هل تجسد الله .....؟!
كيف .... و لماذا ......؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رحلتنا معا هذه المرة نعرف من خلالها كيف تجسد الله ؟ و ما الهدف من وراء تجسده .. لعلك سألت نفسك مرات و مرات ؟! . ما الداعي ليتنازل و يتجسد و يأتي إلى أرض ملعونة .. كيف و هو الخالق العظيم نراه مجروحا مهانا ؟! ترك نفسه لخزي البصاق ..تعري و جرح و تألم .. كل هذا من أجل من ؟.. لماذا هذا الحل الصعب و المعقد ؟!... لماذا أختار هذا الطريق .. لماذا و لأجل من ؟!... هل نفذت كل الطرق و ليس هناك سوي هذا الطريق ؟؟ ... مع انه من ينظر إلى الله و عظمته و قوته و قداسته... و بالمقابل ينظر إلى ذاته التي كثيرا ما أخطأت و تنجست و تشوهت بأبشع أنواع الخطايا و الآثام ... يدرك أن الله العظيم أختار أصعب الطرق ليبرهن بها حبه و يحفظ بها وعده الأبدي أن" نسل المرأة يسحق رأس الحية" .. ونحن لن نسلم ذواتنا وقلوبنا للمسيح ما لم نشعر أولا وبصدق أننا نستحق الموت عقابا لنا علي إفساد خلقتنا وطبيعتنا النقية و انه بدمه الكريم بررنا أمام الله . تعالوا ندرك سويا ( قوة التبرير بالدم ) ...
و معا يا أحبائي هذه المرة سوف نعرف هل تجسد الله حقا ... كيف؟ ... و لماذا؟
******************************
لماذا التجسد الإلهي .... و هل له بديل ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
أصدقائي ... لكي نناقش مشكلة الخطية و نعرف لماذا التجسد هو الحل لها ؟ .. يجب أن نعرف معا طبيعة المشكلة و أن تعرف جيدا قيمتك الحقيقية عند الله و الهدف الذي خلقت لأجله و لماذا خلقك الله علي هذه الصورة ؟ و يبقي دوما السؤال يتردد في أعماق كل منا : -
* لماذا خلق الله الإنسان ؟!...
* و هل الله خلق الإنسان لأنه يحتاج إليه ؟! .. أو يحتاج إلى عبادته؟ّ! .... كلا بالطبع .
* الله يا أحبائي كامل في ذاته متكامل في صفاته لا يحتاج لأحد من الملائكة أو البشر لكي يعوض نقصا في ذاته أو صفاته و كان من الممكن أن لا يخلق شيئا من جميع الخلائق الروحية أو الجسدية و مع ذلك هو كامل .
- يقول البعض أن الله خلق البشر و الملائكة و سائر المخلوقات لهدف واحد فقط وهو أن نعبده و لكن من يقول هذا فهو لم يعرف قيمته الحقيقية عند الله كذلك لم يفهم أن الله ليس محتاج لفروض عبادة من أحد....
و يبقي السؤال يا أحبائي هو: لماذا خلق الله الإنسان إن لم يكن خلقه ليعبده ؟!...
- الله خلق الإنسان من فرط جوده و محبته .. الإنسان نتاج أو وليد محبة عظيمة , أي عظمة وآي مجد نلناها نحن البشر إذ انعم علينا بنعمة الوجود و خلقنا من العدم ليس لأجل فائدة له .. بل من أجل محبته لنا .. نقول في صلاة القداس الإلهي : " لم تكن أنت محتاجا إلى عبوديتي , بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك " و عند خلقة أدم قال الله :
" نعمل الإنسان علي صورتنا كشبهنا " ( تك : 26:1) , خلق الله الإنسان علي صورته و مثاله في الوجود و النطق و الحياة ... في خلود الروح و الابتكار و حرية الإرادة ... , في السلطان و الحكمة و المعرفة .. و لكن الله هو الأصل و الإنسان هو صورته و مثاله .. و ليس معني هذا أن الإنسان له كل قدرات الله و لكن له صورة منه. و في هذه المحبة العظيمة عمل للإنسان اختبارا بسيطا ,اختبار للحب , لم يمسك عنه في الفردوس شيئا , بل و أعطاه سلطة كاملة علي كل المخلوقات و لكن " غرس واحد " نهاه عنه , وصية واحدة أعطاها له , و عرفه كذلك عقوبة كسرها , و آدم عرفها و حفظها و كذلك امرأته , فيا تري لماذا كسر الوصية ؟ و كيف عرف الموت طريقه إليه ؟
- الله بسابق علمه يعلم أن أدم سيخالف الوصية .. فلماذا أعطاه الوصية ؟! ...
* الهدف من الوصية إظهار طاعة و محبة أدم للخالق بمحض إرادته و ليس عن قهر أو اضطرار .. حقا أن الله يعلم أن آدم سيسقط و لكنه كان يعلم أيضا انه سيخلصه و يرده إلى أعلي من مرتبته . كما أن الشيطان عمله كان موجها ضد الله , فهو يعلم انه لو نجح في إسقاط أدم , فسيسقط آدم بلا شك تحت حكم العدل الإلهي و يطرد من الفردوس مثلما طرد هو من الملكوت , استخدم الشيطان الحية في إسقاط حواء , و بحواء اصطاد آدم , و في آدم سقطت الخليقة كلها .. فماذا كانت نتائج الخطية ؟!..
نتائج الخطية كانت :
1- الموت الروحي : الانفصال عن الله .. بالمعصية انفصل آدم عن الله فالإنسان الخاطئ لا يستطيع أن يوجد في الحضرة الإلهية , و لهذا طرد من الفردوس إلى أرض ملعونة بسببه و هل تثبت الظلمة أمام النور ؟!..
2- الموت الجسدي : منذ اللحظة التي أكل فبها آدم بدأت عوامل الانحلال و الموت تدب في جسده .. و إن كان لم يمت مباشرة عقب الأكل فذلك لقصد الله أن يأتي منه نسلا ومن نسله يأتي المخلص.
3- الموت الأدبي : كان آدم و حواء عريانين و لا يخجلا لان النعمة كانت تسترهما , و بعد المعصية أحسا بالعري و الخجل و اصبح موتا أدبيا .
4- العقوبات : شملت الحية (تك3 :15,14) و حواء (تك 16:3) و آدم (تك3: 18,17)
5- تسلط الشيطان : صار للشيطان سلطانا علي آدم كما قال الكتاب " انتم عبيد لمن تطيعونه" .. وليس علي آدم فقط بل علي أبناءه أيضا فصار و كل بنيه ملكا للشيطان بعد أن جعل لكل واحد من البشر شيطان يرافقه أينما كان و يحثه علي ارتكاب المعاصي و الآثام و بعد موته تفيض روحه في يد الروح الشرير الذي يهبط به إلى الجحيم .
6- فساد الطبيعة البشرية : سكنت الخطية في آدم و أثرت علي جميع جوانب حياته و فسدت طبيعته بالكامل فعاش في خوف و قلق و اضطراب و ألم و مرض و موت .. امتدت آثارها إلى الأرض فلعنت و أصبحت تنبت له حسكا و تينا و بالعرق و التعب تنبت له و الحيوانات كذلك تغيرت طبيعتها فأصبحت متوحشة بعد أن كان الإنسان سيدها , والرياح و الأعاصير و الفيضانات و البراكين تطارد البشر؟!......
# والسؤال الذي نسمعه يتردد أن آدم اخطأ فما ذنب أبناءه ؟! و إن كانت المحاكم الأرضية لا تحكم علي الأبناء بجرم آبائهم فكيف تكون عدالة السماء ؟!...
- بالخطية فسدت طبيعة آدم , و كل ذرة في جسده أصبحت فاسدة ,مثل شجرة التفاح التي أصابها المرض فكل ثمارها أصبحت تحمل ثمارا فاسدة و لو زرعت بذورها لن تنبت إلا شجرة فاسدة تحمل بالتبعية ثمارا فاسدة .. وكما قال أحد الأباء : إن النبع المر لا تجري منه ماء عذبة .. لقد ورث الأبناء الطبيعة الفاسدة سواء أرادوا أو لم يريدوا !!.. , و شتي غرائز البشر ورثوها بالتبعية من أبيهم آدم و جري الدم الموبوء بالخطية في عروق جميع بني البشر.
والدليل علي توارث الخطية هو : أن الخطية جاءت إلى حواء من الخارج أي من الحية و جاءت إلى آدم من حواء التي سبقته في السقوط لكن قايين من أين جاءته الخطية ؟ .. إنها أتت من داخله لم يدفعه إليها أحد بل هي ساكنة فيه , و هكذا سقط الجميع .. حتى الأنبياء .. صحيح أننا لم نرتكب الخطية الأولى لكننا ولدنا بها بالإضافة إلى خطايانا الشخصية فليس مولود امرأة بلا خطية و لو كانت حياته يوما واحدا .
كما أن قوانين مندل للوراثة أثبتت أن العوامل الوراثية تمتد حتى الجد السابع .. و قد نري شخصين أحدهما ورث ثروة و تمتع بها .. والأخر ورث ديونا و أم واخوة يحتاجون منه إلى رعاية .. أو ورث مرضا !! فهل يلعن الأقدار التي شاءت آن يكون مثل هذا الشخص أباه ؟!
أليس من الأعقل أن يبحث عن علاج ؟!! ...
عندما يسأل أحد قائلا : " ما ذنبي في خطية آدم ؟ " يرد عليه القديس اغسطينوس : " و أي فضل لك في خلاص المسيح ؟!..."
و في الكتب المقدسة ذكر انه : " كأنما بإنسان واحد ( آدم ) دخلت الخطية إلى العالم و بالخطية الموت و هكذا أجتاز الموت إلى جميع الناس ( نسل آدم ) إذ أخطأ الجميع " (رو 12:5)
" ... فانه كما بخطية واحدة(معصية آدم) صار الحكم إلى جميع الناس بالدينونة , هكذا ببر الواحد (المسيح) صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة " .
" لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد (آدم) جعل الكثيرين خطاه ... هكذا أيضا بإطاعة الواحد (المسيح) سيجعل الكثيرون أبرار" (رو 5: 19,18)
هذا عن كتبنا المقدسة و بالنسبة للاخوة المسلمين ذكر في القرآن عندهم و بالتحديد في سورة البقرة 35- 38
" و قلنا يا آدم اسكن أنت و زوجتك الجنة .. و كلا منها رغدا حيث شئتما و لا تقربا الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه و قلنا أهبضوا بعضكم لبعض عدوا لكم في الأرض مستقر و متاع إلى حين .. فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم .. قلنا أهبضوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدي فمن تبع هداي فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون " .
نلاحظ صيغة الجمع " أهبضوا " مكررة مع أن الحديث موجه لأثنين فقط , فلماذا أستعمل صيغة الجمع ؟؟
هل للتعظيم ؟!!! ... لا.لأنهما متهمان مدانان مطرودان مستحقان العقاب وغير مستحقان للإكرام .. إذا لابد انه استخدم أسلوب الجمع لأنه يقصد آدم و حواء و نسلهما. ثم آدم تلقي كلمات من ربه فتاب . فهل بالتوبة عفي الله عنه و سامحه ؟! و هل التوبة جعلته يظل في الجنة ؟! فبرغم توبته طرد منها محروما من الحضرة الإلهية بعد أن أفسد طبيعته السماوية التي كانت " علي غير فساد " و من بعدها نسله , ثم تلقي وعدا بإرسال الهدي و من يتبعه فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون ... و في الإسلام التطهير من الخطايا بالنار.. و حيث لا يوجد إنسان بلا خطية قال القران : " وإن منكم إلا واردها " و الهاء عائدة علي النار و الجميع سيردون إليها سواء أرادوا أو لم يريدوا ..
و الآن يا أعزائي ... هل من بديل للتجسد ؟! .. دعونا نطرح القضية و نناقش الحلول ؟!
- الله حذر آدم من الأكل من الشجرة و آدم عصي الله و أكل منها فأخذ العدل الإلهي مجراه فطرد آدم من حضرة الله القدوس و سري عليه حكم الموت و علي نسله من بعده ... و الآن يا أعزائي : ما قدر خطية آدم ؟! إنها غير محدودة ... لماذا ؟ لان الخطية تقدر بشخص المخطئ إليه فالإنسان الذي يخطئ إلى ابنه غير الذي يخطئ إلى صديق له ... غير من يخطئ إلى رئيسه في العمل ... ما رأيك لو حدث نفس الخطأ مع رئيس الدولة ؟! بلا شك أن الإهانة ستكون موجهة للدولة ككل ... و الآن تأمل قدر خطية آدم ؟ كم هي معقدة و غير محدودة لأنها موجهة إلى الله الغير محدود . كما أن هذه الخطية توارثها جميع أبناءه و لم يفلت منها أحد ... كذلك لا يمكن أبدا التكفير عنها بالصوم والصلاة و الاستغفار و فعل الصالحات لان كل هذه الأشياء واجب علي الإنسان و ليست فضل منه كما أنها لا تغير طبيعته الفاسدة و لا تكفر ذنوبه في حق الله الغير محدود .
# وهنا تتوالى الأسئلة : الله بسابق علمه يعلم أن آدم سيخطأ فلماذا خلقه ؟! وعندما أخطأ الإنسان بإرادته لماذا لم يتركه للموت الأبدي ؟! أو لماذا لم يفني الإنسان الساقط و يخلق إنسان جديدا ؟!
• هذا هو الحب .. الله يعلم أن آدم سيسقط و يعلم أيضا انه سوف يخلصه من عبودية الخطية.. و يرده إلى اعلي من مرتبته .. من الفردوس إلى الملكوت , الإنسان يعلم أنه عندما يتزوج و ينجب أبناء سوف يتعرضون الأمراض و إلى بعض المشاكل في حياتهم و رغم هذا يتزوج و ينجب ... لماذا ؟ ... لأنه يحب أولاده و يعلم انهم إذا أصابهم المرض سوف يعالجهم و إذا صادفتهم المشاكل سوف يساعدهم.
• كما انه إذا تركه الله فهو إهمالا منه كما انه اتهام صارخ لمحبته الممتلئة رحمة و حنان كما أن إهماله للإنسان الذي سقط بإرادته يعتبر اعتراف من الله بفشل عمله و نصرة الشيطان .
• لو الله فني الإنسان الساقط و خلق إنسان جديدا فهل سيخلقه حر الإرادة و إن كان هكذا فقد يغريه الشيطان و يسقطه كما أسقط سابقيه .. وان لم يكن حرا فكيف يحب الله برغبته و ليس عن اضطرار ؟!.
ــ لماذا لم يخلص الله الإنسان و يرده إليه بالقوة ؟!
ــ هذا ضد عدله .. فكيف يسبيه الشيطان بالحيلة والمكر والخداع ويرده الله إليه بالقوة .
ــ الله غفور رحيم فلماذا لم يغفر لأدم ويرحمه ؟!
1 . الله كامل في رحمته و في عدله .. و قد حذر آدم من السقوط و المعصية و عواقبها و كذلك أعطاه كل مقومات عدم السقوط مثل الحكمة و الشبع و الفرح بخالقه فلو سامحه الله لكان هذا ضد عدله . أليس من العدل معاقبة المذنب ؟؟
2 . إذا ناقض الإنسان نفسه يحسب هذا عليه كنوع من النقص فكيف يناقض الله ذاته فكيف يقول لأدم يوم تأكل من الشجرة موتا تموت و بعدما يأكل يسرع إليه الخالق قائلا : " لا تحزن يا آدم لأنني كنت أخيفك فقط لكنك لن تري الموت" .. هل هذا معقول ؟! .
3 . الصفح عن الخطأ شيء و إصلاح الطبيعة الفاسدة شيء آخر فلو أن إنسان سرق منك شيء و العدل يوجب عقابه و لكنك رحمة به و بأولاده سامحته فهل هذا يصلح المشكلة ؟ .. قطعا لا .. لأنه سيحاول السرقة مرات و مرات طمعا في الصفح .. أنت سامحته لكنك لم تصلح طبيعته أو تجددها . كذلك فأنت تنازلت عن العدل لتحقق الرحمة .
ــ لو قدم آدم توبة أليست كافية لخلاصه من عبودية و عقوبة الخطية حيث يقولون أن الله غفور رحيم ؟
ــ التوبة لا تصلح الأخطاء السابقة كذلك فهي تعجز عن تغيير طبيعة الإنسان لأنها تقف فقط حائلا بينه و بين ارتكاب الخطيئة مرة أخري و لو كان كل ما ارتكبه الإنسان لم يتبعه الفساد لكانت التوبة كافية أما الآن فقد أصبح الفساد طبيعة في آدم ونسله .. طبيعة فاسدة حرمته من النعمة .
ــ لو آدم صلي و صام و تصدق و صنع أعمالا صالحة ألا يغفر الله له ؟!
ــ الأعمال الصالحة ليست فضل من الإنسان بل واجب عليه و لو إنسان صالح و بار صدم شخص بسيارته .. فهل يشفع له صلاحه أم ينال جزاؤه ؟ و هل الحسنات يذهبن السيئات . هل إذا سرق و بعد ذلك تصدق .. فهل تبرر أمام الله ؟ّ!...وإذا تاجر في المخدرات ثم بني دور للعبادة هل يتبرر أمام الله .
* هل الذبائح الحيوانية تغفر خطايا الإنسان وهل دمها يوفي مطالب العدل الإلهي ؟
ــ الحيوان ليس من نفس طبيعة الإنسان ولا يملك إرادة ليقدم ذاته للذبح اختيارا . و كذلك فهو محدود لا يفي مطالب العدل الإلهي و الجسد البشري الذي سكنه الموت لا يحي بذبائح حيوانية منفصلة عنه فلابد أن تمتزج الحياة بالجسد البشري لكي ما ينزع عنه الموت .. وذبائح العهد القديم هي إشارة للصليب
* لماذا لم يفدي الإنسان أحد الأنبياء أو ملاك أو رئيس ملائكة ؟
ــ ينبغي يا أحبائي أن نعرف ما هي مواصفات فادي البشرية من الموت حيث أن من سيفدي البشرية و يبررها أمام الديان عن خطيئتها الغير محدودة في شخصه يجب أن تكون صفاته كالتالي :-
1- أن يكون من جنس البشر حيث أن الإنسان وحده الذي أخطأ فيجب أن يكون ابن الإنسان .
2- لابد أن يكون الفادي إنسان ولكنه قدوس بلا خطية لأنه لو كان أخطأ وقدم ذاته ذبيحة يكون بالكاد فدي نفسه و ليس باقي البشر كذلك فهو لا يملك نفسه حتى يقدمها فدية وبالتالي تكون من أهم صفاته أن يكون قدوس بلا خطية و غير مخلوق و قاهر للموت الذي تسلط علي آدم و بنيه , كذلك خطية البشر في حق الله خطية غير محدودة فتكون من أهم شروطه أن يكون غير محدود .
