أبو الفداء الحافظ ابن الدمشقي-ابن كثير-
البداية والنهاية
* فصل ( طلب اليهود من الله تعالى أن يبعث لهم نبيا يحكم بينهم وبين الناس )
@ قال ابن اسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه قالوا إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله تعالى وهداه لنا أن كنا نسمع من رجل من يهود وكنا أهل شرك أصحاب أوثان وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا وكانت لا يزال بيننا وبينهم شرور فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم فلما بعث الله رسول الله صلى الله عليه وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ففينا وفيهم نزلت هذه الآية ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين وقال ورقاء عن ابن أبي نجيح عن علي الأزدي كانت اليهود تقول اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس يستفتحون به أي يستنصرون به رواه البيهقي ثم روى من طريق عبدالملك بن هارون بن عنبرة عن أبيه عن جده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانت اليهود بخيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود خيبر فعاذت اليهود بهذا الدعاء فقالوا اللهم نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم قال فكانوا إذا التقوا دعو بهذا الدعاء فهزموا غطفان فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به فأنزل الله عز وجل وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا الآية وروى عطية عن ابن عباس نحوه وروى عن عكرمة من قوله نحو ذلك أيضا.
وقال ابن اسحاق وحدثني صالح بن ابراهيم بن عبدالرحمن بن عوف عن محمود بن لبيد عن سلمة بن سلام بن وقش وكان من أهل بدر قال كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل قال سلمة وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا على فروة لي مضطجع فيها بفناء أهلي فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار قال فقال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت فقالوا له ويحك يا فلان أو ترى هذا كائنا إن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم قال نعم والذي يحلف به ويود أن له تحطة من تلك النار أعظم تنور في الدار يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطبقونه عليه وأن ينجون من تلك النار غدا قالوا له ويحك يا فلان فما آية ذلك قال نبي مبعوث من نحو هذه البلاد وأشار بيده إلى نحو مكة واليمن قالوا ومتى نراه قال فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنا فقال أن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه قال سلمة فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا قال فقلنا له ويحك يا فلان ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت قال بلى ولكن ليس به رواه أحمد عن يعقوب عن أبيه عن ابن عباس ورواه البيهقي عن الحاكم بإسناده من طريق يونس بن بكير
وروى أبو نعيم في الدلائل عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن محمد بن سلمة قال لم يكن في بني عبد الأشهل إلا يهودي واحد يقال له يوشع فسمعته يقول وإني لغلام في إزار قد أظلكم خروج نبي يبعث من نحو هذا البيت ثم أشار بيده إلى بيت الله فمن أدركه فليصدقه فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنا وهو بين أظهرنا لم يسلم حسدا وبغيا وقد قدمنا حديث أبي سعيد عن أبيه في أخبار يوشع هذا عن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفته ونعته وإخبار الزبير بن باطا عن ظهور كوكب مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه الحاكم عن البيهقي بإسناده من طريق يونس بن بكير عنه
المفضلات