بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
مقدمة :
( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان)(25) ) النساء
عن علي رضي الله عنه كان اخر كلام رسول الله الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم رواه أبو داوود وصححه الألباني
روى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً؛ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ .
البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب قتل النساء في الحرب (2852)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب (1744)، وابن ماجة (2842)، وأحمد (4739) والدرامي (2462)، وابن حبان (135)، والحاكم في المستدرك (2565).
وَعَنْ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ؛ فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ: انْظُرْ: عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ؟ فَجَاءَ؛ فَقَالَ: عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ. قَالَ: وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خالد بن الوليد رضي الله عنه؛ فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ: "قُلْ لِخَالِدٍ: لَا يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلا عَسِيفًا" .
عسيفًا: أجيرًا. أبو داود (2669)، وأبو يعلى (5147) وقال الألباني: حسن صحيح، انظر: صحيح سنن أبي داود للألباني (2324).
عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ ، فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدَيْهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ، وَلَا يُكَلِّفْهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ " . صحيح البخاري و مسلمعن أبي مسعود الأنصاري قال: كنت أضرب غلاما لي .... فسمعت من خلفي صوتا ( اعلم ، أبا مسعود ! لله أقدر عليك منك عليه ) فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم .... فقلت : يا رسول الله ! هو حر لوجه الله . فقال أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار . صحيح مسلممن يلاءمكم من مملوكيكم فأطعموهم ما تأكلون واكسوه مما تلبسون ، ومن لم يلائمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله صحيح أبي داود
من قذف مملوكه ، وهو بريء مما قال ، جلد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال صحيح البخاري
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كفى بالمرء إثما أن يحبس ، عمن يملك ، قوته . صحيح مسلم
إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه ، فإن لم يجلسه معه ، فليناوله لقمة أو لقمتين ، أو أكلة أو أكلتين ، فإنه ولي علاجه صحيح البخاري
من لطم مملوكه ، أوضربه، فكفارته أن يعتقه صحيح الجامع
و جاء فى بَابُ حَقِّ السَّرَارِيِّ .
7587 عَنْ سَلْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " مَنِ اتَّخَذَ مِنَ الْخَدَمِ غَيْرَ مَا يَنْكِحُ ، ثُمَّ بَغَيْنَ فَعَلَيْهِ مِثْلُ آثَامِهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ آثَامِهِنَّ شَيْئًا " . رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَلْمَانَ
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد » كتاب النكاح » باب حق السراري
_ معلوم أنّ أعداء المسلمين لا يراعوا النساء أو الاطفال أو الشيوخ فيقوموا بتعذيبهم و إغتصابهم و شق بطونهم و عمل مجازر فيهم و قد يسبون النساء و الأطفال و التاريخ خير شاهد على ذلك ( محاكم التفتيش و إلقاء القنابل النووية و الذرية التي لا تُفرق بين رجل أو إمرأة أو طفل أو شيخ أو مقاتل أم مسالم )فبالتأكيد السبي لهم أفضل من القتل
_ السبي يعتبر عنصر ردع فإذا علم العدو أنه بقتال المسلمين سيسبى نساؤه خاف
_ كذلك السبي يعتبر عنصر ضغط فإذا سبيت نساء العدو يمكن الضغط عليه إما بفداء نسائهم و أسراهم بالمال أو بأسرى المسلمين___________________
مضمون الشبهة:
يزعم بعض المغرضين أن الإسلام قد شجع تجارة الرقيق، ويستدلون على زعمهم بإباحته لنظام التسري بالجواري، كما يزعمون أن في هذا دعوة إلى الدعارة والإباحية.
وجها إبطال الشبهة:
التسري هو اتخاذ الأمة المملوكة للجماع من قبل سيدها، وقد عرف في الأمم السابقة، إلا أن الإسلام وضع له شروطا تكفل للجارية حقوقها وتصون كرامتها الإنسانية.
المقاصد الشرعية من إباحة التسري بالجواري في الإسلام - هي تحريرهن من عبودية الرق، وحمايتهن من الوقوع في الفاحشة، وحل لمشكلة الزواج لغير القادرين عليه، وبهذا يحمي الإسلام المجتمع من الضياع والانحلال وآفة البغاء و الإباحية.
التفصيل:
أولا. معنى التسري في اللغة والاصطلاح، والشروط التي يتم بها في الإسلام ينفي هذا الزعم:
التسري في اللغة: اتخاذ السرية. يقال: تسرى الرجل جاريته، وتسرى بها واستسرها: إذا اتخذها سرية، وهي الأمة المملوكة يتخذها سيدها للجماع، وهي من السرور؛ لأنها موضع سرور الرجل؛ ولأنه يجعلها في حال تسرها من دون سائر جواريه، والتسري في الاصطلاح لا يختلف عن معناه اللغوي.
والتسري جائز في الإسلام بالكتاب والسنة والإجماع، إذا تمت شروطه. يقول عز وجل: )والذين هم لفروجهم حافظون (5) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (6)( (المؤمنون). وقد تسرى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمارية القبطية، وولدت له ابنه إبراهيم، وكذلك الصحابة - رضي الله عنهم - اتخذوا السراري.
وليس معنى هذا أن الإسلام هو الذي ابتدع هذا النظام؛ فقد كان معروفا في كل الأمم قبل الإسلام، وعرفته الأديان قبل الإسلام، فقد ورد أن إبراهيم - عليه السلام - تسرى بهاجر التي وهبه إياها ملك مصر، فولدت له إسماعيل - عليه السلام - وقد ورد في التوراة أنه كان لسليمان - عليه السلام - ثلاثمائة سرية، وقد عرف العرب الجاهليون التسري أيضا[1].
وقد كان الإسلام أول نظام يعرفه البشر يقيد هذا الأمر، ويضع له شروطا لا بد من تحققها، وهو بذلك قيد موردا من أكبر موارد الرق.
ومن الشروط والقيود التي وضعها الإسلام لنظام التسري، والتي تكفل للإماء الكرامة وكثيرا من الحقوق التي لم ينلنها في أي تشريع آخر غير الإسلام - أنه:
لا يجوز استرقاق الجواري في الحروب إلا إذا كانت هذه الحرب مشروعة، أي يجيزها الإسلام، فإذا لم تكن كذلك، فإنها لا تؤدي إلى رق من يؤسرون فيها.
لا يجوز للمسلم أن يقضي وطره مع أية أسيرة من أسرى الحرب إلا بعد أن يقضي الحاكم باسترقاقهن.
لا يجوز للمسلم أن يقضي وطره إلا بعد أن تصبح ملك يمين له، ولا تكون الأسيرة كذلك إلا أن تصبح نصيبه من الغنيمة، أو أن يشتريها من غيره إذا كانت مملوكة، وبعد أن تصبح ملكا له، لا يجوز أن يمسها إلا بعد أن يستبرأها بحيضة على الأقل للتأكد من عدم حملها[2].
إذن لم يترك الإسلام أمر التسري بالجواري مطلقا دون قيود كما كان قبل الإسلام، ولم يتركه لأهواء الجنود؛ لكي يستبيحوا حرمات الأسيرات والاعتداء عليهن بقسوة ووحشية، كما كان يحدث قبل الإسلام، وكما يحدث حتى الآن من جيوش غير المسلمين، فحين نرى أسيرات الحرب في الأنظمة غير الإسلامية يهوين إلى حمأة الرذيلة ومستنقع الفاحشة بحكم أنه لا عائل لهن، نرى الأسيرات في النظام الإسلامي ينلن جميع حقوق الزوجات من: رعاية وإطعام وكسوة وسكن وحماية لأعراضهن.
فلا يجوز لغير المالك أن يتمتع بهن حتى ولو كانوا أقاربه، وفي هذا حفظ لهن من التشرد، وإرضاء لحاجاتهن الجنسية، ولهذا لا يمكن القول أبدا: إن إباحة التسري في الإسلام - نوع من البغاء؛ لأن من يقول هذا إما جاهل بمعنى البغاء، أو بقانون الإسلام للتمتع بالسراري، فالبغاء: أن يستعير رجل من امرأة جسدها بالأجرة، وهو ما يروج له في المجتمعات الغربية التي تدعي الحضارة الآن، فالفروق جد واضحة بين البغاء ونظام التسري في الإسلام الذي هو نوع من أنواع القضاء على البغاء.
ثانيا. المقاصد الشرعية من إباحة التسري بالجواري في الإسلام:
إن الإسلام وإن أباح للمسلمين استرقاق أسرى الحرب بمقتضى الضرورة الملحة، إلا أنه قد دعاهم إلى أن يعاملوهم - في حالة الرق - بأحسن أنواع المعاملة من الخير والمعروف، وهيأ من الأسباب ما يجذبهم شيئا فشيئا إلى المجتمع المسلم، ويجعلهم أفرادا من أفراده، وهذا هو المقصود الذي لأجل تحقيقه أباح الإسلام التمتع بالسراري.
وللإسلام من وراء إباحته للتسري بالجواري كثير من الحكم والمنافع التي تعود على المجتمع كله، وعلى أفراده وعلى الجواري أنفسهن بالخير والنفع نسردها فيما يأتي:
حماية الأسيرات من الوقوع في الفاحشة:
حين أباح الإسلام نظام التسري، إنما قصد من ذلك تخليصهن من التشرد والبغاء. فبينما كانت أسيرات الحرب في الأنظمة غير الإسلامية يهوين في مستنقع الفاحشة؛ حيث يفقدن في الغالب من يعولهن، ولأن سادتهن لا يشعرن نحوهن بنخوة العرض وحمية الشرف، بل كانوا يجبرونهن على الزنا.
ويتكسبون من ورائهن بهذه التجارة القذرة (تجارة الأعراض وانتهاك الحرمات)، لكن الإسلام العظيم المتحضر لم يقبل البغاء، ولم يسلك مع الإماء هذا المسلك القذر، بل حرص على سمعتهن وأخلاقهن[3]؛ لهذا قصر التمتع بهؤلاء الجواري على أسيادهن فقط، وعليهم إطعامهن وكسوتهن، وحفظهن من الفاحشة، وإرضاء حاجاتهن الجنسية.
حماية المجتمع من الانحلال الجنسي:
ففي نظام التسري في الإسلام حماية للمجتمع من الفوضى الجنسية والإباحية؛ فهؤلاء الأسيرات لو أطلق سراحهن بعد الحرب وبعد فقد من يعولهن، فلا بد أن يبحثن عن شيء يتكسبن به، وأيسر شيء لهن هو امتهان الرذيلة، فأراد الإسلام أن يحمي المجتمعات المسلمة من هذه الفوضى والإباحية؛ وذلك عن طريق تشريعه لمبدأ التسري.
حل مشكلة الزواج لغير القادر:
فمن لم يستطع الزواج من حرة مثلا لغلاء مهرها؛ تزوج من أمة أو ملك يمين اشتراها؛ ليشبع غريزته من حلال، ويعصم نفسه بملك اليمين. قال عز وجل: )ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف( (النساء:25) [4].
التسري وسيلة لتحرير الرقيق:
لقد أباح الإسلام للرجال أن يعاشروا ما ملكت أيمانهم؛ ليكون ذلك وسيلة إلى تحديد العبيد، وقد استغل الإسلام في ذلك ميول الغريزة للقضاء على روافد الرق، ولكي يتحقق هذا الغرض الإنساني النبيل على أتم صورة وأكمل وجه، أجاز الإسلام للرجل أن يتسري بجواريه بدون تقيد بعقد ولا بعدد؛ فلم يقيده بتعاقد ولا إيجاب ولا قبول؛ لأنه وسيلة تؤدي إلى حرية الجارية وحرية جميع نسلها إلى يوم القيامة - لا يصح أن تتوقف على رأيها وقبولها؛ بل ينبغي أن تذلل سبلها بمجرد إقدام السيد عليها[5].
ولهذا أيضا لم يشترط الإسلام عددا معينا؛ لكي تشمل نعمة الحرية أكبر عدد ممكن؛ وليقضي على الرق في أقصر وقت مستطاع.
حيث شرع الإسلام أن الجارية التي تلد من سيدها يكون ولدها حرا، وتكون هي الأخرى حرة بعد موت سيدها، ولا يجوز بيعها في حياة سيدها، ولا يجوز للورثة أن يستعبدوها؛ فنظام التسري إذن من أعظم الأنظمة التي تؤدي إلى تحرير الإماء في الإسلام، لا التشجيع على استرقاقهن كما يزعم بعضهم.
والناظر إلى نظام الإسلام في التسري؛ يتبين له من أول وهلة أنه أبعد ما يكون عن البغاء، بل إنه من أعظم الوسائل التي تقضي على البغاء والإباحية الجنسية في المجتمعات، فحينما شرع الإسلام نظام التسري شرعه ليحل به مشكلة شائكة قد يتعرض لها المسلمون بعد الحرب، وهي وجود آلاف الأسيرات من نساء العدو عند المسلمين، ولم يرد هذا العدو أن يستنقذهن بدفع الفدية لهن، أو تسريح ما أصاب من نساء المسلمين مقابلهن، فلا شك أن المسلمين مضطرون لذلك إلى الإمساك بهن، فكما لا يجوز حبسهن بصفة دائمة، لا يجوز كذلك تسريحهن في دار الإسلام؛ حتى لا يفسد المجتمع المسلم وتنتشر به جراثيم الخلاعة والمجون، من ناحية، وتوصم جباههن بالعار والذل إلى الأبد من ناحية أخرى؛ ومن ثم كان لا بد من توزيعهن بين أفراد الأمة، مع أمر سادتهن بالتمتع بهن، وقصرهن على أنفسهم فحسب، أو يزوجوهن من غيرهم حتى لا يقترفن الفاحشة، ويتخذن الأخدان في المجتمع، كما شدد الإسلام على نهي السادة أن يجبروا جواريهم على الزنا، يقول عز وجل: )ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا( (النور:33)[6].
وقوله سبحانه وتعالى: )إن أردن تحصنا( (النور: ٣٣)، ليس المقصود منه أنهن إن لم يردن التحصن يكرههن على ذلك، وإنما المراد منه بيان الواقع الذي نزلت من أجله الآية، وهو إكراههم لإمائهم على الزنا مع نفورهن منه، ولأن الإكراه لا يتصور عند رضاهن بالزنا واختيارهن له، وإنما يتصور عند كراهتهن له وعدم رضاهن عنه، ولأن في هذا التعبير تعييرا لهم - أي للأحرار الذين يكرهون فتياتهم - فكأنه - عز وجل - يقول لهم: كيف يقع منكم إكراههن على البغاء وهن إماء يردن العفة ويأبين الفاحشة؟ ألم يكن الأولى بكم والأليق بكرامتكم أن تعينوهن على العفاف والطهر، بدل أن تكرهوهن على ارتكاب الفاحشة من أجل عرض من أعراض الحياة الدنيا"[7].
أما إذا مالت إحداهن إلى الفجور، فإن عليها نصف ما على المحصنات من العذاب، قال عز وجل: )فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب( (النساء:25)؛ وهكذا سد الإسلام على الإماء طريق البغاء والفجور، سواء رغبن فيه أو أكرهن عليه. لكن هل من الإنسانية في شيء أن تمنع الإماء من مطلب من مطالب النفس وغرائز الطبيعة؟! أليس لهن ما للحرائر من حقوق في تلبية هذه المطالب؟!
وقد اختار الإسلام طريقين لتحقيق مآربهن الفطرية، بطريقة شريفة، دون الإضرار بأخلاق المجتمع، وهما:
أن يزوجهن سادتهن من غيرهم، وفي ذلك يقول عز وجل: )وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم( (النور:32)، وكذلك أباح لمن من لم يستطع من المسلمين أن يتزوج حرة لفقره في أن يتزوج أمة من الإماء على صداق يسير، قال عز وجل:: )ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات( (النساء:25)، وبهذا يتحول الحق من السيد إلى الزوج؛ لأنه بمحض إرادته حول حقه إلى غيره على صداق قد ناله[8].
وبناء على ذلك فإن أمثال هؤلاء الإماء من المحصنات قد حرمهن النص القرآني على كل أحد غير أزواجهن، قال عز وجل: )فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان( (النساء:25).
أن يتمتع بهن السيد نفسه، وذلك على ثلاثة أوجه:
أن يتمتع بها السيد على أنها ملك اليمين، وهو قيد من قيود الزواج.
أن يعتقها ثم يتزوجها ويعتبر العتق صداقها.
أن يعتقها ثم يتزوجها على صداق جديد.
وقد آثر النبي - صلى الله عليه وسلم - الثاني والثالث من هذه الوجوه، وحث عليهما المسلمين في العديد من الأحاديث، يقول صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل كانت عنده وليدة - أي أمة - فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها - فله أجران».[9]ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النوع الثالث: «إذا أعتق الرجل أمته، ثم تزوجها بمهر جديد، كان له أجران»[10].
وقد أيد فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله؛ فقد تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه من صفية وجويرية - رضي الله عنهما - بعد أن أعتقهما أولا ثم أدخلهما في حيز الزواج[11].
هذا هو نظام التسري في الإسلام، يؤكد - بما لا يدع مجالا للشك - عظمة الشرع الإلهي وحكمته ومعرفته بما يصلح أحوال العباد. أين هذا من الأنظمة الاجتماعية الأخرى التي نظرت إلى الأمة نظرة امتهان وتحقير، بما كانت تجبر عليه من البغاء، وبما كانت تتقلب فيه من لذة آثمة ومتعة رخيصة في سوق الفساد والإباحية[12].
واليوم سلكت البلاد الأوربية والشرقية مسلكا آخر في استرقاق المرأة؛ هذا المسلك يتلخص في أن الأنظمة هناك أباحت البغاء، ومنحته رعاية القانون، فأين هي كرامة البغي المومس وهي لا تملك مسوغا لمسلكها؟! وما يطلبها أحد إلا لأقذر معنى يمكن أن تهبط إليه البشرية، وأين من هذه القذارة الحسية والمعنوية ما كان بين السادة والجواري في الإسلام؟
لقد كان الإسلام صريحا مع نفسه ومع الناس، فقال: هذا رق، وهؤلاء جوار، وحدود معاملتهن هي كذا وكذا، ولكنه لم يقل إن هذا هو الوضع الدائم للبشرية، ولا الوضع الذي يليق بكرامتها في المستقبل، وإنما هي ضرورة حرب حين يتعارف الناس على استرقاق أسرى الحرب.
فنظام الجواري الذي عرفه الإسلام قبل ألف وأربعمائة عام - على أنه نظام مؤقت قابل للتغييرـ؛ كما يقول عنه الأستاذ. محمد قطب - أنظف بكثير من النظام الذي يقوم في القرن العشرين، وتعتبره المدنية الحاضرة نظاما تقدميا، لا يستنكره أحد، ولا يسعى في تغييره أحد، ولا يمانع أحد أن يظل إلى نهاية الحياة ما دامت هذه الدوافع إلى الجنس والشهوات.
وقد يزعم زاعم أن هؤلاء "الهاويات" للفاحشة يتطوعن دون إكراه من أحد، وهن مالكات لحريتهن الكاملة. ولكن أي حرية تلك؟ بل هن في الحقيقة أرقاء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والخلقية التي دفعتهن[13]لاتخاذ البغاء مصدرا للتكسب، ولا شك أن الحضارة الأوربية بما فيها من أوضاع سيئة وأحوال فاجرة - هي التي تدفع إلى البغاء وتقره سواء أكان بغاء رسميا، أم كان بغاء الإباحيات الهاويات.
هذا هو الرق الحقيقي الذي يعيشه غير المسلمين: رق للرجال ورق للنساء، رق للأمم ورق للأجناس، رق متعدد المنابع، متجدد الموارد في غير ضرورة ملجئة، وفي غير حاجة ملحة. اللهم إلا خسة الغرب وانغماسه في الشهوات والملذات"[14].
وحول الحكم والمقاصد من وراء إباحة التسري في الإسلام يحدثنا د. البوطي، فيقول: "مبدأ العلاقة الجنسية محترم، ومدعو إليه شرعا، وليس كما قد يخطر في البال أمرا مشينا، أو آفة تزري بالإنسان وقيمته الاجتماعية؛ ولذا كان الأصل فيها الحل، والحرمة تكون في حالات استثنائية طارئة تتلخص في المفاسد التي ذكرناها.
والطريقة التي حصن بها الشارع هذه العلاقة الفطرية ضد المفاسد التي قد تتغلغل فيها، هي إقامة هذه العلاقة تحت مظلة عقد ينشأ عنه التزام وتحمل للآثار والمسئوليات، فحيثما تحقق هذا الترابط العقدي بما يضمن تحمل هذه المسئوليات ويحصن الطرفين ضد المفاسد والأخطار، فهو ترابط مقبول شرعا.
ومن المعلوم أن كلا من عقد الزواج ونظام التسري قائم على هذه الضوابط، ليس بينهما في ذلك أي فرق؛ فالمرأة في كلا الحالين منوطة برجلها الواحد، والرجل في كلا الحالين قائم بمسئولياته تجاه امرأته: أمة كانت أو زوجة، وكل ما يستولده منها؛ فنسبه لاحق به، وعلى المولود له رزقهن جميعا بالمعروف، كما أمر الله عز وجل.
ومن هنا يعلم أن نظام التسري، عندما يتم على وجه شرعي، طبق أحكامه وضوابطه المعروفة، وفي ظل الاسترقاق الذي يعلنه الحاكم المسلم، لا يختلف عن الزواج في كونه علاقة جنسية محصنة ضد المفاسد والآفات التي قد تتسرب إليها.
وأخيرا، فإن أصل المشكلة يتلخص فيما يأتلي: ينظر مجاذيب الغرب في بلادنا إلى ما عليه الغربيون اليوم من الانحراف الكلي في سائر الانحرافات الجنسية وشذوذاتها، فلا تأخذهم من ذلك دهشة، ولا يشعرون بأي اشمئزاز أو استنكار، بل يؤيدون ما يراه الغربيون أنفسهم من أن مسألة الجنس قضية شخصية مردها إلى حرية الفرد ومزاجه، ولا أثر لها في نطاق أي من مقومات الحضارة أو المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية أو العلاقات الأخلاقية.
حتى إذا نظروا إلى تاريخ الحضارة الإسلامية ورجال التاريخ أو الفكر الإسلامي، وضعوا مسألة الجنس عندئذ في ميزان آخر من التقويم والاعتبار، إذ يريهم هذا الميزان أن العلاقة الجنسية بمجموعها الكلي أمر مستقذر معيب، ومن ثم فإن سمو الخلق الإنساني يقتضي أن يتسامى الإنسان دائما فوقه ويفر منه، وينفض نفسه ومشاعره من بقايا دنسه وتصوراته.
ومن خلال هذا الميزان ينظرون إلى رجال التاريخ الإسلامي، بدءا من محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى سائر علمائه ومفكريه وقادته وحكامه.
ونظرا إلى أنهم لن يقعوا من سيرة هؤلاء الرجال على ملائكة، أو أي مخلوقات أخرى متميزة عن صنف البشر، فلا بد إذن أن يلاحقوهم بالنقد المرير، وأن يعيدوا سيرة المشركين الذين كانوا يقولون عن محمد - صلى الله عليه وسلم - انطلاقا من هذا المنظار: )وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق( (الفرقان:7)؟!
وما دامت نظرة أتباع الغرب تتخبط بين إفراط من الاستهانة بأمر الجنس وشذوذاته، عندما يولون وجوهم شطر العالم الغربي، وبين تفريط في استهجانه وعده وصمة سوء في العلاقات الإنسانية كلما التفتوا بأبصارهم إلى تاريخهم العربي والإسلامي، فإن دابر هذه الاستشكالات السخيفة لن ينقطع، وطبعي أن لا ينقطع.
إلا أن من المهم جدا أن نذكر هنا بالوسطية التي يمتاز بها الإسلام، والتي جعل الله منها حصنا يقي المسلمين الذين وعوا إسلامهم من الجنوح في أي قضية فكرية أو سلوكية، إلى أي من حافتي الإفراط أو التفريط"[15].
الخلاصة:
التسري هو اتخاذ الأمة المملوكة للجماع من قبل سيدها، وقد عرف التسري - بهذا المعنى - في جميع الأمم السابقة قبل الإسلام، وكذلك فعله بعض الأنبياء كإبراهيم وسليمان عليهما السلام، وقد أقر الإسلام هذا النظام وأجازه بالكتاب والسنة والإجماع، ولكن بشروط خاصة تكفل للجارية حقها، وتصون كرامتها الإنسانية.
لقد كان للإسلام كثير من الحكم والمصالح من إباحته لنظام التسري بالجواري، أهمها: حماية الأسيرات من التشرد والوقوع في الفاحشة، وحماية المجتمع من الانحلال الجنسي والإباحية، وحل مشكلة الزواج لغير القادر؛ فالتسري هو نفسه وسيلة لتحرير الرقيق.
إن نظام التسري في الإسلام من أعظم الوسائل التي تقضي على البغاء والدعارة في المجتمعات، فهو أنظف بكثير من النظام الذي يقوم في الغرب على إباحة البغاء، ومنحه رعاية القانون.
لقد أجاز الإسلام سبي النساء والتمتع بهن صيانة لهن من الضياع؛ لأن أزواجهن أو أولياء أمورهن محاربون، هلك بعضهم أو انقطعت صلته بهن بعد سبيهن، وليس من المصلحة إعادتهن إلى بلادهن، فقد لا يجدن أزواجهن أو من يعولهن ويتعرض للسوء، ولا يقال: فليكن ذلك وإثمها على قومها؛ لأن الحرب الإسلامية تراعي المعاني الإنسانية على الرغم من عداوة الدين. على أن التمتع بالأسيرة وسيلة إلى حريتها؛ لأنها إذا حملت من مالكها وهو سيدها، عتقت عليه بعد موته، وكان ولدها حرا، وهذا هو السر في إطلاق التمتع بهن دون عدد؛ لأنه طريق إلى حريتهن وحرية أولادهن[16].
(*) الإسلام في مواجهة التحديات المعاصرة، أبو الأعلى المودودي، تعريب: خليل أحمد الحامدي، دار القلم، الكويت، ط4،1400هـ/ 1980م.
[1]. الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، ط1، 1409هـ/ 1988م، ج11، ص297.
[2]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص362.
[3]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص362.
[4]. نظام الرق في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، دار السلام، القاهرة، ط5، 2004م، ص75.
[5]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص364.
[6]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص365 بتصرف.
[7]. تفسير الوسيط للقرآن الكريم، د. محمد سيد طنطاوي، مطبعة السعادة، القاهرة، 1405هـ/ 1985م، ج10، ص73.
[8]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص366.
[9]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب اتخاذ السراري ومن أعتق جاريته ثم تزوجها (4795)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها (3570).
[10]. إسناده صحيح: أخرجه الطيالسي في مسنده، مسند أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه (501)، وأحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه (19673)، وصحح إسناده الأرنؤوط في تعليقات مسند أحمد (19673).
[11]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص367.
[12]. نظام الرق في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، دار السلام، القاهرة، ط5، 2004م، ص96.
[13]. نظام الرق في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، دار السلام، القاهرة، ط5، 2004م، ص97.
[14]. نظام الرق في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، دار السلام، القاهرة، ط5، 2004م، ص99 بتصرف.
[15]. هذه مشكلاتهم، د. سعيد رمضان البوطي، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط7، 2006م، ص65 وما بعدها.
[16]. موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام، عطية صقر، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2003م، ج1، ص445.
منقول
بيان الإسلام
__________________________________
مواضيع ذات صلة
الرد على شبهة الرق و السبايا و سبايا أوطاس د/ هيثم طلعت
الرد على : الرق في الاسلام
https://www.ebnmaryam.com/vb/t102964.html
المفضلات