بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده النبي الأمي محمد ابن عبد الله الأمين وعلى آله وصحابته أجمعين أما بعد.
فالجوديّ هو إسم الموقع او الجبل الذي إستوت عليه أقدم سفينة في العالم، والتي لم يتمكن أحد حتى الآن من العثور عليها.وقد ذكرت التوراة التي أضاعها اليهود وعبثوا بها،أن سفينة نوح عليه السلام قد رست على جبال أراراط ، وهي جبال توجد بأقصى شرق تركيا عند حدودها مع إيران وأرمينيا.وهناك إقتباسات أقدم من نسخ أخرى من التوراة تذكر موقعها في جبل الكردي/الجردي ، وهي جبال الأكراد المعروفة بالعراق وإيران. وقد حدد المفسرون المسلمون موقعها بناء على ما قالته التوراة او قريباً من ذلك، بمنطقة الموصل او ما حولها من جبال الأكراد. ولكن القرآن ذكر إسم الموقع بكلمة الجوديَ،وهكذا جاء بتوراة موسى،ولكن اليهود عبثوا بالكلمة الأصلية لأنهم لم يفهموا معناها أو يستدلّوا على مكانها، فحرفت كلمة الجودي لديهم الى كردي/جردي وهي جبال الأكراد بالعراق.وعندما ترجمت التوراة الى اليونانية والتي هي أصل التوراة الحديثة اليوم ، ضاعت كلمة الكردي المحرفة ، واستبدلت بجبال الأرمن ، منابع دجلة والفرات،أو ما يعرف بجبال أراراط. والبعثات الإستكشافية الأمريكية المحمومة لا تكاد تنقطع عن المجيء الى هذه المنطقة بغية العثور على فلك نوح.وقد تبع المسلمون أهل الكتاب في ذلك ووافقوا اليهود على تحديدهم للمنطقة بجبال العراق ولكن اختلفوا قليلاً في تسمية الموقع او تحديده فربما جعلوا جبال الأكراد هي جبل الجودي الذي إعتبروه قرب الموصل او ما حوله.ونحن لا نكذب اليهود ولا نصدقهم كما أمرنا الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم). والتوراة في أصلها كلام الله ولكن اليهود غيّروا فيها كثيراً وحرَفوها كما ذكر القرآن.وقد رحمنا الله بحفظه القرآن العظيم الذي قضى سبحانه أن لا يأتيه الباطل والتحريف أبداً.فقد حفظ لنا القرآن الكلمة الأصلية منذ نزوله قبل 1400 سنة بدون أي تغيير وهي الجودي.وقد يبدو الأمر غريباً لو قلنا أن الجودي هو مكان او منطقة بقلب جزيرة العرب.فجميع الآراء والتحديدات لليهود والنصارى والمسلمين لموقع السفينة، تتفق انها بجبال شمال شرق العراق بجبل الجودي حول الموصل،او جبال الأكراد او أراراط.ولنحدد أكثر، فإن منطقة الجودي هي في جبال الجزيرة التي توجد بين مكة وصنعاء.فسفينة نوح قابعة هناك تنتظر من يكتشفها منذ آلاف السنين.والآن لنسوق المؤشرات التي تدعم هذا الحدس . قوم نوح لابد أن يكونوا بغرب الجزيرة العربية، لأن خلفائهم عاد وثمود كانوا باليمن والحجاز.فعاد بالأحقاف وهي رمال اليمن وثمود بالحجر وهي بشمال الحجاز. ويتضح من أسماء آلهة قوم نوح التي ذكرها القرآن و هي: ود،سواع،يغوث،يعوق،نسر،وكذلك من أسماء الأنبياء والشعوب والمواطن الأولى مثل:هود،صالح،عاد،ثمود،إرم،الحجر،أحقاف،أن قوم نوح بجزيرة العرب.فالأسماء لا تترجم فالفرس هم الفرس والروم هم الروم.فلو كان تلك الأسماء من خارج جزيرة العرب لرأينا ذلك واضحاً فيها،ولكنها أسماء لها إشتقاقاتها لدى العرب مثل الإغاثة والإعاقة والصلاح والحقاف وغيرها.بينما الفرس والروم مثلاً أسماء ليس لها إشتقاقات تتعلق بها لأنها أعجمية. والشعوب التالية لقوم نوح، كلها لا تبعد عن مكة، فقوم عاد باليمن ، وثمود بالحجاز، ومقام إبراهيم بمكة، وقد بنى وابنه إسماعيل عليهما السلام الكعبة بمكة ومكثوا بها، وقوم لوط قرب قوم مدين بشمال الحجاز والأردن، ويعقوب وبنيه من بادية الحجاز المتاخمة لمصر، كما تواجد أصحاب الرس وقوم تبّع ،بالحجاز واليمن، وبنو إسرائيل تواجدوا بمصر وسيناء ومدين و فلسطين، ومزّق الله قوم سبأ باليمن، واخيراً العرب قوم خاتم الأنبياء ورحمة البشرية (عليه أفضل الصلاة والسلام). وتكثر البراكين والحرار بغرب الجزيرة. وهناك حرات مشهورة بالحجاز مثل:حرة رهاط وحرة البقوم وحرة ليلى وحرة خيبر وحرة النواصف وحرة قشب وحرة العويرض والحرة جنوب الشام كما تمتليء عسير بالحرار،اما اليمن فتكاد تكون كلها صخور بركانية، كما ان مدينة عدن عبارة عن فوهة بركان خامد.وهذه البراكين والحرار تفسر معنى التنّور ،المذكور بالقرآن.فالتنّور هو بركان يفور بالحمم والنار. ويوجد في جزيرة العرب خزان ضخم من المياه الجوفية الأحفورية الذي لعله أكبر خزان مائي أحفوري بالعالم. والمياه الأحفورية هي مياه تكونت قبل أكثر من بضعة آلاف السنين، والتي قد يكون سببها الطوفان العظيم بجزيرة العرب، حيث ابتلعت أرض الجزيرة مياه الطوفان. كما تكتظ الجزيرة بالعيون والينابيع من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب عند سفوح الجبال، فلعلها بقايا العيون التي تفجرت منذ الطوفان،وهي من الكثرة بحيث لا يضاهيها اي مكان آخر على الأرض. ومن الناحية التاريخية، ظهر بمصر إله الجبال الذي نسبوه للشرق وهو " سوتي " وهو مستعار من جبال شرق مصر وجزيرة العرب السروات.ونلاحظ أن لفظ "سوتي" شديد القرب من "جودي". ويبدو شكل رأس الحيوان الذي يرمز "لسوتي" كرأس الجمل،مما قد يعني أن سوتي يمثل جبال بلاد العرب.وسمّى العرب جبال السراة بإسم آخر من نفس الأصل وهو الطود.فالطود تسمية أخرى للسراة وذكرت النقوش اليمنية كلمة طود بوضوح تام وتعني بها جبال السراة عموماً وربما جبال عسير خصوصاً.وكثيراً مايرد بالنقوش اليمنية اللقب الملكي " ملك سبأ وحمير وحضرموت ويمنة وأعرابهم طود وتهامة" أي ملك كل مناطق اليمن المعروفة ،بالحواضر والبوادي،بالجبال (طود) والسواحل(تهامة).والسلسلة الجبلية من عرفات ومكة الى أقاصي اليمن تعرف بالطود والسراة.وقد حدد الهمداني أرض طود في كتابه صفة جزيرة العرب: والدارة وابها والحللة والفتيحا فحمرة وطبب فاتانة والمغوث فجرشة بالايداع اوطان عسير من عنز وتسمى هذه ارض طود.والنقوش اليمنية تسمي تلك المناطق بكلمة دوأت فلعلها لهجة في كلمة طود التي عناها الهمداني.والكلمة الشديدة القرب من الجودي أتت في إسم خولان الشام.ففي نقوش اليمن ظهرت أسماء مثل خولان صعدة او الأجدود،فخولان الجنوبية وهي الأصلية تسكن غرب مأرب،أما الشمالية وهي الفرع فسكنت بمنطقة الجودي التي تسمت خولان بإسمها، فعرفوا بالأجدود.وخولان الأجدود يسكنون صعدة التي تبدو لفظياً قريبة من جودي. وقال الهمداني: ثم يتصل بها سراة خولان ويسمى القد.والقد يبدو لهجة في الجُد (جودي). وقد سمّى القرآن الجبال بكلمة جُدُد ،والجدد جبال ومفردها ربما جُد أي جبل. وأعرق قبيلة سكنت تلك المناطق الجبلية او السراة وأشهرها هي الأزد.وإسمها الأقدم والأفصح والذي جاء بنقوش اليمن هو الأسد ثم لفظ الأزد.فكلمة أسد/أزد ليست إلاّ لهجة في أجد. فسبب التسمية لهذه القبيلة الكبرى هو وجودها بمنطقة الجودي. وهناك تسمية حديثة لأكبر جبال عسير عند مدينة أبها،وهو جبل السوده أو جبل سوده.فنجد أنه قريب كثيراً من الجودي(السودي). وقريباً من جبال السراة نحو الشرق ظهرت قبيلة شهيرة وهي كندة،وأصل إسمها كما جاء بالمسند هو كدّة من كدّ ،لهجة في جد (جودي). وهناك إضافة مهمة في معنى الجودي،حيث ان الكلمة مرتبطة كذلك بالماء او الساحل كما في جدة ساحل مكة. فمعنى "الجودي" هو "الجبل الساحلي" ،حيث جُدّة باللغة هي ساحل البحر.فالجودي أي "الساحلي" كما سمّى القرآن جبل طور سيناء "بالغربي". ولا أظن أنه توجد سلسلة جبلية في العالم توازي وتحاذي الساحل بنفس حال جبال السرات بجزيرة العرب.فجبال السراة بجنوب غرب الجزيرة توازي الساحل بطريقة عجيبة شديدة الإنتظام ،من مكة حتى عدن. وهذا الطود العظيم يتسبب في تدفق السيول بشدة جعلت الجزيرة العربية تكتظ بها الوديان بصورة لا يوجد لها مثيل في العالم.وقد يكون سبب ذلك هو قوة تفجر الأرض بالعيون وشدة إنصباب السيول المنحدرة من الجبال لكثرة الأمطار،من جراء الطوفان العظيم. والخلاصة أنني أكاد أجزم أن سفينة نوح عليه السلام راسية ومستوية بمنطقة ما على جبال السراة عموماً،وتحديداً قد توجد السفينة بقسم السراة الذي تسمّت به قبيلة الأسد وأرض طود التي ذكرها الهمداني قرب أبها،وجبل سوده،وصعدة وخولان الأجدود.فهذا القسم الجنوبي او الأوسط من السراة والذي يشمل صعدة اليمن وأبها عسير وبلاد الأزد ، يبدو من أسماء قبائله ومناطقه أكثر أقسام السراة ترشيحاً وترجيحاً لإحتواء موقع الجودي الذي به الفلك العظيم.فأرجو تكثيف البعثات الأثرية في تلك النواحي بين منطقتي صعدة وأبها ،فلعلنا نعثر هناك على الفلك العظيم الذي سيثري إكتشافه الكثير من المفاهيم التاريخية. وهذا مجرد رأي أرى له مؤشرات لغوية قوية،وإن أخطأنا فلنقص فهمنا وضعف تفسيرنا ، والجودي لن يكون موقعه ومكانه كما نريد نحن او غيرنا، ولكن كما أراد الله سبحانه وتعالى
وهذه صور السفينة على الجبل
المفضلات