سليمان والجياد :
" وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ "500
المصدر المدعى :
جاء في التلمود (سنهدرين ٢١ ب) أنّ ((سليمان)) –عليه السلام- قد ارتكب خطيئة باقتنائه لأعداد كبيرة من الخيول.
التعليق:
يقول النص بكامله: (( وقال الحبر إسحاق: لماذا لم تُجلَّ أسبابُ أحكامٍ توراتيّة؟ لأنّه في نصين كشف السبب، وتسبب ذلك في عثرة الأعظم في العالم [سليمان]؛ فقد كتب: عليه ألاّيضاعف عدد زوجاته، ولذلك قال سليمان: سأضاعف عدد زوجاتي وأمنع رغم ذلك قلبي من الانحراف. ومع ذلك نقرأ أنّه: لما شاخ سليمان، أزاغ نساؤه قلبه ٥٠١ . وكتب: عليه ألاّ يضاعف عدد خيوله، وقال في ذلك سليمان: أنا أضاعف عدد خيولي ولا أتسبب في عودة[الإسرائيليين إلى مصر]، ونقرأ رغم ذلك: وخرجت المركبة من مصر بست [مئة شاقل من الفضة] ٥٠٢
((ואמר ר' יצחק מפני מה לא נתגלו טעמי תורה שהרי שתימקראות נתגלו טעמן נכשל בהן גדול העולם כתיב לא ירבה לו נשים אמר שלמה אני ארבה ולאאסור וכתיב ויהי לעת זקנת שלמה נשיו הטו את לבבו וכתיב לא ירבה לו סוסים ואמר שלמהאני ארבה ולא אשיב וכתיב ותצא מרכבה ממצרים בשש וגו'))
1- النص القرآني يذكر قصّة وقعت ((لسليمان)) عليه السلام، وقد أَبهم سياقها لكنّه ساق لها مع ذلك بعض التفاصيل، وهي أنّه لما عرضت على ((سليمان)) عليه السلام خيله ذات الحركة الخفيفة؛ اشتغل بأحوالها حبًا لها حتى غربت الشمس؛ففاتته عبادة كان يؤدّيها في المساء قبل الغروب؛ فقال عقب عرض الخيل وقد انصرفت: إني أحببتُ الخيل؛ فغفلت عن طاعة كنت أؤديها، ثم أمر سائس خيله أن يردها إليه ليذبحها ٥٠٣ لأ نها جعلته لا يؤدي الكمال المطلوب في العبادة ٥٠٤ .. ولا نجد من هذا التفصيل القرآني شيئًا في النص التلمودي السابق.
٢ - ما أُنكر على ((سليمان)) عليه السلام في النص التلمودي محلّ البحث هو اضطراره بني إسرائيل أن يذهبوا إلى مصر ليشتروا من هناك الخيل، وهو معنى ظاهرٌ من خلال ما استُشهد به من سفر الملوك الأوّل 10 \ 29 القائل: ((وشرع تجار الملك يستوردون المركبات من مصر، فيدفعون ستمئة شاقل (نحوسبعة كيلوجرامات) من الفضة عن كل مركبة، ومئة وخمسين شاقلا (نحو كيلوجرامين) عن كل فرس. ثم يصدرونها لجميع ملوك الحثيين وملوك الأراميين.)) .. أمّا القصّة القرآنيّة فتذكر أنّ ((سليمان)) عليه السلام قد ندم لقضائه الوقت في تأمّل حركة هذه الخيول الجميلة؛فلا ذِكر هنا لمصر، ولا لبني إسرائيل، ولا للسفر، ولا للتجارة!
٣ - لم أقف على قول لأحد من الصحابة أو التابعين يشير إلى المعنى التلمودي لهذه الآيات؛ بما يظهر أنّ ما أورده التلمود ما كان معلومًا للرسول :salla-s: .
________________
٥٠٠
سورة ص/ الآيات ( 30 - 33 )
٥٠١
انظر؛ الملوك الأوّل 11 \ 4
502
انظر؛ الملوك الأوّل 10 \ 29
٥٠٣
الظاهر أنّه أطعم الفقراء لحمها بعد ذلك؛ إذ إنّ ذبحها دون أن يستفيد الناس من لحمها إهدار لنعمة، وهذا لايليق بنبي مجتبى من ربّ العالمين.
٥٠٤
هذا هو التفسير الأقرب لدلالات الألفاظ وتعاقب المعاني، انظر؛ الألوسي، روح المعاني، ت/محمد أحمد الأمد وعمر عبد السلام السلامي، بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1420 هـ , 2000م , 23 \ 252 - 262
المفضلات