ومن في الخليقة كلها غير محدود سوي الله ذاته و كلمته .. لذا قالت العذراء مريم بعد بشارتها بولادة الكلمة و المخلص الفادي : " فلتعظم نفسي الرب و لتبتهج روحي بالله مخلصي " .
* ما ذنب الفادي ليموت عن باقي البشر , وهل مبدأ الفدية يوافق أحكام الله ؟
ــ مبدأ الإنابة أو الفدية بالتأكيد يوافق أحكام الله.. فقد أستلم آدم من الله طقس تقديم الذبائح و سلم هذا الطقس لأبنائه حتى أن البعض للآن يمارسون تقديم الذبائح . و هكذا كان الأقدمون , أيوب الصديق , و أبونا إبراهيم , واسحق , و يعقوب كلهم يقدمون ذبائح طاهرة ليس بها أي عيب يذبحونها و يقدمونها في عبادتهم لله و الأخوة المسلمون أيضا يؤمنون بهذا !! و لكن ما هو الهدف ؟ و لماذا حيوان طاهر؟ و متي بدأت هذه الذبيحة ؟ و ما هي المناسبة التي بدأ فيها تقديم أول ذبيحة من هذا النوع ؟؟؟ و إلى أي شيء ترمز أو تشير؟ و لماذا ولد المسيح بهذه الطريقة الفريدة و العجيبة ؟ و لماذا كسر الله ناموس التناسل الطبيعي عنده , و لماذا ولد طاهرا بلا خطية .؟ حيث لم يذكر القرآن خطية واحدة للسيد للمسيح !!! مع أنه ذكر خطايا الأنبياء و استغفار الرسول و كذلك جعل مجيء المسيح للوجود أية للعالم كله , أليست ولادته بهذه الطريقة العجيبة مرتبطة برسالته التي جاء من أجلها ؟ لن تجد لكل هذه الأسئلة إجابات شافية إلا في الكتاب المقدس , كذلك مبدأ الفدية واضح في الإسلام : ففي سورة الصافات 107: " و فديناه بذبح عظيم " يقول هذا عن أبن إبراهيم و في تفسير البيضاوي : " فديناه بذبح " أي ما يذبح بدله فيتم به الفعل . وفي سورة الكوثر 2 " فصل لربك و أنحر" , وفي تفسير البيضاوي : " الصلاة صلا العيد و النحر هو التضحية و الفدية " .
و في السيرة النبوية لابن هشام جـ 4 صـ 140 عن عائشة في حجة الوداع " فلم كان يوم النحر أتيت بلحم بقر كثير فطرح في بيتي فقلت ما هذا ؟ فقالوا ذبح رسول الله عن نسائه البقر .." كما أن الإمام الغزالي يذكر الشروط الواجب توافرها في الذبيحة فتجدها متشابهة للشروط التي يذكرها سفر اللاويين في العهد القديم ( 19:22-29).
و الإمام الرازي يقول في تفسير الآية : " فاغفر لنا ذنوبنا و كفر عنا سيئاتنا " إذا كانت الطاعة العظمي هي الصوم و الصلاة و التوبة فإنها لا تستر الخطية و لا تؤهلنا للوجود مع الله . و إننا بدعائنا كفر عنا سيئاتنا لا نقصد أن يساعدنا المولي في العمل علي تكفيرها بواسطة الأعمال الصالحة بل أن يتفضل هو بتكفيرها عنا " ومبدأ الإنابة واضح في أحاديث البخاري حيث ينوب الإنسان عن المريض في أداء فريضة الحج , وينوب عن الميت في أداء فريضة الصوم .
** طبيعة السيد المسيح :- يقول الوحي المقدس علي لسان القديس يوحنا الحبيب في بداية إنجيله : " في البدء كان الكلمة , و الكلمة كان عند الله , وكان الكلمة الله " و قد شرحت لكم في الحلقة السابقة " التثليث و التوحيد " المقصود بالكلمة و معني أقنوم الكلمة و أن الاقنوم الثاني " الكلمة " تجسد و تأنس " أصبح إنسانا " من سيدتنا و ملكتنا القديسة العذراء مريم لذلك قال لها الملاك جبرائيل عند بشارتها : " لذلك أيضا القدوس المولود منك يدعي أبن الله " ( لو 1: 35-36) كما شرحنا قبلا معني هذه الولادة و المقصود منها , وأنها ولادة معنوية و روحية و ليست جسدية , وهي كولادة النور من النار أو الكلمة من العقل و الآن دعونا نلقي الضوء علي طبيعة السيد المسيح:- ربنا يسوع المسيح طبيعة واحدة من طبيعتين : ــ
1- طبيعة لاهوتية : هو أقنوم الكلمة .. عقل الله الناطق , أتحد بالجسد البشري " الكلمة صار جسدا و حل بيننا و رأينا مجده " (يو 14:1) الكلمة الغير منظور صار منظور في جسد بشـري , لكن اللاهـوت لم يتحول إلى ناسوت و لا الناسوت إلى لاهـوت .
2- طبيعة ناسوتية " إنسانية " : جسد بشري كامل , جسد حقيقي يعطش ويجوع و يتعب و يتألم و يموت كما أن اللاهوت لم يقم مقام النفس البشرية بل هو إنسان كامل جسد ونفس و روح بشرية .
ــ كيف حدث الاتحاد بين الطبيعتين ؟
ــ الطبيعة اللاهوتية اتحدت بالطبيعة الناسوتية بلا اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير, طبيعتان لم يختلطا كاختلاط المواد و لم يمتزجا كامتزاج السوائل و لم تغير إحداهما من طبيعة الأخرى .. و بعد الاتحاد نحن لا نتحدث عن طبيعتين و لكن عن طبيعة واحدة للإله المتجسد , العلاقة ليست علاقة تعاون أو تداخل لكنها علاقة اتحاد كامل .. و لنقرب معني الاتحاد ببعض التشبيهات !
1. الإنسان : يتكون من جسد ترابي قابل للفساد و المرض و الموت و روح حية خالدة طبيعتها تختلف عن طبيعة الجسد , و مع هذا فباتحاد الجسد و الروح يتكون الإنسان الواحد , و ذلك دون أن تختلط الطبيعتان أو تتغير إحداهما إلى الأخرى .
2. الماء و النار : عندما نضع إناء الماء علي النار يسخن الماء , ويغلي و يكتسب طبيعة النار مع أنه يحتفظ بطبيعته كماء , و لم يتحول إلى نار , و أيضا الماء لم يمتزج بالنار , كما أكتسب الماء البارد طبيعة النار. هكذا جسد المسيح المتحد باللاهوت أصبح جسدا محييا .
3. الحديد و النار : عند تحمية الحديد بالنار يكتسب الحديد طبيعة النار , و مع ذلك فهو يظل حديد و لا يتحول إلى نار , وأيضا النار المتحدة به لا تتحول إلى حديد . وعندما نطرق الحديد يتأثر و يتشكل . أما النار فلا تتأثر . هكذا الآلام وقعت علي الناسوت . أما اللاهوت فهو لا يتأثر بالألم و الموت .
و ألان يا أحبائي بعدما رأينا و لمسنا محبة الخالق لجبلة يديه و رعايته لنا كأب لأبنائه و ليس كسيد لعبيده دعونا نتساءل :
هل مازال الله مجهولا ؟ هل هو المخفي وراء حجب السماء ؟ هل هو العالي في سماه المترفع عن البشر و المادة ؟ هل هو الغير مقترب إليه و الغير معروف ؟ هل هو المتكبر الجبار ؟ و النافع الضار ؟ هل هو الماكر ؟ هل هو الذي يغضب علي مكان فيأمر سكانه بالفسق و الفجور حتى يدمره ؟ هل هو الذي يفرض أوامره و من يعصاه فقد أعد له الجحيم ؟ كم نشكر الله لأننا أخذنا الكثير و الكثير في المسيحية و عندما تجسد الله لأجل خلاصنا أصبح مرئيا ( وصدقوني كثيرين يرفضون تجسد الله لأجل خلاصهم , ليس فقط لان الله أرتبط في ذهنهم بصورة عالية من القوة والعظمة و السلطان , و لكن لأنهم يشعرون أن خطيئتهم في حق الله لا تستحق الموت بل يكفي لغفرانها فقط الاستغفار و فعل الصالحات و يتذكرون رحمته و يتناسون عدالته كما أنهم يستكثرون هذا الثمن عليهم فيرون في أعماقهم أن التجسد الإلهي ثمن غالي جدا لكي يدفعه الله لخلاص البشر من عبودية و عقوبة الخطية و من أرتبط الله في أعماقه بهذه الصورة من المستحيل عليه أن يراه مصلوبا لأجل خلاصنا مغلوبا من حبه لنا .) , وإخواننا المسلمين يقولون أن لله تسعة و تسعون أسم فلم أري يوما من التسعة و تسعون " المحب " أو " الوديع" أو "المتواضع القلب " .
انظروا يا أحبائي إلى روعة الوحي المقدس حينما يقول " الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه و لمسته أيدينا " (1يو: 1:1) . لقد رأيناه في بساطة الطفولة لا يخاف منه أحد و لا يرتعب منه أحد . لقد عرفناه قريبا و ليس مترفعا عن البشرية . انه قدس المادة بحلوله فيها . لقد لمسناه إلها عطوفا شفوقا متحننا علي جبلته التي صنعتها يداه , لقد عايناه راعيا صالحا وديعا يحب غنم مرعاه و يخلصهم من فم الأسد , لقد تقابلنا معه أبا محبا ودودا لنا مشفقا علينا , لقد اختبرنا أبوته الحانية و قبوله للخطاة . اسألوا الابن الضال . لقد سمعناه يدعونا أحباء له و ليس عبيدا بعد , لقد كان يدعو جميع الخطاة و الثقيلي الأحمال إلى الراحة و النجاة , لمسناه شافيا لأمراضنا و أسقامنا , و اسألوا نازفة الدم . و صدق ربنا يسوع حينما قال عن نفسه : " من رآني فقد رأي الاب " فمحبته و حنانه و وداعته و قوته عرفتنا انه الله الظاهر في الجسد .
** نقطة هامة نتحدث عنها هنا وهي خاصة بالاخوة المسلمين , فعندهم الإسلام يصور الله قريبا من البشرية , و يظهر للبعض و يحدثهم .. دعونا نتحدث قليلا عن هذا :
1. ظهور الله لموسى في النار : في سورة طه 11,10 يقول : " إذ رأي نارا فقال لأهله امكثوا أنى أنست نار العلي أتيكم منها بقبس أو أجد علي النار هدي . فلما أتاها نودي يا موسى أنى أنا ربك فأخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوي " .
و في سورة النمل 7- 9: " إذ قال موسى لأهله أنى أنست نارا سآتيكم بها بخبر أو أتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون . فلما جاءها نودي إن بورك من في النار و من حولها و سبحان الله رب العالمين " .
لقد ظهر الله في النار و كلم موسى لذلك قال " بورك من في النار و من حولها و سبحان الله رب العالمين " و هكذا يا أحبائي ظهر الله في شكل الإنسان الذي هو أكرم و أشرف و أجل من النار إذ له روح خالدة و خلق علي صورة الله , و هذا التجسد لم يقلل من عظمة اللاهوت المحتجب في الناسوت .
2. الله قريب : يصور القران أن الله قريب جدا من الإنسان , لذلك يقول " و نحن أقرب إليه من حبل الوريد " سورة ق 16." ألم تر أن الله يعلم ما في السموات و ما في الأرض , ما يكون من نجوي ثُلاثة آلا هو رابعهم و لا خمسة آلا هو سادسهم و لا أدني من ذلك و لا أكثر آلا هو معهم " المجادلة 7 ," إن الله مع الصابرين " البقرة 153 , " و إذا سألك عبادي عني فأني قريب " البقرة 186.
فأن كان قريب للإنسان بهذه الصورة . أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد فما المانع من تجسده في شكل إنسان من اجل خلاص الإنسان .؟
3. نسبة الأعضاء الجسدية و المشاعر الإنسانية لله : القران ينسب لله الأعضاء الجسدية , فمثلا :-
أ . ينسب لله وجه : " و يبقي وجه ربك ذو الجلال و الإكرام " الحجر27 . , " كل شيء هالك إلا وجهه " القصص 88
ب . ينسب لله يد : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم " الفتح 10 .
ج . ينسب لله عين : " و أصبر لحكم ربك فانك في أعيننا " الطور 48 .
د . ينسب لله جنب : " إن تقول نفسي يا حسرتي علي ما أفرطت في جنب الله " الزمر 56 .
هـ . ينسب لله المشاعر الإنسانية : مثل الحسرة و النسيان و المكر و الغضب .
" يا حسرة علي العباد " يس 30 . , " نسوا الله فنسيهم .. " التوبة 67 . , " أنا نسيناكم .. " السجدة 14 .
" و مكروا و مكر الله و الله خير الماكرين " آل عمران 54 . , " و غضب الله عليهم " الفتح 6 , وفي صحيح البخاري
ينسب لله الضحك علي آخر رجل يبقي في النار و يقول " لا تجعلني أشقي خلقك فيضحك الله عز و جل منه " .
فان كان الله قريب بهذه الدرجة و القران ينسب له الأعضاء و المشاعر الإنسانية فما المانع من ظهوره في شكل إنسان ؟
الملائكة تستطيع أن تظهر في شكل منظور ففي سورة الإنعام 9,8 " وقالوا لولا أنزل عليه ملك و لو أنزلن ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون . ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا و ألبسنا عليهم ما يلبسون " . أي لو ظهر ملاك فانه سيظهر في شكل رجل .
و في صحيح البخاري وصف الوحي الذي جاء في غار حراء بأنه قاعد علي كرسي بين السماء و الأرض . بل الجن أيضا لهم القدرة علي الظهور في أشكال معينة ملموسة ففي صحيح البخاري ج1 ص91 يذكر الرسول أن عفريتا من الجن فلت عليه ليقطع صلاته فأمكنه الله منه و هم أن يوثقه بسارية المسجد . بعد كل هذا وجدنا أن الملائكة و الجن لها القدرة علي الظهور في شكل مادي ملموس حتى أن الجن رآه الرسول و أراد أن يوثقه أفلا يستطيع خالقهم الظهور في هيئة إنسان ؟1 .. , المشكلة أن البعض يعتقد أن التجسد يحد و يحيز من اللاهوت في الجسد و يسألون من الذي كان يدبر الكون عندما كان ينام السيد المسيح؟ ...التجسد لا يعني أن اللاهوت قد صار محدودا في الجسد و لم يعد موجودا خارجا عنه أو أنه قد صار محصورا في الهيكل الإنساني إنما التجسد يعني أن اللاهـوت متحد بالنا سوت اتحادا كاملا و في نفس الوقت يملأ كل مكان و لا يخلو منه مكان .
عندما نضئ المصباح فزجاج المصباح لا يحجز النور داخله بل يشع النور و يملأ المكان , تستطيع أن تري النور داخله و خارجه و الفارق أن النور أصبح متجسدا في الفتيل المشتعل . ,
أليس الهواء يملأ رئات البشر و مع هذا لا يخلو الغلاف منه ؟
أليس الإناء يمكن أن نملأه من ماء البحر و البحر يظل مملوءا بالماء ؟
أليس المذياع يجسد الموجات الصوتية و مع هذا فهي تملأ الهواء ؟
أليس التليفزيون يجسد الصورة و الكلمة و مع هذا تظل هذه الموجات الغير مرئية منتشرة في الهواء ؟
هكذا اللاهـوت متحد بالنا سوت و في نفس الوقت يملأ كل المكان .
و البعض يتساءل هل نزل الله من السماء إلى الأرض فأصبحت السماء خالية ؟
و الحقيقة أن نزول الله الغير محدود يختلف تماما عن نزول الإنسان المحدود , فعندما ينزل الإنسان من المنزل إلى الشارع فلن تجده في المنزل , و عندما ينزل من الطابق العلوي للأرضي فلن تجده في الطابق العلوي أو في أي مكان آخر غير المكان الموجود فيه ., لكن مع الله الغير محدود فنزوله من السماء إلى الأرض معناه أنه تنازل و ظهر في شكل إنسان و مع هذا فهو يملأ الكل بلا هوته . الله الغير منظور صار منظورا للبشر و في هيئة إنسان . والقران يصور الله أحيانا متجليا في مكان معين و في زمن معين .
1. تجلي الله علي الجبل : " ولما جاء موسى لميقاتنا و كلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني و لكن أنظر إلى لجبل فان أستقر مكانه فسوف تراني فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا و خر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك و أنا أول المؤمنين " الأعراف 142 , إن كان الله ظهر في مكان معين و بشكل معين علي الجبل و رآه موسى فلماذا يستبعد المسلمون ظهوره في زمن معين و في جسد معين في جسد الإنسان الذي هو تاج الخليقة ؟ وعندما ظهر الله علي الجبل و كلم موسى هل خلي منه الكون ؟ .
2. نزول الله علي الأرض : ينزل ربنـا تبارك و تعالي كل ليلة إلى السماء الدنيا حتى يبقي ثلث الليل الأخير يقول من يدعوني فأستجيب له . من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفر لي فاغفر له ؟" صحيح البخاري ج1ص200 . الله ينزل في ثلث الليل الأخير و مع ذلك لا يخلو منه مكان .
3. دار الله : في صحيح البخاري يذكر أن الرسول يستأذن للد*** لله في داره فيؤذن له فعندما يراه يقع ساجدا له . هل الله موجود في داره فقط ؟ و هل الدار حوت و حيزت الله فلم يعد موجودا خارجها ؟
* يتساءل البعض عن كيفية حلول الله في أحشاء امرأة ؟ و كيف يتحد بجسد يأكل و يشرب و يتعب و يتألم ؟
نرد عليهم و نسألهم : هل جسد الإنسان دني ؟ و هل يخلق الله القدوس الجسد الدنيء ؟ جسد الإنسان معجزة تثبت وجود الصانع الحكيم العظيم . تأمل في دقة و سمو أجهزة الجسد من عقل و أجهزة مختلفة .
و هل بطن المرأة و دمها يعتبر نجاسة ؟ و هل يخلق الله المرأة بهذا التركيب النجس ؟
كلا القدوس لا يخلق شيئا دنسا أو نجسا . النجاسة تأتي من الخطية و ارتكاب المعصية أما القديسة مريم الطاهرة فكلها طاهرة,
يكفي حلول الروح القدس عليها فطهرها و قدسها و نقاها و ملأها نعمة .
إن كانت الشمس التي خلقها الله و التي نراها و هي تدور في السماء لا تتدنس بمجرد لمسها الأجساد التي علي الأرض و لا تنطفئ بظلمتها و لكنها بالعكس تنيرها و تطهرها أيضا ... فبالأولي جدا كلمة الله الكلي القداسة بارئ الشمس و ربها لم يتدنس قط بمجرد ظهوره في الجسد بل بالعكس لأنه عديم الفساد .فقد أحيا و طهر الجسد الذي كان في حد ذاته قابلا للفساد .
المفضلات