-
القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. صلى الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
وبعد:
فإن الإيمان بأسماء الله وصفاته أحد أركان الإيمان بالله تعالى وهى:
الإيمان بوجود الله تعالى. والإيمان بربوبيته. والإيمان بألوهيته. والإيمان بأسمائه وصفاته.
وتوحيد الله به أحد أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. فمنزلته في الدين عالية، وأهميته عظيمة، ولا يمكن أحدًا أن يعبد الله على الوجه الأكمل حتى يكون على علم بأسماء الله تعالى وصفاته، ليعبده على بصيرة، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، وهذا يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة. فدعاء المسألة: أن تقدم بين يدي مطلوبك من أسماء الله تعالى ما يكون مناسبا، مثل أن تقول: يا غفور اغفر لي، ويا رحيم ارحمني، ويا حفيظ احفظني، ونحو ذلك.
ودعاء العبادة: أن تتعبد لله بمقتضى هذه الأسماء، فتقوم بالتوبة إليه لأنه التواب، وتذكره بلسانك لأنه السميع، وتتعبد له بجوارحك لأنه البصير، وتخشاه في السر لأنه اللطيف الخبير، وهكذا.
ومن أجل منزلته هذه، ومن أجل كلام الناس فيه بالحق تارة وبالباطل الناشئ عن الجهل أو التعصب تارة أخرى؛ أحببت أن أكتب فيه ما تيسر من القواعد، راجيا من الله تعالى أن يجعل عملي خالصا لوجهه موافقا لمرضاته نافعا لعباده. وسميته "القواعد المثلي في صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى".
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
-
بسم الله الرحمن الرحيم
قواعد في أسماء الله تعالى
القاعدة الأولى: أسماء الله تعالى كلها حسنى
أي: بالغة في الحسن غايته، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}، وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالاً ولا تقديرًا.
مثال ذلك: "الحي" اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها.
ومثال آخر: "العليم" اسم من أسماء الله، متضمن للعلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى}، العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلا، سواء ما يتعلق بأفعاله أو أفعال خلقه، قال الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
ومثال ثالث: "الرحمن" اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها" يعني: أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته. ومتضمن أيضا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً}.
والحُسْنُ في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال.
مثال ذلك: "العزيز الحكيم" فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيرًا. فيكون كل منهما دالا على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز، والحكم والحكمة في الحكيم. والجمع بينهما دال على كمال آخر، وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلما وجورًا وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم فيظلم ويجور ويسئ التصرف. وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل، بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل.
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
-
بسم الله الرحمن الرحيم
القاعدة الثانية:
أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف
أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهى بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله عز وجل، وبالاعتبار الثاني متباينة، لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص.
ف "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم" كلها أسماء لمسمى واحد وهو الله سبحانه و تعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا.
وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف لدلالة القرآن عليها، كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وقوله: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ}، فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة. ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن علم، ولا سميع إلا لمن سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر. وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل.
وبهذا علم ضلال من سلبوا أسماء الله تعالى معانيها من أهل التعطيل، وقالوا: إن الله تعالى سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة، وهكذا. وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء. وهذه العلة عليلة، بل ميتة لدلالة السمع والعقل على بطلانها.
أما السمع فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة مع أنه الواحد الأحد. فقال تعالى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}. وقال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء.
وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات بائنة من الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها فهي قائمة به، وكل موجود فلا بد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود أو ممكن الوجود، وكونه عينا قائما بنفسه أو وصفا في غيره
وبهذا أيضا علم أن "الدهر" ليس من أسماء الله تعالى، لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى عن منكري البعث: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاّ الدَّهْرُ} يريدون: مرور الليالي والأيام.
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: "يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار" فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى، وذلك أن الذين يسبون الدهر إما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث، لا يريدون الله تعالى، فيكون معنى قوله: "وأنا الدهر" ما فسره بقوله: "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"، فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلِّب (بكسر اللام) هو المقلَّب (بفتحها)، وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مرادًا به الله تعالى.
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
-
بسم الله الرحمن الرحيم
القاعدة الثالثة: أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعدٍّ تضمنت ثلاثة أمور :
أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها.
ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قطاع الطريق بالتوبة، استدلوا على ذلك بقوله تعالى: {إِلاّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون الله تعالى قد غفر لهم ذنوبهم، ورحمهم بإسقاط الحد عنهم.
مثال ذلك: "السميع" يتضمن إثبات السميع اسما لله تعالى،
... وإثبات السمع صفة له، وإثبات حكم ذلك ومقتضاه، وهو أنه يسمع السر والنجوى،
كما قال تعالى {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.
وإن دلت على وصف غير متعدٍّ تضمنت أمرين:
أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
مثال ذلك: "الحي" يتضمن إثبات الحي اسما لله عز وجل وإثبات الحياة صفة له.
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
-
بسم الله الرحمن الرحيم
القاعدة الرابعة: دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة، وبالتضمن، وبالالتزام.
مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.
ولهذا لما ذكر الله خلق السماوات والأرض قال: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً}.
ودلالة الالتزام مفيدة جدًا لطالب العلم إذا تدبر المعنى، ووفقه الله تعالى فهما للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة.
واعلم أن اللازم من قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم إذا صح أن يكون لازما فهو حق، وذلك لأن كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حقٌ، ولازمُ
... الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازما من كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فيكون مرادًا.
وأما اللازم من قول أحد سوى قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يذكر للقائل ويلتزم به.مثل أن يقول: من ينفى الصفات الفعلية لمن يثبتها، يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله عز وجل أن يكون من أفعاله ما هو حادث. فيقول المثبت: نعم، وأنا ألتزم بذلك، فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالا لما يريد، ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} وقال: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصا في حقه.
الحال الثانية: أن يذكر له ويمنع التلازم بينه وبين قوله.مثل أن يقول النافي للصفات لمن يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكون الله تعالى مشابها للخلق في صفاته. فيقول المثبت: لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه، لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به، وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله تعالى ذاتا وتمنع أن يكون مشابها للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات؟.
وحكم اللازم في هاتين الحالين ظاهر.
الحال الثالثة: أن يكون اللازم مسكوتا عنه، فلا يذكر بالتزام ولا منع، فحكمه في هذه الحال أن لا ينسب إلى القائل، لأنه يحتمل لو ذكر له أن ... يلتزم به أو يمنع التلازم، ويحتمل لو ذكر له فتبين له لازمه وبطلانه أن يرجع عن قوله، لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم.
ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول. فإن قيل: إذا كان هذا اللازم لازما من قوله، لزم أن يكون قولا له لأن ذلك هو الأصل، لا سيما مع قرب التلازم. قلنا: هذا مدفوع بأن الإنسان بشر وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكير في لوازمه ونحو ذلك.
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
-
بسم الله الرحمن الرحيم
القاعدة الخامسة: أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها
وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص، لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص.
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
-
بسم الله الرحمن الرحيم
القاعدة السادسة:
أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين
لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: "أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم ... الغيب عندك" الحديث، رواه أحمد وابن حبان والحاكم، وهو صحيح.
وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن أحدًا حصره ولا الإحاطة به.
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدًا، من أحصاها1 دخل الجنة" فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة: إن أسماء الله تسعة وتسعون اسما، من أحصاها دخل الجنة، أو نحو ذلك.
إذًا فمعنى الحديث: أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة. وعلى هذا فيكون قوله: "من أحصاها دخل الجنة" جملة مكملة لما قبلها وليست مستقلة. ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة.
ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء، والحديث المروي عنه تعيينها ضعيف.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى (ص 382، ج 6) من مجموع ابن قاسم: (تعيينها ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل المعرفة بحديثة) وقال قبل ذلك (ص 379): (إن الوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين، كما جاء مفسرًا في بعض طرق حديثه) اهـ. وقال ابن حجر في ... "فتح الباري" (ص 215، ج 11، ط السلفية): (ليست العلة عند الشيخين [البخاري ومسلم] تفرد الوليد فقط، بل الاختلاف فيه والاضطراب، وتدليسه، واحتمال الإدراج) اه.
ولما لم يصح تعيينها عن النبي صلى الله عليه وسلم اختلف السلف فيه، ورُوِيَ عنهم في ذلك أنواع، وقد جمعتُ تسعة وتسعين اسما مما ظهر لي من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فمن كتاب الله تعالى:
الله ... الأحد ... الأعلى ... الأكرم ... الإله ... الأول
الآخر ... الظاهر ... الباطن ... البارئ ... البر ... البصير
التواب ... الجبار ... الحافظ ... الحسيب ... الحفيظ ... الحفي
الحق ... المبين ... الحكيم ... الحليم ... الحميد ... الحي
القيوم ... الخبير ... الخالق ... الخلاق ... الرؤوف ... الرحمن
الرحيم ... الرزاق ... الرقيب ... السلام ... السميع ... الشاكر
الشكور ... الشهيد ... الصمد ... العالم ... العزيز ... العظيم
العفو ... العليم ... العلي ... الغفار ... الغفور ... الغني
الفتاح ... القادر ... القاهر ... القدوس ... القدير ... القريب
القوي ... القهار ... الكبير ... الكريم ... اللطيف ... المؤمن
المتعالي ... المتكبر ... المتين ... المجيب ... المجيد ... المحيط
المصور ... المقتدر ... المقيت ... الملك ... المليك ... المولى
المهيمن ... النصير ... الواحد ... الوارث ... الواسع ... الودود
الوكيل ... الولي ... الوهاب ... ... ...
... ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الجميل ...الجواد ....الحكم... الحييُ.... الرب... الرفيق.... السُّبوح ....السيد... الشافي... الطيب.... القابض ....الباسط ....المقدم ....المؤخر.... المحسن... المعطي... المنان... الوتر...
هذا ما اخترناه بالتتبع: واحد وثمانون اسما في كتاب الله تعالى، وثمانية عشر اسما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان عندنا تردد في إدخال (الحفي)، لأنه إنما ورد مقيدًا في قوله تعالى عن إبراهيم: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً} وكذلك (المحسن) لأننا لم نطلع على رواته في الطبراني، وقد ذكره شيخ الإسلام من الأسماء.
ومن أسماء الله تعالى ما يكون مضافا مثل: مالك الملك، ذي الجلال والإكرام.
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
-
بسم الله الرحمن الرحيم
القاعدة السابعة: الإلحاد في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها
وهو أنواع:
الأول: أن ينكر شيئا منها أو مما دلت عليه من الصفات والأحكام، كما فعل أهل التعطيل من الجهمية وغيرهم. وإنما كان ذلك إلحادا لوجوب الإيمان بها وبما دلت عليه من الأحكام والصفات اللائقة بالله، فإنكار شيء من ذلك ميل بها عما يجب فيها.
... الثاني: أن يجعلها دالة على صفات تشابه صفات المخلوقين، كما فعل أهل التشبيه، وذلك لأن التشبيه معنى باطل لا يمكن أن تدل عليه النصوص، بل هي دالة على بطلانه، فجعلها دالة عليه ميل بها عما يجب فيها.
الثالث: أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه، كتسمية النصارى له: (الأب)، وتسمية الفلاسفة إياه (العلة الفاعلة)، وذلك لأن أسماء الله تعالى توقيفية، فتسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه ميل بها عما يجب فيها، كما أن هذه الأسماء التي سموه بها نفسها باطلة، ينزه الله تعالى عنها.
الرابع: أن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام، كما فعل المشركون في اشتقاق العزى من العزيز، واشتقاق اللات من الإله على أحد القولين، فسموا بها أصنامهم، وذلك لأن أسماء الله تعالى مختصة به، لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، وقوله: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} وقوله: {لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} فكما اختص بالعبادة وبالألوهية الحقة، وبأنه يسبح له ما في السماوات والأرض، فهو مختص بالأسماء الحسنى، فتسمية غيره بها على الوجه الذي يختص بالله عز وجل ميل بها عما يجب فيها.
والإلحاد بجميع أنواعه محرم، لأن الله تعالى هَدَّدَ الملحدين بقوله: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
ومنه ما يكون شركا أو كفرًا حسبما تقتضيه الأدلة الشرعية.
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
-
بسم الله الرحمن الرحيم
... قواعد في صفات الله تعالى
القاعدة الأولى: صفات الله تعالى كلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والرحمة، والعزة، والحكمة، والعلو، والعظمة، وغير ذلك. وقد دل على هذا: السمع والعقل والفطرة.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} والمثل الأعلى: هو الوصف الأعلى.
وأما العقل: فوجهه أن كل موجود حقيقة فلا بد أن تكون له صفة إما صفة كمال وإما صفة نقص، والثاني باطل بالنسبة إلى الرب الكامل المستحق للعبادة، ولهذا أظهر الله تعالى بطلان ألوهية الأصنام باتصافها بالنقص والعجز، فقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}، وقال عن إبراهيم وهو يحتج على أبيه: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً}، وعلى قومه: {أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}.
ثم إنه قد ثبت بالحس والمشاهدة: أن للمخلوق صفات كمال، وهى من الله تعالى، فمعطي الكمال أولى به.
... وأما الفطرة: فلأن النفوس السليمة مجبولة مفطورة على محبة الله وتعظيمه، وهل تُحِب وتُعَظِّم وتَعْبُد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟
وإذا كانت الصفة نقصا لا كمال فيها فهي ممتنعة في حق الله تعالى، كالموت، والجهل، والنسيان، والعجز، والعمى، والصمم، ونحوها، لقوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ}، وقوله عن موسى {فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى}، وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْض}، وقوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال: "إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور"، وقال: "أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا".
وقد عاقب الله تعالى الواصفين له بالنقص، كما في قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}، وقوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}.
ونزّه نفسه عما يصفون به من النقائص، فقال سبحانه: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وقال تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}.
... وإذا كانت الصفة كمالاً في حال، ونقصا في حال لم تكن جائزة في حق الله، ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تُثْبَت له إثباتا مطلقا، ولا تُنْفَى عنه نفيا مطلقا، بل لا بد من التفصيل، فتجوز في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصا، وذلك كالمكر، والكيد، والخداع، ونحوها، فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها، لأنها حينئذٍ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله، أو أشد، وتكون نقصا في غير هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق، وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها، كقوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} وقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً}، وقوله: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} وقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} وقوله: {قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}.
ولهذا لم يذكر الله أنه خان من خانوه، فقال تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} فقال: فأمكن منهم، ولم يقل: فخانهم. لأن الخيانة خدعة في مقام الائتمان، وهى صفة ذم مطلقا.
وبذا عرف أن قول بعض العوام: خان الله من يخون. منكر فاحش يجب النهي عنه
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
-
بسم الله الرحمن الرحيم
... القاعدة الثانية: باب الصفات أوسع من باب الأسماء
وذلك: لأن كل اسم متضمن لصفة كما سبق في القاعدة الثالثة من قواعد الأسماء، ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله لا منتهى لها، قال الله تعالى {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
ومن أمثلة ذلك: أن من صفات الله تعالى: المجيء، والإتيان، والأخذ، والإمساك، والبطش، إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى، كما قال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ}، وقال: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ}، وقال: {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ}، وقال: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاّ بِإِذْنِهِ}، وقال: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا".
فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولا نسميه بها، فلا نقول: إن من أسمائه الجائي، والآتي، والآخذ، والممسك، والباطش، والمريد، والنازل، ونحو ذلك، وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به.
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 21-07-2010, 07:35 AM
-
بواسطة ahmedali في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 14-03-2010, 03:24 PM
-
بواسطة نبعة الريحانة في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 10-06-2008, 03:27 PM
-
بواسطة داع الى الله في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 04-01-2006, 11:39 PM
-
بواسطة هادم الأباطيل في المنتدى حقائق حول عيسى عليه السلام
مشاركات: 11
آخر مشاركة: 14-10-2005, 04:18 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات