السلف أسلم وأعلم وأحكم
يقول ضُلال المتكلمين وجهلتهم (أن طريقة القوم أسلم ، وأن طريقتنا أحكم وأعلم )، كما يقول المنتسبين إلى الفقه عن السلف أنهم لم يتفرغوا لاستنباط الفقه وضبط قواعده وأحكامه اشتغالاً منهم بغيره والمتأخرون تفرغوا لذلك فهُم أفقه . ونرد عليهم ونقول بتوفيق الله : كل هؤلاء محجوبون عن معرفة مقادير السلف ، وعمق علومهم ، وقلة تكلفهم وكمال بصائرهم . وتالله ما امتاز عنهم المتأخرون إلا بالتكلف والإشتغال بالأطراف التى كانت همة القوم مراعاة أصولها وضبط قواعدها ، وشد معاقدها ، وهممهم مثمرة إلى المطالب العالية فى كل شئ ، فالمتأخرون فى شأن والقوم فى شأن آخر ، وقد جعل الله لكل شئ قدراً . وهذه العبارة باطلة من كل الوجوه وهى سبٌ صريح للمتقدمين لأنك إذا تكلمت فيمن كرمهم الله ووصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم خير القرون بالتنقيص تكون قد سببت وخالفت الله فيما حكم ، فالسلف طريقتهم أسلم لأنهم لم يتعرضوا لشئ وراء النصوص ، وأعلم لأنهم أخذوا عقيدتهم من الكتاب والسنة ، وأحكم لأنهم سلكوا الطريق الواجب سلوكه وهو إجراء النصوص على ظاهرها اللائق بالله عز وجل . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هذا القول على مافيه من التناقض قد يوصل إلى الكفر فهو أولاً فيه تناقض لأنهم قالوا طريقة السلف أسلم ولا يُعقل أن تكون الطريقة أسلم وغيرها أعلم وأحكم لأن الأسلم يستلزم أن يكون أعلم وأحكم فلا سلامة إلا بعلم بأسباب السلامة وحكمة فى سلوك هذه الأسباب . ثانياً : أين العلم والحكمة من التحريف والتعطيل ( فى طريقتهم ) ثالثاً : يلزم منه أن يكون المخالفون أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأن طريقة السلف هى طريقة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه . رابعاً : أنها قد تصل إلى الكفر لأنها تستلزم تجهيل النبى وتسفيهه . فتجهيله ضد العلم وتسفيهه ضد الحكمة وهذا خطر عظيم ..أ.هـ. فهذه العبارة باطلة حتى وإن أرادوا بها معنى صحيحاً فهؤلاء بحثوا وتعمقوا فى أشياء كان السلف لم يتكلموا فيها وخوضهم فى هذه الأشياء هو الذى ضرهم وأوصلهم إلى الحيرة والشك وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : " هلك المتنطعون " ولو أنهم بقوا على ما كان عليه السلف الصالح ما وصلوا إلى هذا الشك والحيرة حتى إن بعض أئمتهم يتمنى الموت على عقيدة أُمه العجوز التى لم تعرف هذا الضلال . فالعقيدة الفاسدة لا يمكن أن يستطيع الإنسان العيش عليها أبداً ، فهذا الرازى يقول : رأيت أقر بالطرق طريقة القرآن أقرأ فى الإثبات (الرحمن على العرش إستوى) يعنى فأثبت ، وأقرأ فى النفى (ليس كمثله شئ) و (ولا يُحيطون به علماً) ومن جرّب مثل تجربتى عرف مثل معرفتى . فكل من ظن أن المتأخرون أفقه لأنهم تفرغوا للإشتغال بأحكامه وضبط وإستنباط قواعده فهو لم يعرف مقدار السلف وعُمق علومهم وكمال بصائرهم وقلة تكلفهم فالمتأخرون إشتغلوا بالأطراف والمتقدمون كانت همتهم مراعاة الأصول وضبط قواعدها وشد معاقدها وهمتهم المطالب العالية. لذا فالقوم لهم شأن والمتأخرون لهم شأن والبون شاسع بين الإثنين .
قال تعالى:{ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير } (آل عمران:28)
قال تعالى : { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون { (المجادلة:22) .
قال تعالى:{ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين }(الممتحنة:8 ).
المفضلات