الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة يحتاج إلى تربية خاصة وأهم احتياجات هذا الطفل هو الإشباع العاطفي والإحساس بالأمن ووجود بديل عن الشيء الذي فقده كما يحتاج إلى التوافق الاجتماعي مع البيئة الجديدة.
يشعرهذا الطفل بالضعف وفقدان عناصر القوة، كما أنه يفقد المصدر الحقيقي للحنان ولذا حثت الشريعة الإسلامية على إشباع حاجاته ورتب الأجر العظيم لكل من يسدي المعروف.
مكانة تربية الطفل في الإسلام
لقد دلت الآيات والأحاديث على فضل تربية الولد الصحيح السليم، وحث الوالدين على رعاية ومتابعته وتلبية طلباته وتحقيق رغباته في الإطار الواقعي، فما بالك بالطفل المريض من ذوي الإحتياجات الخاصة فهو أحوج إلى العناية والرعاية،
(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)،
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول:
(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها) رواه أحمد.
وقال : (ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يرح رائحة الجنة) رواه أحمد.
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (أدب ابنك فإنك مسؤول ماذا أدبته؟ وماذا علمته؟ وهو مسؤول عن برك وطواعيته لك).
وأخبر النبي أن التربية خير من الصدقة فقال: (لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع)، وأرشد أيضا إلى أن تعليم الولد الخلق الحسن أفضل من كل عطاء فقال : (ما نحل أي أعطى والد ولدا أفضل من أدب حسن).
نلاحظ أن الآيات والأحاديث النبوية دلت على تربية الولد والعناية به، والوالدين مسؤولان أمام الله تعالى على تأديب ولدهما وتعليمه فمالنا لا نعطي اهتمام لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فلا بد أن تكون لهم مكانة واحترام في المجتمع كما أوصى بها الإسلام.
بناء الشخصية الاجتماعية للطفل
يعتمد بناء الشخصية الاجتماعية على شقين:
الأول: إشباع حاجاته النفسية،
والثاني: إعداده لممارسة حياته المستقبلية.
أ- إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية:
إن هذه الحاجات قد يعيش الإنسان بدونها، ولكن لن يكون شخصا سويا أبدا إذا فقدها أو فقد بعضها وتتمثل في ما يلي:
حاجته إلى الاحترام والتقدير والاستقلال: وإشباع هذه الحاجة يعني قبوله اجتماعيا وزرع الثقة به إكساب ثقته، وهذا ما قرأناه في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كسلامهِ على الصبيان واحترام حقوقهم في المجلس.
والاحترام للطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة لابد أن يكون نابعا من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر جوفاء فالطفل يفهم النظرات الجارحة والمحتقرة ويفرق بين ابتسامة الرضا والاستهزاء والسخرية، واحتقار الطفل يشعره بالغربة بين أسرته ومجتمعه والرغبة في العزلة، ومن جهة أخرى يهمش ويصبح منبوذا.
والطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة يحتاج إلى الاستقلال في تفكيره وفي تصرفاته ويحس على أنه واحد من المجتمع له رأيه وتفكيره، ويجب أن يعتمد على نفسه وهذا سيدعم ثقته بنفسه ويشمل تكيفه مع المجتمع.
حاجته إلى الحب والحنان: وهي من أهم الحاجات النفسية، ولذا حفلت السنة بكثير من مظاهر هذا الحب وتختلف وسائل إشباع هذه الحاجة من مرحلة الى اخرى ، بل وإن الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة لفي أمس الحاجة إلى الحنان والحب والعطف والرحمة سواء داخل البيت أو خارجه وعدم إشباع هذه الحاجة للطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة تؤدي إلى انعدام الأمن، وعدم الثقة في النفس، فيصعب على الطفل التكيف مع الآخرين ويصاب بالقلق والانطواء والتوتر.
وكذلك إذا كنت هناك فجوة بين الطفل والمجتمع، فالمجتمع أيضا له دور في غرس الحب والحنان في نفس هذا الطفل ، ويعامل على أنه عنصر فعال في المجتمع له ما له وما عليه
حاجته إلى اللعب: الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة يحتاج إلى اللعب، وخاصة في سن الطفولة وهذا اللعب سيحقق له فوائد نفسية وبدنية واجتماعية نذكر منها:
- يتعلم الخطأ والصواب أثناء اللعب سواء بمفرده أو مع زملائه.
- يبني علاقات اجتماعية عن الطريق اللعب الاجتماعي.
- يتعلم الأخلاق الحسنة مثل: الصدق، العدل، الأمانة عن طريق اللعب الجماعي
- يتعلم التعاون والأخذ والعطاء واحترام حقوق الآخرين.
- اللعب ينمي المهارات المختلفة للطفل كالذكاء والفطنة.
ب- إعداده لممارسة حياته المستقبلية:
ولن يكون هذا الإعداد إلا بزرع الثقة في نفس الطفل وتعويده الاعتماد وتقوية إرادته وعزيمته وتنمية مواهبه وهناك وسائل تساعد على ذلك نذكر منها:
* احترام الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة وهذا الاحترام يحمل على إكرام الطفل وعدم السخرية منه لأن هذا أمر الله وقدره، بل إن احترامه يقتضي الثناء عليه وتشجيعه وتعزيز ذلك بالهدايا والمكافآت ونحاول أن نستشيره في بعض الأمور ونحسبه على أنه واحد من المجتمع.
* تكليفه ببعض الأعمال: نحاول أن نستغل رغبة الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة وبناء على تأكيد ذاته ونحاول أن نترك له الحرية في التعبير والعمل والرأي والنقد ونشاركه في الرأي
* اختلاطه بالناس كحضور المجالس وزيارة الأحباب والأقارب لأن هناك أمور وجوانب لن تتضح إلا إذا خرج الطفل والتقي بالغرباء ستنمو شخصيته ويكبر في عين الآخرين ويحترم.
* تقوية إرادة الطفل واحترام رأيه واستشارته وعدم احتقاره وإهانته لأن ذلك يجعل الطفل يحتقر نفسه ويتعود الذلة والمهانة ولا بد أن نعوده على الصبر وقهر الهوى ومخالفة النفس لأن النفس بذلك تشعر بالعزة وعلو الهمة.
كيفية التعامل مع الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة
أ- الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة ، يحرم من أغلى شيء يملكه وهو صحته حيث تتأثر شخصيته وانطباعه ولتفادي الأضرار الجانبية يجب أن نرفق على هذا الطفل ونحسسه على أنه فرد فعال في المجتمع مثل باقي الأطفال ويحسن انشغاله باللعب والهوايات التي تناسب وضعه.
ب- احترام الطفل والنظر إليه نظرة حب ورحمة، وأن يشعره أهله بالذكاء والمواهب الأخرى حتى يزول شعوره بالنقص ويجب أن يعامله الذين من حوله معاملة طيبة مبتعدين عن الاستهزاء والتحقير.
ج- إعداده ليمارس مهنة ليكسب منها قوته وذلك بالاستفادة من قدراته العقلية والبدنية ومحاولة تنمية مواهبه بالتشجيع والتدرج.
د- مراقبة ميول الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة وتنمية مواهبه بحيث يجد في المنزل ما ينمي مواهبه ويصقلها ويعدها للبناء والإفادة ويجد من يوجهه لما يناسبه ويلائمه.
هـ - تنمية الجرأة الأدبية في نفس الطفل وذلك بإشعاره بقيمته وزرع الثقة في نفسه حتى يعيش كريما شجاعا صريحا جريئا في آرائه في حدود الأدب مما يشعره بالطمأنينة ويكسبه القوة والاعتبار بدلا من التردد والخوف والذلة والصغار.
و- التدريب على اتخاذ القرار، ويعمل الأب إلى وضع الابن في مواضيع التنفيذ وفي المواقف المحرجة، التي تحتاج إلى حسم الأمر والمبادرة في اتخاذ القرار، ويتحمل ما يترتب عليه فإن أصاب شجعه وشد على يده، وإن أخطأ قومه وسدده بلطف، فهنا مما يعوده على مواجهة الحياة والتعامل مع المواقف المحرجة.
د. العربي عطاء الله قويدري
المفضلات