المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تفسير إبن كثير
** تفسير إبن كثير للآية: فَتَلَقّىَ آدَمُ مِن رّبّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ
قيل إن هذه الكلمات مفسرة بقوله تعالى: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} وروي هذا عن مجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي وخالد بن معدان وعطاء الخراساني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم, وقال أبو إسحاق السبيعي عن رجل من بني تميم قال: أتيت ابن عباس فسألته ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه ؟ قال: علم شأن الحج, وقال سفيان الثوري عن عبد العزيز بن رفيع, أخبرني من سمع عبيد بن عمير, وفي رواية قال أخبرني مجاهد عن عبيد بن عمير, أنه قال: قال آدم: يا رب خطيئتي التي أخطأت شيء كتبته علي قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته من قبل نفسي ؟ قال «بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك» قال: فكما كتبته علي فاغفر لي, قال: فذلك قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} وقال السدي عمن حدثه عن ابن عباس فتلقى آدم من ربه كلمات, قال: قال آدم عليه السلام: يا رب ألم تخلقني بيدك ؟ قيل له: بلى, ونفخت فيّ من روحك ؟ قيل له بلى, وعطست فقلت يرحمك الله, وسبقت رحمتك غضبك ؟ قيل له: بلى, وكتبت علي أن أعمل هذا ؟ قيل له: بلى, قال: أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة ؟ قال: نعم. وهكذا رواه العوفي وسعيد بن جبير وسعيد بن معبد عن ابن عباس بنحوه, ورواه الحاكم في مستدركه من حديث ابن جبير عن ابن عباس, وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه, وهكذا فسره السدي وعطية العوفي, وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه. قال: إن آدم لما أصاب الخطيئة قال: أرأيت يا رب إن تبت وأصلحت ؟ قال الله «إذاً أدخلك الجنة» فهي الكلمات ومن الكلمات أيضاً {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه كان يقول في قول الله تعالى: فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه, قال: كلمات: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك, رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين, اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك, رب إني ظلمت نفسي فارحمني إنك خير الراحمين, اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك, رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم. وقوله تعالى {إنه هو التواب الرحيم} أي إنه يتوب على من تاب إليه وأناب كقوله {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده} وقوله: {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه} الاَية, وقوله: {ومن تاب وعمل صالحاً} وغير ذلك من الاَيات الدالة على أنه تعالى يغفر الذنوب, ويتوب على من يتوب, وهذا من لطفه بخلقه ورحمته بعبيده, لا إله إلا هو التواب الرحيم.
المفضلات