موضوع منقول للفائدة
بشارات من الزبور وتفسيرها
وقال داود في الزبور في قوله :
(سبحوا الله تسبيحا جديدا وليفرح بالخالق من اصطفى الله له أمته وأعطاه النصر وسدد الصالحين منهم بالكرامة يسبحونه على مضاجعهم ويكبرون الله بأصوات مرتفعة
بأيديهم سيوف ذات شفرتين لينتقم بهم من الأمم الذين لا يعبدونه ) *
* وهو في الترجمة الحالية من سفر المزامير . المزمور التاسع والأربعين بعد المائة وهو تسع فقرات
ونصه : ( هللويا ، غنوا للرب ترنيمة جديدة ، تسبيحة في جماعة الأتقياء ... ) العهد القديم 736
وهذه الصفات إنما تنطبق على صفات محمد – صلى الله عليه وسلم – وأمته
فهم الذين يكبرون الله بأصوات مرتفعة في أذانهم للصلوات الخمس وعلى الأماكن العالية
كما قال جابر بن عبد الله :
( كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - إذا علونا كبرنا وإذا هبطنا سبحنا
فوضعت الصلاة على ذلك ) رواه أبو داود وغيره
وفي الصحيحين عن ابن عمر قال :
كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة إذا أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا ...
وعن أبي هريرة
أن رجلا قال : يا رسول الله إني أريد أن أسافر فأوصني
قال : ( عليك بتقوى الله والتكبير على كل شرف* ) ...
* الشرف : هو المكان العالي
وهم يكبرون الله بأصوات عالية مرتفعة
في أعيادهم عيد الفطر وعيد النحر
في الصلاة والخطبة وفي ذهابهم إلى الصلاة
وفي أيام منى الحجاج وسائر أهل الأمصار يكبرون عقيب الصلوات فإمام الصلاة يسن له الجهر بالتكبير ...
ويكبرون على الصفا والمروة
ويكبرون في الطواف عند محاذاة الركن
وكل هذا يجهرون فيه بالتكبير غير ما يسرونه
قال تعالى لما ذكر صوم رمضان الذي يقيمون له عيد الفطر قال تعالى :
( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون )
ولما ذكر الهدي الذي يقرب في عيد النحر وهو يوم الحج الأكبر قال :
( كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين )
والنصارى
يسمون عيد المسلمين ( عيد الله أكبر ) لظهور التكبير فيه
وليس هذا لأحد من الأمم أهل الكتاب ولا غيرهم غير المسلمين
وإنما كان موسى يجمع بني إسرائيل بالبوق *
* آلة موسيقية على هيئة القرن ...
والنصارى لهم الناقوس *
* هو الذي يضربه النصارى لأوقات صلاتهم : خشبة كبيرة طويلة ، وأخرى قصيرة ، واسمها الوبيل
وأما تكبير الله بأصوات مرتفعة فإنما هو شعائر المسلمين
وكذلك قوله :
( بأيديهم سيوف ذات شفرتين )
وهي السيوف العربية التي بها فتح الصحابة وأتباعهم البلاد
وقوله :
( يسبحونه على مضاجعهم )
بيان لنعت المؤمنين الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم
ويصلي أحدهم قائما فإن لم يستطع فقاعدا فإن لم يستطع فعلى جنب
فلا يتركون ذكر الله في حال بل يذكرونه حتى في هذه الحال
ويصلون في البيوت على المضاجع بخلاف أهل الكتاب
والصلاة أعظم التسبيح كما في قوله تعالى:
( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون)
وقوله
( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)
... وهذا معنى قول داود :
( سبحوا الله تسبيحا جديدا )
والتسابيح التي شرعها الله جديدا :
كالصلوات الخمس التي شرعها للمسلمين جديدا
ولما أقامها جبريل للنبي – صلى الله عليه وسلم – قال هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك
فكان الأنبياء يسبحون في هذه الأوقات كما يدل التسبيح المقدم والتسبيح الجديد
كما يدل عليه سائر الكلام
ولا يمكن أن يكون ذلك للنصارى
لأنهم لا يكبرون الله بأصوات مرتفعة
ولا بأيديهم سيوف ذات شفرتين لينتقم الله بهم من الأمم
بل أخبارهم تدل على أنهم كانوا مغلوبين مع الأمم لم يكونوا يجاهدونهم بالسيف
بل النصارى قد تعيب من يقاتل الكفار بالسيف
ومنهم من يجعل هذا من معايب محمد – صلى الله عليه وسلم – وأمته
ويغفلون ما عندهم
من أن الله أمر موسى بقتال الكفار
فقاتلهم بنو إسرائيل بأمره
وقاتلهم يوشع وداود وغيرهما من الأنبياء
وإبراهيم الخليل قاتل لدفع الظلم عن أصحابه
يتبع بإذن الله
المفضلات