المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشهاب الثاقب.
بمناسبة ربط الآيات ببعضها في السبب الأول و الثاني يا مرشوم أنقل لك من كتاب أبوك شنوده
4-
إننا لا نستغل الآية الواحدة لصالحنا
فمثلا إن وجدنا يوحنا الرسول يقول:
* (إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه) (1 يو 2: 29).
إن قرأنا مثل هذه الآية وحدها، وإنما مع هذه الآية نذكر الإيمان والمعمودية وأسرار الكنيسة التي لم تتضمنها الآية مطلقا من حيث اللفظ.
وبالمثل أيضا إذا قرأنا ليوحنا الرسول قوله:
* (نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة، لأننا نحب الإخوة) (1يو 3: 14)
فلا يمكن أن نتخذ هذه الآية دليلا على أن المحبة وحدها كافية لتخليص الإنسان، ونقله من الموت إلى الحياة!!
وكذلك بنفس الأسلوب لا يمكن أن نستعمل الآية التي تقول: * (الله محبة. ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه) (1 يو 4: 16).
وبنفس الأسلوب لا يمكن أن نستغل أية آية من الآيات التي تتحدث عن الأعمال وأهميتها، مثل قول السيد المسيح للشاب الغنى:
* (إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا) (مت 19: 17).
هل مجرد حفظ الوصايا وحده يكفى، بدون إيمان وبدون معمودية؟! بلا شك. أما الآية فتفهم آخر يتفق مع الملابسات التي أحاطت بها.
وهكذا أيها الأحباء، علينا أن نتذكر باستمرار -في تعرفنا على الإيمان السليم- تلك الآية الجميلة التي تقول:
* (
لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل، ولكن الروح يحيى) (2 كو 3: 6).
فلنبحث إذن عن مفهوم الخلاص مقتادين بروح الكتاب، لا بحرفه، محاولين أن نجمع في صعيد واحد النصوص المتعددة التي تتناول الموضوع. . لنطرق موضوعنا من جميع نواحيه لا من زاوية واحدة فقط، ولا من ملابسة معينة فقط.
و أيضا تحت عنوان
2- خطورة استخدام الآية الواحدة
في موضوع الخلاص أيها الإخوة -كما في أي موضوع آخر-
احترسوا جدًا من خطورة استخدام واحدة من الكتاب المقدس.
إن الكتاب المقدس
ليس هو مجرد آية أو آيات، وإنما هو روح معينة تتمشى في الكتاب كله.
الشخص الجاهل يضع أمامه آية واحدة، أو أجزاء من آية، فاصِلًا إياها عن ظروفها وملابساتها وعن المعنى العام كله، أما الباحث الحكيم، الذي يتوخى الحق فانه يجمع كل النصوص التي تتعلق بموضوع بحثه، ويرى على أي شيء تدل..
وفى موضوع الخلاص، نرى أمثلة من خطورة الآية الواحدة:
آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك (أع 16: 31).
هذه الآية يتخذها البعض برهانا على الخلاص بالإيمان فقط!! لأن فيها يقول بولس الرسول لسجان فيلبي: (آمن.. فتخلص..) (أع 16: 31)
وينسى الذين يستخدمون هذه الآية عدة أمور هي: لمن قيلت..؟ وتكلمت الآية..؟ وماذا حدث بعدها..؟ والآيات الأخرى المتعلقة بالموضوع.
1- أولا: قيلت هذه الآية لرجل أممي، غير مؤمن، مهما فعل من أعمال صالحة فلن تجديه شيئا بدون الأيمان بالمسيح!!
لذلك كان لابد من لرشاده إلى الخطوة الأولى التي بدونها لا يمكن أن ينال شيئًا من الخلاص. فإذا خطا هذه الخطوة، يمكن إرشاده إلى ما يتلوها من خطوات.. لم يكن مناسبا أن يكلم الرسولان هذا السجان عن أهمية الأعمال الصالحة، لأنها بالنسبة إليه لا يمكن أن تفيده وهو غير مؤمن.. والوضع السليم أن يتدرجا معه خطوة خطوة، حتى يصل.
