-
المولد النبوي بين الاتباع والابتداع ( د. كمال قالمي )
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ المولدُ النَّبويُّ بين الاتّباع والابْتداع ‘‘ للشيخ د. كمال قالمي الجزائري ـ حفظه المولى ـ
الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيِّئات أعمالنا . من يهدِه الله فلا مضلّ له ، و من يضلل فلا هادي له .
و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، و أشهد أنّ محمّداً عبدُه و رسوله ، صلّى الله عليه و على آله و صحبه ، و من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .
أمَّا بعد ، فقد ابْتُلِيت الأمَّة الإسلامية منذ دهر طويل بأنواع كثيرة من البدع و المحدثات في الاعتقادات و الأعمال ، و الأقوال و المناهج ، كانت سببًا في تفرُّقها و ضعفها و تشتُّتها أحزابًا و شيعًا ، قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [المؤمنون: 53] .
و قد تضافرتْ نصوصُ الكتاب و السنَّة و آثار سلف الأمَّة في النَّهي عن البدع و التَّحذير منها ، من ذلك قوله ـ تعالى ـ : ﴿ وَ أَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَ لاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153] ، فعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : خطَّ رسول الله خطًّا بيده ، ثمَّ قال : « هَذَا سَبِيلُ اللهِ مُسْتَقِيمًا » ، قال : ثم خطَّ عن يمينه و شماله ، ثم قال : « هَذِهِ السُّبُلُ لَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إلاَّ عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ »، ثم قرأ هذه الآية : ﴿ وَ أَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَ لاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ ﴾ [1] .
قال الإمام ابنُ الماجشون ـ رحمه الله ـ : سمعت مالكًا يقول : « من ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنةً ، فقد زعم أنَّ محمَّدًا خان الرِّسالة ؛ لأن الله يقول : ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة:3] ؛ فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا » [2] .
و عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ » [3] .
و في رواية لمسلم : « مَنْ عَملَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ » .
قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ : « و هذا الحديثُ أصلٌ عظيمٌ من أصول الإسلام ، و هو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أنَّ حديث : « الأعمال بالنّيّات » ميزانٌ للأعمال في باطنها ، فكما أنّ كلَّ عمل لا يُراد به وجه الله ـ تعالى ـ ، فليس لعامله فيه ثواب ، فكذلك كلّ عمل لا يكون عليه أمرُ الله و رسوله ، فهو مردود على عامله ، و كلّ من أحدث في الدِّين ما لم يأذن به الله و رسوله ، فليس من الدِّين في شيء » [4] .
و عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : كان رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ إذا خطب يقول : « أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ ، وَ خَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَ شَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ » [5] .
قال الحافظ ابن حجر العسقلانيُّ ـ رحمه الله ـ : « قوله : « كلَّ بدعة ضلالة » قاعدة شرعيَّة كليَّة بمنطوقها و مفهومها ، أمَّا منطوقها فكأن يقال : حكم كذا بدعة ، و كلُّ بدعة ضلالة ، فلا تكن من الشَّرع ؛ لأنّ الشَّرعَ كلَّه هدى ، فإن ثبت أنَّ الحكم المذكور بدعة صحَّت المقدِّمتان ، و أنتجتا المطلوب » اهـ [6] .
و عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : « اتَّبِعُوا وَ لا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ ، وَ كُلُّ بدعة ضلالة » [7] .
و الأحاديث و الآثار في هذا المعنى كثيرة ، يطول المقام بذكرها .
و اعلم ـ أخي القارئ ـ أنَّ من جملة المحدثات التي افْتُتِنَ بها المسلمون ـ قديمًا و حديثًا ـ الاحتفال بالمولد النبويِّ و اتخاذه عيدًا يعود عليهم كلَّ سنة ليلة الثَّاني عشر من شهر ربيع الأوّل .
و الأدلة على بدعيَّة هذا العمل كثيرة نُجمل بعضها فيما يلي :
1 ـ أنَّه لم يرد في الكتاب و لا في السُّنَّة .
قال العلامة تاج الدِّين الفاكهانيّ المالكيُّ (ت 734هـ) ـ رحمه الله ـ : « فقد تكرَّر سؤالُ جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعضُ النَّاس في شهر ربيع الأوَّل ، و يسمُّونه المولد ، هل له أصل في الشَّرع ، أو بدعة وحَدَثٌ في الدِّين ؟ و قصدوا الجواب عن ذلك مُبيَّنًا ، و الإيضاح عنه معيَّنًا .
فقلتُ و بالله التَّوفيق : لا أعلمُ لهذا المولدِ أصلاً في كتابٍ و لا سنَّةٍ ، و لا يُنقلُ عملُه عن أحدٍ من علماءِ الأمَّة الَّذين همُ القدوةُ في الدِّين المتمسِّكون بآثار المتقدِّمين ، بل هو بدعةٌ أحدثها البطَّالونَ ، وشهوةُ نفسٍ اعتنى بها الأكَّالون » [8] .
و لا شكَّ أنَّ مولد سيِّد الأنبياء و المرسلين نعمةٌ كبرى و منَّةٌ عظمى ، تفضَّل اللهُ ـ تعالى ـ به على الإنس و الجنِّ ، و مع ذلك لم ترد الإشارةُ إليه في كتاب الله ، و إنَّمَا جاء الامتنان ببعثته ـ صلى الله عليه و سلم ـ لا بمولده كقوله ـ تعالى ـ : ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ ﴾ [آل عمران: 164] ، و قوله : ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ ﴾ [الجمعة:2] ، و منه قوله ـ تعالى ـ : ﴿ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾ [الرعد: 30] ، و الآيات في هذا المعنى كثيرة .
و أمَّا ما ورد في السُّنَّة في شأنِ يومِ الاثنين ( و هو يوم ولادته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) ، فإنَّما شُرع فيه الصِّيامُ لا غير ، فعن أبي قتادة الأنصاريِّ ـ رضي الله عنه ـ سُئل عن صوم الاثنين ؟ فقال : « فِيهِ وُلِدْتُ ، وَ فِيهِ أُنْزِلَ عَليَّ » و في رواية : « وَ يَوْمٌ بُعثتُ فِيهِ » [9] .
فوافقَ يومُ الاثنين يومَ مبعثِه أيضًا ، و هو يوم وفاته ، كما سبق .
و هنا إشكالٌ يَرِدُ على أصحاب المولد في حالةِ ما إذا وافق يومُ المولدِ يومَ الاثنين ، فقد جاء في «مواهب الجليل» : « قال الشَّيخ زرُّوق : في شرح القرطبيَّة : صيامُ يومِ المولدِ كَرِهه بعضُ مَنْ قَرُب عصرُه مِمَّن صحَّ علمُه و ورعُه ، و قال : إنَّه من أعيادِ المسلمين فينبغي أن لا يُصامَ فيه » [10] .
فخالفوا الهديَ النَّبويّ الكريم من وجهين :
الأوّل : أنَّهم شرعوا عيدًا لم يأذن به اللهُ و لا رسولُه ، إذْ لا يُعرفُ في الإسلامِ من الأعيادِ السَّنويّةِ إلاَّ عيدَيْن : عيد الأضحى و عيد الفطر ، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قَدِمَ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ المدِينةَ و لهمْ يَومَانِ يَلعَبُونَ فيهما ، فقال : « مَا هَذَانِ اليَوْمَانِ ؟ » ، قالوا : كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّة ، فقال رسُولُ الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ : « إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْم الأَضْحَى وَ يَوْم الفِطْرِ » [11] .
و الوجه الثَّاني : أنَّهم كَرهُوا صِيامَ يومِ الاثنين ، و قد صامَه النَّبيُّ ـ صلى الله عليه و سلم ـ و رغَّب في صومِه .
فأينَ صِدقُ محبَّتهم لرسولِ الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ الَّذي ثمرتُه الاتباع و الاقتداء ؟!
2 ـ و أنَّه لم يعملْ به أحدٌ من الخلفاء الرَّاشدين و الصَّحابةِ و التَّابعين لهم بإحسان ، المشهودِ لهم بالخيريَّة ، على لسانِ رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ في قولِه : « خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ » [12] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : « إنَّ هذا ـ أي اتخاذ المولد عيدًا ـ لم يفعلْه السَّلفُ مع قيامِ المقتَضِي له ، و عَدمِ المانعِ منه » ، قال : « و لو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السَّلفُ ـ رضي الله عنهم ـ أحقَّ به منَّا ، فإنَّهم كانوا أشدَّ محبَّة لرسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ و تعظيمًا له منَّا ، و هم على الخير أحرصُ » [13] .
و لما أراد الفاروق عمر ـ رضي الله عنه ـ أن يضع للمسلمين تاريخًا استشارَ في ذلك الصَّحابة ـ رضي الله عنهم ـ ، فاتَّفقتْ كلمتُهم على جعلِه من يومِ هجرتِه ـ صلى الله عليه و سلم ـ من مكَّة إلى المدينة .
فعن سَهلِ بن سَعْدٍ ـ رضي الله عنه ـ قال : « ما عَدُّوا من مبعثِ النّبيِّ ـ صلى الله عليه و سلم ـ و لا من وفاته ، ما عَدُّوا إلاَّ من مَقْدَمِه المدينةَ » [14] .
و عن سَعيدِ بنِ المسيِّبِ قال : « جمع عُمَرُ النَّاسَ فسألهم من أيِّ يوم يُكتبُ التَّاريخُ ؟ فقال عليٌّ : مِنْ يومِ هاجرَ رسولُ الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ و تركَ أرضَ الشِّرك ، ففعلَه عمرُ ـ رضي الله عنه » [15] .
قال الحافظُ ابن حَجر : « و قد أبدى بعضُهم للبَدَاءة بالهجرةِ مناسبةً ، فقال : كانتْ القضايا التي اتَّفقتْ له و يُمكنُ أن يؤرَّخ بها أربعةٌ : مولدُه ، و مبعثُه ، و هجرتُه ، و وفاتُه ؛ فرجَحَ عندهُم جعلُها مِنَ الهجرةِ ؛ لأنَّ المولدَ و المبعثَ لا يخلُو واحدٌ منهما من النِّزاع في تعيين السَّنةِ ، و أمَّا وقتُ الوفاةِ فأعرضُوا عَنه لِمَا تُوُقِّعَ بذكرِه من الأسفِ عَليه ، فانحصرَ في الهجرةِ » [16] .
فأنت ترى ـ أخي القارئ ـ أنَّ الصَّحابة الكرام ـ رضوانُ الله عليهم ـ اتَّفقوا على وضْعِ التَّاريخ الإسلامي ابتداءً من تاريخِ الهجرة ، و مع ذلك لم يُنقل عنهم و لا عمَّن بعدَهم من أهل القُرون المفضَّلة أنَّهم اتَّخذوا ذلك الحَدَث الجَلَل عيدًا يحتفلُون به على رأسِ كلِّ سنةٍ ، و إنَّما ابتدع الاحتفالَ به الرَّوافضُ من الخُلفاءِ الفاطميِّين في أواخرِ القرنِ الرَّابع الهجريِّ ـ بعد انقراضِ القرون الخيريَّة ـ قال العلَّامة المقريزيُّ ـ رحمه الله ـ : « و كان للخلفَاء الفاطميِّين في طول السَّنة أعيادٌ و مواسم ، و هي : موسمُ رأس السَّنة ، و موسم أوَّل العام ، و يومُ عاشوراء ، و مولدُ النَّبيِّ ـ صلى الله عليه و سلم ـ ، و مولدُ عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ ، و مولدُ الحسن، و مولدُ الحسين ، و مولدُ فاطمة الزَّهراء ، و مولدُ الخليفة الحاضر...» إلخ أعيادهم البدعيَّة [17] .
فأحدث الرَّافضة ـ قبَّحهم الله ـ هذه الأعيادَ التي منها : الاحتفال برأس السَّنة اقتداءً باليهود ، و الاحتفال بالمولد النَّبويِّ اقتداءً بالنَّصارى ، و قد كانت عادتُهم عند الاحتفال بالمولد « أن يُعمل في دار الفطرة عشرون قنطارًا من السُّكر الفائقِ حلوى من طرائفِ الأصنافِ و تُعبَّى في ثلاثمائة صِينِيَّة نُحاس ، فإذا كانَ ليلةُ ذلك المولد تُفرَّق في أربابِ الرُّسوم كقاضي القضاة و داعي الدُّعاة و قُرَّاء الحضرة و الخطباء و المتصدِّرين بالجوامع بالقاهرة و مصر و قَوَمَةِ المشاهد و غيرهم ممَّن له اسمٌ ثابت بالدِّيوان » [18] .
و عنهم تلقَّفها أبو حفص عمر بن محمَّد بن خضر الإِرْبِليّ الموصليّ نزيل دمشق المعروف بالملاّء أحد الصُّوفيَّة ( ت570هـ ) [19] و به اقتدى صاحب إِرْبِل ( و هي مدينة كبيرة في الموصل بالعراق ) الأمير المظفَّر أبو سعيد كُوكُبُريّ بن زين الدِّين علي بن بُكْتِكين التُّركمانيّ ( ت630هـ ) [20] .
و قد كان صاحبُ إرْبِلَ هذا مُسرفًا مبالغًا غاليًا في عمل المولد ، حُكي عنه أنَّه كانَ يعملُ المولدَ في خمسة أيَّام من اليومِ الثَّامن إلى اليوم الثَّاني عشرَ من شهر ربيع الأوَّل ؛ لأجل الخلافِ في مولدِه صلى الله عليه وسلم !! ، و قال الحافظ ابن كثير : « قد صنَّف الشَّيخُ أبو الخطَّاب بنُ دِحْية له مجلَّدًا في المولد النَّبويِّ سمَّاه « التَّنْوير في مولد السِّراج المنير » ، فأجازه على ذلك بألف دينار » [21] .
و يقول سبط ابن الجوزيِّ في « مرآة الزَّمان » : « حكى بعضُ من حضَر سِماط المظَفَّر الموالدَ أنَّه مدَّ في ذلك السِّماط خمسة آلاف رأس شَوِيٍّ ! و عشرة آلاف دجاجةٍ ! و مائة ألفِ زَبَدِيَّة ، و ثلاثينَ ألفَ صحنِ حَلْوى ، قال : و كان يحضُرُ عنده في المولد أعيانُ العلماء و الصُّوفيَّة ، فيخلعُ عليهم ، و يُطلقُ لهم ، و يعمل للصُّوفيَّة سماعًا من الظُّهر إلى الفجر ، و يرقُصُ معهم بنفسه !!... » [22] .
و لا يزال هذا الاحتفال قائمًا إلى يومنا هذا في كثير من المجتمعات الإسلاميَّة حتَّى آل الأمرُ إلى تعطيلِ الأعمالِ و المدارسِ و الدَّوائرِ الحكوميَّةِ باعتبارِه عيدًا شرعيًّا ، على اختلافٍ بينهُم في طريقةِ إحيائه ، و تنوُّعِ أساليبهم في ذلك ، و الله المستعان .
3 ـ و مما يؤيِّدُ عدمَ شرعيَّة الاحتفال بيوم المولدِ هو اختلافُ أهلِ السِّيَر و التَّواريخ في تعيين شهرِ و ليلةِ و لادتِه ـ صلى الله عليه و سلم ـ على أقوالٍ كثيرةٍ [23] .
و على القول المشهور أنَّ ولادته ـ صلى الله عليه و سلم ـ كانت في شهر ربيع الأوّل ليلةَ ثِنتي عشرة ، يقابلُه أنَّ وفاتَه ـ صلى الله عليه و سلم ـ كانت في ذلك الشَّهر و في تلكَ اللَّيلة ، و لا شكَّ أنَّ وفاتَه ـ صلى الله عليه و سلم ـ كانت أعظمَ المصائب على وجهِ الأرض ، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ مرفوعًا : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ـ أَوْ مِنَ المُؤْمِنِينَ ـ أُصِيبَ بمُصيبَة فلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنْ المُصِيبَةِ الَّتي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي ، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي » [24] .
قال الفاكهاني : « هذا مع أنَّ الشَّهر الذي وُلد فيه ـ صلى الله عليه و سلم ـ و هو ربيع الأوَّل ـ هو بعينِه الشَّهر الذي تُوفي فيه ، فليس الفرحُ بأولى من الحزن فيه » .
قال ابنُ الحاج : « العجبُ العجيبُ كيفَ يعملون المولدَ بالمغاني والفرح و السّرور ـ كما تقدَّم ـ لأجل مولدِهِ ـ صلى الله عليه و سلم ـ في هذا الشَّهر الكريم ، و هو ـ صلى الله عليه و سلم ـ فيه انتقل إلى كرامة ربِّه ـ عزَّ و جلَّ ـ و فُجِعتْ الأمة و أُصيبتْ بمُصابٍ عظيمٍ لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبدًا ، فعلى هذا كان يتعيَّن البكاءُ و الحزنُ الكثيرُ ، و انفراد كلّ إنسانٍ بنفسِه لما أصيب به ، لقوله ـ صلى الله عليه و سلم : « ليعزَّى المُسْلِمُونَ فِي مَصَائِبِهِمْ المُصِيبَة بِي » اهـ [25] .
4 ـ أنَّ أكثر ما يُقصد من الاحتفال بالمولد هو إحياءُ الذِّكرى ـ كما يقولُون ـ ، و النبيُّ ـ صلى الله عليه و سلم ـ قال الله ـ تعالى ـ في حقّه : ﴿ وَ رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ ، فلا يُذكَرُ اللهُ ـ عزَّ و جلَّ ـ إلاَّ ذُكر معه ـ صلى الله عليه و سلم ـ في التَّشهدِ و الأذانِ و الصَّلواتِ و الخطبِ و غيرِ ذلك ، روى ابن جرير الطَّبريُّ عن قتادةَ في تفسير هذه الآية أنَّه قال : « رَفع اللهُ ذكرَه في الدّنيا و الآخرة ، فليس خطيبٌ و لا متشهِّدٌ ، و لا صاحبُ صلاةٍ إلاَّ ينادي بها : أشهدُ أن لا إله إلاَّ الله و أشهدُ أنَّ محمّدًا رسولُ الله » [26] .
و ما أجملَ شعرَ حسَّان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ مادحًا رسولَ الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ :
أغرُّ عليه للنّبوة خاتَم * مِنَ الله من نُورٍ يلوحُ و يشهدُ
و ضمَّ الإلهُ اسمَ النّبيِّ إلى اسْمِه * إذا قال في الخَمْس المؤذِّنُ : أشهدُ
و شقَّ لهُ من اسمه ليُجلَّه * فذُو العرْشِ محمودٌ و هذا محمَّدُ
فإذا كان ـ صلى الله عليه و سلم ـ يذكرُ في هذه المواطن الكثيرة على مدار الأيَّامِ و الشُّهور ، فما فائدةُ تخصيصِ ليلةٍ أو لياليَ معدودةٍ من ثلاثمائةٍ و ستِّين يومٍ و ليلةٍ بذكرهِ و الاحتفالِ به ، أليسَ في هذا جفاءٌ في حقِّه و بخلٌ في ذكرِه ، فأين دعوى محبَّتِه ـ صلى الله عليه و سلم ـ و تعظيمِه ؟!
5 ـ أنَّ في الاحتفالِ بالمولدِ مضاهاةً و مشابهةً لأهل الكتاب في أعيادِهم ، كعيدِ ميلادِ المسيحِ عيسى ابن مريم ـ عليه السَّلام ـ عند النَّصارى .
و قد أُمِرْنا بمخالفتهم ، و نُهِينا عن تقليدهم و التَّشبهِ بهم ، فعن أبي سعيد الخدريّ ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال ـ رسولُ الله صلى الله عليه و سلم ـ : « لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَ ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ » ، قُلْنَا : يَا رسولَ الله ، اليهود و النَّصارى ؟ قَالَ : « فَمَنْ ؟! » [27] .
و عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ ، أنَّ النَّبيَّ ـ صلى الله عليه و سلم ـ قال : « مَنْ تَشَبَّه بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ » [28] .
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ : « فيه دلالةٌ على النَّهي الشَّديدِ و التَّهديدِ و الوعيدِ على التَّشبه بالكفَّار في أقوالهم و أفعالهم و لباسِهم و أعيادِهم و عباداتِهم و غيرِ ذلك من أمورِهم الَّتي لم تُشْرع لنا و لا نُقَرُّ عليها » [29] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : « و هذا الحديثُ أقلُّ أحوالِه أن يقتضيَ تحريمَ التَّشبهِ بهم ، و إن كان ظاهرُه يقتضِي كفرَ المتشبِّه بهم ، كما في قوله : ﴿ وَ مَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 51] » اهـ [30] .
6 ـ إضافةً إلى ما تقدَّم ، ما يحدثُ ليلةَ الاحتفال من المعاصي و المنكراتِ من جانبِ أهلِ اللَّهو و المجونِ ، و من البدعِ و الشركيَّاتِ من جانب أهل الزُّرَدِ و الصُّحُون .
كإنشادِ القصائدِ و المدائحِ النَّبويَّة ، و قراءةِ المؤلَّفاتِ الموضُوعةِ في الموالدِ المشتمِلَة على الغُلوِّ و الإطرَاء الَّذي نهى عنه نبيُّنا ـ صلى الله عليه و سلم ـ بقولِه : « لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَم ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا : عَبْدُ اللهِ وَ رَسُولُه » [31] .
بل بلغَ بهم الحدُّ إلى الاستغاثةِ بالنَّبيِّ ـ صلى الله عليه و سلم ـ ، و ادِّعاءِ معرفتِه للغيبِ ، إلى غيرِ ذلك ممَّا اشتمَلت عليه قصائدُهم و مصنَّفاتُهم من البدعيَّات و الشِّركيَّات ، و إلى الله المشتكى .
فهذه ـ أخي القارئ ـ بعضُ الحُجج القاطعةِ والبراهينِ السَّاطعةِ على سبيلِ الإيجازِ و الاختصارِ الَّتي تُدينُ أصحابَ الموالدِ بالقولِ ببدعيَّة احتفالهم بيوم المولدِ ، و قد عرفتَ منشأَ هذه البدعةِ المنكرةِ ، و أنَّها منْ وضْعِ الرَّوافضِ الَّذين أحدثوها مشابهةً لليهودِ ـ و لا عجبَ في ذلك ؛ فإنَّ مؤسِّسَ دينِ الرَّافضة هو عبدُ الله بنُ سَبَأ اليَهوديّ ـ ثم أخذها عنهم الصُّوفيَّةُ الَّذين اتَّخذوها عبادةً ، و اجتهد علماؤهُم في تأييدِها ، و بيانِ مشروعيتها ، و التماسِ الأدلةِ ـ بل الشُّبه ـ لها ، و التَّأليفِ فيها ؛ حتَّى صارت عندهُم و كأنَّها شريعةٌ منزَّلة من عندِ الله ربِّ العالمين ، و شعيرةٌ شابَ عليها الصَّغيرُ و هَرُم عليها الكبيرُ ، و لسانُ حالِهم ـ أو قالهِم ـ يقول كما قال الله ـ تعالى ـ : ﴿ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَ اللّهُ أَمَرَنَا بِهَا ﴾ [الأعراف: 28] .
و اعلمْ ـ وفَّقكَ الله لهداه ـ أنَّ محبَّةَ النَّبيِّ ـ صلى الله عليه و سلم ـ و توقيرِه و تعظيمِه تتمثَّلُ في طاعته ، و امتثالِ أوامرِه و اجتنابِ نواهيه ، و التَّسليمِ لأحكامِه ، و اقتفاءِ أثرِه ، و السَّيرِ على طريقتِه ، و اتِّباعِ هديِه ، و التَّأسِّي به ظاهرًا و باطنًا .
قال ـ تعالى ـ : ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31] .
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ : « هذه الآيةُ الكريمةُ حاكمةٌ على كُلِّ من ادَّعى محبَّةَ الله ، و ليس هو على الطَّريقةِ المحمَّديَّةِ ؛ فإنَّه كاذبٌ في دعواه في نفسِ الأمرِ ، حتَّى يتبَّع الشَّرع المحمَّديَّ و الدِّينَ النَّبويَّ في جميعِ أقوالِه و أفعالِه و أحوالِه ... و قال الحسنُ البصريُّ و غيرُه من السَّلف : « زعَمَ قومٌ أنَّهم يحبُّون اللهَ فابتلاهم اللهُ بهذه الآيةِ فقال : ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾ » [32] .
و قال العلاَّمة ابن قيِّم الجوزيّة : « فجعل سبحانه متابعةَ رسولِه سببًا لمحبَّتهم له ، و كونُ العبدِ محبوبًا لله أعلى من كونِه مُحِبًّا لله ؛ فليس الشَّأنُ أن تُحِبَّ اللهَ ، و لكنَّ الشَّأن أنْ يُحِبَّك اللهُ ، فالطَّاعةُ للمحبوب عنوانُ مَحَبَّتِه ، كما قيل :
تَعصي الإِلَهَ وَ أَنتَ تَزعُم حُبَّهُ * هَذا مُـحالٌ في القِيـاسِ بَديعُ
لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتَهُ * إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُـحِبُّ مُطيعُ » [33] .
فـ « الحبُّ الصَّحيحُ لمحمَّدٍ ـ صلى الله عليه و سلم ـ هو الَّذي يَدَعُ صاحبَه عن البدع ، و يحملُه على الاقتداءِ الصَّحيحِ ، كما كان السَّلف يحبُّونه ، فيُحيُون سُنَنَه ، و يَذُودون عن شريعتِه و دينِه ، مِنْ غَير أن يُقيموا لهُ الموالدَ و ينفقُوا فيها الأموالَ الطَّائلةَ الَّتي تَفتَقِر المصالحُ العامَّةُ إلى القليلِ منها فلا تجدُه » [34] .
فالزَمْ ـ رحمني اللهُ وإيّاك ـ ما كانَ عليه الصَّحابةُ و التَّابعونَ منَ السَّلفِ الصَّالحينَ من المحبَّةِ واتِّباعِ سنَّةِ سيِّدِ المُرسَلين ، و إيَّاك أن تغترَّ بكثرة الهالكين ، فليسوا على شيءٍ حتى يتَّبعوا ما أُنزل إليهم من ربِّ العالمين .
و صلّى الله و سلّم على نبيّنا محمّد و على آله و صحبه أجمعين .
الهوامش :
[1] رواه أحمد (1/465) ، و ابن أبي عاصم في ( السنَّة 17) ، و الحاكم (2/239) و صحّح إسناده ، و حسّن إسناده الألبانيّ في ( ظلال الجنَّة في تخريج السُّنَّة ) .
[2] نقله الشَّاطبي في ( الاعتصام 1/49) .
[3] البخاري (2697) ، و مسلم (1718) .
[4] ( جامع العلوم و الحكم 1/176) .
[5] مسلم (867).
[6] ( فتح الباري 13/254) .
[7] رواه الدَّارمي (205) ، و المروزيّ في ( السُّنَّة 78) ، و الطبرانيُّ (9/154 (8770)) ، قال الحافظ الهيثميُّ في ( مجمع الزوائد 1/181) : « و رجاله رجال الصّحيح » .
[8] ( المورد في عمل المولد ص4) تأليفه .
[9] صحيح مسلم (1162).
[10] ( مواهب الجليل في شح مختصر خليل 2/405) للحطّاب ، و ينظر أيضًا : ( حاشية الخُرشيّ على مختصر خليل 3/18) .
[11] رواه أبو داود (1134) ، و النَّسائيُّ (1556) ، و الحاكم (1/294) و صحَّحه على شرط مسلم .
[12] رواه البخاري (2652) ، و مسلم (2533) .
[13] ( اقتضاءُ الصِّراط المستقيم مخالفةَ أصحابِ الجحيم 2/619) .
[14] رواه البخاريُّ (3934) .
[15] رواه الحاكم في ( المستدرك 3/14) و صحَّحه .
[16] ( فتح الباري 7/269) ، و للمزيد يراجع ( البداية و النهاية 4/510 ـ 513) .
[17] ( المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار 1/490) .
[18] ( صبح الأعشى 3/576) للقلقشنديّ .
[19] له ترجمة في ( هدية العارفين 1/784) ، و ( الأعلام 5/60) للزّركلي .
[20] كما في ( الباعث على إنكار البدع والحوادث ص95 ـ 96) لأبي شامة المقدسيّ .
[21] ( البداية و النهاية 17/205 ط التركي ) .
[22] المرجع السَّابق .
[23] انظرها في ( لطائف المعارف ص 109 ـ 111) لابن رجب .
[24] رواه ابن ماجه (1599) ، و في سنده موسى بن عُبيدة الرَّبَذِيّ و هو ضعيف ، و رواه الدَّارميُّ (84) بإسناد صحيح ؛ لكنَّه مرسل ، و له شواهد أخرى ؛ و لذلك صحَّحه العلَّامة المحدِّث الشَّيخ محمَّد ناصر الدِّين الألباني ـ رحمه الله ـ في «السّلسلة الصّحيحة» برقم (1106) .
[25] ( المدخل 2/16 ـ 17 ) .
[26] ( تفسير الطبري 24/494 ط التركي ) .
[27] رواه البخاري (3456) ، و مسلم (2669) .
[28] رواه أبو داود (4031) ، و أحمد (2/50) و غيرهما ، و إسناده حسن ، كما في ( الإرواء 5/ 109 ) .
[29] ( تفسيره 1/129 ) .
[30] ( اقتضاءُ الصِّراط المستقيم 1 /241 ) .
[31] رواه البخاري (3445) ، و الإطراء : مجاوزة الحدِّ في المدح و الكذب فيه ، ( النهاية في غريب الحديث 3/123 ) .
[32] ( تفسير ابن كثير 3/ 46 ) .
[33] ( روضة ا لمحبّين ص 266 ) .
[34] من كلام العلاَّمة محمَّد البشير الإبراهيمي ـ رحمه الله ـ في ( آثاره 2 / 341 ) .
=====
نقله لكم أخوكم المحب / فريد المرادي ـ عفا الله عنه بمنه و كرمه ـ .
المصدر : موقع راية الإصلاح
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 25-12-2014, 11:48 PM
-
بواسطة ابو حنيفة المصرى في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 25-12-2014, 11:44 PM
-
بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 27-02-2010, 02:00 AM
-
بواسطة أسد الإسلام في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 14
آخر مشاركة: 03-07-2009, 12:10 AM
-
بواسطة abcdef_475 في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 01-01-2009, 09:48 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات