الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو بيان معنى جزء من حديث نبوي شريف فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد إلى المصلى فمر على النساء فقال : ( يا معشر النساء تصدقن فإن أريتكن أكثر أهل النار، فقلن : وبم يا رسول الله ؟ قال : تكثرن اللعن ، و تكفرن العشير مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ ؟ قَالَ : أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِي مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَفَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ »[1] فإن البعض قد يظن أن هذا الحديث فيه ذم للنساء ، وإهانة لهن ، وانتقاص لهن ، وحط من كرامتهن ، وهذا الحديث جاء في موطن وعظ وتذكير بالآخرة ، وتحذير مما يؤول بالمسلمة إلى النار، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر التي تنتشر في النساء كثرة اللعن وكفران العشرة ،وذكر نقصان عقلها ودينها ،و هذا الحديث لا مذمة للنساء فيه ، فهو يشير إلى طبيعة خلقةالمرأة ، وهو أمر خارج عن إرادة المرأة لا حيلة لها فيه ، ولا لغيرها , فالمرأة بطبيعة تكوينها تغلب عليها العاطفة ورقة الطبع ، وهذا حسن فيها ، وليس عيباً ، فهو ميزة تناسب مهمتها في الحياة ، فهي أكثر من يعطي الحنان ، ولا تحتاج في التفكير العقلي إلا القليل فهي ليست مطالبة شرعاً بالسعي في طلب الرزق ، ولا توفير المأكل والمشرب والملبس للبيت الذي تعيش فيه ، أما الرجل فمهمته السعي في طلب الرزق ،ويحتاج إلى ترتيب الأشياء ترتيباً عقلياً ليوفر متطلبات بيته من مأكل ومشرب وملبس فيغلب على الرجل التفكير العقلي ؛ لذلك إذا كان مع الرجل بعض المال الذي يكاد لا يكفيه إلى نهاية الشهر ، وطلب ولده منه شيئاً فإنه لا يعطيه حتى لا يختل المال الذي معه فيحدث عجز في توفير متطلبات البيت فإذا ألح الولد في طلب هذا الشيء فإن الأب ينفعل على ولده فعقله يفرض عليه عدم تلبية نداء العاطفة أما الأم فمجرد أن يلح عليها الولد أو يبكي أمامها توفر لولدها ما يحتاج شرائه حتى ولو اضطرت إلى أن تقترض من الآخرين ، ولا تعرف كيفية رد الدين ؛ ولذلك الأولاد إذا احتاجوا إلى شيء ، وعلموا أن أباهم لن يوافق عليه فإنهم يسرعون إلى الأم ، وهي بهذه العاطفة ورقة الطبع تؤثر على الأب فيلبي طلب أولاده ؛ لذلك غلبة العاطفة على المرأة مدح ، وليس مذمة ،و غلبة العطف على الرجل مذمة فيه ، ولأن العاطفة تغلب على المرأة فقد تدفعها هذه العاطفة ، ورقة الطبع إلى الوقوع في الإثم فعليها أن تحترس فوصف المرأة بنقصان العقل ليس لتعيير ،و ليس بدليل مذمة بحال من الأحوال , لكن فيه تنبيه للنساء على شيء هن كثيرات الوقوع فيه ، وهو تقديم العاطفة على العقل حتى يقعن في المعاصي فإذا انتبهت لهذا وجاهدت نفسها في دفعه قل الوقوع في المعاصي فسعدت وسعد زوجها بها ،وإذا لم تنتبه لهذا تعست وكانت سبباً في تعاسة زوجها ،والحديث الذي نحن بصدده قد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة التي علل بها نقصان العقل ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم : ( فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ ) ، وفي هذا إشارة إلى آية الدين ، وهي قوله تعالى : ﴿ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ﴾[2] فالمرأة في الشهادة يمكن أن تضل حتى تحتاج إلى امرأة أخرى تذكرها الذي نسيته أو غفلت عنه ، وجبر شهادة امرأة بشهادة امرأة أخرى تقليل لعبء الشهادة ، ولضبط الشهادة ، وهي لا تحضر غالباً عقود المعاملات أو الأمور التى تتعلق بالأموال فهي مشغولة بمملكتها التي هي بيت الزوجية والأولاد لذلك فهي قليلة الخبرة في هذا المجال مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه وملابساته فيكون تذكرها للتفصيلات اللازمة في الشهادة صعباً ، و يكون الرجل أعرف من المرأة في الشهادة على عقود المعاملات أو الأمور التي تتعلق بالأموال ، وعلى هذا يكون نقصان عقل المرأة من جهة ضعف حفظها ، وتذكرها ، ولأن شهادتها تجبر بشهادة امرأة أخرى ،وليست المرأة بضعيفة العقل في كل المجالات بل في مجال الشهادة ،ولغلبة عاطفتها على عقلها فلا يجوز العدول عن هذا المعنى لمعنى آخر ، ويجب حمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على خير المحامل
هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وكتب ربيع أحمد بكاوريوس الطب جامعة عين شمس السبت 15 محرم 1428 هـ 3/2/2007 م
[1] - حديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان
[2] - البقرة من الآية 282
المفضلات