05/07/2008
أصدر أعنف بيان في تاريخ الكنيسة وأشاع انعقاد الاجتماع السنوي للمجمع المقدس تحت رئاسته
منذ ترسيمه لم تشهد الكنيسة حراكا للأنبا "بيشوي" علي الساحة الكنسية والإعلامية مثلما شهدت الفترة الأخيرة، خاصة في أعقاب الوعكة الصحية التي أحلت بقداسة البابا يوم 10 من الشهر الماضي، إثر سقوطه في مسكنه الخاص بالمقر البابوي وإصابته بكسر في عظمة الفخذ اليسري، مما دعا معظم قيادات الكنيسة للسفر في مرافقة البابا، ومنهم الأنبا يؤانس-السكرتير الشخصي لقداسة البابا- والأنبا أرميا- سكرتير البابا- والأنبا بطرس-الأسقف العام، وكان في أمريكا قبل سفر البابا كل من الأنبا مرقس- رئيس اللجنة الاعلامية بالكنيسة- والأنبا بسنتي-أسقف حلوان والمعصرة.. ولم يبق من قيادات الكنيسة إلا الأنبا موسي- أسقف الشباب- والأنبا بيشوي- سكرتير المجمع المقدس، الذي إزداد نشاطه مؤخراً البابا وعقد اجتماعات اللجان الفرعية للمجمع المقدس، وترددت شائعات قوية داخل المقر البابوي باحتمالية انعقاد الاجتماع السنوي للمجمع المقدس برئاسة الأنبا "بيشوي"، نتيجة غياب قداسة البابا شنودة، وهي السابقة الأولي في عهده.. إذا وقعت.
لم تمر إلا ساعات قليلة علي تلك الشائعات، حتي خرج الدكتور ثروت باسيلي- وكيل المجلس الملي العام وأحد أعضاء الوفد المرافق لقداسة البابا- وكذب تلك الشائعات من "أوهايو" بأمريكا.. وقال: إن ما تردد حول انعقاد الاجتماع السنوي للمجمع المقدس في غياب قداسة البابا، أمر غير صحيح، وأكد أنه لا يجوز انعقاد المجمع بهذا الشكل، واذا تم ذلك، فيكون اجتماعه غير صحيح.. وعلي الفور خرج الأنبا "بيشوي" وعدل مسار ما تردد من شائعات ونشرته بعض الصحف حول انعقاد المؤتمر السنوي للمجمع المقدس فعليا، وأكد أن ما تم من اجتماعات كانت للجان الفرعية، تمهيدا لانعقاد المؤتمر العام.
خلال ساعات قليلة من سفر قداسة البابا، وفي زمن قياسي، استصدر الأنبا "بيشوي" عدة قرارت باسم المجمع المقدس وبتوقيعه هو، كان أولها "البيان الصادر من المجمع القدس بشأن الاعتداء علي دير القديس أبو فانا"، وكان خطابا شديد اللهجة، قال فيه:"الآباء المطارنة والأساقفة أعضاء لجان المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية قد هالهم الاعتداء الغادر علي الآباء الرهبان المقيمين في دير أبو فانا بملوي وعلي الدير نفسه وكنيسته ومبانيه".. وأضاف في موضع آخر، موجها حديثه إلي رئيس الجمهورية" إن ما حدث من اعتداء علي الرهبان بالأسلحة النارية، وخطف بعضهم وتعذيبهم بالسحل والجلد وتكسير العظام، وإهانة علامة الصليب، ومحاولة دفعهم للنطق بالشهادتين تحت التعذيب، يدفع لجان المجمع المقدس أن تهيب بالسيد رئيس الجمهورية، رافع لواء المواطنة، أن يتم تضميد هذه الجراح في جسم الوطن من خلال.. ." وعدد البيان 6 شروط لتجاوز أزمة دير أبو فانا، كان من بينها الإفراج عن المحتجزين الأقباط، والقبض علي الجناة، وبناء سور للدير بأكمله تحت اشراف وحراسة الدولة، وتعويض الدير عن التلفيات والمسروقات التي أصابت منشآت الدير، والعمل علي عدم تكرار هذا النوع من الاعتداءات.
هذا الموقف المعلن للكنيسة.. والأسلوب الحاد في الخطاب.. لم يسبق له مثيل، حتي إن البابا شنودة نفسه، عندما كان يغضب لحادث ما، كان يتجه للاعتكاف في الدير، كما حدث في واقعة "وفاء قسطنطين" و"CD" الإسكندرية أو يكتب إلي رئيس الجمهورية سرا، كما حدث في واقعة "العياط"، لكن لم يسبق أن كتب البابا شنودة إلي رئيس الجمهورية خطابا وتم توزيعه علي وسائل الإعلام عن عمد.
كما أصدر الأنبا "بيشوي" خطابا آخر، بتوقيعه كسكرتير مجمع مقدس، للرد علي ما نشر علي الإنترنت حول ملابسات إصابة البابا وسفره للعلاج في امريكا، كما أصدر بيانا آخر، قدم فيه شكراً لرئيس الجمهورية، علي مشاعره الطيبة بإصداره أوامره بتخصيص طائرة لسفر قداسة البابا إلي امريكا، وخرج البيان باسم المجمع المقدس، وممهورا بتوقيع الأنبا "بيشوي"، وكان التوصيف الذي اختاره هذه المرة تحت توقيعه في البيان، أنه مطران دمياط وكفر الشيخ، ورئيس دير القديسة دميانة، وسكرتير المجمع القدس، رغم أن كل الشواهد أكدت أن المجمع المقدس لم يجتمع، ولم تتم دعوة أحد من الأساقفة إلي أي اجتماع وقت سفر البابا، وهو ما يعني أن الأنبا"بيشوي" أصدر كل تلك البيانات بشكل شخصي، مستغلا اسم المجمع القدس ومتيقنا بأنه لن يعارضه أحد في هذا الأمر، ومما يؤكد ذلك أن إصابة البابا شنودة وقعت صباح يوم الثلاثاء 10 يونيو، وصدرت تلك البيانات يومي الثلاثاء والأربعاء، ووفق تصريحات الأنبا "بفنوتيوس" أسقف سمالوط، فإن اجتماعات المجمع المقدس يتم الإعداد لها قبل أن تنعقد بفترة طويلة، ويرسل للأساقفة ورقة بجدول الاجتماع، مما يعني استغلال وقتا أطول لانعقاد المجمع
كل هذه الشواهد يراها العديد من المراقبين أنها واحدة من علامات الصراع المبكر علي خلافة البابا شنودة، وأن الأنبا "بيشوي" استغل مرض البابا وسفر قيادات الكنيسة إلي امريكا ليقدم نفسه للحكومة والرأي العام علي أنه الاحق بخلافة البابا، فيري الباحث كمال زاخر- مؤسس جماعة العلمانيين- أن هذا السيناريو يؤكد شدة الصراع بين الأساقفة علي الكرسي البابوي، وان "بيشوي" يحاول القفز علي الكرسي، مستغلا الوعكة الصحية التي يمر بها قداسة البابا شنودة.
وقال "كمال زاخر": إن البيان الصادر حول أحداث دير أبو فانا تبين الوجه المتشدد داخل المجمع المقدس والذي يتزعمه الأنبا "بيشوي"، مؤكدا أن وجود البابا علي رأس المجمع المقدس كان يمثل نوعا من الضغط علي جميع الأطراف المتصارعة والرؤي المختلفة داخل المجمع، بدليل أنه بمجرد مرض البابا وبعده عن مجريات الأمور داخل الكنيسة ظهرت العديد من الخلافات، فليس من العقول أن سكرتير المجمع المقدس يخرج علينا بتصريحات حول الاجتماع السنوي للمجمع المقدس، ثم يخرخ وكيل المجلس الملي العام بتصريحات مغايرة تماما.
أكد "زاخر" أن المرحلة الحالية من عمر الكنيسة، تشبه إلي حد كبير المرحلة التي مرت بها مصر عندما رحل الرئيس "عبدالناصر"، لافتا إلي أن "عبدالناصر" كان همزة الوصل بين جميع الأطراف الحاكمة، وعندما رحل، ظهرت الصراعات، وأوضح أن الاختلاف الوحيد بين الحالتين، أن الصراع بين الأطراف الحاكمة بعد رحيل "عبدالناصر" كان أقل حدة، لأن الدستور كان يحدد كيفية اختيار الرئيس القادم، واستطاع "أنور السادات" أن يحسم الصراع لصالحه، لكن الوضع في الكنيسة مختلف، لأن النصوص غير واضحة في هذا الشأن.
يري "زاخر" أن الأنبا "بيشوي" حاول استغلال الظروف التي تمر بها الكنيسة، وأن يقدم نفسه للرأي العام القبطي علي أنه "متشدد" وأنه حائط الصد الأول للكنيسة ضد الأعداء، وفي نفس الوقت يعرض نفسه علي الدولة علي أنه ممثل الأقباط وأنه الرجل الذي يتفق عليه الجميع، لكن هذا لم يحدث، لافتا إلي أنه لم يصل إلي الحنكة التي تجعله قادرا علي إرضاء كل الأطراف في وقت واحد، أو إدارة مثل هذه الأحداث بشيء من الحكمة التي يتمتع بها البابا شنودة، وقال: لو أن هناك رؤية أشمل من الكنيسة، لأدركت أن التشدد يزيد من الاحتقان الطائفي وان المرحلة الحالية، من الناحية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، لا تتحمل أي صدامات.
من جانبه يري الباحث جمال أسعد: أن هناك ظروفاً وتداعيات ساعدت علي صعود نجم الأنبا "بيشوي"، أهمها، سيطرة الفرد والرأي الواحد علي الكنيسة، وهو الأمر الذي يتناقض مع قانون الكنيسة، والذي ينص علي أن البابا والأساقفة في المجمع المقدس "أخوة"، وأن البابا ليس أبا لهم، حيث إنهم جميعا في رتبة الأسقف الكهنوتية ولذلك فإن البابا يخاطب المجمع المقدس بتعبير "أخي، وشريكي في الخدمة الرسولية"، لكن للأسف، نحن نجد أن المجمع المقدس يعامل البابا، كأب ورئيس أساقفة معا، وليس أخاً وشريكاً.
وقال "أسعد": في هذا المناخ ظهر الأنبا "بيشوي" كشخصية اعتمد عليها البابا، ومنحها ثقته الشخصية، لافتا إلي أن هذا لا يعني أنه يحظي بثقة أعضاء المجمع المقدس، وعندما يقرر البابا إسناد صلاحيات لفرد، فإنه لا يستطيع أحد الاعتراض علي ذلك، حتي لو كان المجمع بأكمله غير راض عنه، في هذا المناخ غير الطبيعي- كما يقول "أسعد"- ظهر الأنبا "بيشوي"، مستغلا ثقة البابا والصلاحيات المعطاة له، لفرض شخصيته المستفزة والمسيطرة علي المجمع المقدس، حتي إن العديد من أساقفة المجمع القدس يخافون شره أكثر من البابا شنودة، وساعده علي ذلك الازمة الصحية الأخيرة للبابا.
وتابع "أسعد" قائلا: الغريب أن الأنبا "بيشوي" بعد مرض البابا الأخير، أخذته حالته الذاتية واتخذ عدة قرارات، بعيدا عن المجمع المقدس، لكنها صدرت باسم المجمع المقدس، وهو أمر يستلزم محاسبته ومحاكمته، مشيرا إلي الأنبا "بيشوي" أراد من ذلك أن يظهر للمسيحيين علي أنه الرجل الأول في المجمع المقدس، وفي ذات الوقت، يريد أن يثبت للدولة أنه القادر علي خلافة البابا شنودة، وإن كان يريد اثبات ذلك للدولة بطريقة شابها النفاق والخضوع، فقد أرسل إلي الدولة تصريحات صحفية، بارك فيها "جمال مبارك"، والأخطر أنه يدعو إلي "توريثه" الحكم، ووصل به "الفجر" إلي أنه يدعو الأقباط إلي تأييد ذلك، متخيلا أنه القائد السياسي الأول للأقباط، ناهيك عن التصريحات الخاصة بدير "أبو فانا"، والتي أراد أن يمسك بها العصا من المنتصفت، ففي الوقت الذي يؤيد فيه "جمال مبارك"، يعود للتشدد في بيان دير "أبو فانا"، للتأكيد علي أنه الرجل القوي والقادر علي حماية الأقباط في مواجهة الدولة والمعتدين.
من جانبه يقول المستشار لبيب حليم- نائب رئيس مجلس الدولة- إنه في حالة غياب قداسة البابا شنودة عن اجتماع المجمع المقدس، يتولي رئاسته أقدم الأساقفة رسامة، فإذا كان سكرتير المجمع هو أقدم الأعضاء رسامة، فيحق له رئاسة الاجتماع، أما إذا كان دون ذلك فلا يحق له رئاسته، وأيا كان الأسقف الذي ستوؤل إليه الرئاسة، فإن القرار يصدر باسم المجمع المقدس ككل، وليس باسم شخص معين، لافتا إلي أن اجتماعات اللجان الفرعية يرأسها رؤساء تلك اللجان، ولا دخل لأحد في أعمال أي لجنة مادام ليس عضوا بها، وتصدر قرارات كل لجنة بتوقيع رئيسها.
ويري "لبيب حليم" أن صدور بيانات المجمع المقدس في الفترة الأخيرة باسم الأنبا"بيشوي" هو نوع من أنواع المجاملة، معتبرا أن سكرتير المجمع المقدس، إذا وجه شكرا إلي رئيس الجمهورية باسم المجمع المقدس فإن هذا مسعي محمود منه، ليس القصد منه أن يستأثر باختصاصات المجمع كما يري البعض، وقال: لقد تابعت هذه البيانات وتعليقات الدكتور "ثروت باسيلي" حولها، وعلينا أن نفترض "حسن النية" تجاه تلك البيانات، ولا نعتبرها حركة انفصالية ومحاولة للاستئثار بصلاحيات المجمع المقدس في غياب قداسة البابا شنودة
http://www.elbadeel.net/index.php?op...4472&Itemid=61
المفضلات