-
عقبات في طريق الصحوة الاسلامية
عقبات
في
طريق الصحوة الاسلامية
تأليف
عمر شاكر الكبيسي
مؤسسة الريان
العقبة السابعة
انحسار دور المرجعية لدى المسلمين
ويتكون من المباحث الآتية:
المبحث الاول:المرجعية معناها ودورها.
المبحث الثاني:التأصيل السلوكي للمرجعية.
المبحث الثالث: المرجعية بين الدين والسياسة.
المبحث الرابع:ضوابط التعامل مع المرجعية.
المبحث الاول
المرجعية معناها ودورها
انحسار المرجعية التي تواجه الناس من العقبات التي تعرقل مسيرة الصحوة الاسلامية حتى إنه ليخيل للبعض أنه يواجه فراغاً في أستقبال التوجيه وتنفيذه ،وليس ذلك لخلو الساحة الاسلامية من المرجعية بل لفقدان الطريقة في التعالمل مع المراجع من علماء الشريعة في التوجيه ، ولعل الحاجة اليوم الى المرجعية أصبح ضرورة لما تعانيه الامة الاسلامية من العجز في أتخاذ القرارات بل وحتى العلماء فلقد أعياهم ذلك العجز الذي لفهم حتى أرادهم صامتين لايقدرون على الحراك خصوصاً وأن الساحة الاسلامية شهدت أحداثاً جساماً تتطلب من علمائها أن يفصلوا الأمر في كثير من المناسبات لكن حالهم لم يكن أحسن حظأً من المجال السياسي فأصبح الجيل يترقب نوعاً من العلماء الذين يتحملون أعباء المسؤولية في قيادة الأمة وتوجيهها نحو الوجهة السلمية ولعل ذلك الاخفاق مرجعه إلى أسباب عدة منها :
•عدم اتفاق المراجع في توجيه الناس وعدم اتفاق الناس على مرجعية ذلك العالم.إضافة إلى عدم التفريق بين ماينبغي فيه التوجيه كونه أمر لا يقبل الاجتهاد وبين ما يحتمل فيه التوجيه بأكثر من رأي!
•إضافة إلى المعضلة التميز بين ولاة الأمر ممن أمرنا القرآن بطاعتهم هل هم أهل العلم أم أهل السياسة؟ وسنحاول في هذا المبحث أن نؤصل لمعنى المرجعية لدى المسلمين من الكتاب والسنة لنتبين الطريق القرآني في التعامل مع المرجعية الاسلامية،إلا أنه من الجدير بالذكر الاْشارة إلى أن المرجعية كمصطلح لا أصل لها عند المسلمين من أهل السنة إلا من حيث الوحي وإنما لها وجودها كمصطلح وأثرها الكبير لدى المسلمين من الشيعة وربما كان للمرجعية الشيعية أبلغ الأثر في التوجيه واستقبال الناس لما تقوله كون مبادئ المرجعية الشيعية لها أصولها التي تضفي عليها من الاحترام حد التقديس بسبب آلية المذهب وغير ذلك من الامور.وفي هذا الظروف نجد من الضروري الاستفادة من مسألة المرجعية فقد أثبتت نجاحاً في التوجيه إنها هي التي أوصلت المسلمين من الشيعة في إيران إلى سدة الحكم ،وحينئذِ فإني أرى من الضروري البحث لدى المسلمين من أهل السنة إلى صياغة المرجعية والتأصيل لها من غير فصل بينها وبين المرجعية السياسية أو مزاوجتها بالتشاور اللصيق بين المرجعيتين ،ولا نحتاج إلى الكثير من إجل تأصيل المرجعية السياسية والشرعية في ذلك الأمر،ويمكننا تأصيلها من الكتاب والسنة كما في النصوص الشرعية الآتية:
أولاً: توحيد المرجعية بالوحي: من أجل أن تكون المرجعية موحدة، دأب القرآن إلى توحيدها في التفكير والمنطلق من خلال الوحي وذلك من خلال ترسيخ حكم الله تعالى وعبر التدرج الآتي:
1.حاكمية الله تعالى : وقد أكد القرآن في ذلك بأن الحكم ليس لأحد من الخلق إنما هو لله تعالى وقد أشار القرآن إلى ذلك من الخلال النصوص الآتية {ألاَ لَهُ الخَلقُ وَالاَمرُ تَبَارَكَ اللّهَ رَبُ العَالمَيِنَ}[الأعراف:54 ] وقال تعالى:{ إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفصلين}[ الأنعام :57] وقال تعالى:{إنِ الحُكمُ إلا ِللَهِ أمَرَ ألا تَعبُدُوا إياهُ ذَلِكَ الدّينُ القيَِمُ وَلَكِنَّ أكثَرَ النَّاسِ لاَيَعلَمُونَ}[يوسف :40] {ِللَّهِ الاَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعُد وَََيَومئذٍ يَفرَحُ المؤُِمنوُنَ}[الروم :4] .
2.التأكيد على المرجعية النبي (ص) : لقد أكد القرآن في الخطوة الأولى على حكم الله وأن الأمر إليه ثم راح يؤكد مرجعية النبي (ص) في تلقي الحكم وإمكانية إصداره ووجوب تنفيذه من قبل الأمة شأنه في ذلك شأن الأمر الصادر من الله تعالى فقال جل وعلا :{ قُل أطِيعوُا اللَّهَ وَالرَسُولَ فإن تولوا فَإن الَّلهَ لاَ يُحبُ الكَفِرِينَ32}[ آل عمران: 32] { يَأُيَها الذَّينَ ء منوا أطِيعوُا اللَّهَ وَرَسُوله وَلاَ تَوَلَّوا عَنهُ وَأنتُم تَسمعُونَ20}[ الأنفال :20]{قُل أَطِيعُوا اللَّهَ وَأطيِعُوا الرَّسُول فَإن تَوَلوا فَإنَمَا عَلَيهِ مَا حُِملَ وَعلَيكُم ما حُمِلتُم وإنِ تُطِيعُوهُ تَهتَدُوا وَمَا علَىَ الرَّسُولَ إلاَ البَلَغُ المبُين45}[النور :54] { يَأيُهَا الَّذِينَ ءَامَنوُا أِطيعُوا الَّله وَأطيِعُوا الرَسُوِلَ وَلاَ تُبِطلُوا أعمَلكُم33}[محمد :33] ونلاحظ من الآيات القرآن رتب آثاراً على التولي عن التنفيذ لما يصدر من النبي (ص) اعتباره المرجعية التي اختارها الله تعالى للناس.ففي ايات جميعاً قرن القرآن بين طاعة الله ورسوله ثم أعقب ذلك بأن أي تول عن التنفيذ فهو كفر وأن ذلك محبط للعمل ،ولعل ذلك التأكيد على المرجعية بسبب استغراب العرب أن يكون النبي من أصلهم.
