حقيقة (بولس) ؟؟
بقلم : عدنان علي الرنتيسي
فاننا نعلم ان الله تعالى قد أرسل عيسى عليه السلام نبياً ورسولا . وقد قدم المسيح عيسى عليه السلام نفسه لأمة بني إسرائيل (اليهود) كنبي ورسول ، وبلغهم رسالة الله ، وعرض عليهم المعجزات البينات التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ، وفي البداية قال علماء امته الدينيون أنه مدع النبوة ، ساحر ، كذاب ، وأنه طبقاً لشريعة اليهود ملعون ، وواجب القتل ، فأذوه وأذلوه ثم قدموه الى محكمتهم الدينية فحكمت عليه بالإعدام صلباً (كانت المحكمة بعد منتصف الليل ) وتم التصديق على تنفيذ الحكم بالإعدام من قبل الحاكم الروماني وذلك طبقاً لقانون الحكومة الرومانية التي كانت تمتلك السلطة في ذلك الوقت ، وطبقاً للقاعدة والتقاليد الرائجة تم صلب المسيح ودفنت الجثة وأطمان الناس الى ما فعلوه فقد قضوا على مدعي النبوة وقطعوا جذور دعوته الدينية ، ومن المعروف أن العالم المسيحي قد صدق كلام اليهود أعداء المسيح وأنه قد اعدم صلباً وهذا قائم على أساس عقيدة الكفارة وقد تم إيضاح هذا في الأناجيل التي ثبت تحريفها بالدلائل القاطعة ، الا أن القرآن الكريم يؤكد فشل خطة اليهود لصلب المسيح فقد رفعه الله الى السماء وقد شبه لهم قال تعالى :
{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً }النساء157بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }النساء158.
وطبقاً لبعض الروايات أن من صلب كان رجلاً منافقاً غداراً يقوم بالتجسس إلا أن حواريي المسيح المخلصين صادقي العهد قاموا بحمل دعوته وهديه إلى المناطق البعيدة واخذوا يرسلون تلاميذهم هنا وهناك ونجحوا في إبلاغ الدعوة بجهودهم المخلصة وتضحياتهم وظهرت بوادر نجاحهم حتى كادت تكلل بالنجاح وفجأة وقعت حادثة غير عادية إذ قام أحد العلماء اليهود المشهورين في ذلك الوقت ويدعى شاؤول وكان عدواً لدوداً للمسيحية قام بإيذاء كل من يقبل الدعوة المسيحية الخالصة إيذاء شديداً بكل الطرق الممكنة وكان يسلط عليهم الآخرين وكانت هذه هوايته المحببة لديه (3وكانَ شاوُلُ يَسعى إلى خَرابِ الكنيسةِ، فيذهَبُ مِنْ بَيتٍ إلى بَيتٍ ويُخرِجُ مِنهُ الرِّجالَ والنِّساءَ ويُلقيهِم في السِّجنِ.) سفر أعمال الرسل الإصحاح الثامن .
وقام هذا الرجل بخطة مفاجئة وبطريقة يمكن أن نقل عنها دراماتيكية وأعلن انه ذاهب إلى دمشق للكفاح والجهاد ضد المسيحية والمسيحيين يقول عن نفسه : وفي الطريق وعند مكان معين ظهر نور يصل ما بين السماء والأرض وسمعت صوت المسيح قادماً من السماء يخاطبني باللغة العبرية : يا شاؤول لماذا توذيني؟ ثم دعاني إلى الإيمان والى خدمة دينه وأوصاني بذلك فآمنت به بعد أن رأيت هذه المعجزة وهكذا أوقفت نفسي لخدمة هذا الدين والدعوة إليه(3وبَينَما هوَ يَقتَرِبُ مِنْ دِمَشقَ، سَطَعَ حَولَهُ بغتةً نُورٌ مِنَ السَّماءِ، 4فوقَعَ إلى الأرضِ، وسَمِعَ صَوتًا يَقولُ لَه: «شاوُلُ، شاوُلُ، لِماذا تَضطَهِدُني؟) سفر أعمال الرسل الإصحاح التاسع
