هل فات الأوان لتبدأ من جديد ؟
إن فرص النجاح متاحة لكل واحد منا , إذا عرف كيف يكتشف منطقة تفوقه
والبحث عن هذه المنطقة ليس بمشكلة كما قد يتصور البعض منا ,
ولو أننا نخصص من وقتنا بضع ساعات يومياً , نخلو فيها إلى أنفسنا
لنبحث عما في داخل رؤوسنا من أفكار لاستطعنا بمجهود بسيط
أن نضع أقدامنا على بداية الطريق الذي يوصلنا
إلى ما نتطلع إليه من نجاح وفلاح في حياتنا كلها .
يروي برنالد هالدين في كتابه " كيف تجعل من النجاح عادة ؟
" قصة رجل جاوز الثالثة والأربعين من عمره , جاءه يوماً يقول :
" درست القانون وأنا أعمل اليوم محامياً , ولكنني أشعر بعد مرور خمسة عشر عاماً
على ممارستي لهذه المهنة , أنني لم أحقق النجاح الذي كنت أتطلع إليه وأنا
طالب في كلية الحقوق , لم أكمل تعليمي بعد ! "..
وقال هالدين : " وقلت للرجل : عد إلى سنوات طفولتك وصباك , حاول أن تتذكر عملاً
, أي عمل قمت به وشعرت بلذة ومتعة وأنت تؤديه ,
ألم يكن لك أي ميول أو اتجاهات أخرى في أي مجال ؟ " .
وجلس الرجل صامتاً يفكر فترة طويلة , وفي النهاية بدأ يتكلم وكأنه تذكر شيئاً
.. وبدأ يروي قصته , قال : " لقد كان والدي يمتلك بندقية صيد كبيرة ..
وكان قد كف عن ممارسة هواية الصيد لفترة طويلة , ثم قرر فجأة أن يعود إليها ,
وبحث عن بندقيته فلما وجدها كان الصدأ قد علاها ,
وأصبحت غير صالحة للاستعمال فما كان منه إلا أن ألقى بها جانباً
وقرر العدول عن الخروج مع رفاقه للصيد ! ..
وكنت يومها صبياً لم أتجاوز عشرة من عمري , وكنت أحب والدي ,
وما كدت أراه يعود إلى مقعده وشعل الغليون بين شفتيه ,
ويجلس في ملل يرقب النار المشتعلة في المدفأة , حتى شعرت بالأسف من أجله !
وعدت إلى البندقية وحملتها في هدوء إلى غرفتي , ثم أغلقت الباب عليّ ,
بعد أن قررت بيني وبين نفسي أن أفعل كل ما في وسعي لأعيدها إلى ما كانت عليه
وفي اهتمام شديد , رحت أفك أجزاءها قطعة بعد قطعة ثم نظفتها وأزلت الصدأ الذي كان يكسوها ,
وأعدتها إلى ما كانت عليه ,
إنني لا استطيع أن أنسى ذراعي والدي القويتين وهما يرفعانني في الهواء ثم يهبطا بي مرة أخرى
وهو يصيح :
" فليباركك الله يا بني " .
عندما عدت إليه ببندقيته صالحة للاستعمال مرة أخرى .. لقد أحسست يومها بفخر وزهو
لا يعادلهما شئ في الدنيا .. لقد منحني والدي يومها جنيهاً مكافأة لي "
.
ويقول هالدين : " وعدت أسأل صاحبي : هل قمت بأعمال مماثلة بعد ذلك ,
هل أعدت محاولاتك لإصلاح شئ خرب في البيت ؟ " ..
قال : " نعم , فعلت , لقد أصلحت ماكينة الحياكة التي تملكها أمي ,
وأعدت التيار الكهربائي بعد أن قطع مرة عن البيت , وأصلحت دراجة أختي الصغيرة ..
وفي كل مرة كنت أجد متعة وأنا أقوم بهذه الأعمال " .
وقلت للرجل أخيراً : " إن مكانك يا صديقي في مصنع كبير لا في مكتب المحاماة ! " ..
- ولكنني درست القانون لأن والدي أراد لي هذا الطريق ! ..
- ولماذا لا تدرس الهندسة ؟! ..
- أن أعود طالباً بعد أن جاوزت الأربعين ؟!..
- بالضبط .. التحق بكلية الهندسة وتعلم , فقد خلقت لتكون مهندساً ! ..
نظرة إلى الأمام
هذا المحامي الفاشل أصبح واحداً من أشهر مهندسي بريطانيا بعد أن جاوز الخمسين من عمره
يا له من مستوعب للمواهب , لم تمسسه يد , ذلك الذي كان يختفي داخل هذا الرجل الذي
تصور في لحظة من لحظات حياته أن الفشل هو نصيبه من هذه الحياة
منقول
المفضلات