السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
نبوءة عمونوئيل من النبوءات التى يستدل منها النصارى على ألوهية المسيح , و الأمر على غير ما يتوهمون , و قد بين الأستاذ زيد جلال حقيقة الأمر , و أزيد إن شاء الله لعموم الفائدة :
يقول كاتب إنجيل متى ( وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا). (متى 1: 22، 23) , و لتوضيح هذا المفهوم نقول :
1- ماعية الله ليست دليل على ألوهية أحد , فبوجود المسيح عليه السلام بيننا مثلا دليل على أن الله يعتنى بنا و يتكفل بحفظنا و حريص على هدايتنا , و لهذا أرسل المسيح عليه السلام لنا , و هذا هو المقصود من أن الله معنا , أى معنا بسؤاله عنا و بعدم رضائه للكفر لنا , و لهذا أرسل الرسل مبشرين و منذرين رحمة منه بالعالمين , فالرسل دليل على ماعية الله بالعباد و إحاطته بأمورهم و تدبيره للخير لهم .
2- عندما أحاط كفار مكة بالغار الذى كان النبي صلى الله عليه و سلم مختبئًا فيه مع أبى بكر الصديق رضى الله عنه و ظن أبو بكر رضى الله عنه أنه هالك لا محالة , قال له النبي صلى الله عليه و سلم مطمئنًا و مثبتًا : ( لا تحزن إن الله معنا ) , و هذا ما سطره القرآن الكريم فى محكم آياته , و لم يَفهم من ليس له مسحة من عقل من ذلك أن القرأن الكريم كان يعني أن محمد هو الله لأنه كان مع أبى بكر و هو الذى طمأنه و ثبته !
و لهذا تجد فى السنة البيان الوافي لما فى القرآن الكريم فكلاهما نور يخرج من مشكاة واحدة , إذ قال النبي صلى الله عليه و سلم لأبى بكر ساعتها : ( ما بالك باثنين الله ثالثهما ) و هذا تفسير قول الباري : ( لا تحزن إن الله معنا ) أى معنا بعنايته لنا و بحفظه و بأحاطته بما نحن فيه من شدة , فهو معنا أينما كنا , ماعية الإحاطة و التدبير .
3- إذا كان النصارى يستدلون من كلمة " عمانوئيل " أن المسيح هو الله لأن عمانوئيل معناها " الله معنا " , و جب عليهم أيضًا أن يؤمنوا أن " طوبيا " هو الله أيضًا !
و لبيان ما أعنى أعرض ما جاء فى مقدمة سفر " طوبيا " لعلماء الكتاب المقدس , إذ جاء ما نصه :
تعريف و تقديم
لسفر طوبيا
.
طوبيا كلمة عبرية تتكون من مقطعين ( طوب ياه ) و معناها :
الله طيب , و قد وردت هذه الكلمة فى الكتاب المقدس
إسمًا لأكثر من شخص :
1 _ شخص لاوى أرسلة يهو شافاط ملك يهوذا مع آخرين من اللاويين إلى الشعب فى مدن يهوذا لكى يعلموه سفر شريعة الرب ( 2 أخ 17 : 8 ) .
2 _ عبد عمونى ساءه بناء وترميم أسوار مدينة أورشليم فتآمر مع مجموعة من العرب والعمونيين ولأشدوديين المناوئين لمحاربة اليهود ومنعهم من إعادة بناء المدينة من جديد ( نح 2 : 10 و4 : 3 ,7 ) وقد روى عن طوبيا العمونى أيضاً أنه كان رئيساً وحاكماً للعمونيين , وأنه تحالف مع اليهود المقادين لنحميا . وقد تمكن فى غيبة نحميا أن يقيم بعض الوقت فى بعض غرف الهيكل . غير أن نحميا لما عاد لأورشليم , طرده وطهر الموضع الذى كان فيه . ويقال أن قيصره قد تم اكتشافهما فى بلدة ( عرق الأمير ) شرقى الأردن ) .
3 _ شخص آخر من اليهود كان بنوه ضمن بنى السبى الذى سباه نبوخذ نصر الملك فى بابل , فرجعوا إلى أورشليم أيام نحميا مع بابل . غير أنهم لم يستطيعوا إثبات نسبهم أو يبنوا بيوت آبائهم ونسلهم هل هم من إسرائيل أم لا وذلك بسبب فقدهم تواريخ أسر آبائهم ( عز 2 :60 ونح 7 :62 ) .
4 _ شخص يهودى آخر من أهل السبى , أمر الرب زكريا النبى أن يأخذ منه ومن غيره ذهباً وفضة ليعمل منها تيجاناً توضع على رأس يهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم ( راجع زك 6 : 10 _ 14 ) .
أما طوبيا الذى سمى هذا السفر باسمه ، فهو رجل من سبط نفتالى سباه ( شلمنآسر ) ملك أشور وسكن أثناء السبى فى مدينة نينوى مع حنة امرأته وابنه الذى كان له نفس الاسم ( طوبيا ) . ومن المرجح أن يكون طوبيا الابن هو الذى كتب هذا السفر قبل مولد السيد المسيح بزمان. ( الكتاب المقدس -الأسفار القانونية الثانية ص 17 - مكتبة المحبة بالقاهرة ) .
أعتقد أن الأمر واضح لا مرية فيه , فكلمة " طوبيا " فى معناها ( الله طيب ) أقوى من" عمانوئيل " التى معناها ( الله معنا ) للإستدلال منها على ألوهية طوبيا سواء كان صاحب السفر أم الذين حددهم لنا علماء الكتاب المقدس فى تقديمهم للسفر !
و رغم كل هذا لم يدعي أحد من اليهود أن ذلك الشخص الذى يدعى " طوبيا " هو الله الطيب يعنون بذلك أنه الإلهه !
4- إن النصارى فى قبولهم لهذه النبوءة يكيلون بمكيالين , فهم يقبلون نبوءة لا يمكن أن تنطبق على المسيح عليه السلام لوقوع الأخطاء التاريخية و التفسيرية بها , و هى نبوءة " عمانوئيل " , و يرفضون نبوءة واضحة لا ينكرها إلا مماحك فى حق رسول الإسلام صلى الله عليه و سلم , و هى بشارة " الباراكليت " , و كيلهم بمكيالين على وجه التحديد يظهر فى قولهم : كيف نصدق أن الباراكليت هو رسول الإسلام " صلى الله عليه و سلم " و المسيح كان يتحدث ساعتها مع التلاميذ , فهل كان على التلاميذ أن ينتظروا 600 عام حتى مجئ رسول الإسلام ؟ , هذا زعمهم !
و العجيب فى الأمر أنهم يقبلون بشارة " عمانوئيل " و المدة الزمنية بين إشعياء و المسيح عليهما السلام أكثر من 700 عام !
يقول المفسرون " هذه النبوءة ( عمانوئيل ) مذكورة فى ( إش 7 : 14 ) و قد أوحى بها نحو ( 740ق.م ) " ( الكنز الجليل فى تفسير الإنجيل : تفسير إنجيل متى ص9) .
فهل كان على هؤلاء الذين سمعوا هذه النبوءة " عمانوئيل " أن ينتظروا 740 سنة حتى يأتى مخلصهم ؟!
و أخر دعوانا أن الحمد لله ربالعالمين .
المفضلات