الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد
فإني أثناء تجولي في الشبكة العنكبوتية صادفت مقالًا اسمه " زانية تتحدى" لكاتب يُدعى " خادم الرب فادي " وتساءلت بماذا يمكن لزانية أن تتحدى ؟ ومن تتحدى ؟
ففتحت المقال – وهو بصيغة PDF - لأعرف موضوعه دون القصد إلى قراءته ، فوجدت أن الموضوع يدور حول المرأة الزانية في إنجيل يوحنا ، وجذب انتباهي " إهداء" هذا نصه كما هو :
" اهداء
الى ابى الحبيب ، ومعلمى الاول
القس عبد المسيح بسبط ابو الخير
الذي ساعدنى كثيرا و امدنى بالمراجع اللازمة ليخرج هذا البحث الى النور ، و الذي لولا مساعداته وتوجيهاته وارشاداته لما كنت تقرأ هذه السطور الآن ".
فلما رأيت اسم القس عبد المسيح بسيط تريثت قليلًا ، فالقس الفاضل جمعتني معه حوارات متعددة أشهرها ما دار حول أسانيد الأناجيل وصلب المسيح ، فقررت أن أعبر على الموضوع بتصفح سريع لأعرف جديده وأهم ما فيه ، فإذا بالكاتب (خادم الرب فادي ) يُريد أن يثبت أن قصة المرأة الزانية التي وردت في إنجيل يوحنا (7: 53 – 8: 11) أصيلة .
فإن فقدان هذه القصة واختفاءها من أقدم المخطوطات وأهمها قد أصبحت مشهورة ومعروفة عند الكثيرين ، فمضيت في التصفح واستوقفتني هذه العبارة في مقاله :
((( بردية ايرجتون Egerton ، و التى تعود للقرن الاول الميلادى ، صاعقة على كل الافواه التى تقول بأن القصة ليست أصيلة ))) .
وهذه صورة لكلامه (النص من نوع PDF ):
صورة رقم 1
كما ترى عزيزي القارئ ، صاعقة على كل الأفواه !!
لقد ذهلت حقًا ، فكيف لم يتفطن لهذا الاكتشاف علماء المخطوطات والدارسون حتى يأتي "خادم الرب" ويحوز على قصب السبق وبراءة الاختراع ؟
فقلت في نفسي لننظر أولًا في حجة الرجل وأدلته ثم على ضوئها نحكم ..
لقد عرض "خادم الرب" صورة لصفحة من المخطوطة مستعينًا بالألوان لإيضاح فكرته ، وهذه هي الصورة:
صورة رقم 2
الصورة كما ترى من الصفحة التي على اليمين (( 1 Recto من الجذاذة الأولى (Fragment 1) من بردية "2 Egerton "، وهناك كلمة في وسط الصفحة واثنتان في آخرها لونهما "خادم الرب" - الامين - بالأخضر ..
إنه يريد أن يلفت انتباهك إلى أمر خطير ، وهو ما أوضحه في كلامه الآتي ، انظر الصورة :
صورة رقم 3
وهذا نص كلامه حرفيًا :
((( يضع هذين الجزأين الكلمات التالية :
διδασκαλε
μηκετι αμαρτανε
اي
Teacher
Go and sin no more
هل قرأت هذا الكلام قبلا فى الكتاب المقدس؟ ربما فى انجيل يوحنا؟ في لااصحاح
الثامن؟ العدد الحادى عشر؟
η δε ειπεν
ουδεις κυριε ειπεν δε ο ιησους ουδε εγω σε
κατακρινω πορευου και απο του νυν
μηκετι αμαρτανε
«لاَ أَحَدَ يَا
سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ.
اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً» ))) انتهى كلامه .
الكاتب يريد أن يقول لنا " إن هذه المخطوطة فيها قصة المرأة الزانية ، وإنه بالرغم من التلف الحاصل فيها إلا أنه بقي منها كلمات لا تجدها إلا في إنجيل يوحنا في قصة المرأة الزانية ، وهي الكلمات التي باللون الأخضر كما في الصورة الثانية ، مما يُثبت وجود القصة في هذه البردية التي ترجع إلى وقت مبكر ، وقبل كل المخطوطات الأكثر قدمًا ، وهكذا تكون هذه البردية صاعقة على كل الأفواه الطاعنة في أصالة هذه القصة ".
فشمرت عن ساعد البحث للتحقق من كلامه ، فإني اطلعت على هذه البردية مسبقًا ، ورددت على الاستشهاد بها في دراستي حول كاتب إنجيل يوحنا ، ولا أذكر أنها أشارت إلى قصة المرأة الزانية ، ولكن الذاكرة تخون أحيانًا ، فلا بد من التحقق مجددًا ..
وأول ما لفت نظري طريقة هجائه لاسم المخطوطة
"إٍيجرتون Egerton " ، فهو يكتبه بالحروف العربية هكذا
" ايرجتون" أي "
Eregton" ، كما في الصورة الأولى ، وأيضاً كما هو في عنوان كلامه عن هذه البردية حسب الصورة التالية :
صورة رقم 4
ولن نطيل التعليق على هذه النقطة ، فإننا لا نريد أن نظلم الرجل ، فربما هو خطأ في الكتابة مما لا يسلم منه أحد ، وكلنا نقع في أخطاء مشابهة (وما أُبَرِّئُ نفسي ) ، ولكني أردت التنبيه فقط إلى الطريقة الصحيحة في هجاء الكلمة.
والآن لنشرع بالأهم ...
«لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً»
يستنتج الكاتب أن هذه الجملة من قصة الزانية في إنجيل يوحنا (8 : 11) هي المشار إليها في البردية ، لتطابق هذه الكلمات "
سيد ...
وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً " مع التي ظللها باللون الأخضر في البردية.
ولكن فاته أن هذه الكلمات نفسها ترددت في الإصحاح 5 في قصة مختلفة ، ألا وهي قصة الرجل المريض الذي شفاه المسيح في يوم السبت .
لنستعرض القصة من
إنجيل يوحنا - اَلإصْحَاحُ 5
5 - وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثلاَثِينَ سَنَةً.
6 - هَذَا رَآهُ يَسُوعُ مُضْطَجِعاً وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمَاناً كَثِيراً فَقَالَ لَهُ: «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟».
7 - أَجَابَهُ الْمَرِيضُ: «يَا
سَيِّدُ لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ. بَلْ بَيْنَمَا أَنَا آتٍ يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ».
8 - قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قُمِ. احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ».
9 - فَحَالاً بَرِئَ الإِنْسَانُ وَحَمَلَ سَرِيرَهُ وَمَشَى. وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَبْتٌ.
10 - فَقَالَ الْيَهُودُ لِلَّذِي شُفِيَ: «إِنَّهُ سَبْتٌ! لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَحْمِلَ سَرِيرَكَ».
11 - أَجَابَهُمْ: «إِنَّ الَّذِي أَبْرَأَنِي هُوَ قَالَ لِي احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ».
12 - فَسَأَلُوهُ: «مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي قَالَ لَكَ احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ؟».
13 - أَمَّا الَّذِي شُفِيَ فَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَنْ هُوَ لأَنَّ يَسُوعَ اعْتَزَلَ إِذْ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ جَمْعٌ.
14 - بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدَهُ يَسُوعُ فِي الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ
فلاَ تُخْطِئْ أَيْضاً لِئَلَّا يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ».
لماذا جزم الكاتب أن البردية تشير إلى قصة الزانية وليس إلى قصة الرجل المريض ؟
هذه النقطة وحدها تهدم زعمه من أساسه ، ولكن لنستمر بعون الله ، فلدي المزيد .
ثم نظرت في الصورة الثانية التي فيها الكلمات المشار إليها باللون الأخضر، وفيها قطعتان منفصلتان – بسبب التلف - لصفحة واحدة من البردية ، وتساءلت :
لِمَ انتقى " خادم الرب" الكلمة الأولى من وسط الصفحة فقط دون سواها ؟
مع أن القطعة الكبيرة فيها عشرة أسطر فوق الكلمة المشار إليها ، وستة أسطر تحتها ، وكل سطر فيه من الكلمات ما فيه !!
وكذلك نفس الشيء عن القطعة الأخرى الصغيرة في الأسفل ، انتقى منها كلمتين فقط غير كاملتين (بسبب التلف) ، مع أن فيها أربعة أسطر فوقها ؟
انظر الصورة نفسها مرة أخرى ، ولقد وضعت خطوطًا صفراء تحت كل سطر لترى كم يستغفل هذا الخادم الأمين عقول القراء ويدلس عليها.
صورة رقم 5
لو كانت هذه الصفحة من البردية فيها قصة المرأة الزانية ، فلِمَ لم يقتبس الكلمات العديدة الأخرى منها ويترجمها لنا ليُفحم من يقول بتزوير قصة الزانية ؟
لا لن يفعل وإلا فضح نفسه وأبان عن كذبه ودجله ، ولن أقول عن جهله ، لأن من يستطيع أن يقرأ كلمة
" διδασκαλε - didaskale " - وتعني معلم – لا بد وأنه قادر على أن يقرأ ما بعدها وما قبلها ، لذلك ، فالجهل مستبعد عندي ، ولم يبقَ إلا الكذب والدجل .
عزيزي القارئ ، هذه الصفحة من البردية لا تتحدث عن المرأة الزانية إطلاقًا ، وليس فيها أي ذكر لمرأة من قريب أو بعيد ، وما زعمه بذلك إلا كذب ودجل ، ولو أننا نظرنا مباشرة إلى كلمة واحدة فوق كلمة (
didaskale) المشار إليها باللون الأخضر لفضحنا صنيعه بكل سهولة ، انظر الصورة
صورة رقم 6
وهذه الصورة نفسها بشكل أوضح :
الكلمة اليونانية داخل الخطوط الصفراء هي "
λεπρος - lepros" وتعني
"أبرص" ، فإذا عرفت ذلك فإنك الآن شرعت في هدم ما حاكه "خادم الرب" من خيوط الدجل والتدليس ، فتعالوا نستعرض السياق من السطر الذي فيه كلمة
"أبرص" حسب ترجمة " Wieland Willker" الإنكليزية (الجذاذة الأولى من جهة اليمين) :
And behold, a leper coming to him, says: "Teacher Jesus, while traveling with lepers and eating together with them in the inn, I myself also became a leper.* If therefore you will, I am clean."
And the Lord said to him: "I will, be clean."
And immediately the leprosy left him. And Jesus said to him: "Go show yourself to the priests and offer concerning the cleansing as Moses commanded and sin no more [...]"
وهذه ترجمة النص بالعربية
وجاء إليه أبرص وقال : أيها (( المعلم)) عيسى! أثناء السفر مع [أناس] بُرْص وتناول الطعام معهم في الفندق أصبحت أنا أيضًا أبرصَ ، فإذا أنت تريد أكون أنا طاهرًا .
فقال له السيد : "أريد ، فاطهر" .
فذهب عنه البرص في الحال ، فقال له عيسى : "اذهب وأرِ نفسك للكهنة وقدم قربان التطهير كما أوصى موسى ، (( ولا تخطئ ثانيةً )) " .
فكما نرى أن هذه القصة مختلفة تمامًا عما لفقه المحترم "خادم الرب فادي" ، فهي قصة رجل أبرص جاء إلى يسوع وشفاه بمعجزة وأمره أن يقدم قربانًا كما أوصى موسى . وهذه القصة لم يذكرها إنجيل يوحنا قط ، بل ذكرت في
متى - اَلإصْحَاحُ 8
2 - وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي».
3 - فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ.
4 - فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدَّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ».
وكذلك ذكرت في مرقس (1 : 40) ولوقا (5 : 12) ، ولكن كلهم ليس فيهم
(ولا تخطئ ثانيةً ).
فهذه الجملة لم تذكرها الأناجيل الثلاثة وذكرتها هذه البردية ، التي هي في الأصل جزء من إنجيل مجهول .
ثم هل رأيت عزيزي القارئ الكلمات الملونة بالأحمر التي بين أقواس في ترجمة النص؟
هذه هي الكلمات التي استغلها الكاتب لتشابهها مع التي في قصة المرأة الزانية ، وبنى عليها كذبه وتضليله .
الكلام يدور عن قصة الأبرص ، والكاتب بلا حياء أو خجل جعلها عن المرأة الزانية .
أهكذا يكون فادي خادمًا للرب عن طريق الكذب والدجل ؟
هل تشبه فعلته هذه مقولة بولس الشهيرة
" فإنه إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا أدان أنا بعد كخاطئ؟" (رومية 3: 7).
فهل كذب خادم الرب فادي ليزداد صدق الله ؟
الجهل الشديد
ثم إنه ليس الكذب فقط هو ما خرج به فادي في هذه القضية الخاسرة المخزية ، بل الجهل أيضًا كان له نصيب وافر ، فإنه في وضعه النص باليونانية وتلوينه باللون الأحمر وقع بجهل أشد ، وهو أنه وضع كلمة
" ουδεις - oudeis" - التي تعني
" لا أحد " - باللون الأحمر بينما المفروض أنه يلوِّن كلمة
" κυριε " التي تعني "سيد" وهي تقع بعد كلمة oudeis مباشرة .
هذا النص من مقاله مرة أخرى :
[ η δε ειπεν
ουδεις κυριε ειπεν δε ο ιησους ουδε εγω σε
κατακρινω πορευου και απο του νυν
μηκετι αμαρτανε
«لاَ أَحَدَ يَا
سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ.
اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً»].
وهذه صورة عن كلامه :
صورة رقم 7 :
الكلمة بين الخطوط الزرقاء هي كلمة
" κυριε " وتعني
"سيد" ، والتي كان من المفروض أن يضعها باللون الاحمر بدل كلمة
oudeis .
ثم إنه في تلوين كلمة
"سيد" بدل
"المعلم" أظهر جهله ، فإن كلمة
"κυριε " هي التي تعني
"سيد" وليس كلمة
" διδασκαλε - didaskale " التي تعني معلم .
وكذلك تلوينه كلمة "اذهبي" بالأحمر زيادة ليس لها محل .
ثم انظر إلى اقتباسه من يوحنا (8 : 11) :
«لاَ أَحَدَ يَا
سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ.
اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً»
إن المسافة بين كلمة
"سيد" وجملة
" لا تخطئي أيضًا " هي سبع كلمات ، بينما في صورة رقم 5 (البردية 1 الصفحة اليمين) نجد أن الفارق بينهما عشرة أسطر ، فانظروا إلى سخافة عرضه ؟
ثم انظروا إلى الإصحاح 5 من يوحنا ( الذي اقتبسنا منه آنفًا ) ، تجدوا أنه أشبه - من حيث المسافة بين الكلمات المشار إليها - بالبردية من الإصحاح 8 .
ربما من عرض عليه هذه الفكرة للتلفيق ، أشار عليه بتلوين كلمة
"معلم" في العدد الثاني من الإصحاح 8 من يوحنا ، ثم كلمة
"سيد" في العدد 11 : على هذه النحو :
2 - ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ.
3 - وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ
4 - قَالُوا لَهُ: «يَا
مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ
5 - وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟»
6 - قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ.
7 - وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!»
8 - ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ.
9 - وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ.
10 - فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟»
11 - فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي
وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً».
فهذه المسافة كانت ستكون معقولة نوعًا ما ، ولكن خادم الرب لفرط سرعته لزيادة صدق الله تعثر وسقط ، فكان السقوط مؤلمًا ومحطمًا للأضلاع .
ثم إننا لو فرضنا أن القصة ذكرت في هذه البردية لكانت شهادة عليه لا له ، ولكانت دليلًأ على أن أصلها من إنجيل منحول ، فانتبه معي إلى هذه النقاط :
- أقدم وأشهر المخطوطات لم تذكرها .
- بردية إيجرتون 2 ذكرتها ، وهي أقدم من هذه المخطوطات بقرون .
- هذه البردية هي جزء من إنجيل مجهول لم يبقَ منه إلا هذه الأجزاء التي رأيناها . وهو إنجيل بطبيعة الحال منحول ، لأن الكنيسة لا تعترف إلا بقانونية أربعة أناجيل .
النتيجة أن أصل هذه القصة هو هذا الإنجيل المنحول . وبهذا يكون هذا الكاتب أجهز على أصالة هذه القصة وجعلها هشيما تذروها الرياح .
ويجب التنويه إلى أن الكاتب يريد أن يزيل عقدة قوية في مشكلة نصوص يوحنا (7: 53 – 8: 11) ، فإن أقدم المخطوطات لا تذكرها ، بينما ذكرت في مخطوطات متأخرة ، فهذا يدل على أنها أضيفت لاحقًا بفعل التحريف ، وللتخلص من هذه العقدة ، فإن الكاتب حاول أن يثبت أن القصة وجدت في مخطوطة هي أقدم من أي مخطوطة أخرى ، فعمد مدلسًا إلى بردية إيجرتون 2 ، موهمًا أنها بردية لإنجيل يوحنا ، والحقيقة أنها ليست بردية كتابية ، بل هي جزء من إنجيل مجهول غير قانوني ، وتحتوي على نصوص متفرقة ، بعضها مشابه لبعض النصوص في الأناجيل الأربعة ، والبعض الآخر لا تجد له أثرًا في الكتاب المقدس كله .
فالاعتماد على هذه البردية – كما أشرنا سابقًا - يزيد الطين بِلَّة ، وينسف أصالتها نسفًا .
ثم بعد أن عرفنا - حسب قول خادم الرب - أن القس عبد المسيح هو من ساعده وأرشده وأمده بالمراجع والتوجيهات ، فهل ما كتبه حول بردية إيجرتون كان من توجيهات القس الفاضل وإرشاداته ومساعدته ؟
نريد أن نرى موقفًا واضحًا من القس ، لأن هذه طريقة مضللة ملتوية مليئة بالخبث والدجل والكذب .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبه العميد
المفضلات