وغير الرجل اسمه فلم يعد يدعى شاؤول بل أصبح يدعى بولوس(أمَّا شاولُ، فكانَ يَنفُثُ صَدرُهُ تَهديدًا وتَقتيلاً لِتلاميذِ الرَّبِّ. فذهَبَ إلى رَئيسِ الكَهنَةِ 2وطلَبَ مِنهُ رسائِلَ إلى مجامِـعِ دِمَشقَ، ليَعتَقِلَ الرِّجالَ والنِّساءَ الذينَ يَجدُهُم هُناكَ على مَذهَبِ الرَّبِّ ويَجيءَ بِهِم إلى أُورُشليمَ.) سفر أعمال الرسل الإصحاح التاسع
وذهب بولوس إلى حواريي المسيح فذكر لهم هذه المكاشفة وما أصابه من مشاهدة وانقلاب إلا أن الحواريين لم يكونوا على استعداد لتصديق ما قال بعد ما رأوا من إيذائه وظلمه للمؤمنين وشكوا في قوله إلا الحواري_ برنابه_ حواري جليل صدق قول شاؤول وأقنع الحواريين بذلك (26ولمَّا وصَلَ شاوُلُ إلى أُورُشليمَ حاوَلَ أنْ يَنضَمَ إلى التلاميذِ. فكانوا كُلُّهُم يَخافونَ مِنهُ ولا يُصَدِّقونَ أنَّهُ تِلميذٌ. 27فجاءَ بِه بَرنابا إلى الرُّسُلِ ورَوَى لهُم كيفَ رأى شاوُلُ الرَّبَ في الطَّريقِ وكَلَّمَهُ الرَّبُّ) سفر أعمال الرسل الإصحاح التاسع
وهكذا انضم شاؤول إلى الحواريين وصار منهم واتبع سلوكاً وطريقة جعلت عامة المسيحيين يعدونه زعيماً مسيحياً وبهذا حقق مكانة عظيمة غير عادية وأصبح رائداً ونموذجاً احتذى بين العامة وقال كونوا متمثلين بي كما أنا أيضاً بالمسيح ( إقتَدوا بـي مِثلَما أقتَدي أنا بالمَسيحِ ) سفر كورنوس الإصحاح 11 وبعد ذلك بدأ عملية التخريب والتحريف في الدين المسيحي وهو ما كان يهدف إليه ويقصده وقد فهم بذكائه الخارق وفراسته أن أسهل طريقة لإبعاد المسيحيين عن أصل الدين الذي جاء به المسيح هو أن يزيد من شأن المسيح إلى حد كبير ويجعله ابن الله أو شريكاً لله أو الله نفسه(31فتَنبَّهوا وتَذكَّروا أنِّي بِدُموعي نَصَحتُ كُلَ واحدٍ مِنكُم، ليلاً ونهارًا، مُدَّةَ ثلاثِ سَنواتٍ.) سفر أعمال الرسل الإصحاح 20.
أما عن حقيقة واقعة صلب المسيح فقد قال : أن المسيح قد صلب ليكفر عن سيئات جميع الناس الذين أمنوا به وليحمل عنهم العذاب الذي كاد أن يصيبهم ويصبح وسيلة إلى النجاة لأنه تكفير عن كل ما ارتكبوه من ذنوب(3وأنِّي أتمَنى لَو كُنتُ أنا ذاتي مَحرومًا ومُنفصِلاً عَنِ المَسيحِ في سَبيلِ إخوَتي بَني قَومي في الجسَدِ. 4هُمْ بَنو إِسرائيلَ) رسالة رومية الإصحاح التاسع
ومن هنا بدأ عمله وأصاب سهمه الهدف تماماً وبدأت عقيدة ألوهية المسيح ابن الله والتثليث والكفارة تنتشر بسرعة بين عامة المسيحيين لدرجة أن حواريي المسيح ممن شهدوا تلك الفترة مع تلاميذهم المتمسكين بالعقيدة الصحيحة حاولوا أن يقيموا الهامة المسيحية على الدين المسيحي الأصيل وأن يحفظوهم من عقائد الشرك والضلال إلا أن محاولتهم الإصلاحية لم تنجح كثيراً ولم يمض على ظهور المسيح قرن من الزمان حتى ترك عامة المسيحيين دين المسيح واتخذوا من دين الشرك الجديد الذي أتى به بولس تحت عنوان المسيحية ديناً لهم وهكذا اتخذ المسيحيين في معظمهم هذا الدين الجديد ديناً لهم واعترفوا بالتثليث والكفارة عقيدة أساسية للمسيحية
كانت هذه نبذة مختصرة عن التحريف الذي قام به بولس (شاؤول) في الدين المسيحي .
المفضلات