3.التحذير من أزدواجية المرجعية: وهنا فقد حذر القرآن من أن يكون لأي مرجعية أخرى في التداخل والتزاوج مع المرجعية الاسلامية كونها تستمد أحكمها من الوحي فقال تعالى : {ثُم جَعلَنكَ عَلىَ شَرِيعةٍ مِنَ الأمرِ فَاتبِعهَا ولاتَتَّبع أهَواءَ الَّذِينَ لاَيَعلمُونَ18}[الجاثية :18] وقال تعالى يذكر المؤمنين بأن الهوى والآراء القائمة عاى الأماني لا مكان لها في صياغة المرجعية الاسلامية {َوأعَلمُوا أنَّ فِيكُم رَسُول اللَّهَ لَو يُطِيعُكم في كَثِيٍر مِنَ الأََمِر لَعَنِتُم وَلكِن اللَّهَ حَبَّب إِلَيكُمُ الايَماَن وَزَيَنهُ في قُلوُِبكم وَكَرَه إليكُم الكُفرَ وَالفُسُوق وَالعصِيانَ أُولَئكَ هُمُ اَلرَاشدُون7}[الحجرات:7] ثم راح القرآن يؤكد على ضرورة الثبات على المرجعية الاسلامية ذات الوحي في المنطلق والحكم فقال جل وعلا:{لِّكُل أمُةٍ جَعلَنا مَنسَكًا هُم ناَسِكوه فَلاَ يُنَزعُنَك في الأمرِ وَأدعُ إلى رَبِك إنَكَ لَعلَى هُدًى مّسُِتقيٍم67}[الحج :67].
ثانيا: التأكد على المرجعية العلماء: وهنا نلحظ أن القرآن الكريم أشارإلى المرجعية أخرى من الناس مع التأكيد على مرجعية الوحي فأوجب على المسلمين الرجوع إلى أولي الأمر في فض النزاعات فقال جل وعلا:{يَأيُها الَِّذينَ ءَامنَُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأطِيعُوا الرَّسُولَ وَأوِلى الأمر مِنكَُم فَإن تَنَزعتُم في شَىءٍِ فَرُدُوه الىَ اللَّهِ وَالَّرُسولِ إن كُنتُم تُؤمِنُون بِاللَِّه وَاليَومِ اَلأِخِر ذَلِكَ خَيُرُ وَأحسَنُ تَأوِيلاً59}[النساء :59] إلا أن الفقهاء اختلفوا في تفسير تلك المرجعية فرأى بعضهم بأن المقصود من أولي الأمر هم المرجعية السياسية بينما يرى الآخرون بأن المرجعية هنا هي المرجعية الدينية، وأرى أن الأمر من الممكن دمجه بالمرجعيتين السياسية والدينية ،إما بالحكم لمن يتمتع بالمقدرة على المستويين السياسي والشرعي أو بأن يكون الأمر مقروناً بين الولايتين ولعل القرآن قد أشار إلى ذلك في قوله تعالى:{ وَلَو رَدُّوُه إِلىَ اُلرَّسُولِ وَإِلَى أُولىِ اُلأمِر مِنهُم لَعِلَمهُ اُلذَِينَ يَستَنبُِطونَهُ مِنُهم }[النساء:83] فقد أورد القرآن ضرورة رد الأمر في المنازعات إلى أولي الآمر وأهل العلم من إهل القدرة على الاستنباط.
ثالثا: عدم الفصل بين المرجعية السياسة والشرعية: فقد حكم النبي (ص)الآمة عقوداً من الزمن بصفتيه اسياسية والشرعية وكان المرجع للأمة،ومع مرجعيته التي أنيطت به من السماء إلا أنه ما كان ذلك ليمتعه من استشارة أصحابه في الكثير من الأمور،فلا يمكن الفصل بين حكم النبي(ص)سياسياً أو شرعياً وقد ظل الأمر كذلك حتى نهاية الخلافة الراشدة وقد كان الفقهاء يرون لمن يريد تولي أمر المسلمين أن يكون مجتهداً تتكامل فيه شروط الامامة الشرعية والسياسية وقد جاءت الكثير من النصوص الداعية إلى الطاعة لأولي الأمر مهما بدر منهم مالم يكن كفراً بواحاً سيأتي بيانها بعد قليل.
المبحث الثاني
التأصيل السلوكي لدور المرجعية
إن احترام دور المرجعية بين المسلمين له أبلغ الأثر في تحقيق الاستقرار القيادي على كافة الأصعدة،ومن هنا جاء التأصيل السلوكي له والتربية على احترامه في الكتاب والسنة وسنتعرف على ذلك في هذا المبحث.
لقد أورد القرآن نصوصاً من آيات تدل على توجيه المسلمين للانقياد إلى المرجعية الاسلامية آنذاك،ومن خلال شخصية النبي(ص)وسوف نقف على نماذج من ذلك تقرر حالة التربية لطاعة أولي الأمر والاستجابة للمرجع من أهل العلم وأولي الأمر خصوصاً وأن القرآن نقل لنا ماحصل من قوم موسى وما طلبه نبي الله تعالى هارون منهم في اتخاذ العجل، فقد أبدى نبي الله هارون النصح للقوم لكنهم أبوا فلما عاتب كليم الله تعالى أخاه على عدم متابعته أخبره بأثر المرجع الأول في اتخاذ القرار وما يترتب على اتخاذ غيره للقرارات من آثار. قال تعالى في حكاية ذلك : {وَلقَََد قَالَ لَهُم هَرُونُ مِن قَبلُ يَقومِ إِنَمَا فُتنِتُم بهِ وإن ربكُمُ الَرَحمُن فاتبِعُونِى وأطيعُوا أمرِى 90 قَالُوا لن نَبَرَح عليِه عَكِفِين حتَىَ يرجَعَ إليَناَ مُوسى91 قاَل يَهَرُوَُن مامَنعَك إذ رَأيتَهُم ضَََََُلوا 92 ألا تتَبَِعِن أفَعصَيت أَمرِى93 قَالَ يَبنؤَم لا تَأخُذ بِلحيِتِى وَلاَ بِرَأسِى إنِى خَشِيتُ أن تَقُولَ فَرقَتَ بَينَ بَنِى إسَراءِيلَ وَلم تَرقُب قَولىِِ94}]طه 90-94[ فأخبره بأن الأمة إذ اختلفت وتفرقت في أمرها ففي مثل هذه الأحوال يحتاج إلى قرار من المرجع الأول للفصل في مثل هذه النزاع ، هذا وقد عزز القرآن تلك المباديء بما أمر به المؤمنين من طاعة لما يصدر من النبي(ص) كونه المرجع الأول في الفصل بين الناس في شؤون الدنيا والآخرة قال تعالى :{إِنَماَ كَانَ قَولَ المؤمنين إِذَا دُعُواْ إِلىَ الَلِه وَرَسُوِلهِ لِيَحكُم بَينَهم أَن يَقُوُلوا سَمِعنَا وَأطَعنَا وَأوُلئكَ هُمُ المفُلحُون51}ٍٍٍ[النور:51] وسوف نقف على بعض الأمثلة في ميدان التطبيقي من التوجيهات القرآنية والنبوية في ذلك تحقيقاً لوجود المرجعية وكيفية التعامل معها وذلك من خلال الخطوات الآتية:
الخطوة لأولى: النبي بين المرجعية السماء وأعراف الناس:
النبي(ص) بشر من الناس رقى بأخلاقه وسما بشخصه فاختاره الله للرسالة واالنبوة إلا أن النبي(ص)بأخلاقه وتعالميه يبقى بشراً يطرأ على الآخرين من التصرفات الانسانية قال تعالى :{قُل إنَمَا أنَاْ شراً مِثلُكُم يُوحَى إِلىَ أنَمَا إلَهُكُم إلَهُ وَاحِدُ}[الكهف:110] وقد صرح النبي(ص) بذلك فيقوله ((إنما أنا بشر أنس كما تنسون فإذا نسيت فذكروني))[صحيح مسلم 572 وانظر شرح القاضي عياض(2/508)].وكون النبي (ص) يعيش في مجتمع يقوم في مبادئه على احترام العرف وتنفيذ ما جرت عليه العادة فإنه يشق على الناس تلقي أمر فيه نقض لتلك الأعراف،وإذا علمنا أن أبا طالب ما منعه من الاسلام إلا ما إلفه من عرف آبائه وأجداده من عبادة الأصنام في الجاهلية تبين لنا حجد التأثير الكبير الذي يتركه العرف في حياة الناس.وقد كان للعرب من التقاليد والأعراف أن الابن إذا تبناه شخص آخر فإنه ينزل منه منزلة الابن الحقيقي فيرثه ويشاركه في كل شيء وهو ما أراد القرآن إبطاله بمثل لا يرقى الشك إلى منزلته ، فاختاره الله تعالى لذلك النبي(ص) أن زيداً سيطلق زينب , أنه صلى الله عليه وسلم سيتزوجها من بعد.
وأمام الدور التوجيهي والتربوي للنبي (ص) في مثل هذه الأمور بالصلح والتفاهم فقد راح الصلاة والسلام ينصح الطرفين بالتريث والصبر،وكذلك لما للعرف من أثر في عدم تقبل مثل هذا الأمر لم يخبر النبي(ص) زيداً بما سيكوم الفراق بينهما وبما سيكون من زواجه منها فيما بعد وهو ما أدى إلى عتاب القرآن للنبي (ص) فقال جل وعلا : {وَإِذ تَقُوُل لَِّلذِى أنَعَم اللُهُ عَلَيهِ وَأنعَمتَ عليه أَمسِك عَلَيكَ زَوجَك وَأتِق اللهُ وَتُخفى فِي نفَسِكَ مَا اللهُ مُبدِيهِ وَتخَشىَ الَناسَ وَاللهُ أحَقُ أن تَخشَهُ فَلمَا قََضَى زَيدُ مِنهَا وَطَراً زَوجَنكهَا لِكَى لاَ يَكُون عَلَى المُؤمِنيَن حَرُُجُ فِي أزَواِج أدْعِياَئهم إذا قَضَوا مِنهُنَ وَطَرا وَكاَن أمرُ اللهِ مفعُولا37}[الاحزاب:37][تفسير ابن الكثير(3/646)].وفي هذا النص إشارة واضحة إلى أن النبي (ص) هو مرجع الامة فإذا أمر فينبغي أن لا يتردد الناس في تنفيذ الأمر وإن خالفت أعرافهم وتقاليدهم، لذلك فقد جاء عتاب الله تعالى للنبي (ص) ليكون ما يصدر من أوامر فيما بعد غير قابلة لمراعاة عرف و غيره مهما كان شكلها وحجمها طالما كان المنطلق فيها هو الوحي.
الخطوة الثانية: توجيه وتدريب الامة:
إن المجتمع الانساني كتلة من الأمزجة والأفكار لا تكاد تتوافق على أمر في النادر القليل ، لذلك فقد يصدر من ذلك المجتمع ما يوحي بالاعتراض أو الشكوى حيال بعض القرارات أو تجاه بعض القيادات من أولي الأمر والمراجع ،ولأن ذلك الأمر طبيعة في الانسان قال تعال:{وكاَنَ الانسَانُ أكثَرَ شيءٍِ جدَلاً}[الكهف:54] فقد تطلب في توجيهه عناية السماء إضافة إلى توجيه النبوي ليكون الأمر أبلغ في التنفيذ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {للهِ ما فيِ اُلسََمَواِت وَمَا في اُلأرِض وَإنِ تُبدُوا ما في أنُفسِكُم أو تُخفُوهُ يُحاسبكمُ به اللهُ فيَغَفُر لِمنَ يَشَاء وَيعُذب من يَشَاء واللهُ عَلَى كُلَ شيءٍ قَدير284}[البقرة:284] اشتد ذلك على أصحاب الرسول الله(ص)فأتوا رسول الله(ص) ثم بركوا على الركب فقالوا:أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. قال رسول الله(ص): ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)) فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم، أنزل الله قوله تعالى في أثرها {ءَامَنَ الرَسُولُ بِمَا أُنزِل إليَهِ من رَبهِ والمُؤمنُونَ كلٌ ءامَنَ بِاللهِ َومَلئكَتِهِ وكُتُِبِهِ وَرُسُلِهِ لاَُنفرُق بَيَن أَحَدٍ مِن رُسلُهِ وقِالُوا َسمِعنَا وَأطَعَنا غُفرَانَك ربنا وَإليَكَ المَصيُر285} [البقرة:285] فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى : فأنزل الله عز وجل {لاَيُكلفُ الله ُنَفساً إَلا وُسَعهَا لَهاَ مَا كَسبَت وَعليَها ما َأكَتسَبت رَبنَا لاَ تُؤخِذَنا إن نَسيَنا أو أَخطأنَا}قال نعم {َربَنا ولا تَحِمل علَينَا إصراً كَمَا حَملتُه على الَذِين مِن قبَلِنا} قال: نعم {َربَنا ولا تُحَمِلنا مَا لاَ طَاقَةَ لَناَ ِبهِ} قال :نعم {واعفُ عَناَ وَاغفر لَناَ وَارحَمنا أنَت مَوَلنَا فَانُصرنَا على القومِ الكََفَرِين} [البقرة:286] قال: نعم [أخرجه مسلم في صحيحه برقم(125)] والحديث فيه من إشارات التأكيد بالالتزام بأوامر المرجعية وذلك من خلال ما يأتي:
1.وجود حالة التمرد النفسي لبعض الناس تجاه بعض الأمور مما يؤدي إلى الاعتراض وهو أمر مشروع إذا كان في حدوده، حيث إن شكوى الصحابة كانت بين يدي المرجعية ومع ذلك فقد واجه النبي الأمر بحزم فأمرهم بالسمع والطاعة وحذر أصحابه من سلوك التمرد على الأوامر الشرعية التي كانت دأباً لليهود والنصارى من قبل.
2.يبدو أن القرآن أراد اختبار سلوك الأصحاب والأمم التالية من بعد بضرورة الا لتزام لما يتلقاه الناس من أوامر عن طريق مراجعهم إذا كانت في طاعة الله.
3.الاستجابة الشعبية للناس في تلبية ما أمر الله تعالى به وما أمر به النبي (ص) وهو يعبر عن نوعية ذلك المجتمع في التعامل مع المرجع إذا أمر من غير تمرد أو جدال بل إن الأمر أحيانا يتطلب الاستجابة وحسب.
الخطوةالثالثة: الاستجابة السريعة:
وبعد ما مر من الخطوات من تربية للسلوك البشري في التعامل مع أوامر المرجعية بحزم ومن غير تردد ، ينقل القرآن لنا نموذجاً للاستجابة لما يصدر من المرجعية النبوية وحتى وإن تعلق الأمر في حقوق الشخصية التي أولاها الاسلام للمسلم ومن ذلك حق اختيارالزوج من غير إجبار خصوصاً للنساء،وقد خطب النبي امرأة لرجل لم يكن في نظر أهلها كفأً لابنتهم ولما بادر إلى الاعتذار بسبب عدم قناعة الوالدين بشخص الخاطب بادرت البنت فقالت:إن رسول الله قد رضييه فقد رضيته فلما أخبرهم رسول الله برضاه عمن خطب له وافقت البنت[تفسير القرآن العظيم لابن الكثير3/646]،عندها نزل القرآن يؤكد ضرورة اتباع الأوامر وحتى التوجيهات التي تتعلق بالحقوق الشخصية وهو ماقرره القرآن في قوله تعالى،{َومَا كان ِلمُؤمٍِن ولا مُؤمنةٍ إذَا قََضَََََى اللهُ وَرَسولُه ًُ أمراً أن يَكُونِ لَهُم َُالخيِرةُ مَِنَ أَمَِرهِم وَِمَن يَعِص اللَهَ وَرَسولهُ فَقَد ضََلَ ضَللاَ مُبيِنا36}[الاحزاب:36] وفي الاشارة مهمة بإنه ربما صدر من تلك المراجع مافيه مصلحة مستقبلية يراها المرجع من حيث يجهلها صاحب الشأن فإذا قرر المرجع أمراً فينبغي التسليم والقبول إذ كثيراً ما يكون أمر الناس في مثل هذه الأمور مبني على العاطفة التي تغفل الجانب العقلي.
الخطوة الرابعة: معاقبة الخارجين على المرجعية:
وبعد كل ما مر من الخطوات فإن القرآن عمد إلى تقرير بعض العقوبات الصارمة بحق من يحاول أن يتمرد على ما يصدر من المرجعية النبوية من أوامر أو توجيهات فعد من يفعل ذلك بأنه من قبيل المنافقين فقال تعالى :{َوإذِاَ قِيلَ لهَم تَعِالوا إلَىَ ما أنزلَ اللهُ وإلَىَ الرَسُول رَأيَت اَلمَنفُقين يصُدوُن عَنكَ صُدُودا61} [النساء:61][تفسير القرآن العظيم لابن كثير(3/692)]ونقل لنا القرآن صوراً من سلوك المنافقين في ذلك فقال تعالى:{ذَلِكَ بأنهم قَالُوا للِذَينَ كَرَهوِا مَا نَزَل اللُه ُُسَنطيُعكم في بَعِضَ الأمرِ واللهُ يعلمُ إِسَراهم26}[محمد:26] لذلك لما خاصم الزبير رجلاً في سريج من الحرة فقال النبي(ص) :(( اسق يازبير ثم أرسل الماء إلى جارك ،فقال الأنصاري: يا رسول الله إن كان ابن عمتك ، فتلون وجه رسول الله (ص) ثم قال:(( اسق يا زبير ، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ، ثم أرسل الماء إلى جارك)) واستوعى النبي (ص) للزبيرحقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري ،وكان أشار إليهما بأمر فيه سعة ، فأنزل الله تعالى قوله :{فَلاَ وربَِكَ لا يؤمنُونَِ حتَّى يُحكموك فيَِما شَجَر بينُهم ثُم لا يجدُوا في أنفُسهم حرًجا مِمَا قَضيَت ويُسلمُوْا تسليًما65}[النساء:65] إذ نفت الآية الايمان عمن لم يرض بحكم رسول الله(ص).وتنقل بعض كتب التفسير والحديث رواية أخرى لنزول الآية من حيث إن عمر بن الخطاب رأى أن الخروج على المرجعية باعتبارها السياسي والشرعي أمر يستحق القتل فلما استفتاه أحدهم في أمر كان رسول الله قد قضي فيه لكن الرجل لم يعجبه ذلك الأمر عمد رضي الله عنه إلى سيفه فقتل ذلك الرجل،فقال رسول الله :(( ما كنت أظن أن يجترىء عمر على قتل مؤمن)) ، فأنزل الله تعالى قوله : :{فَلاَ وربَِكَ لا يؤمنُونَِ حتَّى يحكموك فيَِما شَجَر بينُهم ثُم لا يجدُوا في أنفُسهم حرًجا مِمَا قَضيَت ويُسلمُوْا تسليًما65}[النساء:65] فهدر القرآن دم ذلك الرجل وبرأ عمر من قتله[تفسير القرآن العظيم لابن كثير(3/693)]. والآية صرحت بنفي الايمان عمن لا يرضى بحكم رسول الله(ص) وفي ذلك إشارة إلى إن الامام إذا قضى أمراً فلا يجوز الخروج عليه وإن فعل ذلك يعد خروجاً من الايمان.
