|
الباب الأول
الدولة القديمة
الفصل الأول
المطلب الأول
نظرية تشتيت الانتباه
باختصار شديد إنها نظرية تشتيت الانتباه..والتي تنبري عند الأمور الكبيرة حينما يحتاج الأمر لصرف الأنظار عنها..فيحدثون مشاكل جمة ومحيرةـ كصرف الأنظار عن بوبي مور(الراجل ده) صاحب هدف الفوز بعد إحداث دربكة وتشتيت الإنتباه عنه ـ الأمر الذي يقتضي التخلص منها أوقات تتناسب مع حجم الواقع والمراد صرف الأنظار عنه..
وعليه فيمكننا إسقاط نظرية (خلي بالك من الراجل ده) على أي واقع أو حكومة أو أي مؤسسة.
والدراسة التي بين يديك الآن هي من هذا النوع..
ولسوف ترى كيف أن بوبي مور قائد منتخب انجلترا والذي يحمل كأس العالم كأني به تيودور هيرتزل محمولاً على الأعناق وقد حقق الانتصار لناديه أقصد لدولة إسرائيل فما خطط له قد حدث وتحقق فحق له أن يُرفع على الأعناق.
والجمهور الذي يشاهد المباراة إنما هو بمثابة العالم كله والذي راح يتفرج ويشاهد ويشجع ..
يشجع من؟..
وعلى ..على ماذا؟ ..
على مذبحة غزة ....أم..
أم سرقة الوطن ..
دعونا نتابع وأوضح لكم حقيقة الأمر..
كنت قدكتبت دراستي المعنونة بـ (بين تقزيم القضية الفلسطينية وتهويد الدولة ) والمنشورة
على الرابط التالي:
http://www.elforkan.com/7ewar/showth...?t=9681&page=5
وذلك في أعقاب الحرب على غزة, في ديسمبر/ كانون الأول 2008م.
وقلت أيامها شغلونا بالحرب الضروس على غزة..وذلك ليصرفوا الأنظار عن القضايا الكبرى..وعليه فيمكن اعتبار الدراسة التي بين يديك استكمالاً لها.
وهذا الكاريكاتير المنقول من صحيفة برازيلية ..دققوا ..صحيفة برازيلية وليست عربية..
نذكره بدون تعليق..
وانتهت ولاية جورج بوش بطريقة يستحقها
وهلل العرب بصعود باراك أوباما لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية خلفاً لنظيره الرئيس المتصهين جورج دبليو بوش والتي انتهت ولايته كأسوأ رئيس منتخب لأمريكا..
المطلب الأول
الحرم القدسي الشريف بين جورج بوش وباراك أوباما
القدس في حقيقتها و"شخصيتها" التاريخية والدينية هي هويةالمكان من حولها والنقطة التي تنتشر منها البركة فتزداد أهميةُ ما حولها بها يقول سبحانه وتعالى:
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير) سورة الإسراء: 1 ..
ليست القدس مدينة في وطن هو فلسطين، ولكن فلسطين وطن في مدينة هي القدس...
القدس لا يمكن أن تستحيل إلى أنها محض موقع وعاصمة، فهي ليست برلين يمكن أن تحل محلها بون في الضمير الألماني وهي ليست إستانبول يمكن أن تحل محلها أنقرة في الضمير التركي، ولكنها القدس بغير بديل.
وفي لندن ذكرت أنباء صحفية نقلاً عن مصادر إسرائيلية أمنية أن الجماعات اليهودية المتشددة في إسرائيل تخطط لنسف الحرم القدسي الشريف, وأبلغت هذه المصادر صحيفة صنداي تايمز البريطانية بأن جهاز الاستخبارات الداخلية في إسرائيل (الشاباك) يخشى من عواقب نسف الحرم القدسي الشريف, وأنها أبلغت الحكومة الإسرائيلية بأنه إذا حدث ذلك فستكون كارثة لا يمكن لتل أبيب مواجهتها حيث سيتحرك ملايين المسلمين من كل أنحاء العالم إلى القدس لخوض حرب مقدسة, وقالت المصادر الإسرائيلية أنه في ضوء ذلك بدأ جهاز (الشاباك) حملة لاختراق صفوف الجماعات اليهودية المتشددة لمنعها من تنفيذ مخططها.
فماذا حدث, إنه وبعد مرور ثلاثين عاماً على ذكرى وفاة عدوها الأول الزعيم العربي جمال عبد الناصر, وقبل أيام من الذكرى السابعة والعشرين على هزيمتها العسكرية الأفدح, خلال حرب السادس من أكتوبر بقيادة الرئيس المصري محمد أنور السادات, أحرقت إسرائيل كل مراحل السلام الذي تتحدث عنه, ويبدو أن العباقرة الإسرائيليين اختاروا بعناية فائقة أن يفجروا الوضع في القدس وأن يُـعَمِدُوه بدماء العشرات من الفلسطينيين , وأن يعلنوا إحراق مفاوضات السلام ليتواكب مع التاريخين السابقين 28سبتمبر ذكرى وفاة عدوهم الأكبر و6 أكتوبر ذكرى هزيمتهم الأولى وفضيحتهم العسكرية التي حاولوا كثيراً مداراتها, لولا ما جاء في تقرير لجنة التحقيق المعروفة باسم لجنة (أجرانات ) التي أثبتت التقصير الذي أدى إلى الهزيمة .
ويبدو أن شبح هذين التاريخين ما زال يهيمن على الفكر السياسي العسكري فضلاً عن الضغط النفسي الإسرائيلي وخصوصاً فكر النخبة التي تحكم اليوم في إسرائيل وتتحكم لأن معظمها من الذين ذاقوا في شبابهم وطوال مدة خدمتهم العسكرية مرارة ما فعله عبد الناصر وقسوة ما فعله الجيشان المصري والسوري خلال مواجهة أكتوبر .
هكذا اختار الجنرال ( آرييل شارون ) الجندي السابق واللاحق في المؤسسة العسكرية وزعيم حزب تكتل الليكود, هذه الأيام ( ليغزو المسجد الأقصى ) في قلب القدس وسط مظاهرة سياسية أمنية حزبية, وتعمدت الدولة, ورئيس حكومتهاـ آنذاك ـ ( إيهود باراك ) بإتاحة الفرصة الكاملة له ـ بل حمايته ـ ليقوم بغزوته , للحرم الشريف في الأقصى, لأنها ببساطة غزوة تخدم الحكومة والمعارضة على السواء , فهما في النهاية على اتفاق .
ذلك أن غزوة (شارون) ـ والذي هو طريح الفراش الآن ـ للأقصى هدفت إلى كسر آخر المحرمات في موضوع التفاوض الحائر والمتذبذب بين الحكومة الإسرائيلية بقيادة ( إيهود باراك ) وبين السلطة الفلسطينية بقيادة ( ياسر عرفات ) .
فالقدس ( الموحدة ) في نظر كل اليهود بمن فيهم حمائم السلام ودعاة التطبيع الكرنفالي، تعني القدس الشرقية والقدس الغربية معاً, وتعني الهيمنة الكاملة على كل من فيها وما فيها من مقدسات يهودية ومسيحية وإسلامية, بما في ذلك المسجد الأقصى وقبة الصخرة, لأنها تقع في ما يسمونه بـ ( جبل الهيكل ) الذي يضم هيكلهم المزعوم والذي يصرون على أن بقاياه ما زالت موجودة تحت المسجد الأقصى،
وبالتالي فإن هذه الهيمنة تعني ضمن ما تعني أولاً وأخيراً عدم التنازل قيد أنملة عن القدس كلها, ومنطقة المسجد الأقصى، أو جبل الهيكل بشكل خاص لأنهم أعدوا مشروع إقامة الهيكل الثالث مكانه ولأن جميع القوى السياسية والدينية والعسكرية المتطرفة والأقل تطرفاً, تتفق على ذلك, فقد جاءت مناورات باراك خلال مفاوضاته الطويلة والمتعثرة مع الفلسطينيين لتنكسر على صخرة القدس بعدما جاهر بإنكار أي حق للعرب والمسلمين والمسيحيين في المدينة المقدسة, اللهم إلا حق الزيارة والصلاة تحت حراب الجيش الإسرائيلي .
وفي هذا المُناخ السوداوي, قرر الجنرال ( آرييل شارون ) اقتحام المسجد الأقصى مستعيداً طريقته البربرية في اقتحام مخيمي صابرا وشاتيلا الفلسطينيين في بيروت حيث أدار مجزرته الشهيرة , وهو بذلك قرر اقتحام غرف المفاوضات المغلقة ليحطم أبوابها وطاولتها وأسرارها ومناوراتها وليس فقط ليعرقل مساعي غريمه ( إيهود باراك )،والذي هلل له العالم العربي لانتخابه رئيساً لوزارة إسرائيل ووصفوه بأنه داعية السلام الحقيقي حتى أن البعض حسبه من أصل عربي لكثرة عبارات المديح والإطراء.
ويحبط آمال صديقه ( بل كلينتون ) رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق ( الرئيس الحالي هو باراك حسين أوباما 2009. وحتى تاريخ كتابة هذه الدراسة 20/4/ 2009 ) ,
ولكن ليحرق أساساً القضية من جذورها ويلغم طريق التسوية ـ على تهافتها ـ ويحبط آمال المتطلعين للسلام المنتظر , ومن ثمَّ يفتح الباب واسعاً أمام مجزرة جديدة تلطخ بالدماء قدسية المكان والمكانة .
وهاهي الدماء قد بدأت تسيل , ومازالت .. وذلك بفضل شارون ـ والذي أصبح فيما بعد رئيساً لوزارة إسرائيل في السابع من فبراير عام2000 بعد هزيمة ساحقة لرئيس الوزارة إيهود باراك. ـ
والمؤكد أن هذه الخطوة الشارونية بكل ما تبعها من مجازر دامية لم تكن الأولى ولا الأخيرة في محاولات إسرائيل اقتحام الأقصى وتدميره، فما زالت ذاكرة البعض منا ـ رغم أن البعض الآخر قد نسي أو تناسى ـ تحمل أحداثاً جِساماً مثل حرق المسجد الأقصى تارة واقتحام آخرين له تارة أخرى مدججين بالسلاح لقتل المصليين .
والمؤكد أيضاً أن هذه الخطوة الشارونية لم تعرقل مساعي باراك التفاوضية لكنها في الحقيقة أيدته وصبت في خانته ودعمت موقفه التفاوضي إلى أقصى درجة, وكأني بها خطوة متفق عليها بين الرجلين المتنافسين على السلطة لتكتمل الهيمنة الإسرائيلية على القدس بكل ما فيها ومن فيها وخصوصاً بعد إحاطتها بالمستوطنات الكثيفة لترسيخ أمر واقع .
يقول الكاتب الإسرائيلي الشهير "ميرون بنفنستي": ( إن تسارع حركة البناء الحثيث داخل نطاق البلدة القديمة ـ القدس الشرقية ـ وفي المستوطنات المحيطة بها , يجري بشكل واضح وليس له علاقة بالمفاوضات الدائرة على التسوية الدائمة لكنه يجري ليرسخ أمام الجميع وضعاً راهناً جديداً يجب على الفلسطينيين الخضوع له والتوافق معه , إن كانوا يرغبون فعلاً في إبرام تسوية في القدس بعدما تعلم الفلسطينيون منذ تاريخ بعيد من الإسرائيليين الأهمية السياسية القائمة على فرض الحقائق على الأرض ) . ـ صحيفة هآرتس الإسرائيلية الصادرة في 28 سبتمبر عام 2000 أي في نفس يوم زيارة شارون للقدس.ـ |
|
المفضلات