السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
المفتي: محمد خليل هراس
نص السؤال: قرأت في مجلة الهدي النبوي _ نظرات في التصوف _ أن في كبار المتصوفة طواغيت، وأن الشيخ الغزالي صاحب (الإحياء) له في بعض كتبه ما يفيد بخطئه، بل زندقته، فكيف يكون ذلك وهو عالم كبير مؤمن بالله ورسوله، فمن أي ناحية يكون طاغوتًا؟ أرجو أن تثبتوا ذلك بالأدلة، لأن الغزالي رجل مؤمن فكيف يكون شأنه كذلك؟. وقد بحث في كل العلوم وقال عن نفسه أنه درس الفلسفة والفلاسفة والسفسطة والسوفسطائيين والصوفية مع العلم بأني وجدت الصوفية مشغولين بذكر ربهم وحب نبيهم، ويرونه في المنام دائمًا؟. أرجو من أنصار السنة التوضيح الكافي.
الجواب: إن جماعة أنصار السنة المحمدية حين تتعرض للحكم على شخصية من تلك الشخصيات، ذات الشهرة الواسعة والصيت الذائع كشخصية أبي حامد الغزالي غفر الله لنا وله، لا تضع في حسابها أبدًا ما أحرزه الرجل من مجد ولا ما ظفر به من إعجاب الجماهير وتصفيقهم، ولكنها تحكم له أو عليه بمقدار اتباعه للكتاب والسنة أو انحرافه عنهما.
فهذا هو ميزانها الوحيد الذي تزن به أقدار الرجال، وهذا هو الذي ميزها عن كل الهيئات الدينية، فهي لا تحابي أحدًا؛ ولا تجامل أحدًا؛ على حساب الحق، ولا تسكت على باطل. وبناء على هذا فما نشر على صفحات مجلة (الهدي النبوي) مما يتعلق بالغزالي صاحب الإحياء بقلم رئيس هذه الجماعة لم يقصد به الطعن في الرجل ولا التحامل عليه، وإنما أريد به بيان الأخطاء والانحرافات التي وقع فيها حتى يحذرها الناس ولا يتابعوه فيها.
وسبيله في ذلك إنما هو الرجوع إلى كتب الغزالي نفسها؛ ونقل النصوص المتضمنة لهذه الأخطاء، وبيان وجه الخطأ فيها.
ولا نستطيع الآن أن نحصر جملة الأخطاء الكبار التي وقع فيها الغزالي في (الإحياء) وغيره من كتبه، وكانت موضع النقد الشديد من العلماء قديمًا وحديثًا.
ولكنا نقول للأخ السائل: ارجع إلى ما كتب في مجلة الهدي من نقد الغزالي ثم انظر في كتب الغزالي هل تجد شيئًا من ذلك لم يقله الغزالي؟. وإذا وجدته قد قاله وخفي عليك وجه الخطأ فيه، فراجعنا ونحن نبينه لك إن شاء الله.
ونكتفي الآن بأن نقدم لك حكم رجلين من أئمة الإسلام على أبي حامد الغزالي:
فأولهما وهو الحافظ العراقي[3] رحمه الله الذي خرج أحاديث (الإحياء) ويعتبر تلميذًا للغزالي، ومع ذلك يقول فيه: (إن شيخنا الغزالي دخل في بطن الفلسفة؛ ثم حاول أن يخرج فلم يستطيع).
وأما الثاني فهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو يقول فيه: (إن الغزالي يعتبر جسرًا بين الإسلام والفلسفة فلا هو إلى الإسلام المحض، ولا إلى الفلسفة الصريحة، فالمسلم يتفلسف على كتبه تفلسف مسلم؛ والفيلسوف يسلم على كتبه إسلام فليسوف).
وبعد: فننصح لك أيها الأخ أن لا تؤخذ بفخامة الألقاب؛ وأن لا تجعل عظمة الشخصية حجابًا يحول بينك وبين إدراك الحق واجتلاء نوره من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا تحاول أن تعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الرجال بالحق، واعرف الحق تعرف أهله.
المصدر
http://fatawa.al-islam.com/fatawa/Di...tID=893&Page=1
المفضلات