكشف أسرار “سر الكهنوت” الذي يعتبر تاج الأسرار في الكنيسة. وهذا الكتاب هو إحدى الكتب التي يتم تدريسها في الكلية الإكليريكية التي تقوم بتخريج القساوسة واللاهوتيين. وكنا قد رأينا أن الكهنوت هو إشراك للبشر في أعمال الله وأن الكاهن يستمد سلطانه من سلطان إله النصارى الذي يكون بين يدي الكاهن على المذبح. ورأينا أيضا أن الكاهن في النصرانية أفضل من الأنبياء والرسل عليهم السلام وأنه هو الوسيط بين إله النصارى وشعب الكنيسة في طلباتهم وأن الكهنة هم مصدر التشريع وذلك في ظل غياب الشريعة في النصرانية. كل ذلك يجعل لدى الكهنة سلطة مطلقة منحوها لأنفسهم بتحريفهم للإنجيل!!! في هذا الجزء سنواصل تصفح صفحات كتاب “منهج اللاهوت الرعوي” لمعرفة الغرض من السلطة الكهنوتية وما يزعمه الكهنة من سلطان وسلطات وكذلك كيف يجب على شعب الكنيسة معاملتهم. وأخيرا كيفية معاملة من يأتي منهم بسلوك خاطيء لنكتشف دور سر الكهنوت في تزايد الإنحراف بين رجال الكهنوت. يتضح الغرض من إعطاء الكهنة لأنفسهم هذه السلطة المطلقة في كلام يوحنا ذهبي الفم:
وفى هذا يتأمل يوحنا ذهبى الفم: “أى سلطان يكون أعظم من هذا؟ إذا أعطى ملك لإنسان أن يضع من يريد فى السجن ويطلق سراح من يريد، فسوف يكون لهذا الإنسان احترام بين الشعب كله، فما بالك بمَلك الملوك؟ الله يعطى الكهنوت هذه الكرامة وهذا السلطان العظيم. أفلا يستحق الكاهن احترام الشعب وتوقيره؟ فالأشياء الصالحة التى تـُدخِلنا ملكوت السموات كلها تتم عن طريق الكهنة؛ من ولادة ثانية، إلى أكل جسد الرب ودمه.” ويقول رب المجد: “إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يرى ملكوت الله.” (يو 3:3) وأيضًا: “من يأكل جسدى ويشــــرب دمـــى يثبت فــَّى وأنا فيه.” (يو 56:6) فكيف يمكن لأى إنسان دون هذه الأمور– التى لا تتم سوى بواسطة الكاهن – أن يربح الأكاليل المعدَّة للفائزين؟
وبذلك أصبح الطريق إلى الله ودخول ملكوت السموات لا يكون إلا عن طريق الكهنة الذين أصبحوا الوسيط بين شعب الكنيسة وربه وكأنهم مندوبين إله النصارى في الأرض. ولذلك لا يمكن مخالفتهم أو نقاشهم وإلا حرموا من غضبوا عليه من دخول الملكوت مثلما حدث مع دكتور جورج حبيب بباوي عندما إختلف مع البابا شنودة فحرمه الأخير من الملكوت!!! وكأن الملكوت أصبح ملكا للكهنة يوزعونه كما يشاءون. وهذا بالضبط ما كانت تقوم به الكنيسة في العصور الوسطى حيث كانت تبيع أجزاء من الملكوت لمن يدفع وحسب المواصفات التي يطلبها فيما يعرف بصكوك الغفران. ثم يوضح لنا الكتاب كيف يجب أن يعامل شعب الكنيسة كهنتها كمختارين ومرسلين من إله النصارى نفسه:
لذلك يجب علينا أن نكرم الكهنوت بما يليق وكرامة مَن اختارهم وأرسلهم الله نفسه. نكرمهم أكثر من الوالدين، لأن الوالدين ولدونا من مشيئة رجل، أما الكهنة فولدونا من الله ولادة روحية وأعطونا نعمة البنوة لله والحرية مـِن قِــبله.
وبهذا أصبح الكهنة هم مصدر هداية الشعب ومصدر نعمته فيجب تكريمهم أكثر من الوالدين!!! ولذلك نجد أن النصراني ـ مهما تكن مكانته ـ ينحني ليقبّل أيدي أي رجل دين نصراني ويلقبه بـ”قدس أبونا” أو “قداسة الأب” مما يعكس إمتلاكهم قدسية خاصة. والغريب أننا لا نجد أي رجل دين يرفض ذلك بل ـ على العكس ـ تكسوا وجوههم إبتسامة عظمة ورضا وهم يقدمون أيديهم ليقبّلها الرجال والنساء والأطفال وكأن ذلك يرضي لديهم غرور العظمة ويشبع مرض السلطة.
ثم يكشف لنا الكتاب عن أن سلطان كهنة النصرانية أكثر كثيرا من سلطان الكهنوت في العهد القديم:
فى العهد القديم أعطى الله للكهنوت سلطانـًا لشفاء بعض الأمراض، فما بالنا بالعهد الجديد؟ أعطى الله كهنوت العهد الجديد سلطانـًا أكثر بكثير.
وهنا يجب أن نسأل النصارى عن سلطان الشفاء هذا ولماذا لم يستخدمه البابا يوحنا بولس الثاني الذي فقد القدرة على الكلام وعلى التحكم في الإخراج؟ ولماذا لا يستخدمه البابا شنودة الذي يتكرر سفره إلى أكبر مستشفيات العالم للعلاج من أمراض كثيرة يعاني منها؟!! ثم يتوعد الكتاب من يحتقر الكهنة باللعنة والعقاب الشديد:
لذلك فإن الذين يحتقرون الكهنة يستوجبون اللعنة أكثر من داثان وجماعته، ويستحقون عقابًا أشد قساوة.
وطبقا للكتاب المقدس فإن داثان وجماعته إعترضوا على موسى ـ عليه السلام ـ وخالفوه. فتم عقابهم بأن أكلتهم النار وابتلعتهم الأرض هم وبيوتهم كما جاء في سفر العدد الإصحاح 16: (31 فلما فرغ من التكلم بكل هذا الكلام انشقت الارض التي تحتهم 32 وفتحت الارض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الاموال. 33 فنزلوا هم وكل ما كان لهم احياء الى الهاوية وانطبقت عليهم الارض فبادوا من بين الجماعة. 34 وكل اسرائيل الذين حولهم هربوا من صوتهم. لانهم قالوا لعل الارض تبتلعنا. 35 وخرجت نار من عند الرب واكلت المئتين والخمسين رجلا الذين قرّبوا البخور) هذا عقاب من خالف موسى عليه السلام، ويستحق من يخالف الكهنة عقابا أشد قساوة ويستوجب اللعنة أكثر منهم!!! وبالتالي نجد مرة أخرى أن الكهنة في النصرانية أفضل من الأنبياء ويستحق من يخالفهم عقابا أشد من عقاب من خالف الأنبياء. وبناءا على ذلك، فلا يستطيع نصراني واحد أن يعترض أو يكذّب أي كاهن أو يراجعه في ما يقول. ومثال على ذلك طاعة النصارى العمياء لزكريا بطرس وبالرغم من إثبات كذبه وتدليسه بالدليل والبرهان وعدم مقدرة أي نصراني على إثبات العكس، إلا أننا نجدهم منساقين وراءه بلا إرادة أو مراجعة لكلامه مما جعله يتمادى في أكاذيبه. كل هذا لأنه يملك سلطة الكهنوت كسيف مسلط على رقابهم. ثم نأتي إلى أخطر شيء ذكره كتاب “منهج اللاهوت الرعوي” للأنبا تادرس عن الكهنوت:
الكاهن هو الذى يصلح الإنسان مع الله. لذلك يجب له الإحترام، حتى لو أتى منه سلوك شخصى غير لائق. طالما أن كهنوته محفوظ فله الإحترام.
هل عرفنا سبب إنحراف الكثير من القساوسة ورجال الدين النصارى؟ إنها فقرة خطيرة جدا حيث لم تضع حدا لإنحراف الكاهن يمكن بعده لشعب الكنيسة الشكوى منه. ولذلك نجد أن إنحرافات القساوسة تكون مزمنة ولا يتجرأ شعب الكنيسة على كشفها إلا إذا فاض الكيل بأحدهم. ولعل قضية برسوم المحرقي في دير المحرق أكبر مثال على ذلك حيث إستمر في الزنا مع حوالي 5000 نصرانية على مدار سنوات عديدة ولم تجرؤ إحداهن على الشكوى حتى جاءت إحداهن وقد فاض بها الكيل ففضحته. والغريب أن النصارى تظاهروا إعتراضا على نشر فضيحته وليس للمطالبة بعقابه والقصاص منه!!! ونفس الشيء يحدث في حالات الكشف عن حالات إغتصاب القساوسة للأطفال في الكنائس حينما يعترف أحدهم بعد بلوغه بما حدث له في طفولته من القساوسة. وما خفي كان أعظم…
هذا الكلام يبدو طبيعي جداً مقارنة بمعاملة شعب الكنيسة للكهنة ، فهم ينسبون أفعال لا تليق بالإله المعبود والأنبياء وينزهون هؤلاء الكهنة عن فعلها !
السؤال هنا : لو هذا الكاهن (سيء السمعة) ويأتي منه سلوك غير لائق ، ما هو وضعه بخصوص قيامه بالمعمودية والأسرار المقدسة ؟
دعونا نقرأ يا سادة ما يقوله البابا شنودة الثالث حول هذه النقطة
اقتباس
10'- هل تسري مفاعيل المعمودية إذا كان الكاهن الذي يجريها سيء السيرة؟
إن النعم التي تأخذها في المعمودية هي من الله، وليست من الكاهن الذي هو مجرد خادم لله مانحها. تتوقف علي صدق مواعيد الله ومواهبه، ولا تتوقف علي سيرة الكاهن. إن الكاهن مثل ساعي البريد، يحمل لك خطابًا مفرحًا. سواء كان هذا الساعي جميل الخلقة أو دميمها، فالخطاب المفرح هو هو لا يتغير.
أو هو كالزارع الذي يلقي البذار في الأرض فتثمر، سواء كان هذا الزارع بارًا أو مخطئًا. المهم في البذرة وقوة الحياة التي فيها، وليس في يد الزراع التي تلقيها.
وأنت قد تشرب الماء في كوب من ذهب أو كوب من نحاس. والماء هو هو بنفس طبيعته لم يتغير بنوع الكأس الذي يقدم لك الماء فيه. وهنا نحن نتكلم عن المعمودية وفاعليتها. ولا يجوز أن نخرج العقيدة من ناحيتها الموضوعية إلي نواح شخصية تتعرض لإدانة الآخرين، دون النظر إلي ما منحه الرب للبشر في المعمودية حسب كلمته الصادقة في الإنجيل.
وهل يجوز أن يمنح الرب لإنسان مكانة دينية هو لا يستحقها وغير مؤهل لها ! وخصوصاً ان هذا الإنسان (في المعتقد المسيحي) هو الإله على الأرض ولابد أن أوامره تطاع !
المفضلات