2 – والخطوة الأولى تستخدم أحيانا في الكتاب المقدس للدلالة على العمل كله الذي يبدأ بتلك الخطوة.
مثال ذلك قول سمعان الشيخ عندما حمل المسيح الطفل بين ذراعيه: (الآن يا رب تطلق عبدك حسب قولك بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك..) (لو 2: 28-31) بينما أن سمعان الشيخ لم يبصر خلاص الرب الذي لم يتم إلا بدم المسيح على الصليب عندما دفع الرب ثمن الخطيئة بموته عنا!! ولكن سمعان أبصر فقط تجسد الرب وميلاده. ولما كان تجسد الرب هو الخطوة التنفيذية الأولى التي تؤدى إلى الخلاص، لذلك قال سمعان الشيخ في ثقة: (لأن عيني قد أبصرتا خلاصك..)
وبهذا الأسلوب تقريبا، تتحدث بولس وسيلا مع سجان فيلبي ليس عن أن إيمانه فقط هو الذي سيخلصه ويخلص أهل بيته، وإنما على أنه الخطوة الأولى التي تؤدى إلى خلاص البيت..
3 – وأكبر دليل على أن المقصود بهذا الخلاص هو الخطوة الأولى المؤدية إليه، هو قول الرسول لهذا السجان: (فتخلص أنت وأهل بيتك).
إذ كيف يمكن أن يخلص أهل بيته بمجرد إيمانه؟! هل إيمان إنسان يخلص شخصا آخر؟! ولكن الوضع السليم هو أن إيمان هذا الشخص هو مجرد الخطوة الأولى التي ستقوده إلى الخلاص عندما يعتمد باسم يسوع المسيح، وأيضا سيقنع أسرته بالإيمان ويكون فاتحة خير للأسرة، وهكذا يخلص هو وأهل بيته..
4-
ولذلك نرى أن هذه الآية كان لها تكملة،
إذ يقول الكتاب أن بولس وسيلا (كلماه وجميع من في بيته بكلمة الرب..
واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون).
5- ونحن إذا أخذنا هذه الآية: (آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك).
إنما يجب أن نضع إلى جوارها آيات أخرى لنكمل فهم الموضوع، وسأذكر لكم مثالا بسيطا له دلالته القوية:
تقدم شاب إلى السيد المسيح ليسأله: (أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟) (مت 19: 16) فلم يقل له السيد المسيح: (آمن فتخلص) وإنما قال له: إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا).
هل نجرؤ نحن ونقول أن مجرد حفظ الوصايا كاف للخلاص، بدون إيمان، وبدون معمودية، وبدون أسرار؟ كلا إننا لا يمكن أن نخطئ إلى أنفسنا ولا إلى الناس ولا إلى الإيمان ذاته باستخدام الآية الواحدة..
في هذا المثال أيضا نجد أن الشاب عندما قال عن الوصايا: (هذه حفظتها منذ حداثتي، فماذا يعوزني بعد؟) حينئذ قال له ربنا يسوع (إن أردت أن تكون كاملا، فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني) هنا أيضا لم يحدثه السيد المسيح عن الإيمان. ولا عن النعمة.. فهل نستخدم هذا المثال لنقلل من قيمة الإيمان، إذ لم يرد له ذكر في حديث الرب عن نوال الحياة الأبدية؟!
كلا، حاشا لنا أن نفعل هذا ونستخدم الآية الواحدة، فلكل مجال الكلام اللائق به وفي هذا المثال كلم الرب الشاب الغنى بما يناسب حالته وبما يعالج أمراضه الداخلية الأصلية..
نتناول آية أخرى من التي يستخدمها البروتستانت ومن يجرى في مجراهم..
(فإذا قد تبررنا بالإيمان، لنا سلام مع الله) (رو 5: 1)
يأتيك إنسان من الذين يهتمون بالآية الواحدة، ويقول لك: هوذا أمامك آية صريحة تقول أن تبررنا بالإيمان، فلا داعي لأن تجادل أو تفتح فمك! هل تنكر الآية أو تعارض كلام الله..!
لا يا أخي، نحن لا ننكر الآية، ولا نعارض كلام الله. ولكننا نضع إلى جوار هذه الآية أخرى من نفس رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية، ونرى ماذا يمكن أن نفهمه من الآية. يقول الرسول: (لأن الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند الله، بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون) (رو 2: 13).
هنا كلام عن تبرير من يعمل بالناموس، هل نسمح لأنفسنا أن نخطئ ونستخدم الآية الواحدة، ونقول أن الأعمال وحدها هي التي تُخَلِّص معتمدين على قول الرسول: (بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون)؟!
كلا، بل نحن نضع الآيتين معًا (رو 2: 13)، (رو 5: 1). ونخرج بتعليم صحيح يتفق مع كلام الله، وهو أن عمل الإيمان في التبرير لا ينكر أهمية الأعمال، ولزوم الأعمال لتبرير لا ينكر قيمة الإيمان..
هذه الآية التي تقول (إذ قد تبررنا بالإيمان) نضع إلى جوارها آية أخرى هي (ترون إذن أنه بالأعمال يتبرر الإنسان، لا بالإيمان وحده (كذلك راحاب الزانية أيضًا، أما تبررت بالأعمال، إذ قبلت الرسل وأخرجهم في طريق آخر) (يع 2: 24، 25).
نأخذ آية أخرى:
(وأما الذي لا يعمل، ولكن يؤمن بالذي يبرر الفاجر، فإيمانه يحسب له برًا) (رو 4: 5)
فهل تعنى هذه الآية أن الله يبرر الفاجر إذا ثبت في فجوره دون عمل التوبة؟! حاشا. إذن لكي نفهم هذه الآية فلنضع أمامها آيات أخرى توضحها. ولنبدأ بآية من نفس الرسالة إلي رومية حيث يقول الرسول (1: 18) (لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وأثمهم)
تضيف إليها آية أخرى من الرسالة الثانية لبطرس الرسول: (وإذ رمد مدينتي سدوم وعمورة، حكم عليهما بالانقلاب، واضعا عبرة للعتيدين أن يفجروا) (2 بط 2: 6) وهكذا أظهر لنا الرسول أن الفاجر يشترك في مصير سدوم وعمورة.
وهذا أيضا يشرحه معلمنا يهوذا الرسول إذ يقول: وتنبأ عن هؤلاء أيضا أخنوخ السابع من آدم) قائلا: (هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه ليصنع دينونة على الجميع، ويعاقب جميع فجورهم، على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها) (يه 14، 15).
لا يمكن أن نفهم إذن من الآية التي قالها بولس الرسول أنه يكفى للفاجر أن يؤمن فقط لكي يخلص، بقائه في فجوره. فان بولس نفسه أنذرنا في صراحة تامة قائلا: (لا تضلوا. لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون، ولا مأبونون، ولا مضاجعو ذكور.. يرثون ملكوت الله) (1كو 6: 9، 10).
أما عبارة (لا يعمل) فلعل المقصود بها هنا أعمال الناموس الطقسية، كالختان بالذات كما يظهر من باقى النص (رو 5: 6-12).
لا يصح مطلقا أيها الأحباء أن نسير بطريقة الآية الواحدة، فهي طريقة خاطئة وخطر وغير أرثوذكسية.
أن أتاك أحد في يوم من الأيام بآية من الآيات، مهما كانت صريحة وواضحة، فقل له: أنا لا تنفعني الآية الواحدة (لنضع أمامنا جميع النصوص التي تتعلق بهذا الموضوع، ثم نتفاهم معا (احترسوا من أن تخدعكم الآية الواحدة، فربما لها مناسبة معينة، وربما لها تكملة، وهذه التكملة هي التي توضح معناها
المفضلات