قالوا: إنّ صومَ وصبر المسيح يدلُّ على إلوهيته؛ لأن جسده ليس مثل أي جسد....!
واستشهدوا على زعمهم بالنص الوارد في إنجيلِ متى أصحاح 4 عدد 2 " فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا ".
الردُّ على الشبهةِ
أولًا: إذا كان النصُّ يدلُّ على إلوهيته لأنّه صام وصبر فإنّ جوعَه يكذب ذلك، ويدلُّلُ على بشريته ونبوّته... هذا واضحٌ مِنَ النصِّ نفسِه: " جَاعَ أَخِيرًا " !
هل هناك إله يجوع ثم يحتاج إلى قضاء حاجته....؟!
ثانيًا: إنّ الكتابَ المقدّسَ ذكر أنّ بعضَ الأنبياءِ - عليهم السلام - صاموا وصبروا نفس المدة التي صامها يسوعُ أربعين نهارًا وأربعين ليلة، فهل معنى ذلك أن هؤلاء الأنبياء كانوا آلهةً مثل يسوع...؟!
جاء في عدّة مواضعَ من الكتاب المقدس كما يلي:
1- النبيّ موسى u أقام على جبل سيناء أربعين نهارًا وأربعين ليلة دون أكلٍ وشربٍ...وذلك في سفرِ التثنية أصحاح 9 عدد9 " حِينَ صَعِدْتُ إِلَى الْجَبَلِ لِكَيْ آخُذَ لَوْحَيِ الْحَجَرِ، لَوْحَيِ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ، أَقَمْتُ فِي الْجَبَلِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً لاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً ".
2- النبيّ إيليا u صام أربعين نهارًا وأربعين ليلة بعد أنّ أكل أكلةً واحدةً... وذلك في سفرِ الملوك الأوّل أصحاح19 عدد7ثُمَّ عَادَ مَلاَكُ الرَّبِّ ثَانِيَةً فَمَسَّهُ وَقَالَ: «قُمْ وَكُلْ، لأنّ الْمَسَافَةَ كثيرٍةٌ عَلَيْكَ». 8فَقَامَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ، وَسَارَ بِقُوَّةِ تِلْكَ الأَكْلَةِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَ.
ثالثًا: إنّ اللهَ I قويٌّ عزيزُ لا يتعب ولا يكل ولا يمل، لا يجوع فهو الصمد الذي لا جوف له ويحتاجه كل مخلوقٍ...هذه هي صفات الإله الحقيقي بحقٍ وصدقٍ، وليس الإله التلفيقي الذي يسعى إليه كل مُنصّر غير منصف أو خَلوقٍ...!
جاءَت هذه الصفاتُ الطيّبة في عدّة مواضعَ من القرآن الكريم ، والكتاب المقدس في الآتي:
أولًا: القرآن الكريم:
الكتاب الوحيد الذي عظم الله أعظم التعظيم، وأحق التمجيد ... أكتفي ببعض آياته كما يلي:
1- قوله I: ]كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إنّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ(21) [(المجادلة).
2- قوله I: ] مَا قَدَرُوا اللَّهَ حقّ قَدْرِهِ إنّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(74) [(الحج).
3-قوله I: ]اللَّهُ الصَّمَدُ(2) [(الإخلاص).
قال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِه: قولُه: { اللَّهُ الصَّمَدُ } قال عكرمةُ، عنِ ابنِ عباسٍ: يعني الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم. وقال عكرمةُ: { الصَّمَدُ } الذي لم يخرج منه شيء ولا يُطعم. اهـ بتصرف.
ثانيًا : الكتاب المقدس:
يحمل نصوصًا كثيرةً تعظم الله العظيم، وتمجد المجيد....
ويحمل أيضًا نصوصًا تسيء له بقدر شديد...!
أكتفي ببعض النصوص التي تعظم الله... ثم أُفصلّ وأفند النصَ الذي أتى به المُنصّرون بكذبٍ وتدليسٍ راجين التوطيد.....!
وذلك من الآتي:
1- سفرِ إشعياء أصحاح 40 عدد28 " أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلهُ الدَّهْرِ الرَّبُّ خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا. لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ. 29يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً. 30اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا. 31وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ ".
2- سفرِ إشعياء أصحاح 50 عدد 2 " لِمَاذَا جِئْتُ وَلَيْسَ إِنْسَانٌ، نَادَيْتُ وَلَيْسَ مُجِيبٌ؟ هَلْ قَصَرَتْ يَدِي عنِ الفِدَاءِ؟ وَهَلْ لَيْسَ فِيَّ قُدْرَةٌ لِلإِنْقَاذِ؟ هُوَذَا بِزَجْرَتِي أُنَشِّفُ الْبَحْرَ. أَجْعَلُ الأنّهارَ قَفْرًا. يُنْتِنُ سَمَكُهَا مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ، وَيَمُوتُ بِالْعَطَشِ. 3أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَمًا، وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا ".
2- سفر إرميا أصحاح 10 عدد10 " أَمَّا الرَّبُّ الإِلهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. مِنْ سُخْطِهِ تَرْتَعِدُ الأَرْضُ، وَلاَ تَطِيقُ الأُمَمُ غَضَبَهُ ".
4- سفر القضاة أصحاح 5 عدد 5 " تَزَلْزَلَتِ الْجِبَالُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، وَسِينَاءُ هذَا مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ ".
أما النص الذي أتوا به ، فقد سبقَ أنْ بيّنَتُ أنّ النصُّ ذاته يدلُّ على بشريته ونبوّته وضعفه حيث قال: " جَاعَ أَخِيرًا ".
وجاء النصُّ أيضًا في إنجيلِ لوقا أصحاح 4 عدد 1 " أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا ".
الملاحظُ:" وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا " !
والعجيب أن الأناجيل قد أوردت أنّ هناك نصوصًا أظهرت ضعفَ الإله – يسوع- وذلك في عدّة مواضع منها:
1- إنجيل مرقس أصحاح 11 عدد12 " وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عليْها وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَما جاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لم يكنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا:«لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون ".
الملاحظُ: أنّه جاع فذهب إلى شجرة التين، وهو لا يعلم موسم إنباتها -التي من المفترض أنه خالقها- فلم يجد فيها طعام فلعنها...!
2- إنجيل لوقا أصحاح 8 عدد 23 " وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ نَامَ. فَنَزَلَ نَوْءُ رِيحٍ فِي الْبُحَيْرَةِ، وَكَانُوا يَمْتَلِئُونَ مَاءً وَصَارُوا فِي خَطَرٍ.24فَتَقَدَّمُوا وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ:«يَا مُعَلِّمُ، يَا مُعَلِّمُ، إِنَّنَا نَهْلِكُ! ".
الملاحظُ: أنّه كان نائمًا متعبًا...!
3- إنجيل يوحنّا أصحاح 4 عدد 6 " وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ، جَلَسَ هكَذَا عَلَى الْبِئْرِ، وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ ".
الملاحظُ: أنّه قد تعب مِنَ السفر فجلس يستريح...!
4-إنجيل يوحنّا أصحاح 8 عدد59 " فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا ".
الملاحظُ: أنّه هرب مِنَ اليهودِ خوفًا مِن أنْ يرجم من اليهود بالحجارة...!
5-إنجيل لوقا أصحاح 22عدد 43 " وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ ".
الملاحظُ: أنّه كَانَ يُصَلِّي للهِ، ويدعوه كي ينجيه I مِنَ اليهود فستجاب اللهُ له بأن أرسل ملاكًا ليقويه...!
وبعد هذا العرض أتساءلُ: هل هذه النصوص الإنجيلية التي تحمل تلك الصفات تنطبق عَلَى اللَّهِ I القوي العزيز.....؟!
كتبه / أكرمُ حسن مرسي
نقلًا عن كتابي : ردّ السهام عن الأنبياءِ الأعلام، بعد المراجعة.
المفضلات