بقلم: عبدالله القاق
فقد العالم الاسلامي خلال الايام الماضية احد العلماء المسلمين الذين قاموا بدور فاعل ومميز لنصرة الدين الاسلامي والدفاع عن قضاياه من خلال مناظراته التلفزيونية او الحوارية للعديد من اليهود والمسيحيين.. فضلا عن دخول الاف المسيحيين من رجال ونساء عبر حواراته التي استندت على الحجة والبرهان.
لقد استطاع هذا العالم الجليل احمد ديدات الذي حفظ القرآن الكريم والأناجيل عن ظهر قلب محاورة المستشرقين والحاقدين والذي كان من ابرزهم سلمان رشد صاحب كتاب "آيات شيطانية" والذي خدع الغرب كثيراً في لقاءاته واتصالاته، مع بعض المحافظين الجدد في اميركا.. والمتهورين في العديد من الدول الاوروبية، والذي حمل على الاسلام والمسلمين يوم امس الاول قي مقالة له في جريدة التايمز البريطانية، بقضايا تعتبر تشويها للاسلام والمسلمين، وقوله "ان المسلمين لا يؤمنون بالحضارة البتة".
لقد فضح العالم الجليل هذا المخادع رشدي علمياً واخلاقياً وذلك عبر محاضرة له في قاعة البرت في لندن، وتجلت محاضرته بالبراعة والدقة والموضوعية، حيث كشف للحاضرين كيف ان رشدي شتم الانجليز الذين يهتفون له ويدافعون عنه، مما اذهل الجمهور بعبارات رشدي التي وصف فيها الانجليز انذاك بأنهم "ابناء الزنى" ويمارسون ذلك مع شقيقاتهم.. كما قال عن الاميركيين بأنهم ينكحون امهاتهم.. وهكذا اوضح ديدات، كما يقول الداعية الكويتي الشيخ محمد العوضي بأن حرية الرأي عند الغرب تتضمن تمجيد الرذيلة.. والبعد عن الحقيقة والواقع.
وديدات الذي يعتبر من رموز العالم الاسلامي وشارك في مؤتمرات عالمية في جميع انحاء العالم استمعت له الى محاضرة رائعة في لندن، دحض خلالها افتراءات المبشرين واهمية العلامة ديدات انه كان في سنواته الاولى على دين الاخرين، حيث كان قبل اعتناقه الاسلام قساً.. وهذا ما منحه خلفية كاملة وثمينة عن الدين المسيحي.. وعندما فتح الله له طريق الحق قام بتطويع الكلمة على ما يريد واصبحت حجته قوية و جرأته اقوى.. حيث وقف حياته في سبيل الدعوة الى الله خاصة وان اصوله من الهند وقدم الى جنوب افريقيا في بداية القرن المنصرم.. حيث نصر بأرائه وحجته وبراعته هذا الدين اكثر ممن ولدوا بالعالم الاسلامي انطلاقاً من قول النبي الكريم "ان الله ليرفع بهذا الكتاب اقواماً ويضع به آخرين".
وانطلاقاً من لقاءاته المتعددة مع مناهضي الاسلام والمسلمين واحاديثه القويمة عن اهمية الدعوة الاسلامية وتوحيد المواقف لخير الانسانية والعالم.. فقد اكد العلامة ديدات الذي شاهدت عدة مناظرات له على اجهزة التلفاز العربية والاجنبية في الثمانينات على اهمية دحض الافتراءات الصهيونية والاستعمارية عن الاسلام وقضايا الامة لما وصفها آنذاك بأنها تهدف الى ابعاد ايمان الملايين الاسلامية في ارجاء الدنيا واطراف الارض جميعاً بعقيدة واحدة او رغبتهم في اقامة قيادة اسلامية واحدة استرجاعاً للمجد الاسلامي في عهود الخلافة الاسلامية الاولى.. لقد كان هذا الداعية الكبير الذي ربما يعرف عنه العديد من علمائنا بينما جلّ الأجيال الحديثة لا تعرف دوره الطليعي المدافع عن الاسلام ودعوته التي انطلقت من ظلال القهر الذي عانت منه شعوب الاسلام ثم واكبت التفتح على تحرر الوطن العربي من عبودية الاستعمار واستعادة العرب سيادتهم القومية على ارضهم.
واذا كانت دعوات العلامة الشيخ احمد ديدات لها الصدى الكبير نحو التوحيد، وبناء المجتمع الاسلامي الأمثل بقيمه الفاضلة واهدافه الخيرة، بالرغم من اعتراضات الولايات المتحدة الاميركية واستمرار دعايتها لمناهضة الاسلام والمسلمين عن طريق المحافظين الجدد... فان من بين الذين رفعوا صوتهم لهذه الدعوة الى تضامن المسلمين وتمتين الروابط بينهم ايضا هو السيد جمال الدين الافغاني المولود في اسعد أباد على مقربة من كابول عاصمة افغانستان في عام 125 هجري والذي اتيحت لي زيارة احد متاحفه بالعاصمة الافغانية عندما رافقت الآغا خان في اواسط السبعينيات لافتتاح مسجد اسلامي كبير بالعاصمة الافغانية، ودور علم متعددة هناك.
فهذا العلامة الافغاني كان له ايضا الدور البارز في اثارة الوعي السياسي بين جماهير واقطار العالم الاسلامي بدءاً من افغانستان ومروراً بالهند وايران وانتهاء بالاقطار التي كانت تتألف منها دولة الخلافة العثمانية وهي البلدان العربية وتركيا.. وفي هذا المتحف الخالد كتبت دائرة المعارف الاسلامية الافغانية عنه بأنه "كان بقلمه ولسانه من اكبر الدعاة الى فكرة الجامعة الاسلامية ومن أشدهم ايماناً بها"، حيث اصدر في باريس في 13/3/1884 العدد الاول من صحيفة العروة الوثقى التي حثت على الرغبة في استخدام روابط الاخوة والتضامن في معركة التجديد واليقظة لاخراج المسلمين الى رحاب العصر الحديث وتحرير ثروات المسلمين ومواردهم الاقتصادية من استغلال المستعمرين.
لقد انطلق الداعية احمد ديدات في دعوته الصادقة ونداءاته الاسلامية الواعية بعد الهجمة الاستعمارية الصهيونية التي تمثلت في احتلال فلسطين والمحاولات المستمرة للاستيلاء على المقدسات الاسلامية وتشويه رسالة الدين الحنيف، بعيداً عن الايديولوجية التي لا تلتزم بأحكام الاسلامي، ورفض المحاولات المستمرة ضد المسلمين لمحاربة العروبة والاسلام معاً خاصة وان الكيان الصهيوني يقوم على تراب فلسطين اغتصاباً لمقدسات المسلمين الأمر الذي دعا الشيخ ديدات الى الدعوة كغيره من علماء المسلمين الأجلاء لمواجهة الخطر المحدق بالاسلام في مواطنه ولردع الغزاة عن ان ينتهكوا حرمات الوطن العربي والاسلامي.. خاصة وان الحروب الصليبية التي يتحدث عنها الرئيس الاميركي بوش وهوارد وبلير وبرلسكوني - في العديد من المناسبات استهدفت اذلال العرب والمسلمين باغتصاب بيت المقدس واحتلال ديار الشام ومصر والتطلع الى التوجه جنوباً لتصفية الحسابات القديمة في مهبط الوحي ومهبط الرسالة، حيث سخر الله للمسلمين قائداً مقداماً هو صلاح الدين الأيوبي والتحمت صفوف العرب والمسلمين ضد الغزاة، فارتدت غزوتهم على اعقابها حتى منيت حملاتهم بالهزائم التي دفعت بهم ان يغادروا الوطن العربي - الاسلامي مندحرين.
ودور الدعاة وخاصة الراحل الكبير الشيخ احمد الديدات وغيره من علماء الوعظ والارشاد الحاليين قد حملوا الأمانة على احسن ما يرام وفي كل ميدان فأعدوا القواعد واستنبطوا اصول الاحكام وتشاوروا فيما بينهم ما غمض من شأن وجالوا في كل مجال، وعملوا على البحث والتمحيص في شؤون الدين، ولم يقبلوا الامور على علاتها.. بل اخضعوا البحوث كلها لقواعد اسلامية.. وزادوا في حضارة العالم وهي حضارة ذات خصائص مميزة وعلائم واضحة وان كانت الولايات المتحدة ترى في ذلك تعصباً وتطرفاً الا ان المسلمين، كما يقول علماؤهم وأئمتهم يرفضون ذلك ووضعوا اسس الحضارة المعاصرة.. وكانوا رواداً في علوم مختلفة، حيث اسهمت حضارة الاسلام ووجود المسلمين في التطور الحضاري ونشاهده ونعيش في ظله ونلمسه في كل مجال.
اننا ونحن نشيد بمناقب الراحل الكبير العلامة الشيخ احمد ديدات لنأمل من فقهائنا وعلمائنا الرد على هذه الافتراءات الاميركية وغيرها بالحوار الهادف والبناء، حوار الحضارات لأننا امة ننطلق من القرآن.. ونعمل على تطبيقه لنكون الورثة الحقيقيين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقائمين دائما بحق الله.. وجديرين بتلك الوراثة.. بالدعوة الخالصة لوجهه وللدفاع عن قضايا الامتين العربية والاسلامية حتى نتسنم المكان الذي اراده الله لنا كافة وسط، لنكون شهداء على الناس ويكون الرسول علينا شهيداً.
المفضلات