قالوا نبيّ الإسلام لا يضمن دخول الجنة
قالوا : إذا كان محمد رسول الإسلام نفسُه لا يضمن دخولَ الجنة ؛ فكيف الحال بكم أنتم أيها المسلمون ؟! واستشهدوا على قولِهم بحديثٍ في الصحيحين واللفظ للإمام مسلم كِتَاب (صفة القيامة والجنة والنار) بَاب (باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى) برقم 5041 دثنا محمد بن عبدالله بن نمير حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قاربوا وسددوا واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله قالوا يا رسول الله ولا أنت ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ".
• الرد على شبهة أن الرسول لا يضمن دخول الجنة
أولاً : إن المسلمينَ يعتقدون بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعد موته في الفردوسِ الأعلى كما دلت السنةُ المطهرةُ على ذلك ، ودلت أيضًا على أن هناك أناسًا بعينِهم من أصحابِه في الجنةِ ؛ جاء ذلك في عدةِ أدلةِ منها:
1- صحيح البخاري برقم 4103 عن أنس قال لما ثقل النبي صلى الله عليه و سلم جعل يتغشاه فقالت فاطمة عليها السلام واكرب أباه فقال لها ( ليس على أبيك كرب بعد اليوم ) . فلما مات قالت يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه . فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه و سلم التراب . الشاهد أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال :" ليس على أبيك كرب بعد اليوم". أي: أنه سيُنعم عند ربِ العالمين في جنتِه ودار مقامته ، والشاهد أيضًا قول فاطمةَ : " يا أبتاه من جنة الفردوس ". دليلُ علي علمِ من حولِه علماً يقينًا بأنه صلى الله عليه وسلم في الفردوسِ الأعلى.
2- صحيح البخاري برقم 4892 عن سهل قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ) . وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا ".
3- مسند أحمد برقم 12133 عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أتقى الله عز و جل وأقام عليهن كان معي في الجنة هكذا وأشار بأصابعه الأربع ".
4- ثبت أن اللهَ سبحانه وتعالى أطلعَه صلى الله عليه وسلم على الجنةِ ، وذلك في صحيح البخاري برقم 3002 عن عمران بن حصين رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ".
وفي صحيح الجامع برقم 7695 قال صلى الله عليه وسلم : " في الجنة ما لا عينٌ رأت و لا أذنٌ سمعت و لا خطرَ على قلب بشر ".
5- ثبت أنه يشفع صلى الله عليه وسلم لغيره ليدخلوا الجنة ، وذلك في صحيح مسلم برقم 289 عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا ".
6- ثبت أن الصحابةَ رضي الله عنهم كانوا يتمنون مرافقتَه في الجنةِ ؛ وذلك في صحيح مسلم برقم 754 عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال رضى الله عنه قَالَ: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي سل فقلت أسألك مرافقتك في الجنة قال أو غير ذلك ؟ قلت هو ذاك قال فأعني على نفسك بكثرة السجود ".
7 - ثبت أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبر عن أُناسٍ بعينِهم بأنهم في الجنة منهم :العشرة المبشرين بالجنة ، وذلك في سنن الترمذي برقم 3680 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضى الله عنه قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أبو بكر في الجنة و عمر في الجنة و عثمان في الجنة و علي في الجنة و طلحة في الجنة و الزبير في الجنة و عبد الرحمن بن عوف في الجنة و سعد في الجنة و سعيد في الجنة و أبو عبيدة بن الجراح في الجنة ".
8- ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أخبر عن حالِ ابنِه إبراهيمَ في الجنةِ ، وذلك في صحيح البخاري برقم 1293 عن عدي بن ثابت
: أنه سمع البراء رضي الله عنه قال لما توفي إبراهيم عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إن له مرضعا في الجنة ) ".
9- ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أخبر عن حالِ حارثةَ رضى الله عنه في الجنةِ ، وذلك في صحيح البخاري برقم 2598 عن أنس بن مالك
: أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة - وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب - فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء ؟ قال ( يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى".
10- ثبت أنه أخبر عن حالِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ في الجنةِ ، وذلك في صحيح الإمام البخاري برقم 5388
عن البراء رضي الله عنه قال : أهدي للنبي صلى الله عليه و سلم ثوب حرير فجعلنا نلمسه ونتعجب منه فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( أتعجبون من هذا ) . قلنا نعم قال ( مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا ) ".
11- ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أخبر عن رجلٍ قُتِلَ يومَ أحدٍ بأنه في الجنةِ ، وذلك في صحيح البخاري برقم 3740 عن ابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال
: قال رجل للنبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد أرأيت إن قتلت فأين أنا ؟ قال ( في الجنة ) . فألقى تمرات في يده ثم قاتل حتى قتل.
وبالتالي فإن ما سبق يوضح لنا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الجنة ، وأنه أخبر عن أناسٍ بعينهم بأنهم من أهلِ الجنة ، وعليه تبطلُ شبهتهم التي تقول : إذا كان رسولُ الإسلامِ لا يضمن دخول الجنة فكيف الحال بكم أنتم أيها المسلمون!
ثانيًا: إن فهمَ الحديثِ الذي أُشكل فهمُه على المعترضين وغيرهم يُفهم فهمًا صحيحًا بفهمِ حرفٍ واحدٍ فقط هو حرف (الباء) من كلمة " بِعَمَلِهِ " ؛ الحديث يقول : " وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ ".
الباء هنا هي باء الثمنية ، والمعني: أن العملَ سبب من أسبابِ دخولِ الجنةِ ؛ لكنه ليس الثمن لدخولها فدخول الجنة بالعمل الذي كان بتوفيق من اللهِ ورحمةٍ منه ، فنحن ما وفقنا للعمل الصالح إلا برحمةٍ من اللهِ وفضله .
والناظرُ إلى حياتنا يجدها تضيع بين النوم ، والأكل ، والعمل ..... وأما العبادة فقليلة.
وبالتالي فهذا العمل القليل ليس هو الثمن لدخول الجنة بل برحمةِ اللهِ سبحانه وتعالى .
قال الإمامُ النوويُّ - رحمه اللهُ - في شرحِه : وفى ظاهر هذه الأحاديث دلالة لأهل الحق أنه لايستحق أحد الثواب والجنة بطاعته وأما قوله تعالى ادخلوا الجنة بما
كنتم تعملون وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون ونحوهما من الآيات الدالة على أن الأعمال يدخل بها الجنة فلا يعارض هذه الأحاديث بل معنى الآيات أن دخول الجنة بسبب الأعمال ثم التوفيق للاعمال والهداية للاخلاص فيها وقبولها برحمة الله تعالى وفضله فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل وهو مراد الأحاديث ويصح أنه دخل بالأعمال أى بسببها وهى من الرحمة والله أعلم
.أهـ
ونقل ابنُ حجرٍ في الفتحِ قول الرَّافِعِيّ قَائلاً :
في الحديث أن العامل لا ينبغي أن يتكل على عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات لأنه انما عمل بتوفيق الله وانما ترك المعصية بعصمة الله فكل ذلك بفضله ورحمته .وأما عن تَفْسِير مَعْنَى " يَتَغَمَّدنِي " قال أبو عبيد المراد بالتغمد الستر وما أظنه الا مأخوذا من غمد السيف لانك إذا اغمدت السيف فقد ألبسته الغمد وسترتهأهـ
وأما عن قولِ القائل :" وَلَا أَنْتَ ". أجاب النبيُّ صلى الله عليه وسلم قائلاً : " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة ".
قوله صلى الله عليه وسلم : " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة " . أي: أنه صلى الله عليه وسلم يُخبر أن هدايته للنبوة ، وعصمته ، وعلمه الذي علمه ، ودخوله للجنة برحمة من الله و فضله سبحانه وتعالى ، وبمعنى أكثر وضواحًا : لولا أن تداركني الله برحمةٍ منه فضلٍ ما وفقت لعملي الصالح ، ودخولي الجنة ؛ ومما يدلل على ذلك قوله سبحانه وتعالى : ((وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً )) (النساء113) .
قال ابُن حجرٍ في الفتح: قَالَ الْكَرْمَانِيُّ :
إذا كان كل الناس لا يدخلون الجنة إلا برحمة الله فوجه تخصيص رسول الله بالذكر هو أنه إذا كان مقطوعا له بأنه يدخل الجنة ولا يدخلها إلا برحمة الله فغيره يكون في ذلك بطريق الأولى .
وسبق إلى تقرير هذا المعنى الرافعي في أماليه فقال لما كان أجر النبي صلى الله عليه و سلم في الطاعة أعظم وعمله في العبادة أقوم قيل له ولا أنت أي لا ينجيك عملك مع عظم قدره فقال لا الا برحمة الله وقد ورد جواب هذا السؤال بعينه من لفظ النبي صلى الله عليه و سلم عند مسلم من حديث جابر بلفظ لا يدخل أحدا منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا انا الا برحمة من الله تعالى" .أهـ
ثالثًا: إن كاتب إنجيل متى ينسب إلى يسوع المسيح أنه أمر أتباعَه من الرجالِ أن يختصوا من أجلِ أن يدخلوا الملكوت (الجنة) ! وذلك في الإصحاح 19 عدد واقول لكم ان من طلّق امرأته الا بسبب الزنى وتزوج باخرى يزني.والذي يتزوج بمطلّقة يزني. قال له تلاميذه ان كان هكذا امر الرجل مع المرأة فلا يوافق ان يتزوج. فقال لهم ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أعطي لهم.لانه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون امهاتهم.ويوجد خصيان خصاهم الناس.ويوجد خصيان خصوا انفسهم لاجل ملكوت السموات.من استطاع ان يقبل فليقبل
»!!
قلت: إن الواضح من النصوص أن المنصّرين أصحاب الشبهة لن يدخلوا الملكوت (الجنة) هذا إن أحسنتُ الظنَ بهم ؛ لأن الذي يدخل الجنة بحسب ذلك النص لابد أن يكون مخصيًا ؛ خصى نفسَه لأجل ملكوت الله !!
ثم إن بولس الرسول قد أعلن في رسالته الأولى إلي كورنثوس إصحاح 6 عدد 10 ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله.
لاحظ من كلامِه أن الشتامين لا يرثون ملكوت الله ؛ فبحسب كلامِ بولس أن يسوع لا يدخل الملكوت!! للآتي:
1- يسوع يشتم المرأة الكنعانية ، ويجعلها من زمرةِ الكلابِ !! فعندما جاءت امرأةٌ كنعانية إليه تسترحمه بأن يشفى ابنتها رد عليها قائلاً :«ليس حسنا ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب» (متى15/ 26 )
2- قام بشتم معلمي الشريعة قائلاً لهم : " يا أولاد الأفاعي " (متى 3 / 7 )
وشتمهم في موضعٍ آخرٍ قائلاً لهم : " أيها الجهال العميان " (متى 23 / 17 )
... وغيرها من أمثالِ تلك النصوص .
وأتساءل هل سيدخل يسوعُ الملكوت بحسبِ كلامِ بولس أم لا ؟
قلت: إننا نعتقد أن المسيحَ عليه السلام في أعلى درجاتِ الجنةِ ، أما هم فلا أعرف معتقدهم بعد تلك النصوص !
</B></I>
المفضلات