بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الردود على القس الدكتور منيس عبد النور(2)
مقالات د/ isyomol
متى ويوحنا يرويان كيفية أسر اليهود على من يزعمون أنه المسيح وكل واحد منهما يناقض الآخر في روايته ، وفيما يلي نص إنجيل متى :
(( وفيما هو يتكلم اذا يهوذا واحد من الاثني عشر قد جاء ومعه جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب . 48 والذي اسلمه اعطاهم علامة قائلا الذي اقبّله هو هو .امسكوه .49 فللوقت تقدم الى يسوع وقال السلام يا سيدي .وقبّله . 50 فقال له يسوع يا صاحب لماذا جئت .حينئذ تقدموا والقوا الايادي على يسوع وامسكوه )) . [ 26 : 47 ]
وأما رواية يوحنا فهي كما يلي :
(( وكان يهوذا مسلمه يعرف الموضع .لان يسوع اجتمع هناك كثيرا مع تلاميذه .3 فأخذ يهوذا الجند وخداما من عند رؤساء الكهنة والفريسيين وجاء الى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح .4 فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه وقال لهم من تطلبون .5 اجابوه يسوع الناصري .قال لهم يسوع انا هو .وكان يهوذا مسلمه ايضا واقفا معهم .6 فلما قال لهم اني انا هو رجعوا الى الوراء وسقطوا على الارض . 7 فسألهم ايضا من تطلبون .فقالوا يسوع الناصري .8 اجاب يسوع قد قلت لكم اني انا هو .فان كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون .9 ليتم القول الذي قاله ان الذين اعطيتني لم اهلك منهم احدا )) [ 18 : 2 ]
من الروايتين السابقتين يظهر التناقض جلياً بحيث لا يمكن الجمع بينهما ، فمفاد رواية متى أنه فور تقبيل يهوذا له أمسكوا به .
وأما مفاد رواية يوحنا : أنه قد حدث شيئاً من الاستجواب ، وشيئاً من الإعجاز حيث تصدى لهم وقال : من تطلبون ؟ فأجابوا : يسوع الناصري ، فقال لهم : أنا هو ، فلتوهم رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض وتكرر هذا الأمر مرتين ومع أن يهوذا الخائن كان واقفاً معهم _ كما في رواية يوحنا _ فلم يكن له دور في التقبيل أو الإشارة إليه البتة بخلاف رواية متى .
ويحاول القس الدكتور منيس عبد النور الجمع بين الروايتين في سبيل إزالة التناقض بينهما ، فهو يرى أنه قد قبله يهوذا أولاً ثم بعد ذلك حصل الاستجواب بينه وبينهم .
فيقول القس :
وللرد نقول : لا نرى تناقضاً فالروايتان تتفقان. فالبشير يوحنا لم يذكر تقبيل يهوذا لسيده، اعتماداً على فهم القارئ، لأن الإسخريوطي، باعتباره تلميذاً للمسيح كان لابد أن يقبِّله وهو يسلّم عليه، فهذا هو الاحترام الواجب على التلميذ نحو أستاذه. ولما قبّله سألهم المسيح: من تطلبون؟ فوقعت هيبة قداسته وحقه وعدالته في نفوسهم، وسقطوا على الأرض.
وقال المسيح للذين جاءوا ليقبضوا عليه : أنا هو، حتى لا يمسّوا تلاميذه بضرر. ولا يوجد اختلاف في رواية هذه الأخبار المهمة. نعم يكون هناك تناقض لو قال أحدهم إن يهوذا قبّل المسيح، بينما قال الآخر إنه لم يقبّله. أو لو قال أحدهما إنهم سقطوا خوفاً من أن يُنزِل ناراً من السماء تهلكهم، وقال الآخر إن هذا لم يحدث. ومن هذا يتضح أن أقوال البشيرين تكمل بعضها بعضاً، ولا تناقض بعضها بعضاً.
وكما ذكرنا أنه لا يمكن الجمع بين الروايتين بدون دليل أو قرينة ، ولأنه قد ورد في نص رواية انجيبل متى :
(( فللوقت تقدم الى يسوع وقال السلام يا سيدي .وقبّله . 50 فقال له يسوع يا صاحب لماذا جئت .حينئذ تقدموا والقوا الايادي على يسوع وامسكوه .)) [ 26 : 47 ]
فلم يكن هناك أي وقت طويل أو قصير لحصول الاستجواب والاعجاز المذكور في يوحنا .
وفي رده على القس الدكتور يقول الأخ ساري :
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله : كالعادة لا يرى القس الموقر تناقضاً، و مرة أخرى يلجأ على الحلول الخيالية للجمع بين الروايات المتضاربة، ومن ذلك :
1) زعم القس أن يوحنا لم يذكر تقبيل يهوذا للمسيح إعتماداً على فهم القارىء وهذا باطل لأن رواية يوحنا لا يُفهم منها ذلك أبداً و إنما تقول : (( فأخذ يهوذا الجند و خداماً من عند رؤساء الكهنة و الفريسيين وجاء إلى هناك بمشاعل و مصابيح و سلاح، فخرج يسوع و هو عالم بكل ما يأتى , و قال لهم : من تطلبون؟ أجابوه: يسوع الناصرى، قال لهم يسوع : أناهو و كان يهوذا مسلمه أيضاً واقفاً معهم )) يوحنا3:18-5 ، فالنص صريح فى أن يهوذا كان دوره محصوراً فى قيادتهم إلى مكان المسيح وأنه كان واقفاً معهم فحسب وأن المسيح خرج عليهم يسألهم عن غايتهم، فأجابوه أنهم يريدون يسوع الناصرى و لو كان يهوذا قد قبل المسيح- على حد زعم متى- لما كان هناك مجالاً لهذه الاستفسارات التى دارت بين المسيح و الجند، لأن متى يقول أن يهوذا الاسخريوطى جعل تقبيله للمسيح علامة ليعرفه بها الجنود فيقضبوا عليه فى الحال و هو ما كان : (( و الذى أسلمه أعطاهم علامة قائلاً: الذى أقبله هو هو أمسكوه، فللوقت تقدم إلى يسوع وقال: السلام يا سيدى! و قبله، فقال يسوع : يا صاحب لماذا جئت؟ فحينئذ تقدموا و ألقوا الأيادى على يسوع و أمسكوه )) متى 48:26-50 ، وهذه الرواية كما هو واضح تختلف جذرياً عن رواية يوحنا إذ نجد المسيح فيها يسأل يهوذا عن سبب مجيئه لا الحراس كما أننا نجدهم و قد ألقوا القبض عليه فور تنفيذ يهوذا لحيلته وتقبيله للمسيح وحتى قبل أن يجب المسيح على سؤاله ، فهى رواية تظهر القبض على المسيح فى صورة المفاجأة و الخديعة .
2) زعم يوحنا أن المسيح حين قال للحرس : (أنا هو) رجعوا و سقطوا على الأرض و أن سؤاله تكرر مرتين بل و لم يمكنهم من نفسه إلا بعد أن اشترط عليهم اطلاق تلاميذه : (( فلما قال لهم : انا هو، رجعوا إلى الوراء و سقطوا على الأرض، فسألهم أيضاً: من تطلبون؟ فقالوا يسوع الناصرى، أجاب يسوع : قد قلت لكم أنا هو، فإن كنتم تطلبوننى فدعوا هؤلاء يذهبون )) يوحنا6:18-8 وهذا المشهد كما أسلفنا مغاير لطريقة القبض على المسيح وفق رواية متى و مرقس إذ احاط به الجنود و ألقوا القبض عليه بمجرد أن قبله تلميذه : (( فللوقت تقدم إلى يسوع و قال: السلام يا سيدى، و , قبله، فقال يسوع: يا صاحب لماذا جئت؟ حينئذ تقدموا و ألقوا الأيادى على يسوع و أمسكوه )) متى 50:26
فكيف يحتمل وصف متى لعملية القاء القبض على المسيح على النحو السابق بيانه أن يتخلله سؤال المسيح للحراس و جوابهم بانهم يريدون يسوع الناصرى و رده أنه هو و سقوطهم على الأرض و تكرار السؤال و تكرار الجواب و اشتراط المسيح عليهم عدم المساس بتلاميذه ؟!!
و الأعجب أن القس يرجع سقوط الجند على الأرض إلى وقوع هيبة قداسة المسيح فى قلوبهم! فأين كانت هذه الهيبة و هم يسخرون من المسيح و يلبسونه الأرجوان و يبصقون على وجهه الشريف بحسب زعم الأناجيل و يلبسونه الشوك و يجلدونه و يصلبونه و يقتسمون ثيابه؟ أتحولت قمة الهيبة و الوقار إلى قمة الاحتقار فى لحظات؟!
3) و يقع الاختلاف أيضاً بين الاناجيل فى مقولة المسيح ليهوذا حين اقترب منه يقبله، فقال فى متى : (( فللوقت تقدم إلى يسوع و قال: السلام يا سيدى و قبله، فقال له يسوع : يا صاحب لماذا جئت؟، بينما نجده فى لوقا يقول: ((... فدنا من يسوع ليقبله ، فقال له يسوع : يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟ )) لوقا 47:22 ، 48
4) و هناك تناقضاً اخر فى لحظة إلقاء القبض على المسيح إذ نقرأ فى مرقس أن الجند وضعوا أيديهم عليه و امسكوه قبل أن يستل بطرس السيف و يضرب أذن عبد رئيس الكهنة : (( فألقوا ايديهم عليه و أمسكوه فاستل واحد من الحاضرين السيف و ضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه )) مرقس 46:16، 47
بينما فى يوحنا نجد أن ضرب عبد رئيس الكهنة كان قبل أن يمسك الجند بالمسيح : (( ثم ان سمعان بطرس كان معه سيف فاستله و ضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى .....ثم إن الجند و القائد و خدام اليهود قبضوا على يسوع و أوثقوه )) 10:18-12
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا
المفضلات