قواعد فقهية مرجحة لتفسير ابن عباس وابن عمر لقوله تعالى في سورة النور "ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها " قالا الوجه والكفين .
قواعد وأمور مرجحة لتفسير الصحابي عبد الله بن عباس وابن عمر ورواية عن عائشة لقوله تعالى "ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها " انها الوجه والكفين . بينما فسرها ابن مسعود وقصرها على الثياب مع بيان ان تفسير ابن مسعود لا يقدح في وجاهة وقوة تفسير ابن عباس وابن عمر بالبتة بل ان الاستثناء يرجح وبقوة ان يكون محمول على الاثنين اي الوجه والكفين والثياب .
فتفسير ابن عباس وابن عمر يدعمه عدة امور مهمة اظن ان الكثير لا يعرفونها وينبغي معرفتها .
اولاً : من الأمور التي تدعم تفسير ابن عباس وابن عمر
أن الشيخ الالباني رحمه الله كان له رأي وجيه جداً في ترجيح تفسيرابن عباس للاستثناء بالوجه والكفين وترجيحه على تفسير ابن مسعود بالثياب قال الالباني في جلباب المرأة المسلمة
أن هذا التفسير{ تفسير ابن مسعود} - وإن تحمس له البعض- لا ينسجم مع بقية الآية وهي : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن . . . ) الآية فالزينة الأولى هي عين الزينة الثانية كما هو معروف في الأسلوب العربي : أنهم إذا ذكروا اسما معرفا ثم كرروه فهو هو فإذا كان الأمر كذلك فهل الآباء ومن ذكروا معهم في الآية لا يجوز لهم أن ينظروا إلا إلى ثيابهن الباطنة ؟ ولذلك قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في ( أحكام القرآن ) ( 3 / 316 ) :
( وقول ابن مسعود في أن ( ما ظهر منها ) هو الثياب لا معنى له لأنه معلوم أنه ذكر الزينة والمراد العضو الذي عليه الزينة ألا ترى أن سائر ما تتزين به من الحلي والقلب والخلخال والقلادة يجوز أن تظهرها للرجال إذا لم تكن هي لابستها فعلمنا أن المراد مواضع الزينة كما قال في نسق الآية بعد هذا : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ) والمراد موضع الزينة فتأويلها على الثياب لا معنى له إذ كان مما يرى الثياب عليها دون شيء من بدنها كما يراها إذا لم تكن لابستها .
اذن يتضح من كلام الالباني ان هناك في فقه اللغة ما يبين انه عند تكرار الكلمة اكثر من مرة في العبارة يكون المقصود بها في الحالتين من جنس واحد وان الإستثناء هو من عين الزينة الثانية "زينة بدن المرأة" وليس الثياب او على الأقل لا يحصر في الثياب . مع التسليم ان الثياب تسمى زينة ايضاً كما قال تعالى"خذوا زينتكم عند كل مسجد"الاعراف 31 ولكن جاءت هنا قرينة وهي القرينة التي اشارا لها الشيخان الجصاص والالباني رحمهم الله بان الزينة في الاستثناء لا يمكن حصرها في الثياب .
ثانيا
انه مما تقرر عند الفقهاء ان الإسلام يحترم العرف وما جرت عليه العادة اذا لم يخالف نصاً جازماً قاطعاً ولذلك جمهور علماء الاسلام بما فيهم الحنابلة يعتبرون العرف والعادة من المعتبرات في الشريعة الإسلامية اي لهما اعتبارواستدلوا على ذلك بما في الصحيحين قول النبي صلى اله عليه وسلم لعمر بن الخطاب عندما سمع مقالة راس المنافقين ابن ابي سلول واللفظ لمسلم" قَدْ فَعَلُوهَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ" قَالَ عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ له النبي دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَه .
فالذي حمل النبي على عدم ترك عمر يقتل ذلك المنافق هو العرف , بالاضافة الى ان الاسلام ياخذ بالظاهر فذلك الرجل لم يصرح تماماً بالكفر مع ان كلمته هي اقرب للكفر ان لم تكن كفر .
وفي مسند احمد بسنده الى سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ نُعَيْمٍ قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ قَرَأَ كِتَابَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ قَالَ لِلرَّسُولَيْنِ فَمَا تَقُولَانِ أَنْتُمَا قَالَا نَقُولُ كَمَا قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا . صححه محققوا المسند ورواه الحاكم وصححه وصححه الالباني في صحيح ابي داود .
وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فَقَالَ مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ
وهذا يعني ان النبي اقر عرفهم في البيع وهو البيع بالسلف"بالاجل" ولكن اشترط عليه بعض الشروط .
وفي الصحيحين ايضاً عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ هِنْدٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا قَالَ خُذِي أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ . اي بالعرف الذي يعارض نصا شرعيا صريحا قاطعا اي مسكوت عنه في الشرع .
وحتى في كتاب ربنا يوجد فيه اشارات تفيد باعتبار العرف من ذلك قوله تعالى في كثير من الأيات استعماله لكلمة بالمعروف من ذلك "فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ"البقرة 179 وروي عن ابن عباس باكثر من اسناد جيد قوله في تفسيره لعبارة ابتاع بالمعروف الذي يقبل الدية، ذلك منه عفوٌ واتباعٌ بالمعروف، ويؤدِّي إليه الذي عُفي له من أخيه بإحسان انتهى
وهذا يعني ان الله اعتبر مسالة الديات وقبولها تخضع للمعروف وهو ما تعارف عليه الناس وهو العرف .
ومثل قوله تعالى "وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"البقرة 233 والنص القراني يعني ان مسالة تحديد النفقة يحددها العرف لأنها تختلف من مجتمع لآخر وذكرت قصة امراة ابي سفيان .
وهذا يعني ان الاسلام يعترف بالعرف ما لم يخالف نصاً ولذلك قال الفقهاء العادة محكَمة - بتشديد الوسط - والعرف في الشرع له اعتبار. ومن هنا ندرك اعجاز القرآن فقوله تعالى"الا ماظهر منها" لا تقصر على الوجه والكفين ولا تقصر على الثياب فهي في المجتمعات التي لا تكشف المرأة وجهها ولا يكون هذا من عادة نسائهن ظهوره فيحمل النص على الثياب والكفين بعكس المجتمعات التي من العادة كشف الوجه والكفين فيحمل النص على الوجه والكفين على حسب هذه القاعدة . لكن العادة والعرف تتغير من عصر الى اخر ولذلك هناك باب في الفقة الاسلامي يسمى باب لا ينكر تغير الفتوى من عصر لآخر ولا من مكان لآخر والناس احيانا قد يعملون على تغيير كثير من عاداتهم واعرافهم . اما اذا خالفت العادة والعرف نصا صريحا قطعيا فلا اعتبار لها ولا للعرف.
مثال ذلك الربا فانتشاره لا يعني انه اصبح جائز لأنه مخالف لنصوص صريحة في تحريمه ومثله القمار وغيره , وهنا في مسالة العورات ينطبق حالة مثل كشف شعر ورأس المراة ونحرها وعنقها لأنه جاء في الشعر نص صريح على تحريم كشفه وهو الحديث الذي رواه الطحاوي والطبراني ان امراة نذرت ان تحج وهي ماشية وحاسرة فقال مروها فالتركب ولتختمر"تغطي راسها" ولتحج , صححه الالباني ورواية اخرى عن احمد صححها الارنؤط . وفي رواية صريحة واحسبه قال ولتغطي شعرها .
وكذلك فتحة النحر والعنق لا تنطبق عليها تلك القاعدة لانه جاء في التنزيل"وليضربن بخمره على جيوبهن " وفي المجم الوسيط (جيب) الْقَمِيص وَنَحْوه مَا يدْخل مِنْهُ الرَّأْس عِنْد لبسه .
وما يدخل منه الراس هو فتحة العنق وفتحة النحر.
وعلى ذلك فتحة النحر والعنق مما يحرم كشفه وكذلك الراس .
والشيخ الالباني في كتابه جلباب المراة المسلمة اخذ براي ابن القطان الفاسي في كتابه النظر في احكام النظر بان العادة التي قصدها في تفسير الاستثناء في الآية هي التي في عهد النبي . ولكن هذا الكلام لا اظنه مقصور هنا على ذلك لأن العلماء معظمهم يعتبرون العرف وماجرت عليه العادة معتبرة في شريعة الاسلام في شتى العصور بشرط ان لا تخالف نصاً قطعي الدلالة وثابت . فلا يدخل فيها الرأس والنحر والجيد والذراع والساق حتى لو ظهرت في بعض الحالات من بعض النساء او كثير منهم تبعا للقاعدة الشرطية وللذك قسَم العلماء العرف الى نوعين عرف صحيح وعرف فاسد والاخير ما خالف الشرع ونصوصه .
ثالثاً
قاعدة عند فقهاء الشريعة وهي ان المشقة في الإسلام تجلب التيسير , من ذلك ان في تغطية الوجه والكفين شيء من الحرج والعسر والتشديد والله تعالى قد نفى عن دينه الحرج والعسر والشدة واقامه على السماحة واليسر والتخفيف والرحمة قال تعالى "وما جعل عليكم في الدين من حرج"الحج وقال يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسرالبقرة "وقال "يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسان عجولا" النساء وقال عليه السلام بعث بحنيفية سمحة"
وقد قررالفقهاء ان المشقة تجلب التيسير وقد امرنا النبي صلى الله عليه وسلم ان نيسر ولا نعسر وان نبشر ولا ننفر وقد بعثنا ميسرين ولم نبعث معسرين, وفي كشف الوجه تدعو الحاجه اليه في الشهادة في القضاء وفي المحاكمة وفي البيع والشراء وغير ذلك
ويترجم النقطتين الثالثة والرابعة ان بعض العلماء المفسرين مثل الشيخ النسفي في تفسيره وابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير المتوفى في السبعينات الميلادية من القرن المنصرم فسرا الاستثناء في الآية بما ما جرت العادة على ظهورة وما دعت الحاجة اليه كالوجه والكفين قال ابن عاشور في التحرير والتنوير "فَالزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ هِيَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ بِحُكْمِ الْفِطْرَةِ بَادِيَةً يَكُونُ سَتْرَهَا مُعَطِّلًا الِانْتِفَاعَ بِهَا أَوْ مُدْخِلًا حَرَجًا عَلَى صَاحِبَتِهَا وَذَلِكَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ".
وقال الشيخ النسفي في تفسيره للإستثناء قال"إلا ماجرت العادة والجبلة على ظهوره وهو الوجه والكفان وزاد -القدمان- ففي سترها حرج بين فإن المرأة لا تجديدا من مزاولة الأشياء بيديها ومن إلى كشف وجهها خصوصاً في الشهادة والمحاكمة والنكاح الخ "- انتهى كلامه , وكشف الوجه في المحاكمة والشهادة لابد منه فلا يغني عنه البصمات حتى يعرف القاضي درجة الارتباك في الوجه والاطمئنان حتى يشعر صدق المراة من كذبها , وسيآتي بعد قليل بقول عالم ثالث زاد حالات اخرى غير التي ذكرها النسفي لكن قبل ذلك لابد من الاشارة الى ان مما يدعم ايضا تفسير الاستثناء بالوجه والكفين .
ان من معاني الظهور في اللغة العربية الغلبة يقول تعالى "فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ"الصف 14 اي غالبين وانظر الهامش (1) . وإذا عدنا للاستثناء للآية التي في سورة النورنلاحظ فعل ظَهَرَ نجد فيه ايحاء بما غلب عادةً وحاجة فما ظهر على مستوى المجتمع او شريحة كبيرة منه وغلب ظهوره عادةً وحاجة , ولم يخالف نصا صريحاً فلا مانع منه لانه اصبح من العادة التي يحترمها الاسلام , هذا ما يخص العادة اما ما يخص الحاجة الواردة في كلام الشيخين لأن منع ظهوره يسبب حرج فلا بد من ظهوره فظهوره غالبٌ لها . كما في حالة الشهادة في القضاء فالعلماء اجمعوا على كشف الوجه في هذه الحالة . وقال بعض اهل العلم كصاحب كتاب الاختيار من كتب الحنفية كما في حالة مزاولة البيع والشراء اذ تحتاج الى استخدام يديها في الاخذ والعطاء , وفي رؤية وجهها من قبل الاخرين للشراء والبيع وقال مثل قوله القاضي عياض الفقيه الشافعي ونقل قوله النووي في شرحه على صحيح مسلم . ولعل مثال ذلك من تعمل في التجارة فتبيع وتشتري فلا بد من رؤية وجهها لان التجارة متعلقة بالذمم المالية ولا يتعمل بها بالامور المبهمة , وكذلك الشراء بالتقسيط يحتاج من المرأة ان تكشف وجهها وان تعطي صورة بطاقتها الشخصية للتاكد من شخصيتها . وكذلك في حالة شراء او بيع الاصول كالعقارات خاصة عند توثيق العقود . وكذلك تحتاج المرأة الى كشف كفاها للأكل اذا كانت تأكل مع رجل اجنبي بحضور محرم لأن اكلها وكفاها مغطاه فيه حرج . وفي تغطية وجهها ايضاً شيء من الحرج عند الأكل . وقد ثبت في الصحيحين خاصة في مسلم ان رجل من الصحابة كان معه زوجته ومعهما اجنبي على مائدة طعام واحدة ولم ينكر عليهما النبي عليه الصلاة والسلام . وفي الموطأ "سئل مالك : هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك : ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال : وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله" رواية يحيى (2|935) . وقال الباجي في "المنتفى شرح الموطأ" (7|252): "يقتضي أن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها" .لعله هنا قصد الحرج والمشقة في تغطية الوجه مع الاكل .
وكذلك كشف اليدين الى المرفق احياناً فقد جاء في جامع البرامكة عن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ذراعيها ، لأنها في الخَبز وغسل الثياب تبتلى بإبداء ذراعيها أيضاً».
ولذلك كما قلت قال بعض المفسرين كابن عاشور وكالشيخ النسفي في تفسير الاستثناء حيث حيث لم يقصرا الأمر فيما دعت الحاجة لظهوره بل ايضاً ماجرت العادة على ظهوره -اذا لم يخالف ما ثبت نصاً وجوب ستره - . ففي بعض المجتمعات يغلب كشف الوجه للمرأة ولا يعتبر كشفه مخالفاً للحياء لأن الحياء مفهومة نسبي بين المجتمعات وكما قلت يعضد هذا التاويل ان من معاني الظهور الغلبة اي غلب ظهوره عادةً لأنه لا يخالف الحياء في بعض المجتمعات .
ولعل مما يعضد ايضاً رأي الشيخ النسفي وابن عاشور وغيرهم الذين ذكرت اقوالهم ان الآية لم تذكر الثياب تخصيصاً . اي لم تقل الآية الا الثياب منها وهذا يعني انها تحتمل بقوة امور اخرى غير الثياب .
اما قول الشيخ النسفي في النكاح . فليس بوجيه لأن الخطبة ليس مخصوص بها الوجه والكفين . اللهم اذا كان المقصود ان المراة بكشف وجهها حتى في غير الخطبة تعرف وتكون فرصة خطبتها اكثر من غيرها .
رابعاً
أن القران الكريم نفسه فيه نص آخر يعضد كل هذا وهو قوله تعالى "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" ولم يقل على وجوههن , والخمار هو غطاء الراس وليس غطاء الوجه كما هو في كل كتب اللغة انظر الهامش رقم 3 وفي صحيح مسلم وابن حبان وفيه "فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"قال النووي في شرحه
أَيْ تُدِيرهُ عَلَى رَأْسِهَا . فهذا دليل على ان الخمار غطاء الرأس .
وفي الحديث الذي رواه الدارقطني المرفوع ان الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فو تعتدوها الى ان قال وسكت عن اشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها .صححه ابن كثير في تفسيره والنووي في الاذكار وفي الارعين النووية وفي بساتين العارفين وابن القيم في اعلام الموقعين والهيثمي في مجمع الزوائد وقال رجاله رجال الصحيح وغيرهم وكثير من العلماء .
خامساً
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لم ينكر على بعض النساء كشف وجوههن بحضرته من ذلك الخثعمية التي وردت قصتها في الصحيحين وعند النسائي وغيره . وكذلك ايضاً اسماء بنت يزيد , وقول النبي ايضاً الذي رواه احمد بسنده الى أَبَي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيَّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي أَصْحَابِهِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَقَدْ اغْتَسَلَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانَ شَيْءٌ قَالَ أَجَلْ مَرَّتْ بِي فُلَانَةُ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي شَهْوَةُ النِّسَاءِ فَأَتَيْتُ بَعْضَ أَزْوَاجِي فَأَصَبْتُهَا فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا فَإِنَّهُ مِنْ أَمَاثِلِ أَعْمَالِكُمْ إِتْيَانُ الْحَلَالِ . صححه الالباني وشعيب الارنؤط . فقوله فلانه اي عرفها من وجهها فسماها .وللعلماء ايضا أدلة اخرى من الكتاب والسنة مستنبطة في ذلك انظر آخر مشاركاتي في الصفحة السابقة واظن التي قبلها .
سادساً
ان النبي دعا لان عباس بان يفقهه في الدين ويعلمه التاويل وورد هذا في مسند احمد بسند صحيح ورواه الطبراني وابن ابي شيبة وغيرهم , وعند ابن حبان اللهم فقه في الدين وعلمه التاول . وفي صحيح البخاري اللهم علمه الكتاب وفي رواية اخرى اللهم علمه الحكمة ولذلك وصف ابن عباس بترجمان القران .
اضافات اخرى انظر الهامش رقم 2
.................................................. ........
1-ومما يدل ان ظهر تاتي بمعنى غلب الحديث الذي رواه الحاكم واحمد والبيهقي في دلائل النبوة والطبراني في الكبيرعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسُ عَلَى الرُّومِ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا إِنَّهُمْ سَيَهْزِمُونَ " فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ أَجَلًا، فَإِنْ ظَهَرُوا، كَانَ لَكَ كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ ظَهَرْنَا، كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا . فَجَعَلَ بَيْنَهُمْ أَجَلًا خَمْسَ سِنِينَ، فَلَمْ يَظْهَرُوا، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَلا جَعَلْتَهُ - أُرَاهُ قَالَ: - دُونَ الْعَشْرِ " - قَالَ: وَقَالَ سَعِيدٌ: الْبِضْعُ مَا دُونَ الْعَشْرِ - قَالَ: فَظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: 2] قَالَ: فَغُلِبَتِ الرُّومُ ثُمَّ غَلَبَتْ بَعْدُ، قَالَ: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ} [الروم: 4] قَالَ: يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ
قال محقق المسند إسناده صحيح على شرط الشيخين.. فهنا الظهور اتى بمعنى الغلبة . وجاء في صحيح البخاري قال ابو سفيان ناثلا عن هرقل هذا ملك هذه الامة قد ظهر .
..................................................
2- اما القول ان الاستنثاء في قوله تعالى "الا ما ظهر منها" يعني ما ظهر بدون قصد وما ظهر عفوا كما لو ظهر منها شيء من وجهها او نحرها او شعرها بسبب رياح وخلاف ذلك كل ذلك للتضييق ولابطال دلالة النص على جواز كشف الوجه والكفين . فالرد عليه ان ظهر كما تبين تأتي بمعنى غلب اي غلب ظهوره عادةً وحاجة وقد فصل في ذلك قبل قليل .
ثانياً قال الشيخ احمد الكبيسي
ان ظهر تفيد التوقع بعكس بدا . وسانقل ما قاله بعيد قليل . والمهم هنا ان التوقع يفيد القصد بعكس فعل بدا .
فبدا: تُقال إذا كان الشيئ خفيّاً ثم يظهر بجلاء ظهوراً غير متوقع. والكلمة مأخوذة من البادية (من بدا جفا) والبادية تكون على مدّ البصر لا ترى شيئاً من حولك وعلى حين غرة ترى رجلاً ينتصب أمامك واضحاً وليس هناك ما يستتر به عنك.
(بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) الأنعام)
(وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33) الجاثية)
اما ظهر: إذا كان الشيء متوقعاً يُقال له ظهر وهي عكس بدا.
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) الفتح)
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) الروم)
ويعضد ذلك ما جاء في صحيح البخاري وغيره قول هرقل مخاطباً ابا سفيان بن حرب عن محمد عليه الصلاة والسلام
(هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ). لأن ظهور محمد كنبي امر متوقع ومكتوب في الانجيل وظهر هنا ايضا قد تاتي بمعنى غلب .
انتهى . فاذا كانت بدا تفيد التوقع اي ما يكون بقصد من الناس .
والمعني الذي ذكرته الاول "ما غلب ظهورة عادة وحاجة ", ايضا يتفق مع المعني الاخير , فالمتوقع ظهوره هو ما كان من عادته الظهور حسب العرف.
فالاية اذن لم تقل الا ما بدا منها . وهناك ردود اخرى لكن اكتفي بهذا .
واما استدلالهم بالحديث قوله عليه الصلاة والسلام اذا خطب احدكم امراة فلا جناح ان ينظر اليها انما ينظر لخطبته وان كانت لا تعلم " رواه احمد و الطحاوي وأبو داود والحاكم و البيهقي . فهذا لا يصح الاستدلال به على ان كشف الوجه لا يكون الا بدون قصد لعدة امور منها ان النظر في الخطبة لا يكون محصوراً في الوجه فلقد روي عن احمد ابن حنبل مثل هذا كما نقل عنه ابن قدامه في المغنى لأن الحديث قال فلا جناح ان ينظر اليها ولم يقل الى وجهها هذا شيء وشيء آخر كما قرر علماء اصول الفقه ان الاسلام يحترم ماجرت عليه العادات والاعراف ونقلت اعلاه بعض حججهم في ذلك . وكثير من العائلات لا تكشف المراة وجهها وليس من المعقول ان يقول النبي ويلزم عليهن كشف وجوههن في الشارع اذا كن لا يرغبن في ذلك وللذك عبر بقوله وان كانت لا تعلم . وشيء آخر ان الحديث لم يقل ان كانت لا تعلم بل استخدم صيغة وان كانت لا تعلم والصيغة الاولى تفيد بحتمية عدم جواز رؤية المراة الا بعدم علمها من خلال المغافلة لكن الصيغة الثانية وهي التي جاءت في الحديث تعني سواء بعلمها او بدون علمها , لأن حالة الخطبة يشرع فيها ذلك ويؤكد ذلك ما رواه البيهقي واحمد عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :خَطَبْتُ امْرَأَةً فَذَكَرْتُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَقَالَ لِى :هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا . قُلْتُ : لاَ قَالَ : فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا . فَأَتَيْتُهَا وَعِنْدَهَا أَبُوَاهَا وَهِىَ فِى خِدْرِهَا قَالَ فَقُلْتُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَنِى أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا قَالَ : فَسَكَتَا قَالَ فَرَفَعْتِ الْجَارِيَةُ جَانِبَ الْخِدْرِ فَقَالَتْ : أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَىَّ لَمَا نَظَرْتَ وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَأْمُرْكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَىَّ أَنْ تَنْظُرَ قَالَ : فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا ثُمَّ تَزَوَّجْتُهَا قَالَ : فَمَا وَقَعَتْ عِنْدِى امْرَأَةٌ بِمَنْزِلَتِهَا وَلَقَدْ تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ أَوْ بِضْعًا وَسَبْعِينَ امْرَأَةً. صححه الدار قطني , والشيخ الالباني . فهذا الحديث يؤكد ان نظر الصحابي الى مخطوبته انما كان بعلمها .
ونقطة هامة الحديث اذا خطب احدكم امراة فلا جناح ان ينظر اليها انما ينظر لخطبته وان كانت لا تعلم اصلاص هو حديث يفيد ان رؤية وجه المراة ليس في الخطبة فقط لانه لم يحصر ذلك في الوجه بل قال اليها وهذا يفيد انه يكشف في غير حالة الخطبة فلو كان لا يكشف ولا يرى الا في الخطبة لخصص النبي ذكرالنظر في الخطبة بالنظر الى وجه المرأة يذكره تخصيصاً . لأن ذلك يفيد بحصرية رؤيته في الخطبة فقط وذلك الحصر لم يرد في الحديث .
بمعنى لم لم يقل صلى الله عليه وسلم إذا خطب احدكم امرأة فلا بأس أن ينظر إلى وجهها ؟ بل حتى صيغة اذا خطب احدكم امراة فلا جناح ان ينظر اليها والى شعرها تفيد بحصرية رؤية الوجه في الخطبة فقط وكذا الشعر . بينما وجه المراة لانه ليس بعورة فلم يتم حصره في الحديث والله اعلم .
..................................................
3-ففي "المعجم الوسيط" – تأليف لجنة من العلماء تحت إشراف" مجمع اللغة العربية" – ما نصه:
" الخمار: كل ما ستر ومنه خمار المرأة، وهو ثوب تغطي به رأسها، ومنه العمامة، لان الرجل يغطي بها رأسه، ويديرها تحت الحنك".ومن اللغويين: الراغب الأصبهاني(ت502)قال في كتابه الفريد" المفردات في غريب القرآن" (ص159)
"الخمر، أصل الخمر: ستر الشيء ويقال لما يستتر به: (خمار) لكن (الخمار) صار في التعارف اسم اًلما تغطي به المرأة رأسها،وجمعه (خُمُر) قال تعالى: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن}وابن منظور (ت711) والفيروزأبادي (816) وجماعة منالعلماء المؤلفين ل" المعجم الوسيط"- كما تقدم- مع نص قولهم الصريح في أنه غطاءالرأس.
ملاحظة حرف ت يقصد بها سنةالوفاة. وللاهمية انظر النقطة الرابعة اعلاه معنى تلوث خمارها وكلام النووي الذي نقلته .
المفضلات