تسلم أخينا الحبيب أبو عبيدة
لا يتم الرد على الرسائل الخاصة المرسلة على هذا الحساب.
أسئلكم الدعاء وأرجو ان يسامحني الجميع
وجزاكم الله خيرا
أستاذ أبو عبيدة.....فكرتني بشبكة الجامع
جزاك الله خيرا ..... والله أحبك في الله
أنا بس أحب أنبه إن كل الآيات التي يقولون عليها تمدح في النصارى وإيمانهم إنما هي جائت مشروطة كلها
على سبيل المثال
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
يعني اليهودي أو النصراني أو الصابئ لو لم يؤمن فهو في النار وبئس المصير (إن الدين عند الله الإسلام)
وجزاكم الله خيرا
المسيحيون يستمعون لما يودون ان يصدقوه ولو كانوا متأكدين بكذبه
لسان حال المسيحيين يقول : يا زكريا بطرس والله إنك لتعلم اننا نعلم انك كذاب لكن كذاب المسيحية خير من صادق الاسلام
إنجيل برنابا
يقول القمص ص8 : ( لم يرد بالقرآن أو الحديث أو في التفاسير أو أقوال الأئمة أي ذكر لما يسمى إنجيل برنابا بل ينكره العلماء المسلمون لمناقضته للإسلام نفسه وبعده عن العقل السليم ) .
وفي البداية أحب أن أقف على قول القمص : ( لم يرد بالقرآن أو الحديث أو في التفاسير أو أقوال الأئمة أي ذكر لما يسمى إنجيل برنابا ) فهذا أكبر دليل على أن إنجيل برنابا ليس من صنع المسلمين , وهذا إعتراف من القمص بذلك !
قد أعذر القمص في دعواه السابقة , ذلك لأن إنجيل برنابا حسم العديد من القضايا المتنازع عليها بين المسلمين والنصارى وهذا ما ليس على هوى القمص !
لكن الذي لا أعذره فيه هو أنه ادعى أن علماء الإسلام أنكروا هذا الإنجيل , وهذا الإدعاء لا بد له من تفصيل , فالبعض يتسأل : لماذا يستدل بعض الباحثين من المسلمين على صحة ما يريدون إثباته من هذا الإنجيل رغم أنه لم يثبت في القرآن أو السنة ذكر لهذا الإنجيل ؟ , ولبيان الأمر نقول :
بالنسبة لإنجيل برنابا وسؤال البعض بخصوص اعتراضنا عليه كمسلمين وعدم قبوله ككتاب سماوي رغم أننا نستدل به , فيمكننا تقسيم الإجابة إلى قسمين بناءً على سؤالين :
1- لماذا نعترض على صحة هذا الإنجيل رغم استشهادنا منه ؟
وذلك لأننا نقر أنه لكون الكتاب سماويًا واجب التسليم لابد من توافر هذين الشرطين :
أولاً : السند المتصل لهذا الكتاب .
ثانيا : إرتقاء متن الكتاب ولفظه ليكون وحيًا إلهيًا .
وسند إنجيل برنابا مجهول لا نعلمه كما لا نعلم سند أناجيل النصارى الأربعة , أما متنه ففيه بعض الجزئيات التي هى محل نظر ولكنها بالمقارنة بالتناقض الذي في الأناجيل الأربعة عند النصارى لا يعد شيئًا البتة , والعجيب في دعوى القمص أنه يقول أن إنجيل برنابا بعيد عن العقل السليم في حين أنه يقبل الأناجيل الأربعة كوحي منزل , وهي التي بها من التناقضات والإضطرابات والأساطير ما هو بعيد كل البعد عن العقل السليم !
إن إنجيل برنابا يستحق الدراسة المتأنية بصرف النظر عن كونه كتاب سماوي أم لا , بل إن مترجمه إلى العربية الدكتور/خليل سعادة وهو نصراني يشار له بالبنان يقول في حق هذا الإنجيل : ( فإن هذا الإنجيل قد أتى على آيات باهرة من الحكمة , وطراز راق من الفلسفة الأدبية , وأساليب تسحر الألباب ببلاغتها السامية , على ما فيها من البساطة في التعبير , وهى ترمي إلى ترقية العواطف البشرية إلى أفق سام , وتنريهها من الشهوات البهيمية , آمرًا بالمعروف , ناهيًا عن المنكر , حاثًا على الفضائل , قبحًا للرذائل , داعيًا الإنسان إلى التضحية بنفسه في سبيل الإحسان إلى الناس , حتى يزول منه كل أثر للأنانية , لينفع إخوانه ) ( مقدمة الدكتور/خليل سعادة لإنجيل برنابا ص 25 ) .
2- لماذا نستشهد به رغم أننا لا نؤمن به ونعترض على صحته ؟
ذلك لأننا لا نجد بينه وبين الأناجيل الأربعة المعتمدة عند النصارى أي فرق , بل على العكس , فإنجيل برنابا هو رواية شاهد عيان على كل ما فعله المسيح وهذا ما تفتقر إليه الأناجيل الأربعة عند النصارى .
إن ما نتسأله هو : لماذا أنكره المسيحيون مع أن قوة النسبة فيه لا تقل عن قوة النسبة في كتبهم الأربعة إن لم تكن أقوى لأنه ينسب إلى قديس معروف وهو برنابا وهو واحد من قديسيكم معشر النصارى , ويشترك مع الأناجيل الأربعة في عدة أمور مثل إنكار ألوهية المسيح والبشارة بنبي الإسلام؟!
فلماذا أنكرتم هذا الإنجيل واخترتم الأناجيل الحالية ؟ فأنتم لا تعرفون من كتب الأناجيل الأربعة ومتى وأين وكيف دونت على وجه التحديد ؟ وكيف كان حالها طيلة 150 سنة بعد رفع المسيح عليه السلام ؟! ( سيأتي بيان ذلك ) .
ولنستعرض الآن أقوال بعض أهل العلم والباحثين في شأن إنجيل برنابا لنعرف حقيقة دعوى القمص :
يقول الدكتور/ أحمد حجازى السقا في تقديمه لإنجيل برنابا مخاطباً المسيحيين : ( واعلموا أن إنجيل برنابا إنجيل صحيح , والدليل على صحته أنه موافق للأناجيل الأربعة المقدسة عندكم , فرفضكم له هو رفضكم لها , وقبولكم له هو قبولكم لها , ماذا تقولون ؟ ) ( مقدمة الدكتور لإنجيل برنابا ص 34 ).
وبمعنى أخر : أنه كما حكمتم على الأناجيل الأربعة بأنها صحيحة دون اتباع منهج علمي دقيق يمكنكم من التفريق بين التبر والتراب , يلزمكم هذا الحكم الإعتراف بإنجيل برنابا كإنجيل صحيح لأنه لا فارق بينهما , ولقد ساق الدكتور/ أحمد حجازي السقا الأدلة القاطعة على ذلك في رده على الآب/ يوسف الحداد صاحب كتاب( إنجيل برنابا ) وذلك في تقديمه لإنجيل برنابا.
ويقول الشيخ/ محمد رشيد رضا رحمه الله : ( ومن لاحظ أن بعض القسيسين يجعلون العمدة في إثبات الأناجيل الأربعة ما فيها من التعاليم الأدبية العالمية , ثم قرأ إنجيل برنابا , يظهر له مكانه العالي في تعاليمه الإلهية والأدبية , فإذا صرفنا النظر عن فائدته التاريخية , وعن حكمه لنا في المسائل الثلاثة الخلافية وهى : التوحيد ، وعدم صلب المسيح , ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم – فحسبنا باعثًا على طبعه وراء قيمته التاريخية : ما فيه من المواعظ والحكم والأداب وأحاسن التعاليم ) ( مقدمة الشيخ لإنجيل برنابا ص 31 ) .
