بسم الله
نواصل سيرة الحروب الصليبية الاولي
من موسوعة المستشرق الامريكي ول ديورانت
قصة الحضارة
ومعا سنقرا ما جاء به عن القائد الاسلامي البطل
صلاح الدين الايوبي والذي هزم عباد الصليب الاوربيون
هزيمة ساحقة في موقعة حطين واسترد بيت المقدس
وما قيل عنه علي السنتهم من سماحة واخلاق سامية
من صفحة رقم 5308 الي 5317
صلاح الدين الايوبي
وظلت مملكة أورشليم اللاتينية في سنين السلم الأربعين التي أعقبت الحملة الصليبية الثانية تمزقها المنازعات الداخلية، على حين أن أعداءها المسلمين كانوا يسيرون بخطى حثيثة نحو الوحدة.
فقد مد نور الدين سلطانه من حلب إلى دمشق
(1175)،
ولما مات أخضع صلاح الدين لسلطانه مصر وسوريا الإسلامية (1175)؛ ونشر تجار جنوى، والبندقية، وبيزا الاضطراب في الثغور الشرقية بمنافساتهم القاتلة.
وفي أورشليم أخذ الفرسان يتنازعون للاستيلاء على العرش. ولما استطاع جاي ده لوزينان أن يشق إليه طريقه بالختل
(1186)،
استاءت لذلك طبقة الأشراف،
حتى قال أخوه جوفري:
"إن يكن جاي هذا ملكاً فأنا خليق بأن أكون إلهاً".
ونصب ريجلند أمير شاتيون Reginald of Chatillon نفسه أميراً مستقلاً في قلعة الكرك العظيمة وراء نهر الأردن، على حدود بلاد العرب، وكثيراً ما خرق اتفاق الهدنة المعقود بين الملك اللاتيني وصلاح الدين، وأعلن عزمه على أن يغزو بلاد العرب، ويهدم قبر النبي في المدينة، ويدك أبنية الكعبة في مكة(30).
وأبحرت قوته الصغيرة المؤلفة من الفرسان المغامرين في البحر الأحمر، واتجهت نحو المدينة؛
ولكن سرية مصرية باغتتها، وقتلتها عن آخرها إلا عدداً قليلاً فروا مع ريجنلد،
وبعض الأسرى الذين سيقوا إلى مكة، وذبحوا في يوم عيد النحر (1183).
وكان صلاح الدين في هذه الأثناء قد قنع بشن الغارات الصغيرة على فلسطين؛
فلما رأى ما فعله ريجلند ثارت حميته الدينية،
فأخذ ينظم من جديد جيشه الذي فتح به دمشق،
والتقى بقوات المملكة اللاتينية في معركة غير حاسمة عند مرج ابن عامر ذي الشهرة التاريخية (1183)،
ثم هاجم ريجلند عند الكرك بعد بضعة أشهر من ذلك الوقت، ولكنه لم يستطع دخول القلعة الحصينة.
وفي عام 1185 وقع مع المملكة اللاتينية هدنة تدوم أربع سنين؛
ولكن ريجلند مل فترة السلم الطويلة،
فاعترض في عام 1186 للمسلمين، ونهب كثيراً من متاعها وأسر عدداً من أفرادها، ومنهم أخت صلاح الدين،
وقال ريجنلد:
"إذا كانوا يثقون بمحمد فليأت محمد لينقذهم". ولم يأت محمد؛
ولكن صلاح الدين ثارت ثائرته، فأعلن الجهاد على المسيحيين، وأقسم ليقتلن ريجنلد بيده.
ونشبت المعركة الفاصلة في الحروب الصليبية كلها عند حطين بالقرب من طبرية في اليوم الرابع من شهر يوليه سنة 1187.
وكان صلاح الدين ملماً بمعالم الأرض فاختار لجيوشه الأماكن المشرفة على آبار الماء؛
ودخل المسيحيون ميدان المعركة يلهثون من الظمأ بعد أن اخترقوا السهول في حر منتصف المحرق.
وانتهز المسلمون فرصة هبوب الريح نحو معسكر الصليبيين، فأشعلوا النار في الأعشاب البرية، وحملت الريح الدخان فزاد فرسانهم، وقتلوا عن آخرهم؛
وبعد أن ظل الفرسان يقاتلون قتال اليائسين ضد السلاح، والدخان، والظمأ خروا منهوكي القوى، فقتل منهم من قتل وأسر الباقون.
ولم تظهر جيوش المسلمين شيئاً من الرأفة بفرسان المعبد أو المستشفى،
وأمر صلاح الدين أن يؤتى له بالملك جاي والدوق ريجنلد، فلما أقبلا عليه قدم الشراب إلى الملك دليلاً على أنه قد عفا عنه،
أما ريجنلد فقد خيره بين الموت والإيمان برسالة النبي، فلما رفض قتله.
وكان مما غنمه المسلمون في هذه المعركة الصليب الذي كان الصليبيون يتخذونه علماً لهم في المعركة،
ويحمله فيها أحد القساوسة،
وقد أرسله صلاح الدين إلى الخليفة في بغداد.
ولما رأى صلاح الدين أنه لم يبق أمامه جيش يخشى بأسه، زحف لتحرير عكا، وأطلق فيها سراح أربعة آلاف أسير من المسلمين، وكافأ جنوده بما غنمه من ثروة هذا المرفأ الكثير المتاجر،
وخضعت فلسطين كلها تقريباً لصلاح الدين وبقيت في قبضة يده بضعة اشهر.
ولما اقترب من بيت المقدس خرج إليه أعيانها يعرضون عليه الصلح،
فقال لهم
إنه يعتقد كما يعتقدون هم أن هذه المدينة بيت الله، وإنه لا يرضيه أن يحاصرها أو يهاجمها. وعرض على أهلها أن تكون لهم الحرية الكاملة في تحصينها، وأن يزرعوا ما حولها من الأرض إلى ما بعد أسوارها بخمسة عشر ميلاً دون أن يقف أحد في سبيلهم، ووعدهم بأن يسد كل ما ينقصهم من المال والطعام إلى يوم عيد العنصرة، فإذا حل هذا اليوم ورأوا أن هناك أملاً في إنقاذهم، كان لهم أن يحتفظوا بالمدينة، ويقاوموا المحاصرين مقاومة شريفة، أما إذا لم يكن لهم أمل في هذه المعونة، فإن عليهم أن يستسلموا من غير قتال،
وتعهد في هذه الحال أن يحافظ على أرواح السكان المسيحيين وأموالهم . ورفض المندوبون هذا العرض،
وقالوا إنهم لن يسلموا المدينة التي مات فيها المسيح منقذ الخلق(31).
ولم يطل حصار المدينة أكثر من اثني عشر يوماً،
ولما أن استسلمت بعدها فرض صلاح الدين على أهلها فدية قدرها عشر قطع من الذهب (47.50؟ ريالاً أمريكياً) عن كل رجل، وخمس قطع عن كل امرأة، وقطعة واحدة عن كل طفل، أما فقراء أهلها البالغ عددهم سبعة آلاف فقد وعد بإطلاق سراحهم إذا أدوا إليه الثلاثين ألف بيزانت (270.000؟ ريال أمريكي) التي بعث بها هنري الثاني ملك إنجلترا إلى فرسان المستشفى. وقبلت المدينة هذه الشروط "بالشكر والنحيب" على حد قول أحد الإخباريين المسيحيين،
ولعل بعض العارفين من المسيحيين قد وازنوا بين هذه الحوادث وبين ما جرى في عام 1099.
وطلب العادل أخو صلاح الدين أن يهدي إليه ألف عبد من الفقراء الذين بقوا من غير فداء،
فلما أجيب إلى طلبه أعتقهم جميعاً؛
وطلب بليان Balian زعيم المقاومين المسيحيين هدية مثلها، وأجيب إلى ما طلب، وأعتق ألفاً آخرين،
وحذا حذوه المطران المسيحي وفعل ما فعل صاحبه،
وقال صلاح الدين إن أخاه قد أدى الصدقة عن نفسه، وإن المطران وباليان قد تصدقا عن نفسهما، وإنه يفعل فعلهما، ثم أعتق كل من لم يستطع أداء الفدية من كبار السن؛ ويلوح أن نحو خمسة عشر ألفاً من الأسرى المسيحيين بقوا بعدئذ من غير فداء فكانوا أرقاء.
وكان ممن افتدوا زوجات وبنات النبلاء الذين قتلوا أو أسروا في واقعة حطين.
ورق قلب صلاح الدين لدموع أولئك النساء والبنات فأطلق سراح من كان في أسر المسلمين من أزواجهم وآبائهن (ومن بينهم جاي)
أما "النساء والبنات اللاتي قتل أزواجهن وآباؤهن فقد وزع عليهن منه ماله الخاص ما أطلق ألسنتهن بحمد الله، وبالثناء على ما عاملهن به صلاح الدين من معاملة رحيمة نبيلة"
ذلك ما يقوله إرنول Ernoul مولى باليان.
وأقسم الملك والنبلاء الذين أطلق سراحهم ألا يحملوا السلاح ضده مرة أخرى،
ولكنهم ما كادوا يشعرون بالأمن في طرابلس وإنطاكية المسيحيتين حتى أحلهما حكم رجال الدين من يمينهما المغلظة،
وأخذ يدبرا الخطط للثأر من صلاح الدين(23).
وأجاز السلطان لليهود أن يعودوا إلى السكنى في بيت المقدس،
وأعطى المسيحيين حق دخولها، على أن يكونوا غير مسلحين،
وساعد حجاجهم وأمنهم على أنفسهم وأموالهم(34)؛ وطهرت قبة الصخرة التي حولها المسيحيون إلى كنيسة بأن رشت بماء الورد، وأزيل منها الصليب الذهبي الذي كان يعلوها، بين تهليل المسلمين وأنين المسيحيين.
وسار صلاح الدين على رأس جيشه لحصار عكا، ولما وجدها أمنع من عقاب الجو سرح الجزء الأكبر من جنده وانسحب وهو مريض متعب إلى دمشق (1188) في الخمسين من عمره.
.................................
يتبع باذن الله تعالي
مع احداث الحرب الصليبية الثالثة
وريتشارد قلب الاسد والذي يحاول فيها استعادة
بيت المقدس من المسلمين بقيادة البطل صلاح الدين
ولكن هيهات........كذلك ما وصي به صلاح الدين ابنه
بوصية قبل موته بزمن قصير يقول عنها مؤلف الموسوعة
هذه الكلمات:
(وقد ترك لابنه قبل موته بزمن قليل وصية لا تسمو فوقها أية فلسفة مسيحية )
المفضلات