د. زينب عبد العزيز: بتاريخ 25 - 10 – 2008
عار علينا يا أمة محمد، يا أمة المليار ونصف التي تلتف حول القرآن الكريم، و خاصة عار على مؤسساتنا الإسلامية وعلى كافة مسؤولينا بكل المستويات والمجالات، أينما كانوا في طول هذه الأرض وعرضها ! نعم، وبكل مرارة وألم: عار علينا أن يقوم الصهاينة بافتتاح معبد صهيوني في ساحة المسجد الأقصى وعلى بعد حوالي خمسين مترا منه، وفى منطقة هي وقف إسلامي، وسط تعتيم إعلامي عربي وغربي مخز، فلم يذكر الخبر-الفضيحة في حينه إلا موقع "صوت الأقصى" وموقع "شبكة شيعة الموصل" إضافة إلى "ألتر إنفو" الفرنسية !. و أن يصمت الغرب، فأمره معروف، أما أن يصمت المسلمون فتلك مصيبة كاسحة لا تغتفر!
ففي يوم الأحد 12 أكتوبر الحالي (2008) بدأ الصهاينة المرحلة الأخيرة تمهيدا لهدم المسجد الأقصى واستكمال تهويد معالم القدس وفقا لما أعلنوه مراراً وتكراراً بلا حياء أو خشية، فقد ألفوا ألا يعترض طريقهم سوى بضعة عبارات جوفاء من قبيل نحتج، نشجب أو ندين.. وكلها عبارات لم تخرج عن كونها حبر على ورق.. ومن قام بالإشارة إلى هذا العمل الإجرامي من الصحافة الرسمية، في أي مكان، تناولها على استحياء لمجرد ألا يُتهم بالتقصير ومن باب المعلومة، وليس دفاعا عن الدين، فإن كان المقصود دفاعاً لما اقتصر الخبر على بضعة كليمات!..
وليس هذا الكنيس أو المعبد الصهيوني هو الاعتداء الوحيد على أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، فأعمال التنقيب تحته ومن حوله بدأت منذ أعوام على مرأى ومسمع من العالم كله دون أن نحرك ساكنا ! وتكفى الإشارة إلى ما يوجد أسفله من حفريات وقنوات متصلة من الأنفاق وصلت إلى أساسات المسجد الأقصى وقبة الصخرة، علناً ودون أن يعتريهم أي مسؤول من أمة لا إله إلا الله ! فما الذي ننتظره؟ أن ينهار المسجد ويقال أنه "سقط سهواً" أو "من تلقاء نفسه" ؟؟.. ولا أقول هنا شيئا عن باقي عمليات التعدي والاستفزاز بتهويد معالم القدس أو من فرض الحصار والمحاصرة على الشعب الفلسطيني صاحب الحق وصاحب الأرض.. حصار ليس في حقيقة الأمر إلا عملية قتل رهيبة الصمت.. وذلك في الوقت الذي ثبت فيه بالقطع أنه لا حق لهم في هذه الأرض التي اغتصبوها، وفقا لما أسفرت عنه حفائر أثرييهم، وتكفى الإشارة إلى أبحاث فينكلشتاين أو سيلبرمان والعديد غيرهم..
وهنا لا يسعني إلا قول: بدلا من أن ينشغل المسلمون، وخاصة علماءهم، بترّهات يعلم الله كم هي مدسوسة بينهم وعليهم، وأقصد هنا آخر التطاولات التي اندلعت بين السنة والشيعة وشغلت الرأي العام بأسره، بينما الإسلام نفسه يُقتلع، أليس من الأعقل أن ننشغل بالأهم، حتى على حساب المهم، والأهم هنا هو الإسلام نفسه ؟!.. وهى معلومة لم يعد أي إنسان يغفلها خاصة بعد مسرحية الحادي عشر من سبتمبر 2001، التي اختلقتها وتذرعت بها عربدة السياسة الأمريكية للتلفع بشرعية دولية لاقتلاع الإسلام والمسلمين..
ورغمها، يستمر الانغماس في التراخي والتخاذل في حق الدين، بينما كان أقل ما يجب عمله فوراً هو أن تقوم كافة البلدان الإسلامية التي هرولت للاعتراف بدولة الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين، أن تقوم بتجميد علاقاتها بذلك الكيان المعتدى، ولا أقول حتى بقطع ذلك الاعتراف ووقفه، وهو ما يمثل أقل ما يجب عمله، إن لم يكن تجميد كافة التعاملات فورا !!
لو كنا حقا مسلمون لبدأنا، على الأقل، بالالتزام بما جاء في خطبة الوداع لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وهى آخر ما أوصى به المسلمين حين راح يؤكد على التقوى وخشية الله، وعلى تحريم دم المسلم وماله على المسلم إلى يوم الدين.. فالمؤمنون إخوة، وفقا لما قاله المولى عز وجل في كتابه الكريم الذي نتبعه جميعا.. ولم يكتف رسول الله صلوات الله عليه بذلك فحسب وإنما كرر تحريم دم المسلم على المسلم ثلاث مرات في هذه الخطبة الجليلة، وهى آخر ما أوصى به المسلمين! بل لقد راح يؤكد أنه لا فرق بين المسلم وأخيه إلا بالتقوى وتأدية الأمانة.. وقد حمّلنا الله عز وجل أمانة الدفاع عن الإسلام..
فهل نفيق من نومنا، ونلتزم بقول الله سبحانه وتعالى وبوصية رسوله الكريم، ونوفّى ما في رقابنا من أمانة دفاعا عن الإسلام – وهو الأساس هنا – قبل فوات الأوان، أم سنظل في تخاذلنا ونغرق في متاهاتنا وترّهاتنا حتى فوات الأوان ؟؟
المصدر
http://mohasisi.maktoobblog.com/1398...B2%D9%8A%D8%B2
المفضلات