ويقول الإمام/ محمد أبو زهرة رحمه الله : ( إن ما نتسأله هو لماذا أنكره المسيحيون مع أن قوة النسبة فيه لا تقل عن قوة النسبة في كتبهم الأربعة إن لم تكن أقوى لأنه ينسب إلى قديس معروف( وهو برنابا) .... بل على العكس إن إنجيل برنابا يتميز بقوة التصوير وسمو التفكير والحكمة الواسعة والدقة البارعة والعبارة المحكمة والمعنى المنسجم ) ( محاضرات في النصرانية ص59 ) .
ويقول الداعية الإسلامي الكبير / محمد الغزالي رحمه الله : ( ورأيي أن إنجيل برنابا نموذج لأناجيل تشبهه في السرد الصحيح , وعمل الغلاة على إخفائها ومحوها ) ( صيحة نذير من دعاة التنصير ص75 ) .
ويقول الشيخ/ أبو بكر الجزائرى حفظه الله : ( أما الإنجيل فيكفي في الدلالة على عدم حفظه أنه اليوم خمسة أناجيل بعد أن كان يوم نزوله إنجيلاً واحدًا هى إنجيل متَّى ومرقص ولوقا ويوحنا وبرنابا والأخير أصحها وقد أخفي من القرن الرابع إلى القرن السابع عشر الميلادي ) ( عقيدة المؤمن ص 151 ) .
فأين قال علماء الإسلام أن إنجيل برنابا بعيد عن العقل السليم يا جناب القمص ؟!
يتبع ....
ثالثًا: نظرة القرآن إلى المسيحية .
يقول القمص/ يوحنا فوزي ص 8 : ( يرى – القرآن – المسيحية ديانة صادقة : فيقول : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62.... والنصارى في هذه الآية هم المسيحيون , والنصارى لهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولا يحزنون بل لهم فرح في السماء فهذه شهادة بصدق المسيحية وأن المسيحيين غير مشركين ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فتبين أنهم ( أي النصارى ) يريدون أن يحرفوا القرآن كما حرفوا غيره من الكتب المتقدمة , وأن كلامهم في تفسير المتشابه من الكتب الإلهية من جنس واحد ) ( الجواب الصحيح 1/ 115 ) .
إن القرآن الكريم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يعطينا ما للنصارى وما عليهم وذلك في أوضح إسلوب , قال تعالى : " لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " المائدة 17 .
وقال تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * َّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ ِإلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * فَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * ما الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُل أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " المائدة 72-76 .
وقال تعالى :"وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَْ * اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " التوبة 30-31 .
وقال تعالى :" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ " المائدة 77 .
وقال تعالى : " مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ *وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ " آل عمران 79 – 80 .
وقال تعالى :"إِذْ قَالَ اللّهُ يَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتّخِذُونِي وَأُمّيَ إِلَـَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيَ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " المائدة 116-117 .
وقال تعالى :" وَلَمّا جَآءَ عِيسَىَ بِالْبَيّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلاُبَيّنَ لَكُم بَعْضَ الّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنّ اللّهَ هُوَ رَبّي وَرَبّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـَذَا صِرَاطٌ مّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لّلّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلاّ السّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ " الزخرف 62-65 .
وقال تعالى :"وَقَالُواْ اتّخَذَ الرّحْمَـَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السّمَاوَاتُ يَتَفَطّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقّ الأرْضُ وَتَخِرّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرّحْمَـَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرّحْمَـَنِ أَن يَتّخِذَ وَلَداً * إِن كُلّ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلاّ آتِي الرّحْمَـَنِ عَبْداً * لّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدّهُمْ عَدّاً * وَكُلّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً " مريم 88-95 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وصفهم – القرآن الكريم – بالشرك وبأنهم يعبدون غير الله – أي النصارى – كما قال تعالى : " اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " التوبة 31 , فأخبر أنهم اتخذوا من دون الله أرباباً , واتخذوا المسيح ربًا , وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدًا , وهؤلاء باتخاذهم غيره أرباباً عبدوهم فأشركوا بالله سبحانه وتعالى عما يشركون ) ( الجواب الصحيح 2/28 ) .
ونعود الأن للرد على شبهة القمص , ولا أجد أمتع مما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لأرد به, قال شيخ الإسلام : ( والجواب أن يقال أولاً : لا حجة لكم في هذه الآية على مطلوبكم , فإنه يسوي بينكم وبين اليهود والصابئين , وأنتم مع المسلمين متفقون على أن اليهود كفار من حين بُعث المسيح إليهم فكذبوه , وكذلك الصابئون من حين بُعث إليهم رسول فكذبوه فهم كفار , فإن كان في الآية مدح لدينكم الذي أنتم عليه بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ففيها مدح لليهود أيضًا , وهذا باطل عندكم وعند المسلمين , وإن لم يكن فيها مدح اليهود بعد النسخ والتبديل فليس فيها مدح للنصارى بعد النسخ والتبديل , وكذلك يقال لليهودي إن احتج بها على صحة دينه .
وأيضًا فإن النصارى يكفرون اليهود , فإن كان دينهم حقًا لزم كفر اليهود , وإن كان باطلاً لزم بطلان دينهم فلابد من بطلان أحد الدينين فيمتنع أن تكون الآية مدحتهما , وقد سوت بينهما .
فعلم أنها لم تمدح واحدًا منهما بعد النسخ والتبديل , وإنما معنى الآية أن المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم , والذين هادوا الذين اتبعوا موسى عليه السلام وهم الذين كانوا على شرعه قبل النسخ والتبديل , والنصارى الذين اتبعوا المسيح عليه السلام وهم الذين كانوا على شريعته قبل النسخ والتبديل , والصابئون وهم الصابئون الحنفاء , كالذين كانوا من العرب وغيرهم على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق قبل التبديل والنسخ .... فهؤلاء ونحوهم هم الذين مدحهم الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62 ...... وقد تقدم أنه كفر أهل الكتاب – أي القرآن الكريم – الذين بدلوا دين موسى والمسيح , وكذبوا بالمسيح أو بمحمد صلى الله عليه وسلم في غير موضع , وتلك آيات صريحة , ونصوص كثيرة , وهذا متواتر معلوم بالإضطرار من دين محمد صلى الله عليه وسلم , ولكن هؤلاء النصارى سلكوا في القرآن ما سلكوه في التوراة والإنجيل يدعون النصوص المحكمة الصريحة البينة الواضحة التي لا تحتمل إلا معنى واحدًا ويتمسكون بالمتشابه المحتمل , وإن كان فيه ما يدل على خلاف مرادهم , كما قال تعالى فيهم وفي أمثالهم : {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7 ) ( الجواب الصحيح 2/52-53).
يقول القمص/يوحنا فوزي ص 9 : ( رفع القرآن المسيحية والمسيحين فوق الكفر والكفار على الدوام : { إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }آل عمران55 ) .
يقول الإمام القرافي رحمه الله في " الأجوبة الفاخرة " : ( والجواب: أن الذين اتبعوه ليسوا النصارى الذين اعتقدوا أنه ابن الله , وسلكوا مسلك هؤلاء الجهلة ، فإن اتباع الإنسان موافقته فيما جاء به وكون هؤلاء المتأخرين اتبعوه محل النزاع ، بل متبعوه هم الحواريون ، ومن تابعهم قبل ظهور القول بالتثليث ، أولئك هم الذين رفعهم الله في الدنيا والآخرة ، ونحن إنما نطالب هؤلاء بالرجوع إلى ما كان أولئك عليه فإنهم قدس الله أرواحهم آمنوا بعيسى وبجملة النبيين صلوات الله عليهم أجمعين ، وكان عيسى عليه السلام بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فكانوا ينتظرون ظهوره ليؤمنوا به عليه السلام ، وكذلك لما ظهر عليه السلام جاءه أربعون راهباً من نجران في ساعة واحدة فتأملوه فوجدوه هو الموعود به بمجرد النظر والتأمل لعلاماته ، فهؤلاء هم الذين اتبعوه فهم المرفوعون المعظمون ، وأما هؤلاء النصارى فهم الذين كفروا به مع من كفر ، وجعلوه سببًا لانتهاك حرمة الربوبية بنسبة واجب الوجود المقدس عن صفات البشر إلى الصاحبة والولد الذي ينفر منها أقل رهبانهم ، حتى أنه قد ورد أن الله تعالى إذا قال لعيسى عليه السلام يوم القيامة : {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ }المائدة116. يسكت أربعين سنة خجلاً من الله تعالى حيث جعل سببًا للكفر به ، وانتهاك حرمة جلالة ، فخواص الله تعالى يألمون ويخجلون من اطلاعهم على انتهاك الحرمة ، وإن لم يكن لهم فيها مدخل ولا لهم فيها تعلق ، فكيف إذا كان لهم فيها تعلق من حيث الجملة ، ومن عاشر أمائل الناس ورؤسائهم ، وله عقل قويم وطبع النصارى أدرك هذا ، فما آذى أحد عيسى عليه السلام ما آذته هؤلاء النصارى ، ونسأل الله العفو والعافية بمنه وكرمه ) ( مختصر الأجوبة الفاخرة ص 8-9 ) .
وقال الطبري رحمه الله في تفسيره : ( يعنـي بذلك جل ثناؤه: وجاعل الذين اتبعوك علـى منهاجك وملتك من الإسلام وفطرته فوق الذين جحدوا نبوتك , وخالفوا بسبـيـلهم جميع أهل الـملل, فكذبوا بـما جئت به , وصدوا عن الإقرار به , فمصيرهم فوقهم ظاهرين علـيهم ) (تفسير الطبري 3/290-291 ) .
وقال قتادة فـي تفسير قوله تعالى : }وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُوا إلـى يَوْمِ القِـيَامَةِ} : (هم أهل الإسلام الذين اتبعوه علـى فطرته وملته وسنته فلا يزالون ظاهرين علـى من ناوأهم إلـى يوم القـيامة ) ( المصدر السابق ) .
وقال القرطبي رحمه الله : ( وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لينزِلنّ ابن مريم حكما عادلاً فليكسِرنّ الصليب وليقتلنّ الخنزير وليضعن الجِزية ولتُتركُنّ الْقِلاَصُ فلا يسعى عليها ولتَذهبَن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعونّ إلى المال فلا يقبله أحد». وعنه أيضاً عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده ليُهلنّ ابن مريم بفَجّ الرّوْحاء حاجاً أو معتمراً أو ليثَنينّهما» ولا ينزل بشرع مبتدإ فينسخ به شريعتنا , بل ينزل مجدّد لما دَرَس منها متبعها. كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم». وفي رواية: «فأمّكم منكم». قال ابن أبي ذِئب: تدري ما أمّكم منكم؟. قلت: تخبِرني. قال: فأمّكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنةِ نبيكم صلى الله عليه وسلم ) (تفسير القرطبي 2/65 ) .
أعتقد بعد هذا البيان يستطيع القاريء أن يدرك من هم الذين اتبعوا المسيح عليه السلام حق الإتباع ومن هم الذين كفروا به !
يقول القمص ص 10 : ( النصارى أقرب الناس مودة للمسلمين : {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }المائدة82 ).
لقد ارتكب القمص خطأ لا يقبل العذر بعدم ذكره للآيات التي تلي هذه الآية , فالآية لن يستقيم معناها إلا إذا ربطتها بما بعدها , وسوف نذكر الآيات كاملة , حتى يعي القاريء الأمر على حقيقته, قال تعالى : {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } المائدة 82-83 .
إذًا فالذين سمعوا ما أنزل الله على الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم وآمنوا به صلى الله عليه وسلم { أمثال : النجاشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي رضي الله عنهم جميعاً } هم النصارى المعنيين في الآيات , ولهذا قال ابن كثير : ( وهذا الصنف من النصارى هم المذكورون في قوله تعالى : {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل عمران199 ) ( تفسير ابن كثير 3/102 ) .
يقول الدكتور / عبد الله يوسف علي وهو صاحب الترجمة الشهيرة لمعاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية : " إن هؤلاء النصارى الذين ذكرتهم الآيات السابقة هم مسلمون في داخلهم ( في قلوبهم ) مهما كانت مسمياتهم " ( ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية ص 268 ) .
وبهذا يعرض لنا القرآن الكريم صفات النصارى الذين هم أقرب الناس مودة للذين آمنوا , فهم الذين لا يستكبرون عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان برسالته والنور الذي أُنزل معه .
يقول القمص ص 10 : ( يعترف القرآن أن النصارى ذو رأفة : {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ ......}الحديد27) .
لاحظ أيها القاريء أنه لم يذكر بقية الآية كعادته ، وسوف نورد الآية كاملة من القرآن الكريم , قال تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }الحديد27.
أي أنهم خانوا الأمانة وحرفوا وبدلوا غير الذي قيل لهم ولم يلتزموا بتعاليم المسيح وابتدعوا في الدين ما لم يأمر به الله , وجعلوا له أنداداً من دونه , فأثاب الله الذين عادوا إلى تعاليم المسيح الصحيحة وهي أنه ليس إلا بشر ، رسول عظيم من أولي العزم الرسل , ليس إله ولا إبن إله , وأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو النبي الخاتم ودينه الدين الخاتم .
ولقد جاء في تفسير الجلالين في تفسير الآيات التي تلي هذه الآية أروع رسالة لكل نصراني ونصرانية يعيشان على هذه الأرض , قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }الحديد28-29 .
جاء في تفسير الجلالين : ( قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بعيسى (آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) محمد صلى الله عليه و سلم وعيسى – لجواز حمل التفسير على النبيين الكريمين- (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ) نصيبين (مِن رَّحْمَتِهِ) لإيمانكم بالنبيين – محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام (وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) على الصراط (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) , (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ) أي أعلمكم بذلك ليعلم (أَهْلُ الْكِتَابِ) التوراة الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم (أن) مخففة من الثقيلة وإسمها ضمير الشأن والمعنى أنهم (لَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ) خلاف ما زعمهم أنهم أحباء الله وأهل رضوانه (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) يعطيه (مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) فآتى المؤمنين منهم أجرهم مرتين كما تقدم (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) ) ( تفسير الجلالين ص 724 ) .
وأختم هذا الفصل بما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( إن جميع ما يحتجون به – أي النصارى – من هذه الآيات وغيرها , فهو حجة عليهم لا لهم , وهكذا شأن جميع أهل الضلال إذا احتجوا بشيء من كتاب الله وكلام أنبيائه , كان في نفس ما احتجوا به ما يدل على فساد قولهم , وذلك لعظمة كتب الله المنزلة على أنبياؤه , فإنه جعل ذلك هدى وبيانًا للخلق وشفاء لما في الصدور , فلابد أن يكون في كلام الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه أجمعين من الهدى والبيان ما يفرق الله به بين الحق والباطل , والصدق والكذب , لكن الناس يؤتون من قبل أنفسهم , لا من قبل أنبياء الله تعالى ) ( الجواب الصحيح 2/240 , 241 ) .
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 7
آخر مشاركة: 03-09-2014, 05:52 PM
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 8
آخر مشاركة: 03-06-2007, 01:35 PM
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
مشاركات: 10
آخر مشاركة: 01-10-2006, 12:17 PM
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 12-09-2006, 01:56 AM
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 04-08-2006, 12:06 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات