إثبات من التوراة والإنجيل
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ناسخا بشريعته الشرائع الماضية { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون } سورة سبأ
و { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } سورة الفرقان
وقد وردت البشارة فيه في التوراة والإنجيل والزبور
فجاء في قول يوحنا حكاية عن المسيح ( ص 14 ف 15 ) ما يأتي : ( إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب فيعطيكم فارقليطا آخر ليمكث معكم إلى الأبد . روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه . ولا يعرفه . وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم وفيكم )
وفي ص 16 ف 5 : ( وأما الآن فأنا ماض إلى الذي أرسلني وليس أحد منكم يسألني أين تمضي لكن لأتي قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم الفارقليط لكن إن ذهبت أرسله إليكم ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطيئته وعلى بر [ ؟ ؟ ] وعلى ديبوبة . أما على الخطيئة فلأنهم لا يؤمنون بي وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني ايضا وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين . إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن وأما متى ذاك روح الحق يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية . ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم )
إن هذه الترجمة رديئة فالأسلوب ضعيف والألفاظ مكررة تكرارا لا مسوغ له والجمل مفككة خالية من الروح ولذا لا يتأثر منها القارئ وترجمة الفارقليط أو البارقليط بالعربية ( أحمد ) كما في كتابه العزيز { ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد } ( 1 ) وقد تصرف المترجمون في هذه اللفظة فكانوا تارة ينقلونها عن اللغات الثلاث الأصلية وهي العبرانية والكلدانية واليونانية بالمعزى وأخرى بالمخلص أو يكتبونها البارقليط كما هي
ومن يقرأ هذه النصوص وينعم النظر في معناها ومرماها يجد أن عيسى عيله السلام بشر برسالة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام فسماه فارقليطا آخر يعنى رسولا غيره تبقى شريعته إلى قيام الساعة ولا يأتى بعده نبي ولا رسول وقال أنه إن لم ينطلق لا يأتي الفارقليط وقد بكت النبي صلى الله عليه وسلم النصارى واليهود الذين أنكروا نبوة المسيح وأساءوا إليه وحرفوا دينه وقد أرشد النبي عليه الصلاة والسلام الناس كافة إلى الحق وكان لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع بتكلم به أي لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى وثبت أنه أخبر بأمور آتية وقد وقع ما أخبر به ومجد عيسى عليه السلام وتدل آيات القرآن الكريم على ما ورد في الأنجيل فإن النبي ( الفارقليط الذي أتى به عيسى عليه السلام ) لا يتكلم من نفسه به كل ما يسمع يتكلم به وأنه يرشد إلى الحق . { قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلى وما أنا إلا نذير مبيي } { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم } { والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيآتهم وأصلح بالهم } { تلك آيات نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله و آياته يؤمنون }
وإذا كان الفارقليط لا يشير إلى محمد رسول الله فإلى من يشير إذن ؟ وأين الذي جاء بعد عيسى عليه السلام ؟ ومن هو الذي بكت العالم على خطيئته . ومن هو روح الحق الذي لا يتكلم من نفسه الخ أليس هو رسول الله ؟
وجاء في وصية موسى الكليم عليه السلام كما في ص 33 ف 2 : من التثنية ولفظه :
( قال جاء الرب من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من فاران ومعه ألوف الأطهار في يمينه سنة من نار . أحب الشعوب جميع الأطهار بيده والذين يقتربون من رجليه يقبلون من تعليمه )
هذه الوصية هي آخر وصايا موسى عليه السلام . وقد أخبر بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ووضح لهم أن الله جاء من سيناء ( يريد بمجيئه ظهور دينه وتوحيده بما أوحى إلى موسى بسيناء ) وأوصاكم بواسطتي باتباع التوارة ويستشرق عليكم بواسطة عيسى من ساعير وهي جبال فلسطين فلم يبق إلا أن يستعلن من جبال فاران ( والمراد بها مكة وهي البلدة التي سكنها إسماعيل ) وألوف الأطهار هم الصحابة رضوان الله عليهم . في يمينه سنة من نار وهي الشريعة الإسلامية لأنها أحرقت المشركين ولما كان من المهم أن نعرف مكان فاران التي وردت في وصية موسى بحثت عنها في أشهر المراجع الموثوق بها فجاء في معجم ياقوت جزء 6 صحيفة 323 طبع مصر سنة 1324 ( فاران هي من أسماء مكة ورد ذكرها في التوراة . قيل هو اسم لجبال مكة ) وجاء في كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني طبع ليدن 1883 صفحة 170 : وأما معدن فران فإنه نسب إلى فران بن بلى بن عمرو كما قيل في جبال الحرم جبال فاران وذكرت بذلك في التوراة وإنما نسبت إلى فاران بن عميلق . وجاء في كتاب الأعلام بأعلام بيت الله الحرام تأليف قطب الدين النهروالي المكي طبع ليبسيك سنة 1857 ص 18 عند ذكر أسماء مكة ما يأتي :
( ومن أسمائها كوثى لأن كوثى اسم لمحل من قعيقعان وفاران والمقدسة وقرية النمل لكثرة نملها والحاطمة لحطمها للجبابرة والوادي والحرم الخ ) فلم يبق شك أن فاران جبال بمكة أو هي مكة نفسها سميت باسم تلك الجبال
جاء في سفر أشعيا الأصحاح الحادي والأربعون ( أنصتي إلى أيتها الجزائر ولتجدد القبائل قوة ليقتربوا ثم يتكلموا . لنتقدم معا إلى المحاكمة من أنهض من الشرق الذي يلاقيه النصر عند رجليه . دفع أمامه أمما وعلى ملوك سلطة . جعلهم كالتراب بسيفه وكالقش المنذري بقوسه . طردهم . مر سالما في طريق لم يسلكه برجليه من فعل وصنع داعيا الأجيال من البدء أنا الرب الأول ومع الآخرين أنا هو )
والمراد بالقبائل قبائل العرب وصاحب السيف والقوس هو محمد فإن عيسى لم يحارب أصلا
وجاء في الفصل 18 من الكتاب الخامس من سفر التثنية أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام ( قل لبني اسرائيل أني أقيم لهم آخر الزمان نبيا مثلك من بني أخوتهم ) وكل نبي بعث بعد موسى كان من بني إسرائيل وأخرهم عيسى عليه السلام فلم يبق أن يكون من بني أخوتهم إلا نبينا محمد لأنه من ولد إسماعيل وإسماعيل أخو اسحاق واسحاق جد بني اسرائيل فهذه هي الأخوة التي ذكرت في التوراة ولو كانت هذه البشارة بنبي من أنبياء بني اسرائيل لم يكن لذكر اخواتهم معنى وجاء في كتاب الرؤيا المنسوب إلى يوحنا الإنجيلي في ص 19 ف 11 ما نصه : ( ثم رأيت السماء مفتوحة وإذا فرس أبيض والجالس عليه أمينا صادقا وبالعدل يحكم ويحارب وعيناه كلهيب نار وعلى رأسه تيجان كثيرة وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو ) وهنا قال أنه يحارب ولا شك أنه محمد . وقد كان يدعى قل الرسالة بالأمين الصادق كما أسلفنا
وجاء في رؤيا يوحنا اللاهوتي ص 19 ف 15 ( ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم وهو سيرعاهم بعصا من حديد وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء ) والمراد من قوله يخرج من فمه سيف ماض الخ هو القرآن الكريم . وقد داس النبي معصرة خمر أعني أنه حرم الخمر تحريما قطعيا . أما عيسى فقد روى عنه المسيحيون أنه قلب الماء خمرا في عرس قانا وروى عنه أنه قال عن الخمرة أنها دمه
هذه النصوص المذكورة في التوراة والإنجيل ناطقة برسالة محمد لهذا لما كان بحيرا الراهب متبحرا في علم النصرانية فقد عرف النبي وأخبر برسالته مما اطلع عليه في الكتب المقدسة ففيها أوصافه عليه الصلاة والسلام وشيء من أرهاصاته ومعجزاته وكانت حليمة السعدية تعرض النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود والكهان وتحدثهم بشأنه فيعرفونه من أوصافه وأحواله وقد أخبر برسالته عليه الصلاة والسلام ورقة بن نوفل ابن عم خديجة وكان شيخا نصرانيا عند ما أخبره رسول بما رأى من الوحي إذ قال له " هذا هو الناموس الذي نزل الله على موسى " .
المفضلات