-
موقف اليمين المسيحى والكنائس الأمريكية من قضايا الشرق الأوسط
موقف اليمين المسيحى والكنائس الأمريكية من قضايا الشرق الأوسط
أديب نجيب
كراسات استراتيجية، السنة الثالثة عشرة 2003، العدد رقم 122
--------------------------------------------------------------------------------
مقدمة:
ولدت الجماعات المسيحية الداعمة للأفكار الصهيونية خاصة خرافة عودة اليهود إلى أرض الميعاد فى بريطانيا فى مطلع القرن السادس عشر. وقد وجدت تلك الأفكار أصداء واسعة سواء لدى الكتاب والمفكرين البريطانيين، أو علي السعيد السياسى الأيديولوجي، أو على صعيد الحركات السياسية من خلال ظهور الجمعيات المؤيدة والمدافعة عن مصالح وأفكار الصهيونية. ويعد صدور وعد بلفور أحد نتائج ضغوط ونفوذ تلك الجماعات فى بريطانيا خلال تلك الفترة. غير أنها سرعان ما انتقلت إلي الولايات المتحدة الأمريكية مع مطلع القرن السابع عشر واستطاعت أن تحقق انتشارا ونفوذا واسعا ليس فقط لدى الأوساط الشعبية والفكرية، ولكن أيضا داخل المؤسسات السياسية الأمريكية، حتي أصبح نفوذ وتأثير اللوبي المسيحي الصهيونى، من خلال تحالفه مع اليمين السياسي، يفوق فى حقيقته تأثير ونفوذ اللوبى اليهودى.
وشهد تطور المسيحية الصهيونية خطوة أكثر تقدما وأبعادا أكثر مؤسسية مع تأسيس السفارة المسيحية فى القدس فى سبتمبر 1980 والتى استندت إلى مقاربة أصولية للكتاب المقدس، تقوم على الفكر القدرى الذى يرى فى إسرائيل تحقيقا لنبوءة توراتية. وقد عملت تلك الكنيسة على التأسيس للحركة المسيحية الصهيونية اعتمادا على بعض الآيات الكتابية التى أخذت من سياقها.
وواقع الأمر، فإن هذه الحركة لا تعبر عن أي كنيسة من الكنائس الأمريكية، لذا كان من المهم التأصيل لتلك الحركة والوقوف على طبيعة علاقتها بالكنائس الأمريكية، وتحديد مواقف تلك الكنائس منها. وفى هذا الإطار، يكشف تشريح الخطاب الديني الأمريكي عن رفض الكنائس الأمريكية لهذه الحركة، عبر عنه صدور العديد من البيانات الكنسية التي أعلنت رفضها لها، كما كشفت فيها عن موقفها بشأن قضايا الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية والقضية العراقية.
وفى هذا الإطار، ربما يكون من المفيد أن تبدأ الكراسة بالوقوف على معالم الخريطة الدينية في الولايات المتحدة الأمريكية كمقدمة هامة للتعرف على حجم وتأثير المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم ننتقل في الجزء الثاني إلى تفصيل واقع الجماعات المسيحية الداعمة للصهيونية وكيفية نشأة تلك الجماعات وتطورها وتشريح الخطاب الديني الأمريكي والتمييز بين الأصولية المسيحية والمسيحية الصهيونية من ناحية والكنائس الأمريكية المختلفة من ناحية أخرى. على أن نناقش في القسم الثالث مواقف الكنائس الأمريكية المختلفة من هذه الحركة، وقضايا الشرق الأوسط، خاصة الفلسطينية والقضية العراقية وقضية الحرية الدينية في مصر. وأخيرا، تناقش الخاتمة موقف الكنائس والمؤسسات المصرية من تلك الحركة.
أولا : الخريطة الدينية فى الولايات المتحدة
كشف أحد التقارير التى نشرتها جريدة Christian Science Monitor عن الجماعات الدينية وعضوية الكنائس فى الولايات المتحدة لعام 2000 ، أن عدد الكاثوليك يصل إلى 62 مليونا، ليشكلوا بذلك أكبر طائفة دينية، وأن معدل النمو داخل تلك الطائفة يصل إلى حوالى 62.2% ، بسبب عامل الهجرة، خاصة من أمريكا اللاتينية وفيتنام. يتبين من دراسة أخرى نشرت مؤخرا علي الإنترنت في السابع من شهر مارس 2002، أن هناك 98 مليون مسيحي إنجيلي بالولايات المتحدة الأمريكية. ويشير تقرير الجريدة المشار إليها سابقا، إلى أنه توجد أربع طوائف فقط من بين 17 جماعة دينية، يزيد عدد أعضائها عن مليون، قد زادت عضويتها .
وتعتبر طائفة المورمون ( كنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الآخر) هى الأسرع نموا فى الولايات المتحدة، حيث بلغ معدل النمو داخل تلك الطائفة حوالي 19.1%، و يبلغ حجم عضويتها نحو 4.2 مليونا، تليها في سرعة النمو الكنيسة الخمسينية (18.5%)، ثم كنيسة العنصرة. ويعود ارتفاع معدلات نمو العضوية داخل تلك الكنائس إلى زيادة إقبال الجماعات العرقية الوافدة إلى الولايات المتحدة على هذه الكنائس. وعلي سبيل المثال، فقد بلغت نسبة الزيادة فى الكنائس التي يزيد فيها عدد الناطقين بالأسبانية نحو 53% . ويلاحظ وجود منافسة بين الكاثوليك والإنجيليين على اجتذاب الأسبان إلى كلتا الكنيستين، حيث يقدر البعض أن الأسبان سوف يشكلون نحو ربع سكان الولايات المتحدة بحلول عام 2050.
وتعاني الكنائس المعمدانية من انخفاض حجم العضوية، ولاسيما بعد سيطرة التيارات الأصولية عليها، كما حدث انخفاض في عضوية الكنيسة المتحدة بنسبة 15 %، وكنيسة المثودست بنسبة 7%، حيث يصل حجم عضوية فى الكنيسة الأخيرة نحو عشرة ملايين نسمة، وتنتشر في 69% من الولايات المتحدة ( ). كما يصل حجم عضوية الكنائس الأرثوذكسية، التى تضم الروم والأقباط والأرمن والسريان وغيرهم، إلي نحو 150 ألف نسمة .
و يرى الدكتور ميلاد حنا ( ) أن الكنيسة الكاثوليكية ، التي يرأسها بابا روما ويديرها وفق آليات شفافة ومنضبطة من الفاتيكان في إيطاليا، هى أكبر كيان لمذهب مسيحي موحد ، حيث يصل أتباعها على مستوى العالم إلى ما يزيد عن 800 مليون نسمة, ويتبعها فى الولايات المتحدة بمفردها نحو 62 مليون شخص. غير أن تدخل الكنيسة الكاثوليكية في الانحيازات السياسية غير وارد، ولا تستطيع الكنيسة الكاثوليكية الخروج على التوجيهات السياسية للبابا. *
ومن ثم، فقد أصبحت أهم قوة للكنائس الأمريكية هي تلك التي تسمي في جملتها بالكنائس البروتستانتية، أي تلك التي نشأت علي أساس حركات الإصلاح الديني، والتي بدأها مارتن لوثر فى عام 1517، وتبعه بسنوات كالفن، ثم تبعهما الملك هنري الثامن الذى اتخذ مسارا إصلاحيا في القرن الثامن عشر، في بريطانيا. وعندما هاجرت هذه المذاهب الإصلاحية الثلاثة إلي الولايات المتحدة تفرعت إلي العشرات والعشرات من المذاهب الجزئية، والتي يمكن تجميعها علي النحو التالي:
الكنائس المعمدانية : وتضم داخلها 15 طائفة جزئية تختلف فيما بينها حول فروق قليلة - ليس لها أهمية تذكر في موضوع دراستنا. ويقدر عدد المنتمين إليها نحو 34 مليون أمريكي ( أبيض وأسود)، وينتمى إليها أيضا الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر، الذي نال مؤخرا جائزة نوبل للسلام.
كنائس نهضة القداسة: وتضم 15 طائفة جزئية، ويقدر إجمالي عدد المنتمين إليها نحو 14 مليون نسمة, وتضم تيارات فكرية متصارعة.
الكنائس اللوثرية: وتضم 10 طوائف متقاربة فكريا. ويبلغ مجموع المنتمين إليها نحو10 ملايين أمريكي.
الكنائس المشيخية: ويقدر عدد المنتمين إليها إلى ما يزيد عن 4 ملايين فرد موزعين على 11333 كنيسة فى 16 مجمعا. وتعد من أقوى الكنائس فى مواجهة التيار اليميني الأمريكى.
الكنائس الخمسينية: ويقدر عدد المنتمين إليها بحوالى 2.5 مليون أمريكي.
الكنائس الأسقفية (الانجليكانية): وهي في موقع متوسط عقائديا وطقوسا بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية لأنها في الأصل هي الكنيسة الإنجليكانية، أي أن موطنها الأصلى هو انجلترا ولكنها استقلت عن روما في القرن الثامن عشر، وصار لها رئيسها المستقل عن روما في كانتربري بانجلترا. ويقدر عدد المنتمين إليها علي مستوي العالم حوالى 77 مليونا، تم تقسيمها إلي 38 إقليما في العالم, صار لكل إقليم منها استقلاليته الإدارية، ومن بينها إقليم الشرق الأوسط.
وبجانب هذه الكنائس والمذاهب الكبري في الولايات المتحدة، هناك كنائس ومذاهب أصغر كثيرا, ولذا فإنها أكثر تماسكا وربما تعصبا ، أهمها الكنائس المصلحة، وهي مكونة من سبع طوائف مختلفة وجملة أتباعها مليونان، وكنائس الأخوة البيلموث وكنيسة الله وكنيسة المسيح وكنيسة الناصري، وغيرها وتتفرع إلي نحو 15 طائفة يصل عددها إلي 4 ملايين.
و يضم المجلس القومي لكنائس المسيح في الولايات المتحدة 36 كنيسة بروتستانتية وأرثوذكسية وأسقفية (إنجليكانية)، يبلغ حجم عضويتها 50 مليونا في 140 ألف كنيسة - من بينهم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى الولايات المتحدة، والكنيسة المشيخية (الإنجيلية)، وكنيسة أنطاكية للروم الأرثوزكس.
ويقدر عدد المسلمين طبقا للتقرير المشار إليه سابقا بنحو سبعة ملايين نسمة، وذلك استنادا إلى أن عدد المترددين على المساجد يقدر بنحو 1.6 مليونا، فإذا اعتبرنا أن هذا الرقم يشكل ثلث عدد المسلين فإن العدد الإجمالي يصل إلى نحو 7 ملايين. وقد أكد هذا الرقم الدكتور يحيي هندي، أستاذ كرسي الإسلاميات وإمام مسجد جامعة جورج تاون الأمريكية وعضو المجلس الفقهي لشمال أمريكا. وأضاف أن نحو 84% من هذه النسبة من أصل أفريقي، بينما جــــاء 0.5% إلى الولايات المتحدة عن طريق الهجرة على امتداد أكثر من 150 عاما. ( ) ووفق بعض التقديرات الأخرى، تمثل الجالية العربية حوالي32.5% من المسلمين الأمريكيين، أي ما يقرب من ثلث الجالية الأمريكية المسلمة، وتتوزع النسبة الباقية بين الأفارقة الأمريكيون Afro-Americans ومسلمى جنوب آسيا مثل الهند وباكستان. وتمثل العناصر الثلاثة أكثر من90% من الوجود الإسلامي في الولايات المتحدة. الأمريكية. ( )
و الجدير بالذكر أنه منذ عام 1823جاء إلى الولايات المتحدة بحارة مسلمون من غرب أفريقيا، كما أن كريستوفر كولمبس الذي اكتشف القارة الأمريكية تعرف عليها من خلال خريطة رسمها الجغرافي العربي الادريسى، و أن أول معاهدة تجارية وقعتها الولايات المتحدة كانت مع الملك محمد الثاني ملك المغرب في عام 1788. أما فيما يتعلق بالتوزيع المهني للجالية الإسلامية، فإنها تضم في تكوينها 38% مهندسين، و 13% أطباء، والقليلون منهم يعملون في الإعلام والسياسة والمحاماة (حوالي 300 محام).( ) ووفق إحصاءات عام 2000، بلغ عدد اليهود فى الولايات المتحدة حوالى 6.1 مليون يهودى، بنسبة 2.2% من إجمالى سكان الولايات المتحدة الأمريكية. ( )
ثانيا: الجماعات المسيحية الداعمة للصهيونية
الجماعات البريطانية الداعمة للصهيونية :
ولدت هذه الجماعات فى بريطانيا، التي تعتبر قاعدة انطلاق هذه الجماعات في مشروعها لتفعيل خرافة عودة اليهود إلى أرض الميعاد. فمع مطلع القرن السادس عشر شهدت بريطانيا، على مختلف المستويات السياسية والثقافية والتربوية منعطفاً مفصلياً في الرؤى والتفسيرات والاستراتيجيات، حين بدأ ظهور أدبيات التعاطف مع اليهود. وقد انبرت أقلام المفكرين المتصهينين الجدد لتكتب عن هذه الفكرة، وكان على رأسهم البرلمانى البريطاني السير هنري فيش الذي دافع عن اليهود وقضيتهم في كتاب له صدر فى عام 1622 بعنوان: الاستعادة الكبرى للعالم، ذهب فيه إلى أنه ليس اليهود قلة مبعثرة، بل إنهم أمة، وسوف تعود أمة اليهود إلى وطنها، وتعمر كل زوايا الأرض... ويعيش اليهود بسلام في وطنهم إلى الأبد.
وفي عام 1649 وجه اللاهوتيان الإنجليزيان جوانا وألنزر كارترابت، مذكرة إلى الحكومة البريطانية يطالبان فيها بأن يقوم الشعب الإنكليزي وشعب الأراضي المنخفضة بمهمة نقل اليهود على متن سفنهم إلى الأرض التي وعد اللَّه بها أجدادهم إبراهيم وإسحاق ويعقوب ومنحهم إياها إرثاً أبدياً.
وعلى الصعيد السياسي/ الأيديولوجى كان تأثير التيار الصهيوني المسيحي يحتل مساحة أوسع، ويحظى بقوة متميزة. وعلى سبيل المثال يبرز العضو البرلماني ورئيس المحفل البيوريتانى فى الفترة من (1649 ـ 1658) أوليفر كرومويل كأول سياسي بريطاني يرحب بمذكرة اللاهوتيين، ودعا إلى عقد مؤتمر فى عام 1655 لإقرار التشريعات اللازمة لعودة اليهود إلى بريطانيا. وبالتالي إلغاء قانون النفي الذي أصدره الملك ادوارد ضد اليهود. ويعد كرومويل من أبرز رواد الربط بين عودة اليهود إلى فلسطين والمصالح البريطانية فيها. وبقيت هذه الاستراتيجية حية في الذهنية السياسية البريطانية لعدة أجيال، تغذيها مواقف الساسة وأدبيات المفكرين وإرهاصات المتحمسين.
وشهد عام 1807 ولادة جمعية لندن لتعزيز المسيحية بين اليهود، كأول جمعية صهيونية منظمة، ومثل اللورد أنطوني كوير ( اللورد شافتسبرى) أحد أهم أركانها. وقد نشر الأخير مقالاً له في عام 1839 أشار فيه إلى ضرورة تحقيق إرادة اللَّه بعودة اليهود إلى فلسطين، وإلى أن اليهود هم الأمل الوحيد في تجدد المسيحية وعودة المسيح. وفي هذا المقال رفع أنطوني، ولأول مرة، شعار: وطن بلا شعب لشعب بلا وطن.
وحفل القرن التاسع عشر بالكثير من الأحداث والتطورات التي أدت إلى رفع مستوى تعاطف الحكومة البريطانية مع قضية دفع اليهود إلى فلسطين - تحت ضغط أنصار الصهيونية المسيحية - من مجرد الاجتهاد الفكري إلى ميادين التطبيق الفعلي، وتوج هذا بإصدار وعد بلفور فى أوائل القرن العشرين. وكان آرثر بلفور من بين الذين تأثروا بمقولة شعب اللَّه المختار وحقه في أرض الميعاد. وفى هذا الصدد تقول عنه ابنة أخته ومؤرخة حياته بلانش دوجويل: لقد تأثر منذ نعومة أظفاره بدراسة العهد القديم. أما عن مهندس وعد بلفور ، فمن الثابت تاريخياً أنه أصولى صهيوني ومتشدد في دفاعه عن المصالح اليهودية، يدعى ويليام هـ . هشـلر ( 1845 - 1931)، عمل فترة فى السفارة البريطانية فى فيينا وكان من المؤيدين لثيودور هرتزل، كما كشف عن ذلك المؤرخ البريطاني البارز وأستاذ التاريخ المعاصر في جامعة ويلز البريطانية البروفسور ويليام روبنشتاين، في دراسة له نشرت في مجلة History Today بعد مرور أكثر من أربعة عقود على وفاة كاتب المسوَّدة. إذ يقول روبنشتاين أن ويليام هـ . هشلر كان يهوديا سريا، اسمه الحقيقي ليوبولد تشارلز موريتز أمبري. وأنه قد أخفى اسمه ويهوديته لمدة سبعة عقود لأسباب غير معروفة، وتظاهر باعتناقه البروتستانتية. ويضيف المؤرخ الباحث أن ليوبولد اليهودي والمستشار السياسي لوزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور، أصبح من أبرز المدافعين عن الصهيونية وخدمة القضايا اليهودية. ويكتب ليوبولد في مذكراته، مفتخراً بماضيه، عن تلك الفترة واصفاً الدور الذي لعبه في تأسيس إسرائيل بقوله: يبدو أنني وضعت إصبعي في الكعكة، ليس فقط بكتابة إعلان بلفور، بل أيضاً في وضع أسس الجيش الإسرائيلي الراهن. والجدير بالذكر أن شخصية ليوبولد أمبري تكاد تكون - وللأسف - خارج دائرة الاهتمام العربي. إلا أن بعض الرسميين ورجال الأعمال من العرب المعاصرين يعرفون ابنه الأصغر سناً النائب والوزير المحافظ اليميني السابق جوليان أمبري. ويختم الباحث روبنشتاين دراسته بالقول: لا نغالي إذا وصفنا ليوبولد أمبري بأنه اليهودي السري (البروتستانتي العلني) الذي عمل دون كلل لصالح قضايا اليهود. ونظراً للمناصب الهامة التي احتلها في حياته، فقد لعب دوراً مصيرياً في نجاح المشروع الصهيوني الذي أدى في النهاية إلى إقامة دولة إسرائيل. ( )
و يذكر تقرير لمجلس كنائس الشرق الأوسط (1991) يعض الشخصيات البريطانية التي كان لها دورها فى هذه الحركة ومنهم القس لويس واى (1809)، و هنرى دراموند عضو مجلس العموم البريطاني، واللورد شافتسـبورى (1801- 1885)، والقس وليم هشلر (1845-1931).وعلى الرغم من أن موجة الصهيونية المسيحية البريطانية قد انحسرت، إلا أنه مازال لها أثر في بعض الدوائر الصغرى ( ).
ومع نهاية ثمانينات القرن التاسع عشر، صار مذهب القدرية مقبولا لدى جماعات من الأمريكيين. ونادي هذا المذهب بأن الله قد جعل فى التاريخ مسارين متوازيين أحدهما يعمل من خلال إسرائيل، والثاني من خلال الكنيسة، وأنه توجد سبعة أقدار تدل على تطور علاقة الله بالبشر ، والمسار السادس هو الحالي وهو مسار الكنيسة والنعمة، أما المسار السابع ففيه يجيء السيد المسيح ثانية و يملك ألف سنة.
ويرى الدكتور جيروم شاهين أن العقيدة التى تنادى بحرفية الألفية، هى عقيدة قديمة ترجع إلي القرن الأول، وقد نشأت فى أوساط مسيحية من أصل يهودى. وقد شجب مجمع أفسس هذه العقيدة فى عام 431. ( ) ومن الشخصيات التي روجت لهذا الفكر وليم بلاكستون (1841- 1935)، مؤلف كتاب: المسيــح آت (1880)، و أعقب ذلك صدور طبعة سكوفيلد للكتاب المقدس (1909) التي اشتملت على هوامش و تعليقات تساند عقيدة القدريين.
ويذكر تقرير مجلس كنائس الشرق الأوسط أن عام 1976 شهد أحداثا هامة ترتبط بتطور حركة الصهيونية المسيحية منها وصول جيمى كارتر ( الذي ينتسب للكنيسة المعمدانية) إلى حكم الولايات المتحدة معتمدا على أصوات الأصوليين ، لكنهم شنوا حملة ضده، بالتعاون مع اللوبي الصهيوني، بسبب تأييده لحقوق الشعب الفلسطيني. ثم جاء رونالد ريجان في الثمانينيات الذي يؤمن هو الآخر بالقدرية. وتبين الوقائع أن كل مرشح للرئاسة الأمريكية أو الكونجرس الأمريكي أو مجلس النواب، يتنافس على إرضاء هذا اللوبي الصهيوني ، مع المسيحيين الصهيونيين الأصوليين. *
السفارة المسيحية فى القدس
كشف تقرير مجلس كنائس الشرق الأوسط السالف الذكر عما يسمى بـ السفارة المسيحية الدولية فى القدس، والتى تأسست فى 30 سبتمبر 1980من بضعة أشخاص استنكروا مبادرة 13 دولة رفضت الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية. وتستند تلك السفارة إلى مقاربة أصولية للكتاب المقدس تقوم على الفكر القدري الذي يرى في إسرائيل تحقيقا لنبوءة توراتية. وأصدرت هيئة السفارة المسيحية فى القدس كتيبا يوضح ذلك بعنوان: الأسس الكتابية للصهيونية المسيحية، تضمن آيات كتابية أخذت من مواقعها دون دراسة لخلفية النصً والقرينة الدالة عليه. وقد عقدت هذه السفارة مؤتمرا بعنوان القيادة المسيحية الدولية، بمدينة بال بسويسرا (27-29 أغسطس 1985) و اتخذت فيه عدة قرارات نُشرت فى التقرير الذى أصدره المجلس. ولهذه السفارة نشاطها فى الولايات المتحدة وكندا وانجلترا وهولندا وألمانيا وسويسرا والنرويج وفنلندا واستراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا.
وقد أصدر رؤساء الكنائس المسيحية في القدس بيانا رسميا حول السفارة المسيحية الدولية، نُشر في جريدة القدس في الثالث عشر من نيسان/ إبريل عام 1988، جاء فيه أن الهيئة التي تدعى السفارة المسيحية الدولية لا تمثل كنائسنا، وليست مخولة ولا منوطة بأن تمثل كنائسنا في هذه البلاد، كما أنها لا تستطيع أن تمثل غالبية المؤمنين في العالم. إننا لا نعترف بهذه السفارة ولا بنشاطاتها ولا بمؤتمراتها، وبما أن تعاليم السيد المسيح وهدي الإنجيل ونوره انطلقت من هذه الديار نفسها حيث نمثل نحن ديانتنا المقدسة، وحيث نجتهد في تكريم المقدسات والمحافظة عليها، فإننا لسنا بحاجة إلى أناس يأتوننا من الخارج يتحدثون أو يتصرفون باسمنا، خصوصا أنهم غير واعين بواقعنا، كما نرفض رفضا باتا أي تفسير سياسي للكتب المقدسة.
كما ندد الأرشمندريت عطا الله حنا ( المتحدث الرسمى باسم بطريركية الروم الأرثوزكس بالقدس ) في محاضرة ألقاها في بيت لحم بنشاط ما يسمى السفارة المسيحية بالقدس المحتلة، والمجموعات الصهيونية الأخرى التي تبرر عدوان الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، وتدعم تهويد الأراضي الفلسطينية والاحتلال. وذهب إلى إن هذه المجموعات تدعم الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، نافيا صفة الكنائس عن الأماكن التي تنشط فيها المجموعات الصهيونية، واصفا إياها بـ دكاكينصهيونية مسخرة في خدمة المشروع الصهيوني. وأكد أن المسيحية الحقيقية يمثلها المسيحيون العرب وليس ذلك القابع في البيت الأبيض.
الجماعات الأمريكية الداعمة للصهيونية
فى منتصف الثمانينات نشرت صحيفة السفير اللبنانية دراسة مفصلة للدكتور طارق متري، مدير دائرة الإيمان والوحدة بمجلس كنائس الشرق الأوسط آنذاك و منسق برنامج الحوار الإسلامي المسيحي بمجلس الكنائس العالمي حاليا. وقد تكون هذه الدراسة هى الأولى فى الإعلام العربي حول هذه الحركات. وقد عرضها الأستاذ فهمي هويدى تحت عنوان أصوليون وأمريكيون ( )، فأشار إلى أن الأفكار الألفية (الاعتقاد الحرفى بأن المسيح سيملك بعد عودته مرة أخرى ألف سنة كاملة) تلقى قبولا واسعا لدى بعض الأوساط الأمريكية. و فى هذا الصدد لقى كتاب هال لندس بعنوان: الأرض ذلك الكوكب المتأخر، قبولا ضخما، إذ بيع منه نحو 20 مليون نسخة. وفيه وصف الكاتب مرحلة العد العكسي نحو حرب هرمجدون. كما تحدث طارق متري عن دور حركة الأغلبية الأخلاقية التي أسسها جبرى فولويل، والتى تعتنق الأفكار الألفية، وتحدث أيضا عن البرامج الدينية التي تبث هذه الأفكار من خلال التليفزيون.
ونشر الكاتب الصحفي أحمد بهجت ( ) رسالة من أحد القراء حول تقرير نشر بمجلة نيويورك تايمز تناول فيه محرره جيفري جولدبرج الأخطار المحدقة بالحرم القدسي ( الأقصى وقبة الصخرة) حيث تتوافد علي فلسطين المحتلة جماعات المسيحية الصهيونية من الولايات المتحدة وكندا واستراليا, كما يستضيفون في الغرب قيادات الإرهاب اليهودي لجمع التبرعات, تمهيدا لبناء هيكل سليمان علي أنقاض الحرم. وقد رد قارىء آخر على أحمد بهجت برسالة ( ) جاء فيها أن الكنائس المسيحية والديانة المسيحية ليس لها دخل بهذا الاعتقاد والافتراء اليهودي.
ويمكن أن نوضح في هذا الإطار أن الاعتقاد المسيحي الراسخ بشأن هذه القضية أنه منذ هدم الهيكل الثاني بواسطة الرومان في عام 1970, كما تنبأ السيد المسيح في الكتاب المقدس, فإنه لن يقوم لليهود قائمة لأنه لا هيكل ولا ذبيحة بعد مجيء المسيح.
وذكر الدكتور حسن محمد وجيه أن هذه الجماعات لديها أموالا طائلة تستخدمها فى نشر أفكارها المتطرفة، وأن تأثير هذه الجماعات على الرأى العام و الحكومة الأمريكية فى تزايد مستمر ( ). ورصد الكاتب الصحفي رضا هلال ( ) علاقة التطور اللاهوتي في الكنيسة الغربية والانقسام الذي جري علي الصعيد اللاهوتي (كاثوليك - بروتستانت - إنجيليون) بالانقسام السياسي والكنسي الذي حدث في أوروبا منذ أن أعلن هنري الثامن قراره فى عام 1538 بالانفصال عن الكنيسة في روما الكاثوليكية والدعم الذي حظي به المذهب البروتستانتي في بريطانيا، بحيث اعتبرت بريطانيا لفترة من الزمن هى أرض الميعاد الجديدة,. ويقول أن المسيحية اليهودية - الصهيونية أصبحت مع نهاية القرن الثامن عشر تيارا راسخا في الثقافة الغربية، إلا أنها منذ ذلك التاريخ تحولت من ميدان اللاهوت والفلسفة والأدب والرمز إلي ميدان السياسية. وكان من جراء ذلك تأثر أحد القادة السياسيين الكبار وهو نابليون بونابرت بتلك الدعوة قبل وعد بلفور الإنجليزي بـ 118، سنة حين وصف نابليون في رسالة وجهها إلي اليهود أثناء غزوه للشام مخاطبا إياهم بأنهم ورثة فلسطين الشرعيون. وكان أول من صاغ عبارة بلاد بدون أمة لأمة بدون بلاد هو اللورد المسيحي الصهيوني الإنجليزي ايرل شافتسبري في مقال كتبه فى عام 1839 بعنوان الدولة وآفاق المستقبل أمام اليهود.
والأخطر من ذلك هو انتقال المسيحية الصهيونية إلي أرض الميعاد الجديدة، أي الولايات المتحدة، منذ مطلع القرن السابع عشر، و اصطبغت المسيحية الأمريكية البروتستانتية بطابع يهودي كامل, مما كان له تأثيره علي المؤسسات السياسية الأمريكية وطبعها بطابع يهودي كامل، وفى طليعتها البيت الأبيض، وعلى سبيل المثال لم يتردد الرئيس الأمريكيى الأسبق وودر ولسن فى الترحيب بوعد بلفور. ومن ناحية أخرى، فقد انعكس هذا التأثير اللاهوتى على السياسة الأمريكية. ورغم أن عدد المهاجرين اليهود الى الولايات المتحدة حتى عام 1790 لم يزد على 1500 شخص، إلا أن التأثير الحقيقى لليهود لم يكن في ذاتهم، ولكن فى تهويد المسيحية، فقد تبارى الرؤساء الأمريكيون فى مغازلة إسرائيل ليس تحت تأثير اللوبي اليهودي، كما يكرر خطابنا الإعلامي والسياسي، ولكن تحت تأثير اللوبي المسيحي الصهيوني الأمريكي الذي تحالف مع اليمين السياسي الأمريكي ليسيطر تماما علي الخريطة السياسية الحركية في الولايات المتحدة، وعلي مطابخ رسم وصنع السياسات، وعملية اتخاذ القرار في أجهزة الحكم الأمريكية ممثلة فى الكونجرس, ووزارة الخارجية, ودوائر الأمن القومي, والبيت الأبيض..الخ
ويقول مايك ايفانز أن إسرائيل تلعب دورا حاسما في المصير الروحي والسياسي لأمريكا. جعلت الشبكات الدينية التليفزيونية والإذاعية من إسرائيل قضية القضايا في برامجها وفي حملاتها لجمع التبرعات لإسرائيل.
خريطة الخطاب الديني الإنجيلي الأمريكي:
تتسم خريطة الخطاب الديني الإنجيلي الأمريكي بالاتساع والتعدد والتداخل أيضا، بقدر اتساع وتعدد التوجهات داخل الولايات المتحدة, لذلك نجدها تضم كافة الاتجاهات الأصولية المتطرفة والمعتدلة. وهناك ثلاثة اتجاهات هامة في هذا الصدد.
الاتجاه الأول: الأصولي الأخلاقي
يركز أصحابه علي نقد الأفكار الخاصة بحرية الشواذ وحياة الإباحية التي يحياها المجتمع الأمريكي والإجهاض إلي آخره. وقد عبر عن ذلك الاتجاه جيري فولويل، أحد رموز هذا الاتجاه، بعد حدوث هجمات سبتمبر مباشرة، والذى فسر وقوع تلك الهجمات باعتبارها انتقاما من الله لحالة التحلل الأخلاقى التى يعيشها المجتمع الأمريكي، الأمر الذي دفع الرئيس بوش إلى انتقاد فولويل قائلا: إنها كلمات غير لائقة لشعب يتألم ويعاني, مما اضطر فولويل أن يتراجع ويقدم اعتذاره للشعب الأمريكي.
وقد عبر بات روبرتسون عن هذا الاتجاه أيضا أثناء الاحتفال بالعام الأربعين لتدشين إذاعته الدينية الشهيرة حين قال إن الشعب الأمريكي في إمكانه أن يقي نفسه من أية هجمات في المستقبل من خلال صحوة روحانية. ثم أضاف إن الرب يستعد لهز الشعب الأمريكي, حيث لم نر بعد حكمه علي أمريكا. إن ما حدث فى الحادي عشر من سبتمبر أشبه بلعب الأطفال مقارنة بما سوف يحدث. إن الصحوة الروحانية المطلوبة تضع الأمور الروحية قبل أي شيء آخر, وتنطوي علي قدر كبير من الشعور بالندم والتواضع إلي حد الخنوع, وأن يبدأ الناس في العيش وفقا للأسلوب الذي يحضهم عليه الإنجيل. ( )
وقد ينجح هذا الاتجاه الأصولي المتشدد لفولويل وروبرتسون في جذب الكثير من البسطاء, لكنه ينطوي علي تناقضات وتعميمات ومقولات خاطئة. فنحن ننتقد معهم الجدل الدائر حول حرية الشواذ والمشكلات الأخري, ولكن السؤال: هل الفئات التي تعاني هذه المشكلات تمثل أغلبية في المجتمع الأمريكي المتدين والمؤمن الذي يشاركهما الانتقاد نفسه ؟ وهل بسبب هذه المجموعة القليلة ينتقم الله من كل الشعب الأمريكي ؟ وهل الله تعالي هو الفاعل الحقيقي وراء هذه الهجمات ؟ وما ذنب الأبرياء الذين ماتوا من غير الأمريكيين ؟ أم أنه جل جلاله يدعو كل الناس إلي أن تتعلم من عبرة الأحداث وصوت التاريخ ؟ و ماذا عن الإحياء الديني الذي يحدث في أمريكا منذ سنوات عديدة ؟
الاتجاه الثاني: الأصولي العنصري
يجمع هذا الاتجاه مع الاتجاه الأول طريقة التفكير والتركيز علي المشكلات الأخلاقية الداخلية, بل ويضم من بين رموزه الشخصيات نفسها التي عبرت عن الاتجاه الأول. لكن إذا كان الاتجاه الأول أصوليا متشددا, فالاتجاه الثاني - وهنا تكمن الخطورة - أصولي عنصري, تتزعمه قيادات هيئات ومذاهب تملك قوة المال والإعلام خاصة التليفزيوني منها أمثال فولويل، وروبرتسون، وسواجارت ( )، وبيكر، وكينث كوبلاند، وبن هن، وهمبرد، وكراولي، وروبيسون، وولفورد، ورالف ريد، ودون هولد...إلخ. وبالتالى، فإن هذا الاتجاه يتبنى مقولات صمويل هنتنجتون في كتابه المعروف حول صراع الحضارات، ومقولات فوكوياما في كتابه حول نهاية التاريخ، إلي آخر تلك الكتب التي تري أن المكون الأساسي للحضارة الإسلامية هو العداء للغرب. وبالتالي فإنه يؤيد من ينادي بحتمية الصراع بين الغرب والعالم الإسلامي. ليس هذا فحسب، بل إن هذا الاتجاه يتبني طريقة التفكير الحرفي الدهري Dispensatioal في اقترابه لنصوص الكتاب المقدس. ويخلط أصحاب هذا الاتجاه بين ما هو يهودي وما هو مسيحي, وبين الدين والسياسة, ويؤيدون مزاعم إسرائيل الحديثة عن الشعب المختار, وتفسيرهم الخاص بالمجيء الثاني للسيد المسيح ومقولة هرمجدون.، إلي آخر هذه الأمور.
ويمثل هذان الاتجاهان السند الرئيسي للجماعات المسيحية الداعمة للصهيونية، وذلك بالنظر إلى إيمانهما بالتفسير الحرفى للكتاب المقدس.
وقد تأثر بعض الرؤساء الأمريكيين بالطرح اللاهوتي المسيحي اليهودي، وفى مقدمة هؤلاء رونالد ريجان الذي ذكر أن سفر حزقيال يتضمن نصا يعنى أن الرب سيأخذ أولاد إسرائيل من بين الوثنيين ويعودون جميعهم مرة أخري إلي الأرض الموعودة, وان ذلك قد تحقق أخيرا بعد ألف عام ولأول مرة يبدو كل شيء في مكانه في انتظار هرمجدون والمجيء الثاني للمسيح.
ومن ناحية أخرى، تنوى السياسة الخارجية للمجرم شارون إحراز هدف واحد وهو: كسب الوقت من أجل البقاء في السلطة بدون التنازل عن الضفة الغربية والمستوطنات. وقد عكست زيارته الخامسة للبيت الأبيض إصراره على تحقيق هذا الهدف. وقد كشفت زيارات شارون إلى الولايات المتحدة الأمريكية مدى تعزز موقعه وموقفه بظهور حركة الصهيونية المسيحية، حيث ذكرت الصحيفة البريطانية Daily Telegraph ما أشارت إليه تقارير صحفية في الآونة الأخيرة، من بروز حركة الصهيونية المسيحية الجديدة أو أنصار إسرائيل الجدد بين المسيحيين البروتستانت المحافظين في الولايات المتحدة. وتمضي الصحيفة بالقول إن مندوبين عن هؤلاء - بينهم مقدمو برامج دينية في الإذاعات الأمريكية المحلية - حضروا لقاء لشارون في حفل أقيم في السفارة الإسرائيلية في واشنطن. ونقلت الصحيفة عن أحدهم القول إن تحالفات مثيرة للاهتمام بدأت تتشكل بين إسرائيل والمسيحيين المحافظين،... والذين يربو عددهم على 40 مليون شخص .
ويبدو أن إدارة بوش قد أخلت الساحة - حتى إشعار آخر- في ملف الشرق الأوسط للوبيات وجماعات ضغط موالية لإسرائيل، خاصة في ظل الصعود اليميني - النصراني واليهودي. وعلي عكس ما يري رضا هلال، فى المصدر المذكور من قبل، من صعود اتجاه متنام منذ بداية الثمانينيات نحو تشكيل تحالف واسع بين اليمين السياسي في الحزب الجمهوري وبين الحركة الأصولية المسيحية الصهيونية، فان الحقيقة الواضحة ان الحركة الصهيونية بشقيها المسيحي واليهودي ربطت قواربها وأحكمت قبضتها علي كل عناصر القوة المؤثرة داخل الحزبين الجمهورى والديمقراطى.
ويرى الدكتور القس إكرام لمعي ضرورة التمييز بين الجماعات المسيحية الداعمة للصهيونية، من ناحية، وباقى الكنائس المسيحية الأمريكية، من ناحية أخرى. ويشير هنا إلى عدد من النقاط ( ) :
(1) علينا أن ندرك أنه ليس كل البروتستانت الأمريكيين صهاينة أصوليون، كما أنه ليس كل الأصوليين الصهاينة أمريكيون, فهذه الحركة توجد أيضا في أوروبا وفي بلدان أخري كثيرة . وعلينا أن ندرك أيضا أن عدد البروتستانت الأصوليين لا يزيد عن10% من البروتستانت المتدينين، وأن90% من البروتستانت في الولايات المتحدة ضد الأصولية، وإن كان الأصوليون هم الذين يملكون الأموال ومحطات التليفزيون والدعاية الضخمة، وبإضافة اللوبي اليهودي إلى هؤلاء الأصوليين فإنهم يصبحون قوة لا يستهان بها. وبالإضافة إلي ذلك، فإن الصهيونية المسيحية هي بالأساس حركة وليست كنيسة، فلا توجد كنيسة تسمي كنيسة المسيحيين الأصوليين أو الصهاينة، لكنها حركة توجد في معظم الكنائس، تقوي أو تضعف بمقدار قبول الكنيسة لأعضاء ينتمون لمثل هذا الفكر. كما أن معظم الكنائس البروتستانتية في الولايات المتحدة قد رفضت الفكر الأصولي وأصدرت بيانات واضحة في هذا الشأن, وإذا ما وصمنا كل البروتستانت بالأصولية فإننا نقع بذلك في نفس خطأ الغرب عندما يصم كل المسلمين بالإرهاب دون تمييز.
(2) إن مارتن لوثر زعيم الإصلاح والذي أعاد اكتشاف العهد القديم وأشار إلى أهمية النظر إلى اليهودية كخلفية للمسيحية، والذى ذهب إلى أنه لا يوجد سبب ندين به يهود اليوم, وأن تعميدهم بالقسر مرفوض، قد عاد ورفض اليهود لأنهم رفضوا تفسيره للعهد القديم. وفي عام 1543 أصدر مارتن لوثر كتابه: في اليهود وكذبهم On the Jews and their lies والذي طبع في وتنبرج والذى بدأت معه معالم الطريق لاضطهاد اليهود علي يد الألمان، إذ يقول: إن مجامعهم يجب أن تحرق ولا يبقي أي أثر منها، وكتاب الصلاة اليهودي يجب أن يزال من الوجود, ويجب منع الربيين اليهود من الوعظ, ثم يجب أن تهدم بيوت اليهود وأن يجمعوا كلهم تحت سقف واحد ... ويجب أن يطردوا إلى الخارج دائما وباستمرار. ولقد نفذ أتباع لوثر تعاليمه فأغلقوا مجمع برلين فى عام 1572، ومنعوا اليهود من دخول أماكن معينة من المدينة.
وهكذا، ومن الأمانة العلمية والتاريخية علينا ألا نحمل مارتن لوثر ذنوب الأصولية المسيحية التي صارت حركة ضخمة علي يد ج. ن. داربي، وك. اسكوفيلد، وذلك بداية من القرن الثامن عشر حتي وصلت ذروتها مع نهاية القرن العشرين.
(3) أنه ليس من الموضوعية اليوم الحديث عن أصولية دينية تحرك السياسة الأمريكية، فالمعروف أن السياسة الأمريكية تحركها أولا وأخيرا المصالح وأن هذه الحركات الدينية يمكن أن تكون عاملا مساعدا، لكنها لا يمكن أن تكون المحرك الأساسي في اللعبة السياسية الأمريكية, وإلا أين كانت الأصولية المسيحية عندما وقفت الولايات المتحدة ضد الصرب في البوسنة وألبانيا، وأين كانت الأصولية المسيحية عندما وقفت الولايات المتحدة مع الكاثوليك في أيرلندا ضد البروتستانت,. لاشك أن المحرك الأساسي في كل هذا هو المصالح.
(4) إن الذي يفهم لغة الأصولية البروتستانتية الأمريكية هم البروتستانت غير الأصوليين، خاصة البروتستانت العرب. لقد قام د. القس صموئيل حبيب، الرئيس السابق للطائفة الإنجيلية فى مصر ، بجهد واضح في هذا المجال كان أبرزه زيارته للولايات المتحدة الأمريكية مع مفتي الجمهورية في ذلك الوقت، الشيخ د. محمد سيد طنطاوي، حيث قاما بجولة في معظم الولايات الأمريكية لتوضيح وجهة النظر الفلسطينية لبروتستانت الولايات المتحدة. وقد كان لهذه الزيارة التأثير الضخم لأنها جاءت من بروتستانتي مصري عربي، فكما يستطيع المصريون الأرثوذكس إقناع أرثوذكس الولايات المتحدة، هكذا، أيضا يمكن أن يكون هناك دور لبروتستانت مصر في هذا المجال.
(5) أن التفسير التآمري للتاريخ يدفعنا دفعا إلي المجهول، فعندما نقول أن السياسة الأمريكية يحركها الأصوليون الدينيون ، فإننا نتبنى بذلك نظرية صموئيل هنتنجتون حول صدام الحضارات، بل ونتعداها بقوة إذ نصور المستقبل في هذه الحالة وكأنه تصادم بين الأصوليات الدينية في الشرق والغرب.
وعلى الضفة المقابلة للمحيط، نجد الموقف الأميريكي لا يقل عن نظيره البريطاني مؤازرة ودعماً مطلقين لإرادة العنف اليهودية. وقد ثبت بالتجربة الطويلة استحالة تفسير الانحياز الأميريكي السافر بأي تبرير منطقي وأخلاقي يراعى المعايير الإنسانية القيمية التي طالما تغنت بها أدبيات الخطاب الأمريكى والثقافة الأميركية. ولكي ندرك حقيقة الأمر ينبغي إماطة اللثام عن قوة التأثير الحقيقية أو في جزء هام منها والكامنة خلف المشهد الأميريكي المنظور، والمتمثلة في جماعة الصهيونية المسيحية.
ولكن كما ذكر الكاتب الصحفى رضا هلال، فإن أخطر ما فى تصور اليمين المسيحي الأمريكي للصراع العربي - الإسرائيلى هو توظيفه للتاريخ التوراتى، أي محاولة تفصيل التاريخ على قياس ما يتصورون أنه إرادة الله . وقد كشفت الاستطلاعات أن قرابة 70 مليون أمريكي يشاهدون المحطات التليفزيونية الدينية و التى بلغ عددها 140 محطة، بالإضافة إلى 1006 قناة بنظام الكابل.
وكان الكاتب الإسلامي اللبناني محمد السماك قد ألقى عدة محاضرات حول الأصولية الإنجيلية، والبعد الديني للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وحول ما إذا كان الصراع الديني جزءا من النظام العالمي الجديد ؟ و خشي بعض الإنجيليين المشيخيين من الربط بين هذه الجماعات وكل الكنائس الإنجيلية فكتبوا موضحين ماهية ودور الكنيسة الإنجيلية المشيخية في العالم العربي. و من بين الذين سارعوا بالكتابة الأستاذ سليم أسبر الخورى ( ). كما كتب الأستاذ السماك في جريدة الأهرام القاهرية تحت عنوان الأصوليون، فذكر ما كتبته جريس هالسل عن الحركة الدينية الواسعة النفوذ فى الأوساط السياسية والإعلامية والمالية الأمريكية المعروفة باسم الكنيسة التدبيرية، والتى تؤمن بتأويلات معينة للتوراة تضع سيناريو لنهاية العالم يقوم على ضرورة عودة المسيح مرة أخرى، و أن لهذه العودة شروطا يجب توافرها. وجدير بالذكر أن هذه الحركة تدير عدة محطات إذاعية و تليفزيونية ( ).
ومن المعتقدات الرئيسية لتلك الجماعات:
- أن المسيح قادم ليحكم مدة ألف عام ؛
- تجمع كل يهودي العالم في فلسطين ؛
- بناء الهيكل الثالث ؛
- أن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل ؛
- على الحكومات أن تعترف بإسرائيل دبلوماسيا لتدعمها دوليا ؛
- السماح لليهود بالهجرة من جميع بلاد العالم، خاصة من الاتحاد السوفييتي السابق ،
- على جميع الدول نقل سفاراتها إلى القدس ؛
- على جميع الشعوب الصديقة أن تكف عن تسليح أعداء إسرائيل .
الاتجاه الثالث : الكنيسة الانجيلية ( المشيخية) ( )
يمكن ملاحظة تحليل مضمون المدرسة الدهرية بوضوح وقوة في الاتجاه المعتدل والعقلاني. وهذا الاتجاه تمثله كل الكنائس الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية التي يطلقون عليها Main Churches، وهي الكنائس المشيخية واللوثرية والأسقفية وغيرها التي يضمها جميعا المجلس الوطني لكنائس المسيح, الذي يصفه الأستاذ محمد السماك في كتابه حول الأصولية الإنجيلية (1991)، بأنه أهم قاعدة للمعارضة الإنجيلية التي ترفض التفسير الحرفي، والصهيونية اللاهوتية في الكنيسة.
ويعمل هذا الاتجاه علي نشر وتوعية جماهيرية، كما يضم مجموعة من المفكرين واللاهوتيين المعروفين علي مستوي العالم, الذين يتبنون مجموعة الأفكار التالية ويعملون على تطبيقها بكافة الوسائل المتاحة:
يتبع
-
تابع 1
1. أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا يمكن أن ترتبط بشعب معين أو دين معين. وفى هذا السياق، فإنهم يؤيدون اتجاه الإدارة الأمريكية في حشد ائتلاف دولي ضد ظاهرة الإرهاب (ذلك الخطر الذي حذر منه الرئيس مبارك منذ عام 1986). وفي الوقت نفسه فإنهم يقفون بقوة ضد قتل الأبرياء سواء في الولايات المتحدة أو فلسطين أو أفغانستان أو أي مكان في العالم.
2. أن الحضارات وجدت لتتفاعل وتتكامل لا لتتصارع وتتقاتل, ومن الظلم البين ربط الإسلام بالإرهاب, فالإرهاب له تاريخه في كل الديانات والشعوب, كما أننا يجب أن نفرق بين سلوك حفنة ضالة أو جماعات مارقة وبين الإسلام بكل قيمة التي تحض علي السلام والتعايش البناء والإيجابي مع الآخرين.
3. الربط بين العمليات الإرهابية والسياسات الخارجية الأمريكية المنحازة والكيل بمكيالين، والدعوة إلي المراجعة وربط القوة بالعدل, والخروج من الذات إلي الإيمان بالاحتياج للآخر, والتدخل الحاسم لحل النزاعات.
4. نبذ العنف بكل صوره في كل مكان، والدعوة لحضارة المحبة والإيمان والرجاء للإنسان المعاصر.
5. رفض وكشف كل المزاعم والأساطير التي تتبناها إسرائيل, ورفض احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية, وتفهم الفرق بين الإرهاب والكفاح المشروع للشعوب المحتلة للاستقلال والتحرر.
6. تكون بين هذا الاتجاه هيئة كنائس لسلام الشرق الأوسط زاروا الضفة الغربية وغزة مرارا، كان آخرها فى ديسمبر 2001. وهم علي اتصال دائم بالإدارات الأمريكية المتعاقبة من خلال الخطابات واللقاءات التي تنادي بدعم الحقوق الفلسطينية, وقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وكانت آخر لقاءاتهم مع كولين باول وزير الخارجية الحالي لمدة نصف ساعة فى السادس من شهر يوليو 2002, وتركوا له وثيقة تؤكد أن احتلال إسرائيل لفلسطين سرطان يهدد المنطقة والعالم, وأنه ضد الأمن والسلام في كل المنطقة. وطالبوا فى خطاباتهم للرئيس الأمريكي بتاريخ 6/8/2001، 14/11/2001، بوقف المساعدات لإسرائيل. (ويمكن الحصول على نصوص تلك الخطابات على موقع أصحاب هذا الاتجاه علي الإنترنت http://www.cmep.org).
7. تتعاون الكنيسة المشيخية مع منظمة غير حكومية تسمي (AFSC) وهي لجنة للخدمات تقدم منذ عام1948 دعما دائما للشعب الفلسطيني, بالإضافة إلي خطابات الكنيسة المشيخية وبياناتها في المحافل الدينية المحلية والدولية بهذا الشأن.
وهكذا، تكشف قراءة الخطاب الديني الأمريكي عن تعدد اتجاهات هذا الخطاب، من ناحية، وتحذرنا من التعميم الخاطئ الذي تركز فيه بعض الكتابات علي الاتجاهات المتطرفة فقط, من ناحية ثانية، وتدعونا في النهاية إلي إقامة الجسور مع الاتجاهات المعتدلة التي تتفق ولاهوتنا ومصالحنا الوطنية والقومية، من ناحية ثالثة.
وتعتبر الكنيسة الإنجيلية المشيخية هي أكبر كنيسة إنجيلية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة فى لبنان وسوريا ومصر. وتقف تلك الكنيسة فى مواجهة الأفكار المتطرفة لتلك الجماعات المتصهينة، كما أنها تؤمن وتعلم جيدا أن إسرائيل الحالية التى سبقت قيامها قوى سياسية دولية كثيرة حتى صدر وعد بلفور عام 1917، وتصويت الأمم المتحدة على تقسيم فلسطين عام 1947، وقيام الكيان الاسرائيلى عام 1948 باعتراف فوري أمريكي سوفيتي، لا علاقة لها بالنبوءات القديمة التى تحققت فعلا فى إطارها الزمني فى العهد القديم واكتملت فى دلالتها الروحية فى العهد الجديد. وأن كل ما يقال حول عودة اليهود الآن وربط ذلك بهذه النبوءات، ثم مجىء السيد المسيح ثانية وإقامة الهيكل ومعركة هرمجدون هو فكر قديم لا يتفق مع اللاهوت الكتابي، لكن أبواق الصهيونية العالمية تحاول دائما إحياء هذا التيار لخدمة أغراضها السياسية، وهذه مأساة كل التاريخ القديم والحديث، عندما يتم استغلال الدين لصالح الأهواء والسياسات.
ويعد هذا الموقف هو موقف الكنيسة المشيخية فى كل العالم.
ثالثا : مواقف الكنائس الأمريكية
يخلط العديد ممن يكتبون عن الجماعات الداعمة للفكر الصهيوني بين الجماعات الإيفانجيليةEvangelical والكنائس الإنجيلية المشيخية Presbyterian التي تقف في مواجهة تلك التيارات اليمينية الأصولية. ويأتى فى مقدمة المؤسسات الكنسية التي تواجه الاتجاهات اليمينية المسيحية المتطرفة المجلس القومي للكنائس الأمريكية والذي تصدر عنه مجلتان شهريتان هما: Christian Century & The Christianity and Crisis ، بالإضافة إلى بعض الدوريات الأخرى التي تصدر في بعض الولايات الأمريكية لا سيما في فيلادلفيا و ميتشجان، والتى ينتقد فيها المجلس التفسير الحرفي الأصولي للنصوص المقدسة والاتجاهات الصهيونية لهذه الجماعات. ومن الكنائس الهامة التي تواجه هذه التيارات وتساند قضايا الشرق الأوسط بقوة الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويقوم قسم الشرق الأوسط في الكنيسة المشيخية المتحدة بالولايات المتحدة الأمريكية، والذي يديره القس المصري د. فيكتور مكاري، بجهود ضخمة للإعلام بقضايا الشرق الأوسط ومعاناة الشعب الفلسطيني والاعتداءات الوحشية عليه من قبل القوات الإسرائيلية.
وعبر ربع قرن مضى أصدر المحفل العام ( الجمعية العامة ) لهذه الكنيسة عدة قرارات هامة بشأن القضية الفلسطينية، منها القرارات التي صدرت في أعوام 1967، 1969، 1974، 1978، 1982، 1983، 1984 ، 1987، 1988، 1989، 1990، 1991، 1992، 1995، وما تلاها حتى 2002 .
وقد أيد المحفل العام للكنيسة القرارات التي اتخذها من قبل ، كما دعا الرئيس الأمريكي والكونجرس إلى دعم الأمم المتحدة في تنفيذ قراراتها المتعلقة بالقدس وتجديد الجهود الساعية لجعل الدعم الأمريكي لإسرائيل مشروطا بإيقاف الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في القدس وما حولها، ووقف إقامة مستوطنات جديدة في الأراضي المحتلة، ورفض المساعي الهادفة إلى نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، تلك الخطوة التي يمكن أن تسفر عن خطر جسيم لعملية السلام في الشرق الأوسط. كما صدقت الكنيسة المشيخية على البيان المعنون القدس مدينة السلام الذي بعث به ثمانية من قادة الطوائف و الهيئات المسيحية إلى الرئيس الأمريكي في 6/3/ 1995. كما صدق البيان على مذكرة بطاركة ورؤساء الطوائف المسيحية فى القدس الصادرة فى 14/11/1994، حول موضوع أهمية القدس بالنسبة للمسيحيين، دعا فيه أعضاء الكنيسة إلى الصلاة اليومية من أجل سلام القدس .
الحرية الدينية فى مصر :
جدير بالذكر أن الجمعية العمومية للكنيسة المشيخية التي انعقدت في يونيو 2001 في دورتها رقم (213) في مدينة لويفيل بولاية كنتاكي الأمريكية, بمشاركة (580) عضوا من كل الولايات الأمريكية، أشادت بالحرية الدينية التي يتمتع بها المسيحيون في مصر. وأعرب بيان للجمعية العامة للكنيسة عن القلق من الأضرار التي يمكن أن تحدثها لجنة الحريات الدينية الأمريكية, من خلال التحريات التي تجريها في بعض الدول ومنها مصر, وهو ما يعد انتهاكا للعلاقات الداخلية. وتساءلت الكنيسة المشيخية عن المعايير التي تلتزم بها لجنة الحريات في اختيار بعض الدول, بينما تعفي دولا أخري .
و فى5 أبريل 2002 أصدر الدكتور القس كليف باتريك، الأمين العام السابق للكنيسة، بيانا. حول الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني (أنظر نص البيان، ملحق رقم 3). كما أصدرت الكنيسة المشيخية بيانا مطولا أرسلته إلي جميع الكنائس الإنجيلية في العالم، كان نصه:
من أجل السلام والأمن ومن أجل قدسية الحياة الإنسانية والعدل, نحن ندين قتل الأبرياء ضحايا الحروب والمنازعات, ونرفض بشدة إعادة احتلال أرض فلسطين ونناشد القادة من الجانبين أن يركزوا علي السلام وليس علي الحرب, ولقد أدنا من قبل حرب عام1967 واحتلال إسرائيل الأرض العربية بأسلوب غير شرعي ودعونا كثيرا لانسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية التي احتلت عام1967 م, ونحن ندين هدم المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات ونرفض نقاط التفتيش الإسرائيلية والإهانات التي تقع علي الإنسان الفلسطيني عندها, ونحن لنا سنوات نتابع تطور عملية السلام في الشرق الأوسط بأمل ورجاء, ولقد أصبنا بالإحباط من توقف هذه العملية وعدم اكتمالها عدة مرات, ولا نعتقد أن السياسة الإسرائيلية الحالية يمكن أن تجلب لها الآمن. ونحن نناشد الأمم المتحدة أن تقوم علي تنفيذ قراراتها بشأن تحقيق العدالة في المنطقة والتي كثيرا ما أبطلت مفعولها حكومتنا الأمريكية وتجاهلتها إسرائيل, ولقد بدأ الأمل يعود إلينا بعد المبادرة السعودية التي تبنتها القمة العربية في بيروت, ولنا أمل في حركة السلام الإسرائيلية, وفي الضباط الذين رفضوا محاربة الفلسطينيين في المناطق المحتلة, وأيضا في دعوة الرئيس بوش لإسرائيل بالانسحاب.
أول رئيس فلسطيني للكنيسة المشيخية :
ولعل أهم مؤشرات الدور الهام الذى تقوم به الكنيسة المشيخية فى دعم الحقوق الفلسطينية، أنه للمرة الأولى في تاريخها انتخبت الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة ( الدورة 214) فى 16 يونيو 2002، رئيسا فلسطينيا لها، هو القس الدكتور فهد أبو عقل، و هو من مواليد بلدة كفر يوسف بالجليل ( فلسطين) عام 1944. وقد هاجر إلى الولايات المتحدة فى عام 1966 لاستكمال دراساته اللاهوتية العليا، ثم تولى رعاية إحدى الكنائس المشيخية هناك.
وكما هو معتاد أن يلقى رئيس الكنيسة خطابا بعد انتخابه، فقد تحدث القس أبو عقل إلى المشاركين فروى قصة استيلاء إسرائيل على منزل أسرته فى عام 1948، وكيف طردت منه الأب والأم مع أخوته السبعة. وقال أن أمه رفضت أن تغادر المنزل وانتظرت زوجها بعد عودته من عمله ، وقالت له هذا منزلنا و تلك أرضنا وإذا رغبت إسرائيل أن تقتلني ، فلتقتلني في منزلي. ولكن أمام بنادق المحتل الإسرائيلى انتقلت الأسرة من منزلها لتسكن أحد المخيمات الفلسطينية. و قد أكد فى كلمته على أن فلسطين هي أرضه وعلى ترابها يوجد بيته وكنيسته الأولى .
وقد حصل القس الفلسطيني على 57% من الأصوات، وبينما حصل المرشحان الثاني والثالث، وهما من أصل أمريكي، على 29%، 14% من الأصوات على الترتيب.
و بانتخاب القس الدكتور فهد أبو عقل لمنصب الرئاسة، تواصل الكنيسة الإنجيلية ( المشيخية) فى الولايات المتحدة رسالتها في دعم الحق الفلسطيني، ومواجهة الجماعات الأصولية الأمريكية المعروفة بأصحاب المدرسة الدهرية التي تعنى بالتفكير الحرفي والأصولي للنصوص الدينية حيث تتلاقى أفكارها مع الميول الصهيونية. وقد ظهرت هذه المدرسة في الولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر، وتعمل بضغط من أصحاب الأموال، خاصة من خلال الإعلام، فى محاولة لفرض فكرها على المؤسسات الرسمية الأمريكية. ومرة أخرى يجدر التأكيد على أن تلك الاتجاهات لا تعدو كونها جماعات وليست كنائس رسمية على حد تعبير الدكتور القس فيكتور مكارى، مدير مكتب الشرق الأوسط وجنوب آسيا بالكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة.
هذا، وقد ألقى القس فهد أبو عقل الخطاب الافتتاحي لمؤتمر الأمم المتحدة لمنظمات المجتمع المدني المعنية بدعم الشعب الفلسطيني (23 ـ 24 سبتمبر 2002)، والذى شارك في أعماله قرابة أربعمائة شخص من مختلف أنحاء العالم، يدعمون القضية الفلسطينية. وقد قدم أبو عقل خطابا روحيا وأخلاقيا وسياسيا، ألقي فيه الضوء على التاريخ الطويل لعمل الكنيسة المشيخية فى فلسطين، والذي يرجع لعام 1817 . كما تحدث فيه عن مشاعر الود والتضامن التى تكنها الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط بمسلميه ومسيحييه، فضلا عن مطالبته بقوة بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين وضرورة قيام الدولة الفلسطينية.
وبالإضافة إلى الدور المؤسسى الذى تقوم به الكنيسة المشيخية، لا يمكن إهمال الدور الشخصى الذى يقوم به رموز الكنيسة وقادتها. فقد التقيت في مايو الماضي في بيروت بأحد قساوسة الكنيسة المشيخية بأمريكا ويدعى القس مارثيم وقرينته اليزابث ساندرز. وقد أوفدتهما كنيستهما للعمل فى خدمة الفلسطينيين في مجال التعليم الثانوى في بلدة الزبابدة بجوار مخيم جنين. وذكر لي بعضا من الجهود التي يبذلها للإعلام عن القضية الفلسطينية بين الشعب الأمريكي سواء من خلال دعوة وفود لزيارة المخيمات والإطلاع على أحوال الشعب الفلسطيني، أومن خلال الرسائل التي يبثها من خلال صفحة أعدها على شبكة الانترنيت .
هذا و تساهم الكنيسة المشيخية في تمويل بعض البرامج الفلسطينية ومن بينها مركز السبيل المعنى بالتوعية بالقضية الفلسطينية وشرح فكرة لاهوت التحرير الفلسطيني التي و ضعها مؤسس المركز القس نعيم عتيق، وبعض أنشطة الكنيسة الأسقفية كالمستشفى الأهلي العربي في غزة ومستشفى القديس لوقا فى نابلس، وجمعية الشبان المسيحية فى بيت ساحور، وبعض برامج الكنيسة اللوثرية. والجدير بالذكر أن الكنيسة الإنجيلية في مصر تتفق في الفكر والعقيدة مع الكنيسة المشيخية فى الولايات المتحدة.
موقف الكنيسة المشيخية من استخدام القوة الأمريكية ضد العراق :
اتخذ المحفل العام للكنيسة المشيخية في دورته 214 (عام 2002) القرار التالي بالنسبة لاستخدام الولايات المتحدة أسلوب القوة ضد العراق:
استنادا إلى التزامنا ككنيسة مشيخية بصنع السلام ، فإن المحفل العام:
1. يكرر التأكيد على قرارات المحافل السابقة والتي دعت إلى التخلي عن العقوبات الاقتصادية ، ولاسيما القرارين الصادرين في المحفلين 210 (عام 1998)، و212 (عام 2000)، واللذين دعيا إلى إنهاء كل العقوبات الاقتصادية ضد العراق ، والتي تجعل من المستحيل وصول المواد الأساسية إلى الشعب العراقي. وقد طالب المحفل (210) برفع هذه العقوبات فورا وأنه على الحكومة الأمريكية أن تتخلى عن استمرارها في فرض العقوبات .
2. يدعو الحكومة الأمريكية إلى ضبط النفس والعزوف عن الاندفاع إلى التحرك العسكري ضد العراق.
3. ينادى بتجميع جهود الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وحكومات منطقة الشرق الأوسط للعمل معا من أجل إزالة كل أسلحة الدمار الشامل من أي دول في المنطقة، كجزء من الجهود العالمية للحد من هذه الأسلحة والقضاء على إمكانات تطويرها .
4. يدعو الحكومة العراقية لاعادة توجيه مواردها إلى المشروعات والخدمات التي تفيد شعب العراق.
5. يناشد جميع الأطراف المعنية أن تسعى بجدية وإخلاص لايجاد حلول عبر التفاوض، تستند إلى الدبلوماسية لا العنف، وإلى السلام لا الحرب .
و قد بعث الدكتور القس فهد أبو عقل رئيس المحفل العام للكنيسة المشيخية برسالة إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش بتاريخ 30/9/2002 ، و مما جاء فيها :
....نحن لدينا قناعة تامة بأن العدوان العسكري الأحادي الجانب، وكذا الهجمات الوقائية، أو محاولة عزل حكومة ذات سيادة، باستخدام القوة العسكرية لن يلبى القضايا الرئيسية التي لابد أن تترتب عليها ردود فعل عنيفة. لذا فإننا نحث الحكومة الأمريكية ونتوقع منها أن تحترم القوانين والمعاهدات الدولية، ونطالبها بالعمل فى تعاون مع الأمم المتحدة للسعي من أجل السيطرة على أي تطوير في أسلحة الدمار الشامل من خلال مفتشي الأسلحة وبتطبيق مبادرة الحد من التسلح.
و قد بعثت الهيئة الأمريكية كنائس تسعى للسلام في الشرق الأوسط برسالة إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش أعربت فيها عن الانزعاج من تصريحاته عن القيام بعمل عسكري ضد العراق ،بهدف إسقاط حكم الرئيس العراقى صدام حسين. وأكدت الهيئة معارضتها لمثل هذا العمل من الناحية الأخلاقية. وأضافت أن الشعب العراقى عانى الكثير من جراء العقوبات الاقتصادية، وأى محاولة للعدوان على هذا الشعب الآمن ستؤدى الى مقتل و جرح أعداد كبيرة من المدنيين الأبرياء، كما ستزيد معاناة هذا الشعب الصامد. وأن قيام الولايات المتحدة بعمل عسكرى ضد العراق سيكون سابقة خطيرة، خاصة بالنسبة لدول أخرى تشعر بأنها مهددة من القدرات الحربية لجيرانها ...
وكان مجلس الكنائس العالمى ( 342 كنيسة فى 100 دولة ، من بينها عدد كبير من الكنائس الأمريكية ) قد أصدر بيانا حول محاولة العدوان على الشعب العراقي، اعتبر فيه محاولة العدوان الأمريكي عملا غير أخلاقى. و مما جاء في البيان الذي وقعه أمينه العام القس الدكتور كونراد رايزر، ووجهه إلى الأعضاء الـ 15 في مجلس الأمن، والى كوفى عنان، الأمين العام للأمم المتحدة، ومساعد الأمين العام، وذلك ردا على قرار مشترك لمجلس النواب الأمريكي ومجلس الشيوخ في 10 أكتوبر، يجيز استخدام القوة ضد العراق: أن المجلس العالمي للكنائس كان دائما يدعو كل دولة عضو إلى الامتثال لقرارات الأمم المتحدة الملزمة، وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية، وان العراق لا يمكن أن يُستثنى من هذا. ومن جهة أخرى فان المجلس سبق أن دعا العراق عدة مرات إلى التعاون مع مفتشي الأمم المتحدة.
وتشير الرسالة أيضا إلى أن شعب العراق عانى الكثير بسبب نظام العقوبات منذ عام 1991ولهذا، فإن إنزال العقوبات الإضافية بالمواطنين الأبرياء لا يمكن أخلاقيا أن يقبله أحد. وحذر النداء من العواقب الدبلوماسية والاجتماعية والثقافية والدينية الطويلة الأمد للحرب (الجديدة)، وخصوصا إذا كانت حربا من طرف واحد. فزيادة نار العنف استعارا، والتي تستنزف تلك المنطقة، ستؤدي إلى زرع بذور الكراهية في كل العالم... وأنه في وقت تجرون فيه مداولات إضافية في مجلس الأمن، أود أن ألفت نظركم إلى الأصوات العديدة من المسيحيين حول العالم، الملتزمين بتعاليم يسوع المسيح، ورؤية نبوية للسلام، والذين يؤمنون بقوة أن الحرب الوقائية ضد العراق غير مشروعة، وغير أخلاقية، وعديمة الحكمة.
خاتمة : موقف الكنائس والمؤسسات المصرية
اهتم منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية بمصر ، وعقد ندوة حول الإنجيليون العرب و الصهيونية فى 12/12/ 1997 تحدث فيها د. القس مكرم نجيب و د. عبد الوهاب المسيرى. هدفت هذه الندوة إلى إزالة الخلط واللبس الذي يلاحظ في بعض الكتابات حيث يتم الخلط بين بعض الكنائس والمنظمات الغربية وموقفها من إسرائيل، وبين الكنائس الإنجيلية العربية وإيمانها المستمد من الكتاب المقدس ودورها في مناهضة الصهيونية ودورها أيضا فى دعم القضية الفلسطينية وأهمية تفعيل هذا الدور فى المستقبل. و نشرت أعمالها في كتاب صدرت منه طبعتان حتى الآن.
موقف رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر:
أكد الدكتور القس صفوت البياضى، رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر (وهو قس مشيخى ) أن المسيحية بريئة من تهمة الصهيونية، موضحا أن ما روجت له بعض وسائل الإعلام مؤخرا من تعبير المسيحية الصهيونية به ظلم شديد للمسيحية كديانة تدعو إلى السلام والمحبة، وتنبذ الاحتلال والقهر واغتصاب الأوطان. مؤكدا أن التيار اليميني المتشدد فى الولايات المتحدة الموالى لإسرائيل هو تيار سياسي وليس دينيا، وأن إضفاء صفة الدين علي هذا التيار يحمل في طياته مغالطات خطيرة لأن المسيحية لا ترضى أبدا عن المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الأعزل ولا عن القهر والتهجير الذي يحدث له. وأوضح أن من يعتقد أن المجيء الثاني للسيد المسيح مرهون بتجمع اليهود مرة أخرى فى إسرائيل وقيام إسرائيل الكبرى يسئ تفسير الكتب المقدسة، فليس فيها ما يحمل هذا المعنى. كما أن الزعم بالحقوق التاريخية بشأن هيكل سليمان والادعاء بأن اليهود هم شعب الله المختار هي أمور بعيدة عن الأديان، وهى مجرد دعايات إعلامية وصهيونية تجيد الترويج لها بحكم إجادتهم لصناعة الإعلام.
وأشار رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر الى أن هناك صورة غير دقيقة نقلها إلينا الإعلام الغربي وهى أن كل الشعب الأمريكي يؤيد سياسات إسرائيل، وهو أمر غير صحيح، فهناك قطاعات ليست محدودة فى الولايات المتحدة ترفض السياسات الإسرائيلية ومنها قطاعات داخل اليهود أنفسهم الذين يعادون الصهيونية ويرفضون القتل والتهجير. وطالب رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر قادة الكنائس بالطائفة إجراء اتصالات واسعة مع الكنائس المشيخية فى الولايات المتحدة للتعريف بوجهة النظر العربية تجاه قضايا المنطقة وشرح عدالة القضية الفلسطينية بهدف كسب رأى عام أمريكي مساندا للقضية الفلسطينية .
وذكر الدكتور القس إكرام لمعي، رئيس سنودس النيل الانجيلى، في دورته الحالية فى حديث لتليفزيون الجديد اللبنانى مساء يوم 25 ديسمبر 2002 أن اليهود كانوا قبائل همجية قليلة العدد ، لا يزيد عددها عن نصف مليون نسمة، لا جذور لها فى المنطقة. وقد ضمت المنطقة كثيرا من العرب. ووضع الدكتور القس اكرام لمعى عدة كتب فى هذا المجال منها: الاختراق الصهيونى للمسيحية ، الذى صدرت منه طبعتان عن دار الشروق.
كما أن ما ذكره الدكتور كمال الصليبي، الرئيس السابق لدائرة التاريخ في الجامعة الأمريكية ببيروت، وهو عضو إنجيلى ينتمي إلى الكنيسة الإنجيلية الوطنية ببيروت، من أن التوراة جاءت من أرض العرب، وذلك فى كتابه الشهير المعروف بهذا الاسم، لا يوجد له أى تنظير علمي.
موقف قداسة البابا شنودة الثالث:
أكد قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن ما يطلق عليه المسيحية الصهيونية هو بدعة أمريكية لا وجود لها في العالم العربي، مشيرا إلى أن هذا التعبير مرفوض من جانب كافة الطوائف المسيحية الرسمية المعروفة فى كل أنحاء العالم . وأكد قداسة البابا أن هذا التعبير يعد إفرازا شاذا لمناخ سائد في الولايات المتحدة، حيث يتاح لأية جماعة متطرفة أن تؤسس مذهبا دينيا، مما أدي إلي ظهور تيارات سياسية متسترة بالدين وتخرج عنه وتنتهج سياسات مرفوضة. ومن ذلك جماعتا شهود يهوه والادفنتست الشائعتان في الولايات المتحدة واللتان تعتنقان مبادىء أقرب إلى اليهودية الصهيونية. وأضاف أن المسيحية عموما تحض على السلام والمحبة وترفض أساليب القهر والاحتلال واغتصاب الحقوق وتصفية المعارضين وهى مبادئ أساسية في الصهيونية العالمية. كما أن المسيحية الشرقية، على وجه التحديد، التزمت بالقضايا الوطنية للشعوب العربية وخاضت نضالا مشتركا إلى جانب المسلمين فى العالم العربي نحو تحقيق الاستقلال وصون الأرض والعرض. وأوضح أن من عقائد تلك المذاهب المتطرفة تقديس السبت والاعتقاد بأن مجيء المسيح مرتبط بتجمع اليهود مرة ثانية في إسرائيل وهى كلها عقائد صهيونية بالأساس.
موقف مجلس كنائس الشرق الأوسط:
تأسس هذا المجلس فى مايو 1974، من الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية فى منطقة الشرق الأوسط، ثم انضمت إليه فى عام 1990 الكنائس الكاثوليكية فى المنطقة. ولهذا المجلس أربعة رؤساء، إثنان منهم عن الأرثوذكس (عائلة الروم الأرثوذكس، وعائلة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية) ، والثالث عن الإنجيليين والأسقفيين ، والرابع عن الكاثوليك. وقداسة البابا شنودة الثالث هو أحد الرؤساء الحاليين لهذا المجلس.
قد أصدر المجلس بيانا ضد هذه الجماعات، نشر فى عام 1987 باللغة الإنجليزية بعنوان: What is Western Fundamentalist Christian Zionism ترجم إلى اللغة العربية فى عام 1991، وتم توزيعه على نطاق واسع. وقد أثار التقرير ردود فعل واسعة من جانب المفكرين والكتاب الصحفيين المصريين والعرب. فقد ذهب د. غالى شكرى، فى مجلة الوطن العربي إلى أن منظمات الصهيونية المسيحية تضيف وتحذف وتعدل، باسم المنجزات والتواصل الثقافي، في المعتقدات المسيحية بما يلائم روح العصر، ومن ثم فإنها تنسج خيوطا لا علاقة لها بالمسيحية من قريب أو بعيد( ). وتعليقا على مقال د. غالى شكري أوضحت صحيفة الديار اللبنانية، استنادا إلى التقرير، أن المسيحية الصهيونية هي ظاهرة أيديولوجية - سياسية تحمل لواءها عدة منظمات أمريكية ( ). كما ذهب د. محمد عصفور إلى أن الصهيونية المسيحية تهدف إلى شق الصف المسيحي العربي وشق الصف الاسلامى المسيحي العربي، وأنهم يزيفون المسيحية لأغراض سياسية مباشرة . و بالرغم من أن التزييف يضر في الصميم الشعب العربي الفلسطيني وجوهر القضية العربية ، إلا أنه يتوجه فى الوقت نفسه الى قلب العقيدة المسيحية أيا كان مركزها ، ومع ذلك فان أشد المضارين بذلك هم المسيحيون العرب( ). وعلق فيكتور سحاب على التقرير مؤكدا أن في الولايات المتحدة الأمريكية كنائس إنجيلية مسيحية هي أقرب إلى الصهيونية، وأن هذه الكنائس تمتلك محطات تلفزة تبشيرية يستمع إليها الملايين من الأمريكيين، بلغوا في أواسط الثمانينات (في بعض التقديرات) نحو خمسة وأربعين مليون أمريكي.
ولكن الذي يهمنا من تعاليم هذه الكنائس أن معظم زعماء هذه الكنائس التي اصطلح على تسميتها بـ المسيحية الصهيونية، يؤمنون ويبشّرون بفكرة هَرْمَجِدّون، وهي فكرةٌ مؤسسة على نص يرِدُ مرة واحدة في رؤيا يوحنا اللاهوتى، تلميذ السيد المسيح. وبناءً على تفسير هؤلاء، فإن النص المذكور هو نبوءة تؤكد أن حرباً نووية ستقع على أرض فلسطين، في سهل مجدّو جنوبى شرق حيفا، وأن هذه الحرب النووية ستحرق مئات الملايين من جنود العرب والاتحاد السوفيتي وأوروبا الموحّدة، وستكون انتصاراً للمسيح العائد الذي سينقذ من بقي من يهود ومسيحيين متجدّدين، ويقيم مملكةً على الأرض فيعمّ السلام ألف عام.
يتضح من هذا أن معتقدات الصهيونية المسيحية مؤسسة على هلوسات متطرفة. و مع هذا، فإن الاستخفاف بها و بأثرها ، من الخطورة بمكان لأسباب ثلاثة على الأقل:
أولاً: إن هذه الهلوسات المتطرفة مازالت تتحكم فى اتجاهات التصويت لدى ملايين الأمريكيين.، وقد نبّه كتّابٌ أمريكيون مراراً، إلى الوضع الحرج الذي اتّسم به التوازن السياسي في العالم حين كان ريجان رئيساً على مدى ثماني سنوات، وهو كما قيل يؤمن بأن الحرب النووية حتمية، وأنها إرادة الله، وأن الضغط على الزر النووي لتدمير العالم، إنما هو امتثال لمشيئة إلهية، بجب ألا تُعصى. ولكم لاحظنا في عصر ريجان كيف كان السوفييت يتنازلون في مفاوضات نزع السلاح، فيما تمسّك ريجان بنظام حرب النجوم الشهير، بإلحاح وعنادٍ مدهشين.
ويرى القس د. مكرم نجيب أن تأثير هذه الجماعات لا يزيد الآن عن 30% من الأصوات الانتخابية، كما أنهم لا يشكلون أكثر من 10% من الشعب الأمريكى. وفى عام 1995 رفض نحو 40% من الأمريكيين هذا الاتجاه الأصولي. ( )
ثانياً: إن عقيدة المسيحية الصهيونية تشكّل احتياطياً استراتيجياً لإسرائيل لدى الرأي العام الأمريكي، يسمح لها بإتيان ما تشاء من أفعال وبطلب ما تشاء من أموال، طالما أن تأييدها هو امتثالٌ لأمر الله، وأن أعداء إسرائيل هم أعداء الله، الذين يجب ألا يُحسب لهم أي حساب.
ثالثاً: لا تكتفي المسيحية الصهيونية بالتحرك السياسي داخل الولايات المتحدة الأمريكية فقط، ولكنها مدت شبكتها العاملة إلى فلسطين المحتلة ولبنان وقبرص، ولها في لبنان على ما يبدو محطتان للتلفزة، إحداهما تعمل في الجنوب ( قبل تحرير جنوب لبنان ) والأخرى تعمل في شمال بيروت.
وفى ابريل 1986 بحثت اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط مسألة الصهيونية المسيحية وأدانت إساءة استخدام الكتاب المقدس واستغلال المشاعر الدينية في محاولة إنشاء دولة ما، وتسويغ سياسات حكومة معينة. وأكد بيان اللجنة التزام كنائس الشرق الأوسط بالسلام والعدل فى المنطقة والعالم. وقد أعتبر هذا الالتزام تعبيرا عن الإخلاص لإنجيل يسوع المسيح، واهتماما أصيلا بأولئك الذين يتألمون ويحرمون من حقوقهم الانسانية. وفى السابع من مارس 1988 وجه الأمين العام السابق للمجلس رسالة إلى كبريات الكنائس و المؤسسات الكنسية العالمية طالب فيها بالتعاون لمعالجة التشويه الذي تقوم به الجماعات الداعمة للصهيونية للإيمان المسيحي.
***
وقد كتب الأب رائد عوض أبو ساحلية ( بطريركية اللاتين بالقدس) يقول: .. إن من يلقبون أنفسهم بـ السفارة المسيحية ... لا يمثلون المسيحية ولا المسيحيين ولا يمتون بأية صلة للكنائس الرسمية المحلية، وليس لهم أية علاقة بالمسيحيين العرب الفلسطينيين. كما أنهم لا يمثلون الكنائس الأرثوذكسية و الكاثوليكية والبروتستانتية الرسمية في العالم، بل هم فئات تدعى المسيحية مستوردون بالدولار الأمريكي. ومن الأفضل أن يلقبوا أنفسهم بالسفارة الصهيونية لأنهم يتخفون وراء المسيحية ولكنهم يدعمون أطروحات يهودية حول موضوع شعب الله المختار وأرض الميعاد، مبنية على العهد القديم من الكتاب المقدس وليس على الإنجيل. ( )
ملحق رقم (1)
نص مترجم للبيان الذى أصدره المحفل العام للكنيسة المشيخية بالولايات المتحدة الأمريكية
فى دورته المائتين والسابعة (سنة 1995) بشأن قضية القدس
حيث أن القدس كانت منذ أمد طويل، ومازالت، تعتبر المدينة المقدسة لدى المؤمنين فى اليهودية والمسيحية والإسلام ؛
وحيث أن وضع القدس ركن هام فى مفاوضات السلام الجارية بين إسرائيل والدول العربية؛
وبما أن البيان الصادر عن ثمانية من القادة المسيحيين بالولايات المتحدة بعنوان القدس مدينة السلام (بتاريخ 6 مايو/ أيار 1995) والموجه إلى الرئيس كلينتون، ينادى بوضع مسألة القدس فى مرتبة أعلى من الأهمية على قائمة أعمال السلام، كما يطالب بألا يصير مستقبل القدس أمراً مفروغا منه نتيجة لأفعال أى طرف من أطراف النزاع، وبأن تحترم أية اتفاقيات تقود لسلام دائم جميع الحقوق السياسية والإنسانية للفلسطينيين والإسرائيليين ولجماعات الأديان الثلاثة أيضا؛
ولما كان العديد من قرارات الكنيسة المشيخية فى الولايات المتحدة تناشد بالعدالة فى المفاوضات للتوصل إلى تسوية نهائية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مؤكدة بشكل خاص علي ضرورة إنهاء احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة ومراكز السكن الفلسطينية فى القدس الشرقية؛
وبما أن الاجتماع المائة والسادس والتسعين للمحفل العام للكنسية المشيخية بالولايات المتحدة قد طالب الحكومة الأمريكية بأن تستمر فى عدم الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، تاركة أمر تقرير مستقبل القدس للمفاوضات الدولية، وبأن تحجم عن أى تصرف يؤيد ضم إسرائيل بمفردها للقدس تحت إرادتها، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، سواء بقرار تشريعي أو إداري ( نظر محاضر جلسات الدورة لعام 1984، صـفحة 339).
وبما أن المذكرة التى أصدرها اثنا عشر رئيسا من رؤساء الطوائف المسيحية فى القدس (من الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت) بعنوان أهمية القدس بالنسبة للمسيحيين ( ويناقشون فيها موضوعات الشهادة المسيحية فى تلك المدينة، وضرورة منح الحقوق الكاملة لليهود والمسلمين والمسيحيين، كما ينادون بالحقوق المدنية والتاريخية والدينية لجميع المقيمين فيها، ويطالبون بتحقيق الآمال الوطنية لجميع سكانها) تقول : إننا ندعو جميع الجهات المعنية إلى إدراك طبيعة القدس - مدينة الله - واستيعاب عمق أهميتها. وإن أحدا لا يستطيع ضم القدس إلى حوزته الخاصة بطرق تستثنى الآخرين ( انظر بيان أصحاب الغبطة بطاركة ورؤساء الطوائف المسيحية في أورشليم بعنوانه المذكور، وبتاريخ 14 نوفمبر/ تشرين الثانى 1994، ص5 )؛
وبما أنه - نتيجة للشعور العميق باليأس والإحباط- قد غادر الكثيرون من المسيحيين القدس والأراضى المحتلة خلال العقود الماضية من الاحتلال العسكرى الإسرائيلى، فهذا الاحتلال أضحى يهدد بصورة أضخم مقدرة الجماعة المسيحية الوطنية على البقاء فى المدينة المقدسة، مما يمكنه أن يجعل من القدس مجرد موضع الآثار الحجرية لبهجة السياح دون الوجود الحى النابض بالشركة والشهادة المسيحية ؛
وبما أن القرارات المتعددة التى اتخذتها الأمم المتحدة- والتى تشمل القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة- تؤكد عدم جواز اقتناء الأراضى عن طريق الحرب ( انظر القضية الفلسطينية فى القانون الدولى - ملحق 21، وقرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر فى 22 نوفمبر / تشرين الثانى سنة 1967، ص472)؛
وبما أن الحكومة الأمريكية لها سياسة قائمة منذ زمن بعيد تعترف بتل أبيب وليس القدس كعاصمة إسرائيل ؛
وحيث أن بشارة إنجيل يسوع المسيح تلزمنا بأن نعرف ما هى مقومات السـلام ( لوقا 42:19)، وأن نسعى إلى تحقيقها بوسائل من شأنها أن تعلى الإنسانية الكاملة لكل فرد كإبن أو إبنة لله، وهى نفس البشارة التى أعطت للمسيحية ميلادها وغذت الكنيسة فى أورشليم وفى كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض ( أعمال 8:1)؛
لذلك فإن المحفل العام للكنيسة المشيخية بالولايات المتحدة الأمريكية مجتمعا فى دورته المائتين والسابعة (1995) :
1. يؤيد القرارات التى اتخذها المحفل العام سابقا فى أعوام 1974، 1984، 1988، 1990 والتى تدعم وضع القدس .
2. يؤكد قرارات المحفل العام السابقة ( فى أعوام 1974، 1977، 1983، 1984، 1988، 1989، 1990، 1991 ) التى تقر بحق إسرائيل فى التواجد فى حدود آمنه ومعترف بها دوليا، وبحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم .
3. يحث رئيس الولايات المتحدة والكونجرس الأمريكى على :
- دعم الأمم المتحدة فى تنفيذ قراراتها المتعلقة بمستقبل القدس
- تجديد الجهود الساعية لجعل الدعم الأمريكى لإسرائيل مشروطا بإيقاف الاستيلاء على الأراضى الفلسطينية فى القدس وحولها، وإيقاف إقامة مستوطنات جديدة فى الأراضى المحتلة، خاصة تلك الأراضى التى هى جزء من الجهود الرامية إلى خلق ما تسمية إسرائيل القدس الكبرى.
- رفض المساعى التشريعية الجارية الهادفة إلى نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، الخطوة التى يمكن أن تسفر عن خطر جسيم على عملية السلام فى الشرق الأوسط .
4. بحث الحكومة الإسرائيلية على رفع الإغلاقات العسكرية عن حدود القدس، التى تمنع المسيحيين والمسلمين وغيرهم من الوصول إلى أماكن عبادتهم، ومحلات أعمالهم ودور الصحة والتعليم وبعض مراكز الخدمات الضرورية الأخرى .
5. يصدق على البيان المعنون القدس مدينة السلام الذى أرسله إلى الرئيس كلينتون ثمانية من قادة الطوائف والهيئات المسيحية فى السادس من مارس/ آذار 1995 .
6. يؤيد مذكرة أصحاب الغبطة بطاركة ورؤساء الطوائف المسيحية فى القدس والذى تم إصدارها فى 14 نوفمبر/ تشرين الثانى 1994 عن موضوع أهمية القدس بالنسبة للمسيحيين والذى يعلن أن القدس هى رمز ووعد لحلول الله ( مع شعبه)، وللإخاء والسلام بين البشر لاسيما ذرية إبراهيم، أى اليهود والمسيحيين والمسلمين؛ والذى يدعو كل طرف أن يتجاوز جميع التصرفات والأفكار التى تعزل الآخرين، وأن يتناول بعين الاعتبار وبدون تعصب أو انحياز تطلعات الآخرين الدينية والوطنية من أجل إعادة أورشليم إلى طابعها الأصيل وجعلها مكانا قدسيا للمصالحة بين الناس .
7. يعيد فيؤكد الاقتناع الذى عبر عنه المحفل العام سابقا فى دورته المائتين والثالثة (1991) والذى يستند إلى قرارات اجتماعه فى أعوام 1974، 1984، 1987 والتى تعلن أن مستقبل القدس ليس هو ببساطة أمرا سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا وإنما هو فى صميم جوهرة مسألة دينية تتغلغل جذورها إلى عمق إيمان ثلاثة أديان حية يدعى معتنقوها بحق - أنهم نسل إبراهيم وأن أورشليم - بمشيئة العناية الإلهية - هى رمز فريد للأمل بمستقبل يتسم بالسلام والعدالة لجميع أولاد الله .
8. يدعو جميع أعضاء الكنيسة المشيخية إلى الصلاة اليومية من أجل سلام أورشليم، ذاكرين المكانة الخاصة فى تلك المدينة لكل من اليهود والمسيحيين والمسلمين، ومتفكرين بالمصاعب التى يواجهها القادة المسؤولون من كل الفلسطينيين والإسرائيليين فى محاولاتهم للتقدم بمساعى السلام الراهنة. والسهلة الكسر دون خسارة دعم القاعدة الشعبية التى يمثلونها.
9. يوجه سكرتير المحفل العام أن يرسل نسخا من هذا القرار إلى كل من مجلس كنائس الشرق الأوسط، وهيئة الكنائس من أجل سلام الشرق الأوسط، وجميع الموقعين على مذكرة عن أهمية القدس بالنسبة للمسيحيين وخطاب القدس مدينة السلام، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأعضاء لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب الأمريكى، وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى، ووزير الخارجية الأمريكى، والسكرتير العام للأمم المتحدة، وحكومة إسرائيل، ومنظمة التحرير الفلسطينية .
ملحق رقم (2)
القدس مدينة السلام
نص معرب لرسالة ثمانية من قادة الكنائس الأمريكية إلى الرئيس بيل كلينتون
( 6 مارس 1995)
أسألوا سلامة أورشليم
القدس مدينة يقدسها اليهود والمسيحيون والمسلمون لأنها الميراث الروحى لكل أولاد إبراهيم كما يجتمع كل المؤمنين فى شوقهم لمجئ الوقت الذى تجد فيه جميع الأمم القدس - حقا- مدينة السلام .
إن قصة القدس مأساة، وفى تاريخها المشتبك لا يبرأ أحد أبنائها من أصحاب أى الأديان الثلاثة من دماء أخوته . لكننا نقف اليوم على عتبة مرحلة هامة من التاريخ حيث نجد مستقبل القدس مفتوحاً للمفاوضات السلمية لذا يتوجب على تلك الجماعات الدينية الثلاثة أن تقوم بدور فعال فى تلك المشاورات .
سيادة الرئيس، إننا نتقدم إليك كقادة للمجتمعات المسيحية فى الولايات المتحدة تربطهم بالشرق الأوسط روابط متينة ، فنطلب من حكومة الولايات المتحدة أن تضع مسألة القدس فى مكانة أعلى على جدول أعمالها بصفتها الوسيط الأكبر لعملية السلام فى الشرق الأوسط.
ففوق كل شئ نطالب الإدارة الأمريكية باستعمال نفوذها لمنع ترك حل هذا الموضوع الحيوى لاستعمال القوة بواسطة خلق حقائق على الأرض ( أى إقامة المستوطنات الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية)، نحن نخشى بأنه إذا لم تتعامل كل الأطراف المعنية مع القضايا المتمحورة حول مسألة القدس بشكل مفتوح ومباشر فإنه من الوارد جداً أن تعطل هذه القضايا مسار عملية السلام.
وفى نفس الوقت نحن نؤمن بأن جعل القدس للمفاوضات المفتوحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو أمر أساسى للتوصل لاتفاق حول مسألة القدس، فإنه من الواجب أن يقوم ممثلون معينون من الجماعات الدينية الإبراهيمية الثلاثة بدور بناء فى تشكيل القرار النهائى لحل القضايا المتعلقة بمدنية القدس التاريخية، كما يتوجب على المجتمع الدولى ضمان الوجود الحى للجماعات الدينية الثلاثة فى المدنية المقدسة .
§ نحن نلجأ إليك لأن التطورات الحاصلة على أرض القدس حالياً لا تترك مجالاً كافياً للمفاوضات حول مسألة القدس فى المرحلة الأخيرة من عملية السلام .
§ إن مزيداً من الأراضى يؤخذ - فى تعارض واضح مع القانون الدولى- من أيدى الفلسطينيين ويوضع تحت سيطرة إسرائي ، وذلك عن طريق الضم ومصادرة الملكيات والشراء الخاص الذى غالباً ما يكون قسريا أو مشكوكاً بأمر شرعيته ؛
§ إن تخطيط إسرائيل لما تسميه القدس الكبرى، هو سر مكشوف ؛
§ من المعروف أن تصريح إسرائيل بأن القدس ستبقى العاصمة الأبدية وغير المقسمة لإسرائيل يعنى أنه إدعاء بسيادتها المنفردة على القدس، مما يلغى مقدماً أية مفاوضات حقيقة.
نحن نخشى أن :
§ الإدارة الأمريكية هى الآن فى طور التراجع عن سياسة الولايات المتحدة طويلة العهد التى تسلم بأن القدس الشرقية تخضع لقرار مجلس الأمن رقم 242 المتعلق بالأراضى المحتلة بعد حرب 1967؛
§ أن الإدارة الأمريكية قد فشلت فى الاعتراف بالحقوق والمصالح الفلسطينية ودعمها فى القدس ؛
§ أن الإدارة الأمريكية لا تستعمل نفوذها ذا الشأن المعتبر لإيقاف عملية بناء المستوطنات الإسرائيلية فى القدس الشرقية والتوسيع الإسرئيلى المستمر فى المناطق الفلسطينية .
حضرة الرئيس، نحن على يقين أكيد بأن القرار المتعلق بمسألة القدس يمكنه أن يحسن ويطور التعاون بين الأديان الإبراهيمية الثلاثة، كما يمكنه أن يزرع بذور صراع جديدة بين المسلمين واليهود والمسيحيين. كما يجب ألا يصير مستقبل القدس أمراً مفروغاً منه نتيجة لأفعال أى طرف من أطراف النزاع . إن التوصل عن طريق المفاوضات إلى اتفاق يحترم جميع الحقوق السياسية والإنسانية للفلسطينيين والإسرائيليين وجماعات الأديان الثلاثة أيضاً، هو الحل الوحيد الذى يمكن أن يقود إلى سلام دائم. كذلك فإن السلام الودى بين إسرائيل وجيرانها العرب كهدف منشود، يمكن تحقيقه فقط فى محيط مدينة مشتركة تحترم فيها مصالح الجميع .
فنظراً للظروف المتدهورة على أرض الواقع والأهمية المحورية لهذا الموضوع بالنسبة لعملية السلام، نناشدك، يا سيادة الرئيس بأن تستخدم نفوذكم البناء للتأكد من تناول المفاوضات لموضوع القدس بأسرع وقت ممكن، وأن يعكس موقف الولايات المتحدة جميع الاهتمامات التى حاولنا أن نعبر عنها لسيادتكم فى هذا البيان .
ملحق رقم (3)
نص بيان الكنيسة المشيخية فى الولايات المتحدة
الذى أصدره الدكتور القس كليف باتريك، أمين عام الكنيسة آنذاك، حول الاعتداءات الإسرائيلية علي الشعب الفلسطيني (5 أبريل 2002)
.....منذ 1976 دعت كنيستنا إلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة( ذات سيادة), وحق الشعبين في أن يعيشا في سلام كجيران. ودعونا مرارا إلي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإلي وقف إنشاء وتوسيع المستوطنات والمستعمرات Settelments and colonie علي أراض فلسطينية مصادرة، وإلي وقف الإذلال والامتهان المستمرين للشعب الفلسطيني عن طريق العقوبات الجماعية الإسرائيلية وعن طريق ما تقوم به إسرائيل من هدم للمنازل وتخريب وتدمير المباني العامة, بما فيها منشآت الكنائس وغزو المستشفيات والمدارس ومباني الكنائس وملحقاتها, وأيضا عن طريق إغلاق الحدود ونقاط التفتيش العسكرية, والحرمان من الوصول إلي الخدمات الصحية والاجتماعية وإلي أماكن العبادة الدينية, بل والهجوم الوحشي Brutal علي الشرطة والمدنيين الفلسطينيين بمن فيهم من نساء ورجال وأطفال من سكان مخيمات اللاجئين...
ولقد راقبنا منذ سنوات حتي الآن عملية السلام في تبادل بين الأمل واليأس, ودعونا حكومتنا التي تتمتع بنفوذ( تأثير) كبير علي قيادة كل من الإسرائيليين والفلسطينيين, وبتأثير( مماثل) بالتأكيد في المنطقة كلها, دعوناها لأن تقوم بدور نشيط وغير منحاز في دعم وتأكيد العدل والسلام في المنطقة. ولقد خاب أملنا، وساءنا كثيرا، بسبب صمتها وتأخرها في العمل, أو بسبب تأييدها المنحاز في اتجاه واحد لإسرائيل علي أمل زائف مؤداه أن تحقق سياسات إسرائيل الأمن. ولقد شجعنا ( أيدنا) ما اتخذته الأمم المتحدة من قرارات, استهدفت تحقيق العدالة لكل من إسرائيل والفلسطينيين, وإن أعاقها أحيانا فيتو من جانب حكومتنا, وغالبا ما تجاهلتها إسرائيل أو تحدتها.
لقد أنعش آمالنا القرار الجماعي الذي اتخذته القمة العربية في بيروت, والتي تمت صياغته علي أساس المبادرة السعودية, والذي يعرض علي إسرائيل الاعتراف الكامل مع إقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية والتعاون الاجتماعي والاقتصادي في مقابل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي تطالب إسرائيل بأن تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة وأن تعود إلي حدودها فى عام 1967 المتحدة والتي يعترف بها الجميع بوصفها شريكا رئيسيا محتملا, أن تمارس تأثيرها الإيجابي لإنهاء الاحتلال; ومثلما نثق في أنه مايزال علي اسرائيل أن تس
http://www.ahram.org.eg/acpss/ahram/2001/1/1/SB1K18.HTM
-
اللهم انصرالاسلام والمسلمين فى كل زمان ومكان
اااااااااااااااااااااامين
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة Ahmed_Negm في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 15-12-2007, 08:16 PM
-
بواسطة Ahmed_Negm في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 25-11-2007, 02:02 PM
-
بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 27-07-2006, 01:40 PM
-
بواسطة Ahmed_Negm في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 24-06-2006, 01:21 PM
-
بواسطة المهتدي بالله في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 03-09-2005, 11:26 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات