نقلا عن جريدة الأسبوع
مشاهدات عائد من الموت نهديها لتجار الموت
أبشع ما يمكن تخيله هو أن ترى طفلا لا يتعدى عمره 3 سنوات يصرخ من شدة العذاب والألم.. يتعالى صراخه كلما ازداد العذاب عنفا وفتكا بجسده الضئيل.. يستمر لساعات طويلة يصرخ ويصرخ دون مجيب.. يعجز الجسد الضئيل عن الاستيعاب ويفقد عقله القدرة على الاستيعاب....يفقد عقله كما فقد أباه وامه واشقاءه .. يبدأ مرحلة جديدة من التعبير عن الألم والعذاب.. يهذى قبل الموت.. وينادى أمه وكأنه يراها.. لعل روحها التى فاضت قبل قليل تحيط به.ز تحاول أن تخفف ألمه وعذابه.. تداعبه.ز يناديها ويسألها وجسده وصوته يرتعشان((ماما.. أنا شبعت يا ماما .. أنا حلو يا ما ما.. أنا كلت كتير يا ماما ..انا بسمع الكلام يا ماما))
يرتعش جسده بشدة وتختفى حرارته ويتحول الى ما يشبه لوح الثلج ويموت......
لم يكن هذا المشهد أحد مشاهد العذاب فى سجن أبوغريب أو السجون الصهيونية ولكنه كان أحد تفاصيل الموت التى عاشها ضحايا العبارة ((السلام 98))التى لا يمكن لمن شاهدها أن يحيا حياة طبيعية بعد ذلك.. شاهد هذا المشهد وعاش ساعاته ودقائقه ولحظاته التى مرت أثقل من الجبال((على محمد الصالح))أحد الناجين من العبارة.صوته الخافت المرتعش الذى لا يكف عن ذكر الله وحمدهويزداد ارتعاشا وألما حين يتذكر تلك اللحظات العصيبة التى لن تفارقه...ترتعد كل تفاصيل وجهه ويختنق صوته بالبكاء حين يتذكر كلمات هذا الطفل وهو يموت..هان عليه شقاء السنين الذى ابتلعه البحر وهانت عليه ساعات طويلة من العذاب كابدها حتى تم انتشاله بعد21 ساعة.. ولكن يظل صوت هذا الصغير يؤرقه ويحرمه النوم.
يحكى تفاصيل ما حدث ويقول
((كنت من أوائل الركاب الذين صعدوا الى السفينة وكنت أشعر بسعادة غامرة كالمئات من ركاب العبارة بعد رحلة شقاء وعمل يحلمون برؤية الأبناء والزوجة والأهل والأحباب .. كنت أعد الدقائق كى أصل الى أبنائى عمر ورفيدة.
ويستمر قائلا
((مشاهد ومناظر وكلمات كثيرة لن أنساها ومازالت تتردد فى ذهنى. وسط الارتباك والرعب شاهدت والد محمد الطفل الوحيد الذى نجا من العبارة.. كان معه زوجته واطفاله الثلاثة وانهار عندما شاهد زوجته تبكى فزعا...قلت له((اجمد يا راجل وادعى ربنا ان شاء الله حينجينا )فبكى وقال لى ((دحنا أسرة كاملة يعنى لو متنا كلنا هينقطع أثرى من الدنيا))
ويكمل .. اتقلبت المركب ورأيت مركبين مطاط نزلوا من السفينة واتجهوا ناحية باخرة كبيرة كانت على بعد كيلو متلر واحد مننا بعد أن أطلقوا أربع طلقات..
الناس كلها سقطت فى البحر وصراخ النساء والأطفال كان رهيبا..كل واحد عاوز يمسك فى أى شئ.. الناس كانوا بيمسكوا فى بعض ويموتوا جماعات.
كان فى أربع اطفال قريبين منىوكانوا بيصرخوا بشدة وحاولوا يمسكوا فيا لكن جت موجة عالية قلبتهم ناحية سيدة عجوز مسكوا فيها وغرقم كلهم
بنت سعودية أيضا ظلت تصرخ بجوارى وتقول ((بالله عليك انقذنى))قلت لها حاولى تمسكى فيه .. لكن الموج فرق بيننا.
ويتذكر ((على محمد صالح أبشع ما يمكن أن يراه انسان فى حياته ويقول ((بعد ساعة ونصف سمعت صوت طفل قريب منى بيصرخ بشدة وكان لابس سترة نجاة شديته نحوى .. كان عمره 3 سنوات وكان بيرتعش .. حاولت أدعك جسمهوأضمه الى صدرى دون فائدة.. ظل معى أربع ساعات كاملة
ويتوقف عن الحديث شاردا مستحضرا صورة الطفل أمامه.. يبكى..((أول مرة أشوف طفل يفقد عقله ويوصل لمرحلة الجنون من شدة الألم والعذاب كان بيقوللى وصوته وجسده يرتعشان بعد أن عجزحتى عن الصراخ((أنا بردان قوى يا عمو.. عاوز أطلع من المية))قلت له ..((خلاص يا حبيبى ماتخافش هنطلع دلوقت))وبعدين بدأ يهذى ويقول((انا حلو يا ماما .. أنا بسمع الكلام .. خالو جاى يا عمو .. خلاص يا ماما أنا شبعت واكلت كتير..انا بردان قوى يا ماما .. يا منى .. العبى معايا يا منى ..))
ويصمت ثم ينفجر فى البكاء قائلا((لوكان فيه حد حس بينا واهتم بأنه ينقذنا كان ممكن الطفل ده يعيش ومكنش شاف العذاب ده كله .. الموت مش صعب .. الأصعب منه لعذاب اللى الناس شافوه.. أغلب النساء والأطفال ماتوا فى وقت قصير لكن اللى كان لابس سترة النجاة ازداد عذابه حتى مات خلال ساعات..أنا حاولت اضم الولد.. كنت شايف فيه صورة ابنى عمر .. لكن جسمى كان أبرد من جسمه ارتعش بشدة بين ايديا وبدأ يتجمد زى لوح التلج ومات .. صرخت وبكيت وفضلت رابطه معايا فترة لكن الموج سحبه منى))
يستمر فى البكاء ..ويقول (الأصوات اللى كنت اسمعها حولى فى البحر ومناظر الجثث وصراخ الأطفال والنساء يطاردنى..كانت الجثث تحيط بنا من كل اتجاه.. كان الأحياء بيحاولوا يصبروا بعض.. الناس من التعب كانت بترتاح وتريح جسمها على الجثث..
ويكمل على حكايته مع الموت قائلا
((على بعد مسافة منى رأيت ررجلا أوشك على الموت يستند الى حقيبة كان يقول ((ان للموت سكرات ..قالها 3 مرات ثم مات.. كان صوته فظيع جدا
((كانت شدة النجاة بتاعتى متهالكة وكان مساعدنى انى اعرف اعوم وحاولت ابحث عن شدة اخرى..... الناس كانوا بيخلغوا السترات من بعض الجثث الطافية..
شفت على مسافة قريبه منىسيدة منكفيه على وجهها وشعرها مفرود على سطح الماء.. اتجهت نحوها ورفعت رأسها...فوجدتها ميتة وعينيها مفتوحة محتضنة طفل عمره شهور ماسكة فيه زى المقبض.. مشهد مؤلم وفظيع صرخت وبكيت لما شفته ولم تطاوعنى نفسى ان أخذ منها سترة النجاة.. أغمضت عينيها وتلوت الشهادة وتركتها..بعدها شفت شاب منتصب زى الزجاجة على الماء اتجهت نحوه أفتكره حى وجدت نصفه الأسفل ممزق تماما وتتدلى منه أمعاؤه بعد أن أكلها السمك..
بعد ساعات طويله ظهرت هليوكوبتر ورمت قمع ناحيتى وظننت أنها ستأخذنى ولكن تركتنى.. وبعد ساعتين جت سفينة مصرية رمت لى حبل وكانت بعيدة فضلت اعوم 3 ساعات لغاية ماوصلت لها وآثار الحبل لسه على يدى ومن لم يستطع ىالوصول للسفينة.. مات.. ثم وضعونا فى مكان فى القاع أشبه بثلاجة الموتى ولم يوزعوا علينا أى ملابس وكان فينا العريان خالص..وبعدين نقلونى الهلال الأحمر...
وأنا فى المستشفى جانى موظف من شركة السلام قال لى.. خد اللى هتدهولك الشركة واحمد ربنا احسن ماتطول منها حاجة خالص لحسن صحابها ناس واصلين قوى))
انتهى الكلام...... من أى مادة صنعت قلوبكم حتى تساومون هؤلاء الضحايا وايديكم ملوثة بدمائهم؟ ومن الذى منحكم كل هذا الجبروت والتكبر ..ولا نملك فى النهاية الا....حسبنا الله ونعم الوكيل
زينب عبد الله
____________________________________________________________ ____________________________________________________________ _______________-_
أرجو منكم اخوتى نشر هذا المقال المؤلم فى كل منتدى تزوروه.. ليعلم الناس حقيقة هؤلاء الأبرياء وما لاقوه من الموت اهمالا واستهزاء...
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
لزوال السماوات والأرض أهون عند الله من قطرة دم مسلم تراق بغير وجه حق...
المفضلات