-
المبحث الثالث
المرجعية بين الدين والسياسة
إن تطور الحكم في الاسلام غير آليته فيما بعد فمن حيث كان البت في مسائل السياسية والدين شأن الامام صار لكل وجهته إلا أن كلا الحكمين لم يبتعدا عن بعضيهما من حيث صار لكل إمام منهما ضوابطه،وهو ما حدا بالعلماء أن يعرضوا لما يصدر عن النبي (ص) والفصل بين ما هو من الوحي أو ما هو من شؤون الدولة،وهو أمر شاق إن ذلك ربما صار لدى البعض تمرداً على الامام في الحكم مما حدا للنبي(ص) أن يوجه الناس.وقد ورد عنه (ص) الكثير من النصوص الشرعية التي تأمر باحترام المرجعية السياسية ومبايعتها وتنفيذ ما يصدر منها من أوامر كونها معينة بقرار من الدولة أو حاكمها أو بتنصيب مشروع، وسنقف عند جانب من تلك النصوص:
1.عن أنس-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله(ص):((اسمعوا وأطيعوا وأن استعمل عليكم عبد حبشي،كأن رأسه زبيبة))[صحيح البخاري( وانظر رياض الصالحين للنووي)برقم 666] والحديث يأمر المسلمين بالطاعة مهما نزل أمر القائد أو قل مستواه.
2.وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله(ص):((عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثره عليك))[صحيح مسلم برقم1836،وانظر شرح القاضي عياض6/242) وهنا يكرر النبي (ص)الأمر بالسمع والطاعة في كل حال من الرضا والكره واليسر والعسر وإن كان فيه ما يشق على النفس.
3.وجاء عن النبي (ص) قوله: ((العلماء ورثة الأنبياء))[جامع بيان العلم وفضله(1/164)] وقد نقل الحديث وراثته لمن أخذ العلم عن رسول الله (ص) وكونهم ورثة للأنبياء فهل إن وراثتهم للأنبياء بصفته السياسية والشرعية.
4.كما ورد عن النبي (ص) قوله:(( من أطاعني فقد أطاع الله،ومن يعصني فقد عصى الله،ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني))[صحيح مسلم برقم (1835)،وانظر شرح القاضي عياض(6/240)]. ومن مجمل تلك الأحاديث يتبين بأن النبي (ص) أشار إلى طاعة الأمراء من المقسطين إلا أن المتبادر إلى الذهن هو أن تلك الأوامر بخصوص الولاة،ولا يوجد فيها ما يخص العلماء والجواب عليه ربما كان الآمر بتلك الأوامر هو النبي(ص) بصفته الشرعية والعلمية.ومن باب آخر فإن النبي(ص) أرسل الكثير من العلماء وأمر الناس بالسمع لهم فأرسل معاذاً إلى اليمن وأرسل معصب بن عمير في بعثات لتعليم الناس بل وكان النبي(ص) يعقد راية القيادة لمن هوأكثرعلماً،لذلك فبالرغم من أن تلك الأوامر ربما صاغت واختارت عبارة الأمير إلا إنها لم تفصل-والله أعلم-بين إمارة السياسة والشريعة حتى إن بعض الفقهاء اشترط الاجتهاد في الامامة الكبرى وهو تقلد أمور الناس والعباد.
ثم إن النصوص التي مرت وعرضنا لها نماذج من القرآن والسنة ربما يرد عليها القول بأن الأمر بالطاعة إنما هو للشرع في شخص النبي (ص) كونه نبي مرسل وتجب طاعته أو أن ذلك الأمر بالطاعة إنما هو بصفته القيادية أو السياسية والأمر الآخر كون ذلك مخصوص بالنبي (ص) ولا يجوز تعديته إلى غيره ،أم أن ما مر من النصوص الداعية إلى الطاعة شاملة في كل إمام وهو ما يقودنا بالنهاية إلى طرح السؤال الكبير وهو التفرق بين الامامة في الدين والامامة في السياسة وأن مايترتب على ذلك من الطاعة مقصور على الامامة السياسية أم كليهما،وللاجابة على تلك التساؤلات لا بد من الاشارة إلى الأمور الآتية:
أولاً:إن طاعة أولي الأمر والتي أكد عليها الشرع كما في الكتاب والسنة إنما تهدف إلى تحقيق الاستقرار للمجتمع المسلم لذلك فإن كل أمير لا تعد إمارته مشروعة مالم تكن مصبوغة بأمر من الشرع،فإذا كان الأمر كذلك فقد صارت طاعة ذلك الأمير واجبة بسبب أمر الشرع.وحينئذ فإن طاعة أولي الأمر في دولة الأسلام إنما هي طاعة للعلماء الذين رأوا في ذلك العلم أو الحاكم القدرة على إمامتهم، ومتى ما كان الأمر غير ذلك وتبين للناس ظلم الحاكم وجب عليهم الصدع بالأمر إلى علمائهم لاتخاذ الأمر.
ثانياً: لا مانع من أن يجمع الامام بين السلطتين الشرعية والسياسية بل هو الأجدر في تحقيق التوازن،وهو ما كان عليه رسول الله والخلفاء من بعده وهو مايمكن استنباطه من وراثة العلماء للأنبياء لذلك فقد اشترط الكثير من العلماء شرطاً مهماً في الامامة الكبرى وهي السلطة السياسية إذ اشترطوا له أن يكون عالماً حد الاجتهاد ليمكنه ذلك من القدرة على الاستنباط والفصل في المسائل الشرعية، وهو ما كان عليه الخلفاء في العهد الراشدي مما يعني أن المرجعية كانت تحت خيمة واحدة وهي الفصل في مسائل الشرع والسياسة في حقب من الزمن أسقط شرط الاجتهاد فصار الأمر لا يعني بالضرورة أن يكون الحاكم عالماً بأمور الشرع مما تطلب استشارة من العلماء ومواقفتهم للتنصيب وبخلافه لا يتم للأمراء الحكم وهو ما يفسر دأئماً دأب الأمراء والسلاطين القرب من الأئمة،فكان للعالم أحياناً القدرة على عزل بعض الأمراء أو تهديد مناصبهم،لكن ابتعاد أهل العلم من المراجع وإهمالهم لأمور الحكم بسبب الزهد فيها فسح المجال أمام الحكام للاستئثار بالسلطة من غير موافقتهم أو حتى مراعاتهم.
والذي أراه بالنسبة لصياغة المرجعية لعلماء المسلمين أن تكون لهم سلطة معنوية وحقيقية في أتخاذ القرارات المهمة وذلك عبر طرق منها:
تفويض الناس لهم في كونهم السلطة والمرجع أو تأسيس مؤسسة أو مجمع يجتمع فيه أقطاب العلم ويعلن للناس ما يجب عليهم من واجبات تجاه حكوماتهم وأن تكون لهم السلطة المطلقة في تنصيب الحاكم ومساندته إن عدل وعزله إن ظلم.
فالمجتمع المسلم ينقاد للأئمة من علماء الشرع أكثر من أنقياد للأمراء والسلاطين،فلا يجوز إهمال الناس وتركهم عرضة للتخرص والتخبط من غير قيادة يلتفون حولها إذا أصاب الأمة طاريء أونكبت بنكبة، ولعل الأمة اليوم تعاني من تأثيرالمرجعية عليها لأسباب أبرزها:
1.تولي الناس مسؤولية الاجتهاد في الأمور الشرع كل حسب وجهته وذلك لتعميم فكرة أن مرجعيتنا في إصدار الحكم هو الله تعالى ورسوله وهو حق ولكن هل لكل إنسان أن يقرأ القرآن كما يريد هو أو يقرأ السنة كما يشتهي؟ أم أن لذلك أئمة يعلمون أن لكل مقام مقال من تلك النصوص؟ وهو ما ساس به النبي(ص) الأمة وقد بينا جانباً من ذلك في عقبة الفقه الدعوي، ولعل إسقاط شرط الاجتهاد عن الحكام سوغ للناس أن تجتهد كما يحلو لها فكثرت الاجتهادات حتى صار الخلاف على مستوى الأسرة الواحدة.
2.إيقاف فكرة الاجتهاد وتجميدها جعل من الناس لا ينظرون إلى العلماء من موقع التقدير ومن ثم الاقتداء بهم ، مما أزال عنهم بالضرورة مسؤولية القيادة فصار لكل مذهب جماعة تناحر الأخرى من غير تمييز بينما يجوز فيه الخلاف وما لايجوز فيه، فصرنا نسمع عن مجمعات فقهية كالأزهر والمجمع الفقهي ومنظمة المؤتمر الاسلامي تنعقد لمسألة فيتأثر حكمهم في الغالب بسياسة البلد المضيف مما أضفى على الناس الحيرة وزاد من انشقاقهم حول علمائهم.
3.لا بد للمسلمين من التفريق بين عصمة الأنبياء في تبليغ الأحكام الشرعية واحترام العلماء في الاجتهاد ضمن النصوص الشرعية،فكون الأنبياء معصومون فمرجعيتهم لا تقبل الجدل،أما العلماء فكونهم ليسوا معصومين فربما تسلل الخطأ إلى بعض ما يجتهدون فيه، ومع ذلك فهو لا يعني أنه قد خرج منه في اجتهاده ما يضلل به الناس فذلك مستبعد كون المبادئ التي يقوم عليها اجتهاد العلماء مستوحاة من الوحي والتفاعل مع تلك النصوص بالاجتهاد من أجل صياغة بعض الأحكام بالرغم من كونه افراز بشري إلا أنه لا يمكن أن يكون ضلالاً وإن كان خطأ،ولو كان كذلك لما صرح النبي(ص) بأن المخطيء له أجر الاجتهاد من حيث قصده خدمة الدين. لذلك فينبغي على المسلمين من غير المتخصصين في علوم الشرع أن يناوا بأنفسهم عن الفصل أو الحكم على قادة الفكرمن مجتهدي الآمة وعلمائها فصوابهم بأجرين وخطئهم بأجر، ولمن قلده في الصواب والخطأ عذر بل وثوابه ما لم يقصد الاساءة، وحينئذ من أجل تأسيس مرجعية علمية يتبعها الناس لا نحتاج من الحكم بعصمة العلماء بقدر ما نحتاج من الناس توقير العلماء من أهل الفضل وعدم الاساءة إليهم،فإذا كان للعلماء دور في قيادة الأمة فيجب أن تتوفر القاعدة الشعبية المثقفة من الناس الذي يحسن بأولئك العلماء قيادتهم أما أن نجعل من أئمتنا هدفاً نتصيد عثراتهم فإن فاعل ذلك سيتتبع الله عثراته حتى يفضحه، ومن قبل قيل للامام علي رضي الله عنه : لماذا كان الأمن سائداً في عهد الخلافة السابقة وكثر الهرج في خلافتك؟ فأجابه جواب الحكيم العاقل العارف،لأن رعية الخلفاء السا بقين أنا وأمثالي وأما رعيتي اليوم فأنت وأمثالك.
المبحث الرابع
ضوابط التعامل مع المرجعية
إن الاسلام وهو يحث الناس على الاتباع لما يصدر من المراجع العلمية والسياسية إذا تواءمت تحت غطاء الشرع،لا يغفل دورهم في إبطال جنوح تلك المراجع إذا مالت عن الطريق في سياسة الأمور أو تذكيرها بواجبها إذا ضعفت أو تقاعست،لذلك فلا بد من الاشارة هنا إلى الضوابط التي تخط الطريق للقاعدة الشعبية في التعامل مع أهل العلم والسياسة من أولي الأمر والتي يمكن إجمالها في النقاط الآتية:
1-نبذ الظلم والمعاصي وعدم الاستجابة لما يصدر من ولاة الأمر في الميدان السياسي من دعوة إلى السلوك اللاشرعي أو الفساد،إلا أن تلك الدعوة يجب أن تكون صريحة على الملأ،وأن تكون معصية لا خلاف فيها وهو ما شار إليه النبي(ص) بقوله:((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة))[صحيح مسلم برقم (1839)،وانظر شرح القاضي عياض6/244]. وعن أبي عبد الرحمن عن علي:أن الرسول الله (ص) بعث جيشاً وأمر عليهم رجلاًًَََ فأوقد ناراً وقال: ادخلوها فأراد ناس أن يدخلوها وقال الآخرون إنا قد فررنا منها فذكر ذلك لرسول الله (ص) فقال للذين أرادوا أن يدخلوها : (( لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة وقال للآخرين قولاً حسناً وقال: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف[صحيح مسلم برقم (1840)،وانظر شرح القاضي عياض(6/244)] وأكثر ما يثير الانتباه في الأمر هو تلك الطاعة للأمير والمرجع والتي نفتقدها اليوم إذ إن الصحابة رضوان الله تعالى فهموا أن للأمير أمر ينبغي أن يطاع فيه وإن شق على نفس تنفيذه، ولعل مرد ذلك إلى حسن الثقة بين الحاكم والمحكوم.
2- ينبغي التفريق في تنفيذ الأمور وما يصدر من العلماء والساسة بين ما هو قابل للاجتهاد في كل زمان وبين ما لا يقبل الاجتهاد، فما يقبل الاجتهاد لا يجوز رفضه إذا صدر من الساسة وأن خالف ما نظنه حسناً فكونه مرجوحاً ندك فهو راجح عند غيرك وصار واجباً بعمل الامام ،كما لا يفوتني التذكير بفقه الضرورات التي يلجاء إليها القادة والعلماء والساسة تحقيقاً للمصالح الكلية للشريعة مما يوحي بركونهم إلى الضعف أو الخالفة كونها أمور ميدانية يتخذها العلماء بسبب المعركة الميدانية.وما أحب التأكيد عليه هنا مرة أخرى هو التفريق بين العلماء والساسة الميدانيون ممن هم في سجال مع الخصم ومناورة له من أجل حسم معركة أو تحقيق مكسب سياسي وبين من هو خارج الميدان ممن يحلوله التنظير من بعيد،وآفة الكثير من الشباب أنه بعيد عن المعركة أحياناً ولا يعرف من أبجديات اللعبة السياسية شيئاً ويجهل الكثير من مقاصد الشريعة المبنية على تحقيق المصالح ودفع المفاسد ثم يجلس في بيته مسترخياً فإذا سمع أمراً أو تصريحاً لم يعجبه حمل على من صدر منه ذلك الحكم بالرغم من جهله وعلم المتحدث،إضافة إلى أنه نسي أنه يجلس في بيته والآخرون تطاردهم المنون في كل مكان فرفقاً بأنفسنا وقادتنا وعلمائنا.
3-ربما تطلب الوقت أو الظرف أموراً من الناس تشق عليهم فلا يستطيعون تنفيذها ،وهنا ما يأمر به الشرع هو تنفيذها، وهنا ما يأمر به الشرع هو تنفيذ الأمر على قدر المستطاع.يقول ابن عمر : كنا إذا بايعنا رسول الله (ص) علىالسمع والطاعة يقول لنا (فيما استطعتم)[صحيح مسلم (1867)،وانظر شرح القاضي عياض(6/279).والأمر وهو منوط بالاستطاعة فإنه يسقط عن العاجز عن التطبيق ضرورة التنفيذ وإثم عدم التطبيق إلا أن ما يجدر اللاشارة إليه هو عدم تثبيط الناس ودعوتهم إلى ترك التنفيذ أو محاولة إثارة الناس ضد ما صدر من الحكم فقط لأنه لم يلق في نفسك قبولاً ،وقد أكد النبي –(ص)- على تلك الوجهة بقوله : (( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر،فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات مات ميتة جاهلية))[صحيح مسلم برقم(849)،وانظر شرح القاضي عياض(6/259)]. ولعل هذه الوصية مما استغله السلاطين في غير موضعها وجهلها الناس إذ لم يعملوا بها فالنبي (ص) في الحديث يرمي إلى التغاضي عما قد يبدر من الأمراء بالصبر على ذلك لأمرين :أحدهما: أن الخطأ والجهل به يرد من الحكام وألامراء إذ لا يمكن في الغالب أن يسلموا منه مهما كان عادلاً.
والثاني: وهو المهم أن الأمة طالما انت تحت إمرة ذلك السلطان وأن مصالح الناس مستقرة ومستتبة فهنا لا يلتفت إلى المظلم الفردية التي ربما ألبت الناس وأثارت الفتن، لذلك فقد سأل رجل النبي (ص) قائلاً: يانبي الله أرايت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعون حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله، فقال رسول الله(ص) : (( اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم))[صحيح مسلم برقم1846،وانظر شرح القاضي عياض 6/254]. ولا يعد الأمر من قبيل السكوت على الظلم بل لأن ذلك كان بسبب سوء فهم الدهماء لسلوك الأمير الذي يتعلق بمعركته في الميدان السياسي بل وأكثر من ذلك فإن النبي(ص) قال: (( خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم،وتصلون عليهم ويصلون عليكم،وشرار أئمتكم الذين تبغوضهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم )) قلنا :ألا نناجزهم يا رسول الله؟ قال :لا ما أقاموا الصلاة فيكم، لا ما أقاموا فيكم الصلاة ))[صحيح مسلم برقم 1855،وانظر شرح القاضي عياض6/266].وربما كان ذلك من عدم مناجزة الأمراء خشية اندلاع الفتن وتفرق الدولة الاسلامية وضعفها،لكن الأمر يختلف في حال خرج الأمر عن حدود الطبيعية ودأى ظلم الحاكم إلى تفرق الناس وضياع حقوقهم فقد انتقل الأمر من حيز الفساد الخاص أو الفردي والذي كان مرجوحاً بحكم تحقيق المصلح العامة وتأخير مصلح الأفراد.وهنا لا يجوز السكوت عن ظلمه ومنه يأتي دور القاعدة الشعبية في مؤازرة العلماء وتذكيرهم بما يفعله الأمير وحكم الشرع في ذلك،وقد جهل الناس ذلك الفقه بخصوص التعامل مع الأمراء فتجدهم إما مفرط في السكوت إلى حد استباحة الأمير لكل الحقوق،وأما متذمر من كل شيء فما يكاد أن يرى للأمير سقطة حتى يجاهر بها ظناً منه أن ذلك من قبيل المعروف الذي يجب إعلانه أو المكر الذي يجب إزالته والأم ليس كذلك إذ الأمر يتعلق في مصلحة وحدة الأمة فطالما كانت موحدة فلا يجوز تفريقها.
4-مبايعة المراجع من الأئمة والعلماء فذلك أدعى في الطاعة وأقوم للاستجابة لذلك فقد حث النبي(ص) على المبايعة في أحاديث كثيرة فقال: (( من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية))[صحيح مسلم برقم 1851،وانظر شرح القاضي عياض 6/260].وفي إطار تلك البيعة أمر رسول الله(ص) القيام بما تعنيه البيعة من معنى فقال (ص) : ((من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ))[صحيح مسلم برقم 1851،وانظرشرح القاضي عياض6/260] وما نلمحه من ذلك التوجيه النبوي بذلك الخصوص الحث على المسؤولية الشعبية تجاه المراجع من الأئمة والعلماء ،فالحديث أكد على أمور ،الأول : توجيه بالانضمام إلى التنظيم المبرمج والموحد عن طريق مبايعة الأئمة من أجل المحافظة على وحدة التوجيه في السلوك والتلقي ، والثاني:وجوب مبايعة الامام،والثالث:طاعته ما أطاع الله تعالى وحينئذ فما ينبغي على المسلم هو نفي المزاجية في التنفيذ فمن عاهد على الطاعة وجب عليه تحمل العهد وهو ما أشار إليه النبي (ص) بوجوب الطاعة في السراء والضراء.
