ضيفتنا الفاضلة
هل انتهينا من النقطة الأولى أولا
أم ما زال هناك شىء غامض أو غير مقنع بالنسبة لحضرتك ؟؟
فحضرتك لم تردى على هذه الجزئية الهامة فى الحوار بشىء
اقتباس
هل الحج عادة جاهلية تبناها الاسلام ؟
الحج ليس (عادة) تبناها الإسلام
بل هو (ركن) من أركان الإسلام الخمس لمن استطاع إلى ذلك سبيلا
فالحج .... (فريضة إلهية) وليس (عادة جاهلية) كما ذكرت حضرتك
ومن رحمة الله وتيسيره على عباده الضعفاء .... أن لم يفرضها سوى على المستطيع ماديا وبدنيا وصحيا :
* قال تعالى :
(فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)
* (بينما النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه جاء رجل من أهل البادية
قال : أيكم ابن عبدالمطلب ؟
قالوا : هذا الأمغر المرتفق
فقال إني سائلك فمشتد عليك في المسألة
قال : سل عما بدا لك
قال : أسألك بربك ورب من قبلك ورب من بعدك : آلله أرسلك ؟
قال : اللهم نعم
قال : فأنشدك به : آلله أمرك أن تصلي خمس صلوات في كل يوم وليلة ؟
قال : اللهم نعم
قال : فأنشدك به : آلله أمرك أن تأخذ من أموال أغنيائنا فترده على فقرائنا ؟
قال : اللهم نعم
قال : فأنشدك به : آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من اثني عشر شهرا ؟
قال : اللهم نعم
قال : فأنشدك به : آلله أمرك أن يحج هذا البيت من استطاع إليه سبيلا ؟
قال : اللهم نعم
قال : فإني آمنت وصدقت وأنا ضمام بن ثعلبة)
الراوي : أبو هريرة
المحدث : الألباني
المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم : 2093
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
كما يجب التنويه إلى أن مناسك الحج فى الإسلام ليست مقتبسة بالطبع من العادات الجاهلية فهناك اختلافات كثيرة بينهما :
1- كان الجاهليون يمزجون الحج بالشرك وكان لهم فوق الكعبة وحولها 360 صنما يتقربون إليها بالعبادة والدعاء فأزالها النبي صلى الله عليه وسلم وطهر البيت وما حوله منها وهو يقول: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) وكانوا يقولون في تلبيتهم : (لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) .... ولو نقل منهم لقلدهم في تلبيتهم وذكرهم للأصنام !!!
ومنع النبي صلى الله عليه وسلم المشركين من الحج امتثالاً لقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا)
2- كان كثير منهم يطوفون بالبيت عراة ويقولون : وجدنا على هذا أباءنا والله أمرنا به فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : {قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء}، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يطوف بالبيت عراة) كما كانوا يصفرون أثناء الطواف
3- كانوا يوم عرفة يقفون بالمزدلفة ولا يذهبون إلى عرفة فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف بعرفة عملا بقوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) ... فالوقوف بعرفة هو ركن الحج الأكبر
4- كانوا يتأخرون في المزدلفة ولا يدفعون منها إلا بعد أن تطلع الشمس فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس
5- كان أهل الجاهلية يستغلون الاجتماع في أيام منى لذكر مفاخر آبائهم ويمتدحون بأفعالهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل) عملا بقول الله تعالى : (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) وقوله تعالى : (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا)
6- كان أهل الجاهلية يدعون الله في موسم الحج بأن يعطيهم من ملذات الدنيا وشهواتها فشرع الله لعباده أن يطلبوا منه خير الدنيا والآخرة قال تعالى : (فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ * وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(
7- مناسك الحج تشمل أشياء لم يكن المشركون يفعلونها .... وأهمها ركن الحج الأعظم (الوقوف بعرفة) والسعى بين الصفا والمروة ورمى الجمار والحلق أو التقصير .... كما أن هناك لباس محدد للرجل أثناء الحج أو العمرة (الإحرام) لم يكن من عادات الجاهلية
أفبعد كل ذلك يا ضيفتنا الفاضلة نقول أن الحج مقتبس من الطقوس الوثنية الجاهلية ؟؟؟
أو أن الحج عادة جاهلية ؟؟؟
اقتباس
مثلاً السجود جهة القبلة "الكعبة" وتقديس المسلمين للكعبة هو تماماً ما كان يفعله الناس في الجاهلية
نحن نسجد لله تعالى وحده (باتجاه) الكعبة
ولا نسجد للكعبة !!!!
فلا يسجد أمام الكعبة مباشرة إلا من كان بداخل المسجد الحرام بالطبع
وسجوده فى هذه الحالة ... لله تعالى وليس للكعبة
فتخيلى وأنا أصلى فى بيتى باتجاه القبلة وأمامى جدار الغرفة ....
هل أنا أركع وأسجد لجدار الغرفة ؟؟؟؟
بالطبع لا ......
ثم أن الكعبة ليست (مقدسة) كما تقولين
فلا مقدس فى الإسلام سوى ... الله تعالى والقرآن الكريم
ولذلك لا يجوز الحلف سوى بالله أو القرآن فقط
لا يجوز الحلف بالكعبة .... فالكعبة لها (حرمة) لا (قداسة)
فهى بناء وقبلة وليست (صنما) نسجد له والعياذ بالله
والله تعالى هو من أمرنا باتخاذها قبلة فى الصلاة
ولو أمرنا الله تعالى باتخاذ غيرها قبلة لفعلنا بالطبع
اقتباس
فالمسلمون يصلون ويتوجهون للكعبة لتقربهم من الله
من قال ذلك ؟؟؟
من قال أننا (نعبد أحجار الكعبة) لتقربنا إلى الله زلفى ؟؟؟
التمسح بجدران الكعبة بدعة منكرة وليست من الإسلام فى شىء يا ضيفتنا الفاضلة
* الإتجاه للكعبة الشريفة كقبلة ... أمر من الله تعالى :
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
* والطواف حول الكعبة الشريفة .... أمر من الله تعالى :
(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)
هذا هو بالحقيقة ما يقربنا لله تعالى .... ((طاعته كما أمرنا))
لا يقربنا لله تعالى (الكعبة) ولا غيرها كما تقولين يا ضيفتنا الفاضلة
بل أن (تقديس الكعبة كبناء لذاتها) من الشرك الأكبر ومن أشد المنكرات
فالقداسة هى لـ (الكلى القداسة) فقط .....
وهنا أسأل حضرتك سؤالا ....
هل لو لم يأمر الله ورسوله عليه الصلاة والسلام بالحج والطواف حول الكعبة وتقبيل الحجر الأسود ... كان المسلمون سيفعلون هذه الطقوس ؟؟؟
بالطبع لا
إذن .... فهذه العبادات هى (امتثال للأوامر الإلهية)
فالله الذى وضع الدين ... هو من يقول إفعل كذا ولا تفعل كذا
وما على العبيد سوى الطاعة لنوال الثواب والنجاة من العقاب
اقتباس
كتقبيل الحجر الأسود، فهو ليس واجباً لكنك تؤجر على فعله، ألا يعني هذا تقرباً لله عن طريق جماد كما في الجاهلية؟؟
قال صلى الله عليه وسلم فى الحجر الأسود : (الحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك)
وتقبيل الحجر الأسود عبادة ... حيث يقبل الإنسان حجراً (جماد) لا علاقة له به سوى التعبد لله تعالى اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .... فقد ثبت أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال حين قَبَّل الحجر : (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)
أما ما يظنه بعض الجهال من أن المقصود بذلك التبرك به والتقرب إلى الله عن طريقه وتقديسه كحجر لذاته فإنه لا أصل له وهو باطل منكر
فمشروعية تقبيل الحجر الأسود هي الاتِّباع المحضُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإظهار العبودية لله تعالى والتسليم لأمره وهو من تعظيم شعائر الله وقد دَّلت على ذلك الأدلة العديدة من السنة المطهرة ومنها:
1- ما رواه الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعير كلما أتى على الرُّكن أشار إليه بشيءٍ في يده وكبَّر)
2- ما رواه الإمام مسلم عن نافع قال : (رأيتُ ابنَ عمر استلم الحجر بيده ثم قبَّل يده وقال : ما تركتُه منذ رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله)
3- ما رواه الإمام مسلم عن أبي الطُّفَيْل رضي الله عنه قال : (رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمِحْجَنٍ معه ويقبِّلُ المِحْجَنَ)
4- جاء في فضل استلامه أحاديث منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : (والله ليبعثنَّه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسانٌ ينطق به يشهد على من استلمه بحقٍّ) رواه الترمذي عن ابن عباس وصحَّحه الألباني
5- ما رواه الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن مَسْحَ الحجر الأسود والرُّكْن اليَمانيّ يحطَّان الخطايا حطّاً)
فليس لأحد اختيار مع أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم .... فالله الذي حرَّم عبادة الأحجار والأشجار والأوثان وحرَّم التقرُّب إليه بغير ما شرع هو الذي أمر بالطواف حول بيته وشرع تقبيل الحجر ... ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : (إني لأعلم أنك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفع ولولا أني رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقبِّلُكَ ما قبَّلْتُكَ)
* قال الإمام الطبرى : ((إنما قال ذلك عمر لأن الناس كانوا حديثي عهدٍ بعبادة الأصنام فخشي عمر أن يظنَّ الجهَّال أن استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار كما كانت العرب تفعل في الجاهلية فأراد عمر أن يُعلِم الناس أن استلامه إتباع لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا لأنَّ الحجر ينفع ويضرُّ بذاته كما كانت الجاهلية تعتقده في الأوثان))
* وقال الباجى في (المنتقى) : ((تقبيلُه وتعظيمه ليس لذاته ولا لمعنًى فيه وإنما هو لأن النبي صلى الله عليه وسلم شرع ذلك طاعةً لله تعالى))
* وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح) : ((قال المهلب : وإنما شُرع تقبيله اختياراً ليعلم بالمشاهدة طاعة من يطيع وذلك شبيهٌ بقصة إبليس حيث أمر بالسجود لآدم)) وقال : ((وفي قول عمر هذا التسليم للشَّارع في أمور الدين وحسنُ الاتِّباع فيما لم يكشف عن معانيها وهو قاعدةٌ عظيمةٌ في اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه وفيه دفعُ ما وقع لبعض الجهَّال من أنَّ في الحجر الأسود خاصةً ترجع إلى ذاته وفيه بيان السُّنن بالقول والفعل وأن الإمام إذا خشي على أحدٍ من فعله فساد اعتقاده أن يبادر إلى بيان الأمر ويوضِّح ذلك))
وقد أَمرنا باتباع هدي النبى صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة حيث قال : (خذوا عنِّي مناسككم) (رواه مسلم)
فالحجر الأسود هو ... حجر / صخرة / جماد ... لا يقربنا إلى الله تعالى
بل ما يقربنا إليه فى الحقيقة هو : (طاعتنا لأمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم حينما نقبله امتثالا للأمر ورغبة فى الثواب والأجر)
--------------------------------
فى انتظار أى استفسارات اخرى
يسعدنا التواصل معك ضيفتنا الفاضلة
Doctor X
المفضلات