الحلقة الثالثة 3
كانت الغرفة فارغة كلها ماعدا أحد الجدران, الذي كانت تجثم بالقرب منه خزنة حديدية كبيرة,سرعان مااقترب منها وراح يفتحهابطريقة خاصة لاأفهم عنها شيئاً, ثم نظر إلي قائلاً : اقتربي أكثر وانظري إلى محتوى الخزن
كانت مليئة بالنقود وببعض العلب المخملية الملوَّنة بأحجام مختلفة, فأخرج علبة خضراء, وقدَّمها لي قائلاً : هذه لك ياسناء 0
فسألته : ماذا يوجد في داخلها ؟
أجابني : عقد ماسي ثمنه ستُّون ألف دولار0
قلت بدهشة:ستون ألف دولار ؟!!
قال: أجل ولك منه المزيد
فقلت له : ولكن أولادك ما
قال : تركت لهم مايكفيهم وأولادهم لعشرات السِّنين0وكل محتوى الخزنة هو لك بعد موتي0
أحسست بسكين تغرس في صدري وهو يقول لي هذا الكلام, فتركته, وركضت باكية باتجاه السُّلَّم, فناداني ضاحكاً: لاتبكي ياحبيبتي أما ترينني ما زلت قوياً وعمر الشَّقي بقي وراح يضحك بجمال لم أره فيه من قبل0
وعندما عدنا إلى غرفتنا سألته لماذايضع نقوده في المسبح حيث الرُّطوبة والماء, فأخبرني بأنه لايحبُّ التَّعامل مع البنوك وهذا المكان لايمكن لايِّ لصٍ أن يطاله وقال لي بابتسامته المعهودة:
لاأحد يعرف هذا المكان غيرك, فقد استعنت لبنائه ببعض العمال من خارج المدينة 0, ومنذ ذلك اليوم أصبح للمسبح مكانة خاصة في نفسي لم أستطع تحديد هويَّتها رغم مرور ثلاث سنوات على تلك الحادثة 0
تعوَّد سامي أن يتركني في البيت وحيدة مع خادمتي ربا, ولكن بعد زواج ربا استقدم من إحدى القرى المجاورة رجلا, وزوجته ليعيشا معنا في المنزل بحيث يقوم عزَّام بخدمة سامي, وتقوم زوجته بتدبير شؤون البيت, وكان سامي قد خصص جناحا خارج المنزل للخدم, فاستقر فيه عزَّامٌ وهنية وابنهما الرَّضيع رشاد0
كانت أمي تزورني ولكنَّها لم تكن تفضِّل المبيت عندي بحجَّة أن أبي لايحب أن تنام خارج البيت, وكذلك إخوتي وأخواتي كانوا يأتون لزيارتنا نهارا, ويرجعون إلى بيوتهم مساءً ,وكثيراً ماكنت أطلب من خالتي بهيجة أن تعيش معي, فهي أرملة وتسكن مع إبنتها في بيت صهرها, ولكنَّها لم توافقني يوما0
أحيانا كنت أحس بالوحدة, فأقتلها بالقراءة , وخاصَّة قراءة القصص البوليسية, لذلك كنت سريعة الخوف ولكنني تعلمت منها سرعة التَّفكير, وكيفية التَّخلُّص من المواقف الصَّعبة0
بعد دخول عزَّام وزوجته البيت ,أصبح الوضع العام أفضل بشكلِ ملموس, فقد حظي عزَّام بثقة سامي الكبيرة ومحبته , وعامله كابن له وأشركه في الكثير من أسراره العملية والمالية, حتى أنه كان يدخل عليه مكتبه دون استئذان, ولم أخفِ عن سامي شعوري بالضِّيق من عزَّام, ولكنه كان يحاول دائماًامتصاص غضبي, بحسن أخلاق الرَّجل ومروءته, فسكَتُّ مرغمةً مع التزام الحيطة منه, والحذر0
هنيَّة امرأة قروية في الثَّلاثين من العمر, تمتاز بقوة الجسد والنَّشاط, وتمتلك شيئاً من الجمال الملوَّح بالشَّمس, كانت تحب زوجها (عزَّام) وتغار عليه فقد تزوَّجته بعد قصَّة حبِّ أخبرتني بتفاصيلها ذات يوم بعدما ذهب عزَّام برفقة سامي إلى المدينة لأمر هام حدَّثني عنه زوجي بعد أن عادا بحقيبة سوداء مليئة بالنُّقود لم يخبرني سامي من أين جاء بها0 في بعض الأحيان كنت أحسُّ بغيرة هنيَّة مني على زوجها رغم أنني لم أكن أترك له مجالاً ليراني إلا وأنا محتشمة0
لاأدري كيف استطاع هذا الرَّجل أن يدخل بسرعة إلى قلب زوجي ,فأصبح كاتم أسراره الخاص, وربما كان يعرف عنه مالا أعرفه أنا عنه 0بدأت أحسُّ بالضِّيق من هذا الرَّجل, ومن تلك البساطة التي يتعامل بها سامي معه خاصة وانني كنت أحيانا أرى عزَّاماً ينظر إليه بشيء من الغيرة, فلم أحبذ دخوله عليه غرفته متى شاء, وقد أخبرت سامى بقلقي هذا, فسخر من شكوكي, وقال إنَّ (عزَّام) رجل بسيط, وليس هو كما أتصوَّره0
كان (عزَّا م) يظهر محبته لسامي أمام الجميع, ولكنَّني كنت في ريب منه, فرحت أراقبه من بعيد دون أن أترك له ثغرة يضبطني من خلالها وأنا أرصده إلا مرة أو مرتين 0
يتبع
بقلم
بنت البحر
المفضلات