بقلم الشيخ أسامة حافظ
فوجئنا ونحن نتابع أحوال الوطن أن هناك قضية تنظر في صمت أمام محاكم الجيزة والمتهم فيها قس .. ولأننا تعودنا أن للقسس في بلادنا حصانة تمنعهم أن يمثلوا أمام القضاء مهما ارتكبوا من جرائم .. فقد أثارت هذه القضية فضولنا وتابعناها مستغربين الحدث .. فوجدنا أن حضرة القسيس جاءه أحدهم ومعه امرأة مسلمة أفلح في تنصيرها بطريقة من الطرق .. ولأن هذه المرأة ينبغي الإسراع في تكبيلها بالقيود قبل أن تفلت من أيديهم فكان ينبغي المسارعة بتزويجها من صائدها ومساعدتهما على مغادرة البلاد .
ولأن الوقت لا يسمح باتخاذ الإجراءات الرسمية الطبيعية في مثل هذه الأمور حتى لا يفلت الطير من صائده فقد لجأ القس إلي الطرق غير الطبيعية فزوجها مستخدماً بطاقة مزورة باسم أخته أو أخت أحد الشهود – لا أذكر – ثم استخرج لها جواز سفر مزورا ً أيضاً بهذا الاسم وغادرت وصائدها البلاد .
فوجئ القس ومعه شهود الزور أنهم قد سيقوا ولأول مرة إلي المحاكمة ليس بتهمة التنصير – حاشا لله – فهذه تهمة لا مكان لها في محاكمنا ولا في قوانيننا ولكن بتهمة التزوير في أوراق رسمية .
وأدرك الشهود أنهم سيكونون كبش الفداء في هذه الجريمة لأن بلادنا لا تحبس القسس ولا تحكم عليهم .. ولأن البراءة هنا مستحيلة إذ أن الجريمة ثابتة بكل وسائل الإثبات فقد سارع الشهود بمغادرة البلاد قبل الحكم في القضية .. وهكذا أفلتا بجريمتهما .
اما القسيس فلم يفر بل واستمر يحضر جلسات المحاكمة كل جلسة ولا يبالي بل ظن – وبعض الظن إثم – أن القاضي لن يجرؤ على سجنه بتهمة التزوير – كما سجن أيمن نور من قبل – وإن القانون إنما وضع لعامة الناس .. أما القسس فهم فوق القانون .
وفي الجلسة الأخيرة ذهب القسيس إلي المحكمة بملابس الكهنوت ودون حتى أن يودع أهله أو يحمل معه بعض الثياب تحسباً للاحتمال الثاني .. لأن الاحتمال الثاني لم يخطر بباله .. ولعله جلس في قاعة المحكمة ينتظر الحكم مبتسماً في سخرية للمحكمة وللقانون ولمن هم وراء المحكمة والقانون .. ليفاجأ بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات وبحراس المحكمة يقبضون عليه ويسوقونه إلي السجن .
وكعادة الكنيسة وبدلاً من أن تخفض رأسها خزياً لوجود مزور بين قسيسها .. وتتنصل منه باعتباره مجرماً أثيماً يستحق السجن إذا بالتصريحات والبيانات الكنسية تتوالي مدافعة عن القسيس المضطهد المسكين – كذا – وتقدر مساندته ودعمه وتستنكر محاكمته وسجنه – تماما كما فعلت من قبل مع القس المشلوح " كوكي " .. حيث خرجت المظاهرات الكنسية لا لتفضحه على رؤوس الأشهاد ولكن تتجاهل جرعه اعتدائه على العشرات من البنات والنساء من شعب الكنيسة .. بل واتخاذه الكنائس والأديرة مكانا لجرائمه .
بل إن الكنيسة أجبرت الحكومة على سجن الصحفي المسكين الذي مات في السجن لأنه اجترأ وكشف عن جريمة كانت مخبأه خلف الأسوار العالية للكنائس والأديرة .
وهكذا كررت الكنيسة فعلتها فدافعت عن القس المزور وأكدت أنها لن تعاقبه كنسياً وسيظل يمارس عمله الكنسي حتى ولو سجن .. وألبست على القس المزور ثياب شهداء الاضطهاد الإسلامي العنصري .
وهكذا بدأت حبات المنظومة المعتادة في مثل هذه الأمور تتتابع فقد سارعت أكشاك حقوق الإنسان ذات الأجندة الخارجية وعلى رأسها السيد جبرائيل باستنكار هذا الحدث الخطير الذي يدل على طائفية بغيضة ويحرم المصريين من حقهم في اختيار الديانة التي يريدون – هم بالطبع يقصدون حق التنصير وليس الأسلمة – ثم انطلقوا يهاجمون القضاء المصري والقانون المصري ويدعون إلي حرية التنصير والتبشير مع أن القضية والحكم لم يكونا لهذا الموضوع بالمرة.
وعلى لحن الكنيسة وجبرائيل وشركاهم عزفت فلول اليسار القديم وطالبت بنفس المطالب وهاجمت نفس من هاجموا.
أما مواقع أقباط المهجر فقد تجاهلوا قصة التزوير تماماً .. وأصبح القس المزور في نظرهم شهيد العنصرية الإسلامية وضحية أجهزة الحكم المنحازة ضد النصارى ولصالح التطرف الوهابي البغيض .. وهاجموا الجميع لأنهم حاكموا القس لا لأنه مزور وإنما لمجرد إرهاب النصارى ومنعهم من الدعوة لدينهم .. ثم دعت كل دول العالم ومنظماته إلي إنقاذ نصارى مصر وقسسهم الذين يتعرضون لأبشع الاضطهاد والتعذيب .
وانتهز الجميع الفرصة ليعيدوا الأسطوانة المشروخة والمنظومة المكرورة عن حق النصارى في زرع الكنائس في البراري والحقول والطرقات .. وحقهم في الاستيلاء على أراضي البلاد وضمها للأديرة والكنائس .. وحقهم في تنصير المسلمين والتبشير بالنصرانية في بلاد المسلمين .. وحقهم في القبض على من يسلم من شعب الكنيسة وتسليمه للكنائس ليذهبوا به وراء الشمس وهكذا صار الحدث فرصة جديدة للصياح والتهليل والابتزاز .
وفي النهاية تحية لأولئك الذين لم يفزعهم ثوب الكهنوت الأسود ولم يهتز لهم جفن وهم يقدمونهم للمحاكمة تنفيذاً للقانون الذي التزموا احترامه .
وتحيه أخري لأولئك القضاة الذين لم تهتز أيديهم ذعرا من الابتزاز والتهييج وهم يكتبون حكمهم احتراماً لقسم اقسموه على احترام القانون .
وأملا في أن تكون هذه بداية ليتعامل المجتمع مع الجميع بقانون واحد وبحزم يلزم الجميع احترامه .
بل أملنا ألا يخضع المسئولون لابتزازهم وضجيجهم وضغوطهم فيتساهلوا في حقوق الأمة تجاههم وأن يكون الجميع سواسية أمام القانون
المصدر
http://egyig.com/qdaily.php
المفضلات