-
متَّى المسكين ينتقدالكنيسة المعاصرة (خطاب يصلح للنصارى لا يصلح للملسمين
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد،
من موقع فضيلة الشيخ الدكتور/سعيد عبد العظيم كتب كتب ما يلى
فقد تركزت الأضواء على الأب متَّى المسكين في الوقت الذي نَقَم فيه الرئيس السادات على البابا شنودة وتم عزله في وادي النطرون، والفارق كبير بين متَّى المسكين والبابا شنودة رغم أنهما ينتميان للكنيسة الأرثوذكسية، وكثيرًا ما احتدم الخلاف بين الرجلين وطفا على السطح.
فالأول يميل لحياة الرهبنة، ويمكث طيلة وقته في أديرة وادي النطرون، ويلتف حوله كثير من كبار السن من النصارى، ويطبق «دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله، ومن ضربك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر».
أما الثاني فيلتف حوله الشباب بصفة خاصة، ويميل للانخراط في الحياة العامة، ينتقل هنا وهناك ويتحدث في السياسة وغيرها، وينتقد القانون إذا خالف الإنجيل في الزواج أو الطلاق أو غير ذلك من المسائل، مما يثير أحيانًا ردود أفعال متباينة، وفي مقال بجريدة المصري اليوم الأربعاء 20/5، وبعنوان: (تطور الخطاب القبطي من المودة والخلاص إلى الخصومة والصراع)، نقل الكاتب نص حوار الأب متَّى المسكين مع مكرم محمد أحمد نشر في17/4/1980م، وعلق عليها الكاتب بقوله: هي آراء لم تجد المناسبة لإعلانها إلا بعد أن دخل الخطاب القبطي النفق المظلم، وإليكم ما نقله عن الأب متَّى المسكين:
قال الأب متَّى المسكين: إن الكنيسة المسيحية لها مهمة واضحة يجب ألا تتجاوزها أبدًا، وهذه المهمة هي تخليص النفوس بالبشارة المفرحة وكلمات الرب.
وهو يرى أن تدخل الكنيسة حتى في الخدمات الاجتماعية يخرجها عن مهمتها، ويوقعها في متاهات ويورطها في مواقف تتعارض مع دورها.
وعندما سأله المحرر: ماذا عن علاقة الكنيسة بالمجتمع؟ قال: إن مهمة الكنيسة ألا تخدم المجتمع، ولكن أن تخدم الإيمان، وأن تخدم المسيح في أشخاص الخطاة والعرايا والأذلاء والمشردين -وكلما خرجت الكنيسة عن اختصاصات مسيحها، وبدأت تنزع إلى السلطان الزمني وتجيش العواطف والمشاعر باسم الصليب، وزاغت وراء أموال الأغنياء، وارتمت في أحضان أصحاب النفوذ، وحاولت الجمع بين السلطان الديني والسلطان الزمني، ودأبت على المطالبة بحقوق طائفية وعنصرية فشلت المسيحية في تأدية رسالتها، ودب فيها الخصام والنزاع والوهن، وأقفل في وجهها ملكوت السماء، وصارت في حاجة إلى من ينتشلها من ورطتها ويردها إلى حدود اختصاصاتها الأولى.
إن (متَّى المسكين) وهو يسعى إلى إنقاذ المسيح في إنقاذ كنيسته صارم في حدوده، إنه يرى حتى في ذلك الدور الذي تؤديه الكنيسة تحت عناوين من الخدمة الاجتماعية وغيرها خروجًا عن دور الكنيسة.
لماذا؟ لأن الخدمة الاجتماعية -هكذا يقول متَّى المسكين- إذ تشمل رعاية الشباب اجتماعيًا وتوجيههم، وتثقيف العمال، وفحص أحوالهم ومطالبهم، والعناية بالطلبة، وإقامة النوادي والمعسكرات، وترتيب المؤتمرات لبحث المشاكل الداخلية والخارجية للشباب، بل وإقامة المستشفيات والملاجئ تدخل في اختصاص نظام الحكم.
فإذا علمنا أن أي نظام للحكم لابد أن يكون له اتجاهه الخاص وخططه في التوجيه والرعاية الاجتماعية لجميع ما عنده من الفئات، فإنه يتحتم في جميع الأحوال أن تكون الكنيسة دارسة لنظام الحكم حتى يكون مخطط الكنيسة الاجتماعي موافقًا ومطابقًا لمخطط الحكومة، وإلا فالصدام بين الكنيسة والدولة أمر لا مفر منه.
التعديل الأخير تم بواسطة elqurssan ; 31-05-2009 الساعة 03:44 AM
مُغلَق للتَحديث
-
أين إذًا تقع الحدود بين سلطان الكنيسة وسلطان الدولة؟ وإن متَّى المسكين يجيبنا في وضوح وصفاء نادرين: لا تماس ولا حدود لأن ملكوت الكنيسة هو ملكوت الرب، وملكوت السلطان هو الدنيوية، هو عالمنا الأرضي، هو حياتنا ونظامنا الاجتماعي، وما لقيصر لقيصر وما لله لله، هذه هي الحدود كما تجلت في قول المسيح:
إن أردنا الاستفاضة يجيبنا متَّى المسكين قائلاً:
إذا عجزت الكنيسة عن أن تضبط الإيمان بالإقناع والمحبة، وهرعت إلى الملوك والرؤساء لتستصدر منشورًا بالإيمان تكون قد أخطأت الطريق، إن الإيمان لا يحميه السيف ولا يحميه القانون، وإنما تحميه البشارة المفرحة وكلمات الرب والإقناع بكلماته.
وعندما احتمت الكنيسة في سيف قسطنطين الملك في القرن الرابع ليتولى حماية الإيمان بالسيف ماذا حدث؟ قاد قسطنطين حربًا صليبية في العالم رافعًا راية الصليب على ساري العداوة جاعلاً شعار الحياة هو نفسه شعار الموت، وربما لم يكن من العار أن يحارب أعداءه ولكن كان العار عليه -كل العار- أن يحارب أعداءه باسم الصليب.
إنه سيان أن تطلب الكنيسة القوة من السلطان الزمني أو تحض على الاستهتار بقوة السلطان الزمني، لأن في الأولى خروجًا على اختصاص الكنيسة، وفي الثانية خروجًا على منطق المسيح ووقوعًا في دينونة الله.
إن الحض على الاستهتار بسلطة الدولة متمثلة في السلطان الزمني، هو تشجيع للشر، لأن الكنيسة لا ينبغي أبدًا أن تأخذ موقف العداء من الدولة والوطنية، ومصدر الخطر أن الذين يلقنون الدين للجميع يبنون الفرقة والتحيز والانقسام والتكتل.
إن يسوع المسيح يقول: ليس سلطان إلا من الله، كما أنه يقول أعطوا الجميع حقوقهم، الخوف لمن له الخوف، والسلطان لمن له السلطان، والإكرام لمن له الإكرام، وبالتالي فإن تصرفات المواطن المسيحي فيما يختص بأمور السلطان الزمني لا تقع تحت سلطان الكنيسة، فالكنيسة لا تستطيع ولا ينبغي لها أن تستطيع أن تلفت نظر وزير أو مسئول مسيحي في تصرفاته الحكومية، لأنه ليس تحت سلطانها، الكنيسة فقط تسأل المواطن المسيحي فيما يختص بإيمانه وعقيدته وسلوكه الروحي.
إن ذلك يؤدي إلى أن تكون حرية المواطن المسيحي مكفولة في التصرف وإبداء الرأي والاشتراك في كل ما يخص وطنه في كل الأمور دون أن تكون الكنيسة مسؤولة عن تصرفه، ودون أن تكون الكنيسة مسؤولة عن تقصير أبنائها في أدائهم الواجب الوطني، ودون أن توحي الكنيسة لأبنائها بالتزام خطة معينة بسلوك تصرف معين تجاه الدولة حتى لا تكون الكنيسة مسؤولة أمام السلطان الزمني عن تصرف زمني، لأن مسؤولية الكنيسة فقط أمام المسيح وهي مسؤولة فقط عن تصرفها الروحي.
وباختصار يقول متَّى المسكين: إن وطنية المسيحي وكل ما يتعلق بها من تصرفات خاصة وعامة سواء في الاجتماع أو الاقتصاد أو السياسة إنما تنبع من كيان المواطن لا من كيان الكنيسة، لأن الدولة هي المسؤولة في النهاية عن وطنية المواطن المسيحي لا الكنيسة أو رجال الدين.
إذا لم تكن تلك هي مهمة الكنيسة فما مهمتها على وجه التحديد؟
مرة أخرى يعيد متَّى المسكين على مسامعنا صوت بولس الرسول صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول إن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم: أنا!!!.
إن الأمر في رأيه وفي رأي بولس الرسول بالغ الخطورة، لأن الذين يحاولون أن يخرجوا الكنيسة عن مهمتها إنما يفعلون ذلك لعدم قدرتهم على الكرازة بالتوبة لتجديد الإنسان وخلاصه، لأن الخسارة التي سوف تجنيها الكنيسة من جراء ضم مواضيع جديدة للكرازة سوف تنتهي أخيرًا بانطفاء سراج المناداة بالتوبة لخلاص الخطاة.
إن القائمين على الكرازة فقدوا الطريق الموصل إلى قلب الإنسان، فأخذوا يدورون في متاهات جانبية بعيدة تمامًا عن مهمة الكنيسة، بل لقد ضيع هؤلاء بموقفهم ذلك المفتاح المقدس الذي سلمه الرب يسوع إلى الكنيسة ليدخلوا به إلى قلوب الخطاة، لأن المفتاح الكبير الذي سلمه الرب إلى الكنيسة هو أن تفتح ملكوت السماوات للخطاة، ولكنها ضيعت المفتاح عندما انشغلت بأموال الدنيا وتلاهت عن خلاص الخطاة بمهمة أخرى.
إن هؤلاء ينسون أن المسيح لم يخلط أبدًا بين مملكة الله ومملكة الدهر، لأن محاولة الكنيسة الاهتمام بالأمور الزمنية باسم المسيح هو بمثابة تنصيب المسيح ملكًا على الأرض، كما أن تقوية سلطان الكنيسة بدعوى المطالبة بحقوق الجماعة هو رجعة لإقامة «ملك المسيا» كما يحلم به اليهود.
إنه فيما لو صُفى فكر الكنيسة من كل أطماع الدنيا، وفيما لو نفضت عنها كل الحقوق المطلوبة والحقوق المسلوبة، حينئذ ستذكر الكنيسة قول سيدها: «مملكتي ليست من هذا العالم»، ستتذكر أن التوبة ينبغي أن تكون شغل الكنيسة الشاغل لأنها رسالتها، فإذا رفعنا المناداة بالتوبة عن اختصاص الكنيسة لانشغالها بأمور زمنية أخرى لا يبقى للكنيسة من عمل آخر، لأنه ما من عمل يتم في الكنيسة إلا وأساسه في الأصل (تكميل التوبة لضمان الخلاص).
وإليكم بعض التعليقات:
أولاً: قد تقول الكنيسة في رجالها أو يقولون في كنيستهم وتبقى السمات العامة اللافتة للنظر، فأيام الأب متَّى المسكين ومن قبل كان حكم البابا كيرلس للكنيسة حيث لم تحدث مشاكل تذكر مع الدولة، أما الآن فلا يكاد يمر إلا وتسمع عن الاحتقان الطائفي والفتنة الطائفية!!
مُغلَق للتَحديث
-
-
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة هنوووشه في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 15-01-2012, 10:57 PM
-
بواسطة صلاح عبد المقصود في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 15-10-2011, 03:25 PM
-
بواسطة ابن عبد في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 15-07-2010, 12:58 PM
-
بواسطة مريم في المنتدى قسم الأطفال
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 29-12-2009, 02:00 AM
-
بواسطة السيف البتار في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 22-03-2007, 09:21 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات