و ننتقل للفصل 50 الذى يشير إلى أن رحمة الله عز و جل ستدرك المشركين الوثنيين و أن الله سيتوب عليهم و يرحمهم
و ننتقل للفصل 50 الذى يشير إلى أن رحمة الله عز و جل ستدرك المشركين الوثنيين و أن الله سيتوب عليهم و يرحمهم
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
نقرأ من الجملة الأولى :
ينتصر الأبرار باسم رب الأرواح
و قد تحدثنا من قبل عن انتصارات الأبرار التى يتنبأ عنها سفر أخنوخ
و الأبرار هم النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه الأخيار الأطهار رضى الله عنهم و أرضاهم
فهذه سنة الله فى خلقه
قال تعالى فى سورة غافر:
( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ( 51 ) يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ( 52 ))
و لا شك أن النبي صلى الله عليه و سلم و صحابته كانوا منصورين من الله
فمن ضعف و قلة و اضطهاد فى مكة إلى السيطرة على الجزيرة العربية كلها فى آخر حياة النبي صلى الله عليه و سلم إلى فتح البلدان و الممالك شرقا و غربا فى عهد الصحابة الكرام
27 غزوة فى حياة النبي صلى الله عليه و سلم بدون هزيمة إلا هزيمة واحدة فى غزوة أحد بسبب مخالفة أمر النبي صلى الله عليه و سلم
فى غزوة بدر ينتصر المسلمون على المشركين و هم ثلاثة أضعافهم
فى غزوة الأحزاب تجتمع قبائل المشركين و اليهود على النبي صلى الله عليه و سلم و المسلمين فينصر الله المسلمين بالريح
فى صلح الحديبية كان المسلمون 1500
بعدها بعامين فقط فتح النبي صلى الله عليه و سلم مكة بعشرة آلاف صحابي
و بعدها بعام انطلق النبي صلى الله عليه و سلم لقتال الروم فى غزوة تبوك ب30 ألف صحابي
و بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم فتحت مصر و فتحت الشام و فتحت فارس و بلاد المغرب و الأندلس و غيرها
فهذا نصر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه و سلم و للمؤمنين
و الجملة السابقة تقول أن الأبرار ينتصرون باسم رب الأرواح
و هذا يذكرنا بحديث النبي صلى الله عليه و سلم :
- اغزوا باسمِ اللَّهِ وفى سبيلِ اللَّهِ وقاتلوا من كفرَ باللَّهِ اغزوا ولاَ تغدروا ولاَ تغلُّوا ولاَ تمثِّلوا ولاَ تقتلوا وليدًا.
الراوي: بريدة بن الحصيب الأسلمي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2613
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فغزو المسلمين و جهادهم و قتالهم و انتصارهم كان باسم الله كما تقول النبوءة
و ننتقل للجزء التالى من النبوءة
يدعون الآخرين إلى الارتداد و التنكر لعمل أيديهم
لا يتمجدون باسم رب الأرواح و لكنهم يخلصون باسمه
يتحنن عليهم رب الأرواح
لأنه غنى بالحنان و عادل فى حكمه
لا يقوم العنف فى مجده
و فى دينونته يبيد الكافر أمامه
و عند ذاك لن أتحنن عليهم يقول رب الأرواح
و هنا نجد أن الأبرار المنصورين من الله تعالى يدعون الآخرين إلى الارتداد و التنكر لعمل أيديهم و المراد بعمل أيديهم الأوثان التى عبدوها بعد أن صنعوها بأيديهم فالأبرار يدعون الوثنيين إلى ترك عبادة الأوثان و عبادة الله الواحد القهار
و هؤلاء الوثنيون لا ينالون نفس النصر و المجد الذى يناله الأبرار و لكنهم سيخلصون و ينجون فى النهاية و من الواضح أن ذلك سيكون بتركهم للوثنية بعد هزيمتهم أمام الأبرار
يتحنن عليهم رب الأرواح أى يغفر لهم و يتوب عليهم و يرحمهم
و فى دينونته يبيد الكافر أمامه أى من لا يتوب عن الكفر و الوثنية فهذا مصيره الهزيمة و الخزى فى الدنيا و العذاب الأليم فى الآخرة
(و عند ذاك لن أتحنن عليهم يقول رب الأرواح) أى أن من مات على الكفر فلن تدركه رحمة الله تعالى و مغفرته
و سأنقل العبارة السابقة من ترجمة إنجليزية و أقوم بترجمتها للعربية مباشرة لأن الترجمة الإنجليزية أوضح و أفضل فى أداء المعنى
نقلا عن الرابط التالى :
http://reluctant-messenger.com/1enoc....htm#Chapter49
3Others shall be made to see, that they must repent, and forsake the works of their hands; and that glory awaits them not in the presence of the Lord of spirits; yet that by his name they may be saved. The Lord of spirits will have compassion on them; for great is his mercy; and righteousness is in his judgment, and in the presence of his glory; nor in his judgment shall iniquity stand. He who repents not before him shall perish.
4Henceforward I will not have mercy on them, saith the Lord of spirits.
الترجمة :
الأخرون سيتبين لهم أنهم يجب أن يتوبوا و يتركوا عمل أيديهم و سيتبين لهم أنهم لا مجد لهم أمام رب الأرواح و مع ذلك فباسمه سيخلصون. رب الأرواح سيتحنن عليهم لأن رحمته واسعة و حكمه عادل. لا يقوم ظلم و لا شر أمام مجد رب الأرواح و لا فى حكمه. من لا يتوب أمامه سوف يبيد.
و بالتالى فلن أرحمهم يقول رب الأرواح.
و بالفعل تبين للمشركين بعد ظهور الإسلام و انتصاره أنهم يجب أن يتوبوا إلى الله و يتركوا عبادة ما صنعته أيديهم من الأوثان و أنهم لا مجد لهم عند الله و أن الله قد نصر نبيه صلى الله عليه و سلم و صحابته الأطهار الأخيار لأنهم يقولون لا إله إلا الله و أن الله قد هزمهم و أخزاهم لأنهم يعبدون الأوثان من دون الله عز و جل
ففى فتح مكة أسلم أهل مكة بعد أن فتحها النبي صلى الله عليه و سلم بعشرة آلاف صحابي و عفا عن أهلها و لم ينتقم منهم بعد أن أذوه و كذبوه و اضطروه صلى الله عليه و سلم للهجرة منها
و فى غزوة حنين بعد هزيمة المشركين و سبي نسائهم و أطفالهم جاءوا يستعطفون النبي صلى الله عليه و سلم و يطلبون منه أن يرد له أهلهم فردهم فأسلموا
- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ ، حينَ جاءَهُ وفدُ هوازِنَ مسلمينَ ، فسأَلوهُ أن يردَّ إليهِم أموالَهُم وسبْيَهم ، فقال لهم : ( معي مَن ترَونَ ، وأحبُّ الحديثِ إلي أصدقُهُ ، فاختارُوا إحدَى الطائفتَينِ : إمَّا السبيَ وإمَّا المالَ ، وقد كنتُ استَأْنَيتُ ) . وكانَ النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ انتظَرَهمْ بضْعَ عشْرَةَ ليلةً ، حينَ قَفَلَ من الطائفِ ، فلمَّا تبينَ لهُم أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ غيرَ رادٍ إليهِم إلا إحْدَى الطائفتَينِ ، قالوا : فإنَّا نَخْتَارُ سبْيَنَا ، فقَام في المسلمينَ ، فأَثْنَى علَى اللهِ بمَا هوَ أهلُهُ ، ثمَّ قالَ : ( أمَّا بعدُ ، فإنَّ إخوانَكُم هؤلاءِ جاؤونَا تائبينَ ، وإنِّي رأيتُ أنْ أرُدَّ إليهِم سبيَهمْ ، فَمَنْ أحبَّ منكُم أنْ يَطِيبَ ذلكَ فليَفْعَلْ ، ومَن أحبَّ أنْ يكونَ على حَظِّهِ حتى نُعْطِيَهُ إيَّاهُ مِن أوَّلِ ما يَفِيءُ اللهُ علينَا فلْيَفْعَلْ ) . فقالَ الناسُ : طيَّبنَا يا رسولَ اللهِ لهُم ، فقالَ لهُم : ( إنَّا لا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ منكُم فيهِ مِمَّنْ لم يأْذَنْ ، فارْجعوا حتى يرفعَ إلينَا عرفَاؤكُم أمرَكُم ) . فرجعَ الناسُ ، فكَلَّمهُم عرفاؤُهُم ، ثم رجَعوا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فأخبَروهُ : أنَّهُم طيَّبُوا وأَذِنُوا .
الراوي: المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2607
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
و الله عز و جل أخبرنا فى القرآن الكريم أنه يعذب الكافرين بالهزيمة ثم يتوب عليهم
قال تعالى فى سورة التوبة:
( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ( 25 ) ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ( 26 ) ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم( 27 ) )
فالله عز و جل يعذب الكفار بهزيمتهم و موتهم فى الحروب و سبي نسائهم و ذراريهم و تغنم أموالهم ثم يتوب الله سبحانه و تعالى على هؤلاء الكافرين إن تركوا الكفر و الوثنية و آمنوا و دخلوا فى الإسلام
أما الجملة الأخيرة
و من لا يتوب أمامه سوف يبيد
فهى تذكرنا بآية السيف
قال تعالى فى سورة التوبة :
(فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5))
و هذه الآية هى من أواخر ما نزل على النبي صلى الله عليه و سلم
و هى خاصة بمشركى العرب و استثنى منها من أوفوا بعهودهم للنبي صلى الله عليه و سلم
و نزلت بعد 22 سنة من دعوة النبي صلى الله عليه و سلم للناس إلى لا إله إلا الله و ترك عبادة الأصنام
و كانت معظم القبائل قد دخلت فى الإسلام ما عدا بعض القبائل التى ظلت مصممة على عبادة الحجارة من دون الله عز و جل
فبنزول تلك الآية الكريمة أصبح عليهم أن يسلموا أو يخرجوا من جزيرة العرب أو يقاتلوا
فإن تابوا لا يقاتلوا و لو كانوا أسرى يخلى سبيلهم
فبنزول هذه الآية الكريمة أصبح مشركو العرب الذين لم يتوبوا عن الشرك و الكفر كلهم باستثناء من أوفوا بعهودهم للنبي صلى الله عليه و سلم عرضة للقتل فى حربهم ضد المسلمين
و هو تحقق حرفى لهذه النبوءة التى تقول :
و من لا يتوب أمامه سوف يبيد
و أخيرا
و بالتالى فلن أرحمهم يقول رب الأرواح
فمن مات على الشرك و الوثنية و رفض الإيمان بالإسلام فلن تدركه رحمة الله عز و جل و مصيره جهنم و بئس المصير فالشرك هو الذنب الذى لا يغفر
قال تعالى فى سورة النساء :
( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ( 48 ) )
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
و ننتقل للفصل 51 و عنوانه (قيامة الموتى)
و هو يتحدث عن حال المختار أو المصطفى و الأبرار يوم القيامة
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
نبدأ القراءة من الجملة اولى :
فى ذلك الوقت تعيد الأرض ما أودع فيها
و يعيد مثوى الأموات ما تقبل
و الهلاك يعيد ما عليه من واجب
و هنا من الواضح أن الحديث عن يوم القيامة
فالأرض تعيد ما أودع فيها من جثامين الموتى
و مثوى الأموات أى القبور يعيد ما تقبل من موتى دفنوا فيه
و يخرج الأموات من بطن الأرض أحياء مرة أخرى
و هذه الجملة :
فى ذلك الوقت تعيد الأرض ما أودع فيها
نظيرها فى كتاب الله عز و جل :
( وأخرجت الأرض أثقالها ) الزلزلة 2
جاء فى تفسير القرطبي للآية الكريمة السابقة:
قال أبو عبيدة والأخفش : إذا كان الميت في بطن الأرض ، فهو ثقل لها . وإذا كان فوقها ، فهو ثقل عليها . وقال ابن عباس ومجاهد : أثقالها : موتاها ، تخرجهم في النفخة الثانية ، ومنه قيل للجن والإنس : الثقلان .
و ننتقل للجملة الثانية :
يتميز وسط الموتى الأبرار و القديسين
لأن يوم الخلاص قد جاء لهم
و كما قلنا أن الأبرار فى سفر أخنوخ المقصود بهم الصحابة الأطهار و أمة محمد صلى الله عليه و سلم
فهل هناك ما يميز أمة محمد عليه الصلاة و السلام عن باقى البشر يوم القيامة ؟
نعم حتى أن النبي صلى الله عليه و سلم سيعرفنا يوم القيامة بمشيئة الله تعالى يوم القيامة من هيئتنا دون أن يكون قد رآنا من قبل
فسيعرفنا النبي صلى الله عليه و سلم على الحوض لأننا سنكون بإذن الله تعالى غرا محجلين يوم القيامة من أثر الوضوء
- إن حوضي أبعدُ من أيلةَ من عدنٍ . لهو أشدُّ بياضًا من الثلجِ . وأحلى من العسلِ باللبنِ . ولآنيتُه أكثرُ من عددِ النجومِ . وإني لأصدُّ الناسَ عنه كما يَصُدُّ الرجلُ إبلَ الناسِ عن حوضِه . قالوا : يا رسولَ اللهِ ! أتعرفُنا يومئذٍ ؟ قال : نعم . لكم سيما ليست لأحدٍ من الأممِ . تَرِدُون عليّ غُرًا مُحَجَّلين من أثرِ الوضوءِ
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 247
خلاصة حكم المحدث: صحيح
و جاء فى تفسير الإمام النووى لصحيح مسلم :
قوله صلى الله عليه و سلم ( أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من آثار الوضوء ) قال أهل اللغة الغرة بياض في جبهة الفرس والتحجيل بياض في يديها ورجليها قال العلماء سمى النور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم القيامة غرة وتحجيلا تشبيها بغرة الفرس والله أعلم.
و هكذا نرى أن النبي صلى الله عليه و سلم سيعرفنا على الحوض يوم القيامة بإذن الله على الرغم من أنه لم يرنا بنور يكون يوم القيامة على مواضع الوضوء عند رءوسنا و أذرعنا و أرجلنا و هذه هى الهيئة التى سنتميز بها يوم القيامة عن سائر الناس بإذن الله و هو ما تشير إليه هذه النبوءة من سفر أخنوخ
و ننتقل إلى الجملة الثالثة :
فى ذلك الوقت يجلس المختار على عرشي
بفمه تعلن كل أسرار الحكمة
لأن رب الأرواح أعطاه إياها و مجده
و هنا نرى أن المختار أو المصطفى الذى يتحدث عنه سفر أخنوخ سيجلس على عرش الله سبحانه و تعالى يوم القيامة
و قد جاء فى التفسير أن النبي صلى الله عليه و سلم يجلسه الله تعالى على العرش يوم القيامة و أشار المفسرون إلى أن تلك الروايات ما يجعلنا نرفضها و أن جلوس النبي صلى الله عليه و سلم على عرش الرحمن لا يخرجه بأى حال من الأحوال من مقام العبودية لله عز و جل
و قد جاء الخبر بجلوس النبي صلى الله عليه و سلم على العرش يوم القيامة فى أثر أورده الإمام الطبري فى تفسيره لقوله تعالى :
( و من الليل فتهجد به نافلة لك عسي أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) الإسراء 79
و الأثر مروى عن مجاهد رحمه الله :
حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي ، قال : ثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : يجلسه معه على عرشه .
و قد أشار أئمة التفسير إلى أن القول الأصح فى تفسير المقام المحمود أنه مقام الشفاعة يوم القيامة و لكن لا يوجد ما يجعلنا ننكر صحة جلوس النبي صلى الله عليه و سلم على العرش يوم القيامة
يقول الإمام الطبري فى تفسيره للآية الكريمة السابقة :
وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) لما ذكرنا من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ، فإن ما قاله مجاهد من أن الله يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه ، قول غير مدفوع صحته ، لا من جهة خبر ولا نظر ، وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، ولا عن التابعين بإحالة ذلك .
و يقول الإمام القرطبي :
وروي عن مجاهد أيضا في هذه الآية قال : يجلسه على العرش . وهذا تأويل غير مستحيل ; لأن الله - تعالى - كان قبل خلقه الأشياء كلها والعرش - قائما بذاته ، ثم خلق الأشياء من غير حاجة إليها ، بل إظهارا لقدرته وحكمته ، وليعرف وجوده وتوحيده وكمال قدرته وعلمه بكل أفعاله المحكمة ، وخلق لنفسه عرشا استوى عليه كما شاء من غير أن صار له مماسا ، أو كان العرش له مكانا . قيل : هو الآن على الصفة التي كان عليها من قبل أن يخلق المكان والزمان ; فعلى هذا القول سواء في الجواز أقعد محمد على العرش أو على الأرض ; لأن استواء الله - تعالى - على العرش ليس بمعنى الانتقال والزوال وتحويل الأحوال من القيام والقعود والحال التي تشغل العرش ، بل هو مستو على عرشه كما أخبر عن نفسه بلا كيف . وليس إقعاده محمدا على العرش موجبا له صفة الربوبية أو مخرجا له عن صفة العبودية ، بل هو رفع لمحله وتشريف له على خلقه . وأما قوله في الإخبار : ( معه فهو بمنزلة قوله : إن الذين عند ربك ، و رب ابن لي عندك بيتا في الجنة . وإن الله لمع المحسنين ونحو ذلك . كل ذلك عائد إلى الرتبة والمنزلة والحظوة والدرجة الرفيعة ، لا إلى المكان .
قال الذهبي : " فممن قال : إن خبر مجاهد يسلم له ولا يعارض :
عباس بن محمد الدوري الحافظ ، ويحيى بن أبي طالب المحدث ، ومحمد بن إسماعيل السلمي الترمذي الحافظ ، وأبو جعفر محمد بن عبد الملك الدقيق ، وأبو داود السجستاني سليمان بن الأشعث صاحب السنن ... ، وإمام وقته إبراهيم بن إسحاق الحربي ، والحافظ أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ، وحمدان بن علي الوراق الحافظ ، وخلق سواهم من علماء السنة ممن أعرفهم ، وممن لا أعرفهم ، ولكن ثبت في الصحاح أن المقام المحمود في الشفاعة العامة الخاصة بنبينا " . اهـ كلام الإمام الذهبي . (" العلو للعلي الغفار : [143 ، 144])
قال الآجري رحمه الله في ["الشريعة" (4/1604)]:
(باب ذكر ما خصّ الله عزّ وجلّ به النبي من المقام المحمود القيامة):
(وأما حديث مُجاهد .. فقد تلقّاه الشُّيوخ من أهل العلم والنَّقل لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تلَقّوها بأحسن تلقٍّ، وقبلوها بأحسن قبول، ولم يُنكروها، وأنكروا على من ردَّ حديث مُجاهدٍ إنكارًا شديدًا، وقالوا: من ردَّ حديث مجاهد فهو رجلُ سُوء.)
و جدير بالذكر أن بعض أهل العلم أنكروا قول مجاهد فى هذه المسألة و منهم الشيخ الألبانى رحمه الله لكن لا شك أن الإشارة إلى هذا الأمر فى صحف أهل الكتاب هو بالفعل شئ ملفت للنظر
و ننتقل للجملة الخامسة :
فى ذلك اليوم يقوم المختار
فتبتهج الأرض و الأبرار يسكنوونها
و المختارون يسيرون عليها و يتمشون
و لعل المراد بالأرض التى يسكنها الأبرار هنا أرض الجنة
و نظير هذا فى كتاب الله سبحانه و تعالى :
(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ* وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) الزمر:73-74
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
و ننتقل للفصل 52 و 53 :
التعديل الأخير تم بواسطة 3abd Arahman ; 25-11-2013 الساعة 12:18 AM
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
نبدأ بالفصل 52
و هنا يري النبي أخنوخ رؤيا يري فيها جبال من فضة و ذهب و نحاس و رصاص و قصدير
و يقول الملاك له :
( كل ما رأيته يخدم سلطان مسيحه فيأمر و يمارس السلطان على الأرض)
و قد تكلمنا سابقا عن أن لقب مسيحه أو مسيح الرب ليس لقبا مقصورا على السيد المسيح عليه السلام و يطلق أيضا على الملوك و الأنبياء طبقا للكتاب المقدس و المصادر اليهودية و النصرانية
و لسنا بحاجة لتكرار نفس الكلام مرة أخرى
و الجملة السابقة تدل على أن المختار أو المصطفى أو مسيح الرب الذى يتحدث عنه سفر أخنوخ يحكم و يمارس السلطان على الأرض
و هذا حال النبي صلى الله عليه و سلم
فكان النبي صلى الله عليه و سلم يملك تحريك الجيوش و تطبيق الحدود و تؤدى إليه الجزية
فكان النبي صلى الله عليه و سلم هو الحاكم الفعلى لجزيرة العرب
أما السيد المسيح -عليه و على نبينا أفضل الصلاة و أتم السلام- فلم يكن حاكما و لم يكن يملك تحريك الجيوش و تطبيق الحدود
و الدليل على أن المسيح لم يكن ملك له سلطان ما نسبوه إليه فى إنجيل يوحنا عند تحقيق بيلاطس معه
نقرأ من إنجيل يوحنا الإصحاح 18:
33 فَرَجِعَ بِيلاطُسُ إلَى داخِلِ قَصْرِهِ. ثُمَّ استَدعَى يَسُوعَ وَقالَ لَهُ: «أأنتَ مَلِكُ اليَهُودِ؟»
34 أجابَ يَسُوعُ: «أمِنْ عِندِكَ تَقُولُ هَذا، أمْ أنَّ آخَرِيْنَ أخبَرُوكَ عَنِّي؟»
35 أجابَ بِيلاطُسُ: «أتَحسَبُنِي يَهُودِيّاً؟ شَعبُكَ وَكِبارُ الكَهَنَةِ هُمُ الَّذِيْنَ سَلَّمُوكَ إلِيَّ، فَماذا فَعَلْتَ؟»
36 أجابَ يَسُوعُ: «مَملَكَتِي لا تَنتَمِي إلَى هَذا العالَمِ. لَو كانَتْ مَملَكتِي تَنتَمِي إلَى هَذا العالَمِ، لَكانَ أتباعِي يُحارِبُونَ لِيَمنَعُوا تَسلِيْمِي إلَى اليَهُودِ. لَكِنَّ مَملَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هُنا.»
و هنا نرى أن المسيح يقول أن مملكته لا تنتمى إلى العالم أى أنه لا يمارس السلطان على الأرض و بالتالى ليس هو النبي المبشر به قطعا فى سفر أخنوخ
و فى نهاية هذا الفصل نرى أن الإنسان لا يخلص بالذهب و لا الفضة و الحديد لن ينفع فى الحروب و الاتقاء به كدروع و كذلك الرصاص و النحاس عند ظهور المصطفى أو المختار
و هذا معناه أن الكفار لن تغنى عنهم ثرواتهم و أموالهم و لا جيوشهم و أسلحتهم المصنوعة من الحديد و النحاس شيئا عند ظهور النبي صلى الله عليه و سلم و ستحيق بهم الهزيمة و سيلحق بهم الذل و الصغار
و ننتقل للفصل 53
و نبدأ بالجملة الأولى :
هناك رأيت بعيني هوة عميقة و فاغرة فاها. كل الساكنين على اليابسة و البحر و الجزر حملوا إليها التقادم و الهدايا و المكوس و ما كانت هذه الهوة العميقة تمتلئ.
و أحب أننا نقرأ نفس النص من ترجمة إنجليزية لتوضيح شئ فى معنى النص السابق :
http://www.sacred-texts.com/bib/boe/boe056.htm
There mine eyes saw a deep valley with open mouths, and all who dwell on the earth and sea and islands shall bring to him gifts and presents and tokens of homage, but that deep valley shall not become full.
الترجمة :
هناك رأت عيناى واد عميق فاغر فاه و كل الساكنين على الأرض سيحملون له الهدايا و النقود باحترام شديد و لكن هذا الوادى العميق لن يمتلئ
و نلاحظ أن الترجمة الإنجليزيو تقول ( سيحملون له) و الضمير him هنا لا يعود على الوادى نفسه بالطبع لأن الضمير الذى يمكن أن يعود على الوادى هو it و هو ضمير لغير العاقل
و الضمير هنا يعود على المختار الذى يتحدث عنه سفر أخنوخ
أى أن الناس تحمل له الهدايا و المكوس و هى من أنواع الضرائب أو تحمل له النقود باحترام شديد
و أما الهدايا فقد أهدى بعض الملوك للنبي صلى الله عليه و سلم الهدايا مثل المقوقس صاحب مصر الذى أهدى للنبي صلى الله عليه و سلم السيدة مارية القبطية رضى الله عنها و جارية أخرى و بغلتين
كما جاء فى كتب السيرة
أما المكوس فهى من أنواع الضرائب و كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قد فرض المكوس على أهل الذمة ففرض عليهم نصف العشر على التجارة و العشر على أموال أهل الحرب
و المراد بالمكوس هنا الضرائب أو الأموال بدليل أن الترجمة الإنجليزية ترجمتها إلى
tokens of homage
أى
النقود بإجلال أو باحترام شديد
و النقود التى دفعها الناس للنبي صلى الله عليه و سلم باحترام شديد و هم صاغرون هى الجزية
قال تعالى فى سورة التوبة:
( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ( 29 ) )
و ننتقل للجملة الثانية :
اقترفت أيديهم الإثم
و أكل الخطاة ما اقتناه جرمهم
سيسقطون أمام رب الأرواح
و يطردون من على وجه الأرض
و لكنهم لا يهلكون إلى الأبد
و هنا تتحدث النبوءة عن جزاء الخطاة و هم المشركون و أهل الكتاب فى عهد النبي صلى الله عليه و سلم
فهم سيسقطون أمام رب الأرواح أى سيهزمون و يزول ملكهم و يصبح الصغار عليهم
و سيطردون من على وجه الأرض
- أخرِجُوا المشرِكينَ من جَزيرةِ العرَبِ ، وأجِيزُوا الوفْدَ بِنحْوِ ما كُنتُ أُجيزُهمْ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 231
خلاصة حكم المحدث: صحيح
- أخرِجُوا اليهودَ والنَّصارَى من جَزيرةِ العرَبِ
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 232
خلاصة حكم المحدث: صحيح
و لكنهم لن يهلكوا للأبد لأن الله سبحانه و تعالى برحمته تاب على كثير من الوثنيين و أهل الكتاب و دخلوا الإسلام فى أواخر حياة النبي صلي الله عليه و سلم بعد فتح مكة و غزوة حنين
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
و ننتقل للفصل رقم 58
و هو يتحدث عن حال المؤمنين و نورهم يوم القيامة - نسأل الله تعالى أن يدخلنا فيهم برحمته - :
نقرأ معا من الجملة الثالثة :
يكون الأبرار فى نور الشمس
و المختارون فى نور الحياة الأبدية
أيام حياتهم لا نهاية لها
أيام لا عد لها تكون للقديسين
و نجد ذكر هذا النور فى كتاب الله عز و جل :
( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) الحديد 12
و من الملفت للنظر أن الآية الكريمة تجمع بين الحديث عن نور المؤمنين يوم القيامة و خلودهم تماما كما فى العبارة السابقة من سفر أخنوخ
و ننتقل للجملة الرابعة :
يطلبون النور و ينالون البر لدى رب الأرواح
سلام للأبرار باسم رب الأزل
أما طلب المؤمنين للنور يوم القيامة فنجده أيضا فى كتاب الله عز و جل :
( يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيِهمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتَممْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التحريم 8
فالنبي صلى الله عليه و سلم و الذين آمنوا معه يوم القيامة - نسأل الله أن يدخلنا فيهم بفضله و برحمته - يطلبون النور من الله يوم القيامة قائلين : ( ربنا أتمم لنا نورنا ).
و أما ( سلام للأبرار باسم رب الأزل ) فنجدها أيضا فى موضعين من كتاب الله عز و جل :
( تحيتهم يوم يلقونه سلام ) الأحزاب 44
( سلام قولا من رب رحيم ) يس 58
و جاء فى تفسير القرطبي للآية الكريمة السابقة من سورة يس أن الله تعالى يسلم على أهل الجنة :
وروي من حديث جرير بن عبد الله البجلي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رءوسهم فإذا الرب تعالى قد اطلع عليهم من فوقهم فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة . فذلك قوله : سلام قولا من رب رحيم . فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ، فيبقى نوره وبركاته عليهم في ديارهم ذكره الثعلبي والقشيري .
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
و ننتقل إلى الفصل 61 :
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
و لنا وقفتان مع هذا الفصل
أولا نقرأ العدد 6 و 7 :
ساكنو أعالى السماء تلقوا أمرا و سلطة و صوتا واحدا و نورا واحدا يشبه النار
و بأولى تمتماتهم يباركون ( المختار )
يعظمونه و يمجدونه بحكمة
و ساكنو أعالى السماء هم الملائكة
و مباركتهم للمختار هى صلاتهم على النبي صلى الله عليه و سلم
قال تعالى :
( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) الأحزاب 56
و صلاة الملائكة على النبي صلى الله عليه و سلم هى مباركته كما جاء فى تفسير الطبري
نقرأ من تفسير الطبري للآية الكريمة السابقة :
يقول - تعالى ذكره - : إن الله وملائكته يبركون على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - .
كما حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه ) يقول : يباركون على النبي . وقد يحتمل أن يقال : إن معنى ذلك : أن الله يرحم النبي ، وتدعو له ملائكته ويستغفرون ، وذلك أن الصلاة في كلام العرب من غير الله إنما هو دعاء .
و التطابق بين سفر أخنوخ و الآية الكريمة و تفسيرها بالفعل ملفت للنظر
و ننتقل للعدد 8 :
و وضع رب الأرواح المختار على عرش المجد
فيدين كل أعمال القديسين فى أعالى السماء و يزن أعمال فى الميزان
و لعل فى النص السابق إشارة لما ورد فى تفسير ( المقام المحمود ) بجلوس النبي صلى الله عليه و سلم على العرش يوم القيامة و قد تحدثنا عن هذا سابقا
أما كون المختار يدين أعمال القديسين فى أعالى السماء
فلعل المقصود شهادة النبي صلى الله عليه و سلم على أمته يوم القيامة
قال تعالى :
( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [ سورة البقرة 143 ]
( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ( 41 ) يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ( 42 )) النساء
( ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) [ النحل : 89 ]
فالنبي صلى الله عليه و سلم يشهد يوم القيامة على أمته و سائر الأمم
فيشهد صلى الله عليه و سلم مع أمته على سائر الأمم أن رسلهم قد بلغوهم رسالة الله
و يشهد صلى الله عليه و سلم على أمته و قومه بما أجابوه و ماذا عملوا فى رسالته
و قيل أن أعمالنا تعرض على النبي صلى الله عليه و سلم فيشهد علينا يوم القيامة
جاء فى تفسير الطبرى لآية البقرة :
- حدثني أبو السائب قال : حدثنا حفص ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدعى بنوح عليه السلام يوم القيامة فيقال له : هل بلغت ما أرسلت به ؟ فيقول : نعم . فيقال لقومه : هل بلغكم ؟ فيقول : ما جاءنا من نذير! فيقال له : من يعلم ذاك ؟ فيقول : محمد وأمته . فهو قوله : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " .
....
- حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن فضيل ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن المغيرة بن عتيبة بن النهاس : أن مكاتبا لهم حدثهم عن جابر بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إني وأمتي لعلى كوم يوم القيامة ، مشرفين على الخلائق . ما أحد من الأمم إلا ود أنه منها أيتها الأمة ، وما من نبي كذبه قومه إلا نحن شهداءه يوم القيامة أنه قد بلغ رسالات ربه ونصح لهم . قال : "ويكون الرسول عليكم شهيدا " .
جاء فى تفسير القرطبي لآية النساء :
ذكر ابن المبارك أخبرنا رجل من الأنصار ، عن المنهال بن عمر ، وحدثه أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : ليس من يوم إلا تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أمته غدوة وعشية فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم ؛ يقول الله تبارك وتعالى فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد يعني بنبيها وجئنا بك على هؤلاء شهيدا .
جاء فى تفسير الطبري لآية النحل :
يقول تعالى ذكره ( ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم ) يقول : نسأل نبيهم الذي بعثناه إليهم للدعاء إلى طاعتنا ، وقال ( من أنفسهم ) لأنه تعالى ذكره كان يبعث إلى أمم أنبياءها منها : ماذا أجابوكم ، وما ردوا عليكم ( وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ) يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وجئنا بك يا محمد شاهدا على قومك وأمتك الذين أرسلتك إليهم بما أجابوك ، وماذا عملوا فيما أرسلتك به إليهم .
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
و ننتقل للفصل 62 :
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات