هل في القرآن أن الله يسبح مثل البشر ؟!
زعموا أن رب العالمين يسبح ، قائلين : الرب يسبح بحمد من ؟ نفسه أم ماذا ؟تعلقوا على ذلك بقوله : وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166)(الصافات).
الرد على الشبهة
أولًا: إن هذا زعم باطل مردود بجهل المعترض ، وعدم فهمه وبحثه....
الآيات بسياقها تتحدث عن الملائكة ووظائفها وأفعالها .... فمن أفعالها إن تسبح بحمد الله...دلت على ذلك أدلة كثيرة منها :
1- قوله : يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) (الأنبياء).2- قوله : وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) (الزمر).3- قوله : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) (غافر).4- قوله : فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) (فصلت).5- قوله : تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5) (الشورى).
ثانيًا : إن الذي فسر هذه الآية الكريمة التي معنا ، هو أعلم الخلق بكتاب الله محمد r فقد جاء بيانها في الآتي :1- المعجم الكبير للطبراني برقم 9042 حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ثنا الفريابي عن قيس بن الربيع عن أبي الضحى عن ابن مسعود قال : " إن في السماوات السبع سماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه قائمًا". ثم قرأ :{ وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون }.2- السلسلة الصحية لشيخ الألباني برقم 1059 ( صحيح )
قالr :"ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم فذلك قول الملائكة : وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ".
ثالثًا : إن علماء المسلمين من المفسرين وغيرهم لم يقولوا كما ادعا المعترضون ، وإنما اتفقوا على أن الآية تتحدث عن الملائكة ؛ جاء ذلك في تفسير الآية كما يلي :
1- التفسير الميسر: قالت الملائكة: وما منا أحدٌ إلا له مقام في السماء معلوم، وإنا لنحن الواقفون صفوفًا في عبادة الله وطاعته، وإنا لنحن المنزِّهون الله عن كل ما لا يليق به. اهـ
2- تفسير ابن كثير: ثم قال تعالى مُنزها للملائكة مما نَسَبوا إليهم من الكفر بهم والكذب عليهم أنهم بنات الله: { وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ } أي: له موضع مخصوص في السماوات ومقامات العبادة لا يتجاوزه ولا يتعداه .
وقال ابن عساكر في ترجمته لمحمد بن خالد بسنده إلى عبد الرحمن بن العلاء بن سعد ، عن أبيه -وكان ممن بايع يوم الفتح-أن رسول الله r قال يومًا لجلسائه: "أطَّت السماء وحُقّ لها أن تَئِطّ، ليس فيها موضع قَدَم إلا عليه ملك راكع أو ساجد". ثم قرأ: { وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ } .
وقال الضحاك في تفسيره: { وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ } قال: كان مسروق يَرْوي عن عائشة-رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله r: "ما من السماء الدنيا موضع إلا عليه ملك ساجد أو قائم". فذلك قوله: { وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ } .
وقال الأعمش، عن أبي إسحاق، عن مسروق: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن في السماوات لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه، ثم قرأ عبد الله: { وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ } وكذا قال سعيد بن جبير. اهـ
3- تفسير القرطبي : هَذَا مِنْ قَوْل الْمَلَائِكَة تَعْظِيمًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِنْكَارًا مِنْهُمْ عِبَادَة مَنْ عَبَدَهُمْ . وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ . وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ". اهـ
4- تفسير السعدي : هذا [فيه] بيان براءة الملائكة - عليهم السلام- عما قاله فيهم المشركون، وأنهم عباد اللّه، لا يعصونه طرفة عين، فما منهم من أحد إلا له مقام وتدبير قد أمره اللّه به لا يتعداه ولا يتجاوزه، وليس لهم من الأمر شيء.
{ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ } في طاعة اللّه وخدمته.
{ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ } لله عما لا يليق به. فكيف - مع هذا - يصلحون أن يكونوا شركاء للّه؟! تعالى الله . اهـ
كتبه/ أكرم حسن مرسي
المفضلات