وفي النهاية لا بد من القول بأن العلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة أولاها القرآن اهتماماً مهماً إذ وجه القرآن النداء إلى الطرفين فأمر الناس بالطاعة لأولي الأمر فقال جل وعلا:{ يَِأيُها اُلَذِينَ ءَامَنوُا أطيعوُا اُللهَ وأَطيعِوا اَلرسُولَ وَأوِلى الأمرِ مِنكُم فَإِن تَنزَعَتُم فيِ شَىء فَرُدّوُه إلَى اللَهِ وَالرَّسُوِل إن كُنتُم تُؤِمنُونَ باِللَهِ واليوم الأَِخِر ذَلِكَ خَُيُر وَأحَسُن تَأوِيلا59}[النساء:59] فأمر المسلمين بالتحاكم إلى شرع الله ورد إلى أولياء من القادة في الميدانين الشرعي والسياسي ثم عاود القرآن ذلك التأكيد وأمر المسلمين برد التخاصم إلى المرجعية النبوية آنذاك وهو النبي (ص) أولى أولي الأمر من قادة المسلمين فقال تعالى : { وَإِذَا جَاءَهُم أمُُرُ مِنَ الأَمِن أوِ الخَوِف أذاَعوُا بِهِ وَلَو رَدُّوُه إِلىَ اُلرَّسُولِ وَإِلَى أُولىِ اُلأمِر مِنهُم لَعِلَمهُ اُلذَِينَ يَستَنبُِطونَهُ مِنُهم وَلَولاَ فَضلُ اُللَهِ عَليِكُم وَرَحَمتُهُ لاَ تبَعُتمُ اُلشَيَطانَ إِلا قَِلَيلا83}[النساء:83] وفي الطرف الثاني وجه الأمر إلى ولاة الأمر من المسلمين فقال تعالى : { إنَّ الَلَهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤدَوُا اُلأَمَنَتِ إلَى أهَلِهَا وَإذَا حَكمَتُم بَينَ الناَِس أَن تَحكُمُوا باِلعدَل إنَّ الّلَهَ نِعِمَّا يعَُِظكُم بهِ إنَّ اللَهَ كَانَ سِمَيعَا بَصيِراً58}[النساء:58] فأمر بالعدل في محاكمة الناس وسياستهم ، ومن حيث بدأنا فإننا نعاود التأكيد بأن القرآن أمر بطاعة ولي الأمر من المسلمين حكاماً كانوا أو علماء الشريعة وهو ما أهمله المسلمون ويجب صياغته من جديد حتى تصير طاعة الحكام منوطة بأمر العلماء فإن وافقوا وجبت طاعتهم وأن أبوا فذاك يعني أنهم خلعوا سلطة ذلك الحاكم وهو ما يجب على الناس من طاعة أهل العلم من غير جدل أو مماراة- والله أعلم-. وقد حكى لن التاريخ مسألة التناغم بين القيادة السياسية والدينية من حيث كان للحاكم سلطة الأمر فيما يفصل به بين الناس من أمور الحكم والدولة وبين عالم الدين الذي إذا أمر بما يقتضي الشرع أجابه الناس فلقد ساء الناس يوماً ارتفاع أسعار العسل فشكوا الأمر إلى حسن البصري الذي أفتاهم بالامتناع عنه، فلما سمع الناس ذلك امتنعوا وتجابوا مع الأمر حتى كسد العسل وبيع مجاناً، وكان أيضاً للعز بن عبد السلام موقفه المشهور من الحكم المماليك إذ رأى من جهة شرعية أنهم لا يصلحون للحكم من حيث لا تتوفر فيهم شرط الحرية فلما امتنعوا وهم العز بن عبدالسلام بترك مصر أشار الناس على ملوكهم بأن خروج العز من مصر سوف يجعلها دولة بلا رعية أذ أن الناس سيتبعون العز بمقاله أو ترحاله فوافق المماليك على ما أراده العز بن عبد السلام فعقد لهم مزاداً وباع الملوك وأودع أموالهم في بيت مال المسلمين.وهو ما نؤكد عليه ضررة التزاوج بين طاعة الناس للعلماء ومراقبة مراجع الدين للسلاطين.
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخى الكريم عمر جـــيلانى
اهنئك على هذا النقل الموفق جدا
بصراحة هذا الموضوع شغلنى فترة طويله وحدثت مشاكل كثيرة بسبب ما كنت اعتقده واؤمن به مع اعضاء لمنتديات اخرى
عدم احترام اولى الأمر ، عدم وجود مرجعية للناس للحكم على اساسها - واشياء كثيرة تناولها مقالك بصورة ممتازة - كانت دائما سببا للخلاف مع الآخرين !!
والآن اقترح عليك ان تنقله الى منتديات اخرى ومنها منتدانا الشقيق محمد واخيه عيسى عليه السلام
لولا انك انت صاحب الموضوع لكنت نقلته فى الحال الى حيث اشعر اهمية وجوده هناك
جزاك الله خيرا على النقل والكاتب على هذه الأفكار الواضحة المدعمة بالقرآن والسنة
-
-
Alsalam Alykom wa Rehmto Allah wa baarkatoh
Please take my topic and copy it to other websits.
Regards
Omar
التعديل الأخير تم بواسطة نسيبة بنت كعب ; 30-04-2005 الساعة 02:23 PM
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخي عمر جـــيلانى على هذا الموضوع
ففيه يتبين لنا عزة الاسلام والاسوة الحسنة برسول الله ولتتعظ الناس أن عزتهم وكرامتهم لا تعود الا بعودة الاسلام (( دولة الاسلام )) على منهاج النبوة .
فلن تكون عزتهم بهذه الدول المتفرقة بزعامة علماء السلاطين
نسأل الله التعجيل بأقامة دولة الخلافة راشدة على منهاج النبوة
وأنتم تعلمون أن اليوم قريب باذن الله
وأن يتحقق ما بداخل توقيعي ان شاء الله
المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان. |
تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
http://www.attaweel.com/vb
ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان
-
اقتباس
Alsalam Alykom wa Rehmto Allah wa baarkatoh
Please take my topic and copy it to other websits.
Regards
Omar
الأخــــوة الأحبــــة أعضــاء المنتدى
يقول اخى عمر فى هذا الأقتباس اعلى " ارجو منكم نشر موضوعى على منتديات اخرى "
نعم ان شاء الله سأقوم شخصيا بذلك واحث الجميع على نشر الموضوع بالمنتديات الأخرى التى هم اعضاء بها
ولكم جزيـــل الشكر
-
جزاك الله خيرا أخي عمر جـــيلانى على هذا الموضوع
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة dahab في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 17-10-2010, 07:54 PM
-
بواسطة عبد الله العاصى في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 08-12-2007, 09:42 PM
-
بواسطة المسلم الناصح في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 25-07-2007, 01:07 PM
-
بواسطة islamsun في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 27-12-2006, 02:06 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات